تواصل المحافل السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية تقديم تعليقاتها الخاصة بإعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لفريقه الرئاسي المحيط به، وكيف سيؤثر على مستقبل العلاقة مع دولة الاحتلال، وما يتعلق بها من تطورات سياسية وعسكرية في المنطقة عموما، وفيما غلب على هذه القراءات الإسرائيلية الترحيب اللافت بهوية وتوجهات الوزراء الأمريكيين المرتقبين، لكنها في الوقت ذاته طالبت حكومة الاحتلال بالحذر الشديد إزاء مواقف ترامب ذاته، وإمكانية أن يفرض عليها سياسات بعينها، لن تستطيع أمامه إلا الرضوخ لها.



ورصدت "عربي21" أهم القراءات الإسرائيلية بهذا الخصوص، التي اعتبرت أن "دولة الاحتلال تسير نحو فترة دراماتيكية، ستشكل الشرق الأوسط لسنوات قادمة، ولذلك قد لا يكون بوسعها أن تفعل ذلك مع فريق أمريكي أفضل مما أعلنه ترامب، لأنه من المستحيل ألا ينظر الإسرائيليون بارتياح كبير تجاه تعيينات ترامب الجديدة، لأنهم سيشكلون سياسته الخارجية في السنوات المقبلة".



صافرة إنذار
ياكي ديان، الرئيس الأسبق لديوان وزيري الخارجية سيلفان شالوم وتسيبي ليفني، والمستشار السياسي في واشنطن، والقنصل الإسرائيلي في لوس أنجلوس، ذكر أن "أغلب الإسرائيليين يدركون أن سياسة ترامب ستكون أكثر حسما في مواجهة التحدي الأكبر الذي يواجههم، ويتلخص بمنع إيران من التحول لقوة نووية، وهو ذاته الذي لم يتردد بالانسحاب من الاتفاق النووي أمام الضغوط الإسرائيلية، واغتال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في بغداد".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21"، أنه اليوم يبدو في ولايته الثانية أكثر حذرا من التعامل الهجومي مع إيران، خاصة وأن نائبه جيه دي فانس لم يتردد في القول أن إيران مشكلة إسرائيلية بالأساس، وهو الذي يعبر عن تيار "أمريكا أولاً" في الحزب الجمهوري، فيما يرى التيار الإنجيلي أن إسرائيل هي الحليف الأهم للولايات المتحدة".

وأوضح، أن "إدارة ترامب الثانية ورغم أنها ستبقى ودّية للغاية مع إسرائيل، لكنها ستكون تجاهه أكثر تحفظاً في ضوء التحديات الهائلة المتعلقة بنهاية حرب غزة، وعودة المختطفين، والتوصل لاتفاق في لبنان، وعودة المستوطنين إلى الشمال، وقبل كل شيء، وقف التسلح النووي الإيراني، في ظل تحالفها القوي مع روسيا".

وأكد أن "حقيقة أن اليهود اختاروا مرة أخرى التصويت بشكل جماعي للديمقراطيين وهاريس بنسبة 70 بالمئة، أفسحت المجال لتسريبات تقول إن ترامب سيقلل من التزامه تجاه إسرائيل، مما يعتبر صافرة إنذار كبيرة لها، رغم أن تعييناته الجديدة تُظهر التزامها التام تجاه دولة الاحتلال، ووقف التسلح النووي في إيران، وتفكيك حزب الله، وتدمير حماس، ويعتبر بصدق "فريق الأحلام"، ما يدفع لأن تتخذ القوى الإقليمية مواقف أكثر حذرا،

وأشار إلى أن ترامب قال في مرات عديدة أنه يريد نهاية الحروب على كل الجبهات، والأهم من ذلك كله، يرغب برؤية اتفاق بين السعودية وإسرائيل، وهو ما لم يتمكن جو بايدن من تحقيقه".

أثمان باهظة
واستدرك بالقول أن "ترامب سيوقف قرارات وقف تسليح دولة الاحتلال، وعدم فرض الفيتو في الأمم المتحدة على القرارات المناهضة لها، وفكّ عزلتها عقب الدعاوى القضائية في لاهاي، لكن كل ذلك يعني أن يطلب فريق ترامب من نتنياهو دفع المقابل بالعملة الإسرائيلية، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب عليه رفض الضغوط التي يمارسها ترامب، وبالتالي فإن دولة الاحتلال ستكون مطالبة بقبول صفقات أفضل مع الإدارة الجديدة في لبنان وغزة، حتى لو اضطررنا لدفع أثمان باهظة".

من جانبه، أكد البروفيسور يوسي شاين، خبير العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وعميد كلية العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، وعضو هيئة التدريس بجامعة جورج تاون في واشنطن، أن "التعيينات التي قدمها ترامب كفيلة برسم البسمة على وجوه حكومة الاحتلال، لكن مهم أن نتذكر أن لديه أصدقاء آخرون في الشرق الأوسط، ومعهم المصالح المشتركة، صحيح أن ترامب خلال الفترة الانتقالية إلى الإدارة الجديدة في العشرين من يناير، لا يتمتع بعد بسلطة رئاسية، لكنه يتمتع بالشرعية، وروحه في ارتفاع. لأنه يحظى بخبرة رئاسية من دورته السابقة".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "كل هذه التعيينات الجديدة كفيلة بأن تجعل الاحتلال يبدي ارتياحه، خاصة قوى اليمين المتطرف، حيث يتوقع أن تتفق الإدارتان وجهاً لوجه بشأن العديد من القضايا، ولكن في النهاية، علينا أن نتذكر أن ترامب يظل ترامب، الذي يعتني بمصالح الولايات المتحدة أولاً، وقبل كل شيء، وسيظل معنا طالما أننا "أصول" لأهدافه، أما إذا أثارت أعصابه تصرفات بن غفير وسموتريتش من حيث أفكار الضمّ في الضفة الغربية، حينها يمكن لإسرائيل توقّع الضرر".

صفقة القرن
وختم بالقول أن "دولة الاحتلال مطالبة بأن تتذكر أن ترامب في ولايته السابقة، قدم "صفقة القرن" لصهره جاريد كوشنر، وتحدث عن دولتين لشعبين، أما في ولايته الجديدة، فهل سيبقى الشرق الأوسط الجديد الذي يريد ترامب هو ذاته السابق، أم سيلغي صفقته السابقة، وبدلاً من حل الدولتين، قد يخرج برؤية دولة واحدة من النهر إلى البحر، لا يزال من الصعب معرفة ذلك، على الأقل حتى الآن، مع التأكيد على مصالحه مع العديد من حلفائه في المنطقة، غير إسرائيل".

بدوره قال مايكل أورين السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، إن "تعيينات ترامب الجديد، ورغم ما أحدثته من ارتياح في تل أبيب، لكن كثيرا من وزرائها الذين لا يريدون إنهاء الحروب في المنطقة، قد يفاجأون برئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو خاضعا أمام مطالب ترامب التي تطالبه بوقفها، لأن عودته للمكتب البيضاوي، وما أعلنه من تشكيلة جديدة في طاقمه، سيكون لها عواقب بعيدة المدى على إسرائيل والشرق الأوسط".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "مثل هذه التعيينات الجديدة لترامب ستسفر عن إنجازات دبلوماسية كثيرة إذا عرفت إسرائيل كيف تتصرف بـ"عقلانية" تجاهها، لأن عليها أن تفهم مواقف ترامب وفريقه من قضايا مثل إنهاء الحرب، والسعي للسلام".

وبين، أن "تسمح له بمساعدتها مثلما ساعد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، مناحيم بيغن في توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر عام 1979، خاصة حين طالب الرئيس أنور السادات إسرائيل بإخلاء مستوطنات ياميت في سيناء، والانسحاب منها كلها، حينها أجاب بيغن أنه لا يستطيع فعل ذلك، لأن حكومته لن توافق أبدا".



تكرار كامب ديفيد
وكشف أن "اتفاق كامب ديفيد كاد أن يفشل لولا إعلان كارتر عن استعداد الولايات المتحدة لوقف تقديم كل المساعدات لإسرائيل إن لم تنسحب من كل سيناء، وبفضل هذا التهديد، تمكن بيغن من إقناع حكومته بأنه ليس أمامها خيار سوى الانسحاب من سيناء، وكانت النتيجة اتفاق السلام مع مصر، والآن، مع عودة ترامب، يتوقع أن تحدث نفس العملية، فهو يكره الحروب باهظة الثمن، ويطالب إنهاء حرب الاحتلال ضد حماس وحزب الله حتى تنصيبه في 20 يناير".

وأكد أنه "عندما يقول ترامب "لا تفعل"، "Don’t", فلا يستطيع أحد، بمن فيهم نتنياهو، أن يعارضه، لأنه حينها سيقول لوزرائه الذين لا يريدون إنهاء الحروب: "ماذا يمكننا أن نفعل، لقد "لوى" الرئيس أيدينا"، كما أنه لن تنطلق عملية التطبيع مع السعودية إلا إذا وافق الاحتلال على مناقشة "الطريق" إلى دولة فلسطينية، ورغم إعلان نتنياهو أن "حكومتي لن توافق على ذلك أبداً"، حينها سيعطيه ترامب أمرا، وحينها فقط سيتحقق التطبيع مع الرياض".

وأشار إلى أن "فرحة اليمين الإسرائيلي بانتصار ترامب، وتشكيل فريقه الرئاسي، لكنهم ينسون أنه عارض ضم المنطقة (ج) في الضفة الغربية، وعارض بناء المستوطنات غير القانونية، ووقع على صفقة القرن التي تنص على حلّ الدولتين، وسيكون من الصعب على الإسرائيليين، إن لم يكن من المستحيل، إقناعه بالتخلي عن هذه السياسة، على العكس من ذلك، قد يجبرهم على التخلي عن سياساتهم.

وختم، "مثل هذه النتيجة لا تضرّهم بالضرورة، صحيح أن التاريخ لا يعيد نفسه دائما، وترامب ليس كارتر، ونتنياهو ليس بيغن، لكن "لوي" اليد يشكل أداة مهمة في الدبلوماسية".



وفي ذات السياق، أكد شلومو شامير خبير الشؤون الأمريكية بصحيفة معاريف، أنه "بعد تعيينات ترامب الأخيرة، ابتهجت وسائل الإعلام الإسرائيلية، لكنها نسيت شيئاً واحداً، لأنه لم تكن هناك إدارة متعاطفة وداعمة ومخلصة للاحتلال مثل إدارة الرئيس جو بايدن، واليوم تشير الأوساط السياسية في تل أبيب بحماس وإعجاب إلى التعيينات الجديدة باعتبار أنها مؤيدة لها، مما يفسح المجال للاعتقاد الخاطئ أن إسرائيل بكت وناحت وعانت في السنوات الأربع الماضية في ظل إدارة بايدن".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "تعيينات ترامب التي تعتبر سببا وجيها للرضا الإسرائيلي، لا يجب أن تنسينا أن الرئيس بحد ذاته شخصية نرجسية انتقامية، لا يمكن التنبؤ بها، ولا تتسامح، ولذلك لن يكون كبار المسؤولين المعينين متأكدين أبدًا من أنه معهم حقًا في دعمهم المطلق لدولة الاحتلال".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية ترامب الاحتلال نتنياهو نتنياهو الاحتلال الإدارة الأمريكية ترامب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال تعیینات ترامب أن ترامب

إقرأ أيضاً:

التمدد الإماراتي في الشرق الأوسط والعالم.. قراءة إسرائيلية

دولة الإمارات دولة صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان. ومع ذلك، فهي تلعب دورا إقليميا ودوليا يفوق ذلك بكثير. وكم كان يود العرب أن يوجه حكام الإمارات ما لديهم من قدرات اقتصادية وسياسية ونفوذ واسع في دوائر صنع القرار الدولية لما فيه صالح قضايا الأمة وتحررها من وهدة الفقر والانقسام والتبعية. لكنها، وللأسف الشديد، نراها في الخندق المعادي لقضايانا وعلى رأسها قضية فلسطين، ونراها دائما داعمة للديكتاتوريات في عالمنا العربي والإسلامي، ومضعفة لدول مركزية في المنطقة وعلى رأسها مصر.

وفي هذا المقال، نقدم قراءة إسرائيلية للسياسة الخارجية الإماراتية نشرها في يناير الماضي مركز مفتيم "المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية" وعنوانها : "مرتكزات السياسة الخارجية الإمارتية وتأثيرها على إسرائيل والمنطقة". وكاتبة الدراسة هي الدكتورة موران زاجا الباحثة في شؤون الخليج العربي.

أهمية الدراسة

تستكشف الدراسة التوسع السريع لنفوذ دولة الإمارات في الشرق الأوسط من خلال السيطرة المادية على الأراضي والأصول خارج حدودها، وتحلل الآثار المترتبة على إسرائيل بشكل خاص، وعلى ميزان القوى الإقليمي ككل. وذلك من خلال تحديد الإطار مفاهيمي للسياسة العامة الإماراتية القائمة على ما يسمى بـ"المراسي والقبضات" ذات الخصائص الفريدة. ثم تقدم عرضا مركّزًا للبنية التحتية والأصول والأراضي وأنواع أخرى من الممتلكات المادية التي استحوذت عليها الإمارات لتنفيذ سياستها في أربع ساحات رئيسية: مصر والأردن وإسرائيل وقطاع غزة. وتكمن أهمية هذه العملية في نطاق وسرعة انتشار هذه الظاهرة التحويلية وتغيير الديناميكيات الإقليمية، وما يترتب عليها من خلخلة التقسيم التقليدي بين العلاقات الثنائية والإقليمية. وتوصي كاتبة الدراسة إسرائيل بضرورة إعادة تقييم كيفية إدارة علاقاتها مع الإمارات كمستثمِر أو مع الدول المجاورة المستثمَر فيها:

أولا ـ عرض موجز لاستراتيجية "المراسي والقبضات"

بعد وفاة الشيخ زايد وصعود الجيل الثاني من القيادة في دولة الإمارات، تشكلت السياسة الخارجية لها من خلال الرغبة في توسيع نفوذها العالمي، والاستخدام المكثف للقوة الناعمة لتحقيق هذا الهدف، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من القنوات منها: الوساطة والمبادرات الإنسانية والاستثمار في التعليم والرياضة.

وتكمن أهمية هذه الأنشطة في تأثيرها الواضح على جمهورها المستهدف وفي الوعي الذي ترفعه عن مملكة الصحراء ومساهماتها:

ـ الوساطة بين طالبان والولايات المتحدة، إريتريا وإثيوبيا، وإسرائيل وسوريا خلال الحرب الحالية.
ـ تمويل إلى البلدان المتعثرة اقتصاديًا مثل مصر.
ـ تنفيذ مشاريع التعليم الرقمي والطب الرقمي في إفريقيا.
ـ امتلاك حصة مسيطرة في أندية رياضية مثل مانشستر سيتي. على مدى العقدين الماضيين.

النهج الاستراتيجي للسياسة الإماراتية

اعتمدت الإمارات على نهج استراتيجي يؤكد على السيطرة والنفوذ خارج حدودها من خلال امتلاك وإدارة الممتلكات المادية والصلات الجغرافية العابرة للحدود لمجالات النفوذ. وعلى الرغم من أن كم وطبيعةملكية هذه الأصول المادية كأداة للسياسة الخارجية غالبًا ما تكون محجوبة؛ إلا أنها توفر مزايا استراتيجية تسميها الورقة ب"المرتكزات"، حيث توفر لها موطئ قدم مستدام ومستويات عالية من النفوذ في دول كثيرة. ويمكنها الربط بين عدة مرتكزات في مجموعة متجاورة من البلدان لإنشاء بنية تحتية استراتيجية عابرة للحدود.

أهداف الإمارات من هذه السياسة

هذه السياسة، وما تقوم عليه من مرتكزات ونهج استراتيجي: "المراسي والقبضات"، تخدم أهدافاً متعددة للإمارات، منها:

ـ توفر الربحية والتنويع الاقتصادي، والسيطرة على الأنشطة الاقتصادية على المستوى الإقليمي.
ـ اكتساب نفوذ سياسي ودور فاعل على الاستقرار الإقليمي.
ـ لعب دور استراتيجي في تشكيل العلاقات الثنائية.
ـ تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

أما ما تستفيده البلدان التي تتواجد فيها الإمارات فهو تعزيز اقتصاداتها، وإدماجها في النشاط الاقتصادي الإقليمي الأوسع. كما تضمن الإمارات، كقوة إقليمية قوية، استقرار هذه الأنظمة. وهذا ما يفسر سر بقاء ديكتاتوريات فاشلة جلبت على شعوبها الكوارث بعد الربيع العربي.

مفهوم "المراسي والقبضات"

سيطرة الإمارات على الأصول الاستراتيجية الخارجية تمكنها من تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية وقوتها الناعمة على حد سواء، ووضعها كلاعب رئيسي في الساحة العالمية. وأدواتها في سياسة "المراسي والقبضات" تأتي من خلال فرض القيم السياسية والدبلوماسية ومجالت الثقافة والتعليم والإعلام والاقتصاد والتنمية والمساعدات الإنسانية. ويعتمد العديد من قنوات التأثير على البعد الجغرافي "المراسي". ومن الأمثلة على ذلك الاستثمار الاقتصادي والسيطرة المباشرة على الأراضي الصالحة للزراعة والمناطق الصناعية والسياحية، الموارد والمباني العامة، الأحياء السكنية، المصانع، خطوط الأنابيب، مشاريع المياه، الطرق والسكك الحديدية والموانئ البحرية والمطارات، ومحطات الطاقة وحقول الغاز.

بعد وفاة الشيخ زايد وصعود الجيل الثاني من القيادة في دولة الإمارات، تشكلت السياسة الخارجية لها من خلال الرغبة في توسيع نفوذها العالمي، والاستخدام المكثف للقوة الناعمة لتحقيق هذا الهدف، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من القنوات منها: الوساطة والمبادرات الإنسانية والاستثمار في التعليم والرياضة.يؤسس هذا النوع من السيطرة قبضة مادية للإمارات شبيهة بمرساة السفينة، ويوسّع نفوذها إلى ما وراء حدودها. وبالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية، فإن عمليات الاستحواذ والاستثمارات هذه ترسّخ مكانتها كلاعب مؤثر. وعلى سبيل المثال، يتطلب بناء محطة ركاب جديدة في ميناء جديد حوارًا مكثفًا مع السلطات المحلية حول المسائل التنظيمية والإدارية، بالإضافة إلى تنسيق البنية التحتية الداعمة خارج موقع المشروع. علاوة على ذلك، قد يغير المشروع ديناميكيات السياحة في المنطقة المستهدفة، بما في ذلك نطاقه وطبيعته ومدته.

تكمن أهمية هذه السياسة في نطاق وسرعة انتشار هذه الظاهرة التحويلية وتغيير الديناميكيات الإقليمية، وخلخلة التقسيم التقليدي بين العلاقات الثنائية والعلاقات الإقليمية، ومسائل التغيير الثقافي والاجتماعي والهوياتي.

الفيروس الإماراتي

يمكن لهذه السياسة أن تخلق فوارق اقتصادية بالنسبة للمناطق السياحية الأخرى في نفس البلد، وتسهل الروابط الجديدة للمناطق المستثمر فيها مع المحطات المصنفة بالمثل في البلدان المجاورة. وبالتالي، غالباً ما تكون هناك أبعاد وطنية لمثل هذه المشاريع والقرارات ذات الصلة مما يكون له تأثيراته داخلية وخارجية في البلد محل الاستثمار .

ويتمثل الجانب السلبي أيضا لمثل هذه الممارسات في طبيعتها غير المتكافئة بطبيعتها، حيث تستثمر الدول المتقدمة في الدول الأقل نمواً، وتخلق تبعية اقتصادية وسياسية أحادية الجانب على المدى الطويل. ومن شأن هذه التبعية أن تعزز الشعور بالاغتراب من جانب السكان المحليين، الذين قد ينظرون إلى الاستثمارات الأجنبية على أنها تخدم مصالح البلد المستثمِر وليس بالضرورة الاحتياجات المحلية.

شكل جديد من أشكال السيطرة والهيمنة

يرتبط مفهوم "القبضات" بشكل أساسي في الأدبيات الاجتماعية والاقتصادية بالسيطرة الأجنبية في المدن العالمية. ويمكن أن تؤثر سيطرة الدول الأجنبية والمنظمات الدولية على الأصول الحضرية الكبرى على أداء هذه المدن، مما يشكل طابعها الاقتصادي والاجتماعي، ويخلق أنظمة سلطة كامنة تؤثر على عملية صنع القرار وهياكل الحكم المحلي. وتجاوزت قبضة الدولة الجغرافية على الأصول المادية خارج حدودها إلى الأراضي الوطنية، حيث تخلق ديناميكيات مماثلة، مما يؤثر على السيطرة السيادية للبلد المضيف على أراضيه، ويمكّن الدولة المستثمرة من الاستفادة من أصولها لتحقيق ميزة جيوسياسية.

التطبيق الإماراتي لاستراتيجية سياسة المراسي

التصور العالمي لمرتكزات الإمارات

تشمل حيازات الإمارات العقارية في مختلف مناطق العالم، من بين أمور أخرى، السيطرة على الأراضي والبنية التحتية البحرية والموارد والأصول العقارية السكنية والصناعية. وتتوزع هذه الاستثمارات على مستوى العالم، مع التركيز على الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى. وعادةً ما يتم الاستحواذ عليها من خلال صناديق رأس المال الحكومية، وصناديق الثروة السيادية، وصناديق الأسهم الخاصة، والشركات الخاصة. وعادةً ما يمثل المستثمرون إمارات محددة داخل دولة الإمارات، وخاصةً أبوظبي ودبي. وغالبًا ما تعتمد على علاقات قوية مع الحكومة المحلية. وعلى الرغم من تنوع مصادر التمويل، تحدد الحكومة المركزية في الإمارات أولويات وأهداف الاستثمار للصناديق والشركات كجزء من استراتيجية إماراتية موحدة. وغالبًا ما يشارك وزراء الحكومة وأفراد الأسر الحاكمة في التفاوض والإشراف على مثل هذه المشاريع. ومن أبرز الأمثلة على استراتيجية "المراسي والقبضات":

ـ السيطرة على الموانئ البحرية في جميع أنحاء العالم. إذ تمتلك شركة موانئ دبي العالمية، وهي شركة خاصة مقرها دبي، أكثر من 80 محطة بحرية في 40 دولة، بما في ذلك مواقع رئيسية مثل مصر والهند وماليزيا.

ـ الاستثمارات الزراعية الإماراتية وسيطرتها على الأصول المادية في الخارج، بما في ذلك شراء أو استئجار مساحات زراعية واسعة في إثيوبيا وكازاخستان وباكستان وحتى أستراليا.

مزايا سياسة المراسي لدولة الإمارات

تحقق سياسة المراسي والقبضات مزايا استراتيجية واقتصادية وسياسية كبيرة للإمارات، وهي أحد أسباب قوتها الإقليمية والدولية:

1 ـ موارد اقتصادية هائلة: بخلاف الأشكال الأخرى من استخدام القوة الناعمة مثل الرياضة أو الدبلوماسية أو المساعدات الإنسانية، فإن الاستثمارات في الممتلكات المادية (مثل العقارات أو البنية التحتية أوالمرافق) تولد عائداً اقتصادياً مباشراً، وتدعم هدف رؤية الإمارات العربية المتحدة 2030 المتمثل في تنويع اقتصادها. وتوفر هذه الاستثمارات عائدات مستقرة ومتنوعة وطويلة الأجل.

تمتلك شركة موانئ دبي العالمية، وهي شركة خاصة مقرها دبي، أكثر من 80 محطة بحرية في 40 دولة، بما في ذلك مواقع رئيسية مثل مصر والهند وماليزيا.2 ـ مرونة سياسية ونفوذ كبير: تعمل الإمارات على الاستفادة من مرتكزاتها الخارجية للحد من اعتمادها التاريخي على القوى العربية، مستخدمةً هذه الأصول ونفوذها في الخارج لتعزيز اقتصادها، وإلى حد ما، سياستها الداخلية والخارجية. وفي الوقت نفسه، تربط هذه المرتكزات دولة الإمارات بالدول التي تمتلك فيها أصولاً، مما يعزز العلاقات طويلة الأمد.

3 ـ حماية استثمارتها الخارجية: يثبط هذا النوع من الاستثمار النزاعات بينها والدولة التي توجد فيها الأصول، لأنه يعتمد على أصول استراتيجية تقع في موقع جغرافي محدد وعلى عقود طويلة الأجل.

4 ـ امتداد جغرافي وهيمنة واسعة: تعمل المراسي بشكل فعال على توسيع الأراضي التي تسيطر عليها دولة الإمارات، حتى من دون سيادة. تعمل ملكيات الأراضي الأجنبية على إعادة تشكيل التصورات المتعلقة بالأراضي الوطنية، ولا سيما مفهوم التواصل الإقليمي.

5 ـ مكانة دولية كبيرة: يعزز حجم الاستثمارات الإماراتية وبصمتها العالمية الواسعة من مكانة دولة الإمارات كلاعب مهم على الساحة الدولية.

6 ـ روابط إقليمية قوية: تتيح سياسة المراسي للإمارات تشكيل روابط مادية عبر الحدود والتحكم في النشاط على المستوى الإقليمي. ويتطلب هذا النهج تفكيراً جغرافياً واستراتيجية جيوسياسية طويلة الأمد.

الخطورة الاستراتيجية والأمنية لهذه السياسة

إن استراتيجية "المراسي والقبضات" التي تنتهجها الإمارات لها تأثيرات واسعة النطاق على النظامين الاقتصادي والأمني على حد سواء، وآثار جيوسياسية كبيرة في الساحتين الإقليمية والدولية. فمن خلال سيطرتها على الأصول الاستراتيجية مثل الموانئ ومحطات الطاقة وغيرها من البنى التحتية الحيوية، تمارس الإمارات تأثيراً مباشراً على التدفق العالمي للسلع والطاقة، مما يؤمن لها قدرة تفاوضية قوية في عملية صنع القرار في الدول المضيفة. وتسمح هذه القدرة بدورها للإمارات بأداء دور رئيسي في تشكيل الإطار الاقتصادي والأمني الإقليمي مع التأثير على سلوك الدول الأخرى في النظام العالمي. ومن أمثلة ذلك:

ـ سيطرة الإمارات على ميناء عدن، على سبيل المثال، تمنحها نفوذاً كبيراً على حركة الشحن عبر مضيق باب المندب، أحد أهم طرق التجارة البحرية في العالم. وتوفر هذه السيطرة للإمارات نفوذاً استراتيجياً في النظام التجاري العالمي.

ـ تستفيد من شبكة موانئها في شرق أفريقيا لتعزيز مكانتها كقوة أمنية إقليمية. وبذلك، تقيم الإمارات العربية المتحدة علاقات عسكرية واستراتيجية مع الدول الرئيسية من خلال ترسيخ نفوذها في الآليات الاقتصادية التي تعزز الاعتماد المتبادل.

ـ تمكن السيطرة على البنية التحتية الحيوية الإمارات من إدارة التحالفات الإقليمية وتشكيل الصراعات الجيوسياسية على الساحة الدولية. وهذه الاستثمارات لا تزيد من نفوذ الإمارات العربية المتحدة في الدول المضيفة فحسب، بل تعمل أيضًا كأداة دبلوماسية قوية لإعادة تحديد علاقاتها مع الدول البعيدة.

استراتيجية المراسي وسياسة الفضاءات المترابطة

بمعنى أوسع، تجسد استراتيجية المراسي التي تنتهجها الإمارات نظرة ما بعد الحداثة إلى الأمم باعتبارها "فضاءات مترابطة". وتنظر هذه المقاربة إلى الأمم ليس ككيانات مرتبطة بحدود المادية، بل كمكونات لشبكات اقتصادية ونقل واتصالات مترابطة؛ مما يعزز الاعتماد المتبادل ويوسع نفوذ الدولة المستثمِرة إلى ما وراء حدودها. وبالتالي، تعزز المرتكزات الاقتصادية التي تنشرها الإمارات عبر الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا مكانتها كقوة عالمية رائدة.

ما الذي تستفيده إسرائيل من السياسة الإماراتية؟

إن مفهوم "الفضاء المترابط" وثيق الصلة بالموضوع نظرًا لقدرته على تشكيل التصورات عن إسرائيل في المنطقة. وعلى النقيض من التصور التقليدي لإسرائيل بوصفها "جزيرةً معزولة" في بحرٍ معادٍ، فإن سياسة المراسي التي تنتهجها الإمارات تخلق شبكات تشمل إسرائيل، متجاوزةً أحيانًا الحاجة إلى التطبيع السياسي الكامل مع الدول الأخرى في هذه الشبكة. بالإضافة إلى قدرتها على تعزيز الترابط الإقليمي، يمكن أن تؤثر هذه السياسة تأثيرًا كبيرًا في كيفية تعامل إسرائيل مع الدول المجاورة؛ ليس فقط على المستوى الثنائي، بل ضمن أطر ثلاثية أو أطر متعددة الأطراف، حيث تشترك عدة دول في إدارة منطقة مجاورة إلى جانب أراضيها السيادية.

تسعى الإمارات عبر هذه السياسة تعزيز تواجدها على الساحتين الإقليمية والدولية، والعمل كشريك وأحيانا لاعب بالوكالة لتحقيق أجندات القوى الإقليمية والدولية بما فيها إسرائيل. وهذا ما رأيناه في حرب طوفان الأقصى، وهو ما سنعرضه في مقال قادم مشتق من هذه الدراسة عن التغلل الإماراتي في مصر والأردن وغزة وإسرائيل، ومدى ما يمكن أن تستفيده إسرائيل وبعض الأنظمة العربية من ذلك.وتوضح هذه الفكرة كيف يمكن لدول مثل الإمارات إنشاء شبكات جيوسياسية جديدة تعيد تشكيل الحدود الجغرافية التقليدية وتغيير ميزان القوى الإقليمي. وبالتالي، فإن استراتيجية الارتكاز التي تتبعها الإمارات ليست مجرد أداة اقتصادية فحسب، بل هي آلية لإنشاء أنظمة قوة هيكلية تعيد تشكيل هياكل القوة العالمية، مما يجعلها مفاوضاً رئيسياً في ديناميكيات القوة الإقليمية والعالمية.

سياسات دول الخليج الأخرى

بينما تنتهج دولة الإمارات سياسة خارجية تتمحور حول الاستثمارات التي تؤمن لها موطئ قدم جغرافي خارج حدودها وتوسيع نطاق انتشارها العالمي، تتبنى دول عربية أخرى استراتيجيات مختلفة لتحقيق النفوذ. تركز قطر على اكتساب النفوذ السياسي والثقافي من خلال وسائل الإعلام العالمية، وأبرزها قناة الجزيرة التي تعمل كقناة رئيسية لتشكيل الروايات في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. كما أنها تقيم علاقات قوية مع المنظمات الإسلامية والحركات السياسية في المنطقة وتستثمر بكثافة في الرياضة الدولية وقطاع الغاز الطبيعي والطيران المدني والوساطة السياسية.

ومن ناحية أخرى، تركز السعودية بشكل أساسي على التنمية الداخلية وتعزيز قوة الدولة الاقتصادية والاجتماعية داخل حدودها، إلى جانب تشكيل نفوذها الديني والسياسي من خلال الوسائل الدبلوماسية التقليدية. وتهدف رؤية السعودية 2030، التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي من خلال تنويع الاقتصاد وتحسين نوعية الحياة لمواطني المملكة. وتستثمر السعودية في مشاريع وطنية كبرى، مثل بناء مدينة نيوم المستقبلية وتطوير الثقافة والرياضة. وتهدف رؤية 2030 إلى جعل المملكة دولة رائدة في مجال الاستدامة، وتتضمن إشارات إلى البنية التحتية الإقليمية. ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه تقييم جدوى المشاريع التي لا تزال في مرحلة التخطيط. وتشمل الاستثمارات السعودية وعمليات الاستحواذ خارج أراضيها بناء محطات الغاز في جميع أنحاء باكستان، والاستحواذ على مصانع التكرير والبتروكيماويات وبنائها في كوريا الجنوبية ، ودخول سوق الغاز الطبيعي المسال في أوروبا. ومع ذلك، فإن هذه الاستثمارات أقل بكثير من نطاق النشاط الإماراتي. كما تختلف الاستثمارات الإماراتية عن الاستثمارات السعودية والقطرية من حيث المناطق المستهدفة. فبينما تركز معظم المراسي الإماراتية على منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، فإن الاستثمارات القطرية والسعودية تمتد إلى الشرق الأقصى وأوروبا.

يسلط هذا الاختلاف الضوء على استراتيجية الربط التي تتبعها الإمارات، والتي تستهدف محيطها الجغرافي وتمكنها من تطوير مشاريع عابرة للحدود. على مدى العامين الماضيين (2022-2024)، سرّعت السعودية وقطر من تنفيذ سياساتهما في المنطقة كرد فعل على ما يبدو على النشاط المكثف لدولة الإمارات. ويتجلى ذلك على سبيل المثال في استحواذ قطر على حصة في ميناء دمياط المصري في عام 2022، والاستثمار السعودي في مشاريع الاتصالات البحرية لعام 2024، والتي تربط السعودية بشمال أفريقيا وجنوب أوروبا عبر مصر من خلال كابل اتصالات تحت البحر الأحمر. صُمم الكابل لتحسين البنية التحتية للاتصالات في المملكة والربط الرقمي على المستويين الإقليمي والدولي مع الدول المجاورة.

التعليق

تسعى الإمارات عبر هذه السياسة تعزيز تواجدها على الساحتين الإقليمية والدولية، والعمل كشريك وأحيانا لاعب بالوكالة لتحقيق أجندات القوى الإقليمية والدولية بما فيها إسرائيل. وهذا ما رأيناه في حرب طوفان الأقصى، وهو ما سنعرضه في مقال قادم مشتق من هذه الدراسة عن التغلل الإماراتي في مصر والأردن وغزة وإسرائيل، ومدى ما يمكن أن تستفيده إسرائيل وبعض الأنظمة العربية من ذلك.

مقالات مشابهة

  • آليات إسرائيلية تفتح نيرانها على طاقم الجزيرة وإعلاميين آخرين جنوبي غزة
  • الرئيس الفلسطيني: استخدام إسرائيل للمياه كسلاح للتعذيب والتهجير امتداد لسياسة ممنهجة منذ عقود
  • هل اقتربت نهاية حكم الرئيس عباس؟ .. إسرائيل تُنفذ أخطر مخططاتها وتبدأ بالتحرك نحو حل السلطة الفلسطينية
  • الرئيس المصري يلتقي رئيس دولة الإمارات
  • 5 صور ترصد لقاء السيسي وبن زايد
  • التمدد الإماراتي في الشرق الأوسط والعالم.. قراءة إسرائيلية
  • مقتل طاقم تلفزيون السودان الحكومي خلال “معارك القصر الرئاسي”
  • كريمة أبو العينين تكتب: إسرائيل وجلب المصائب
  • ترحيب أممي بمشاورات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا
  • تخوف إسرائيلي: الولايات المتحدة ستتركنا لمصيرنا في مرحلة ما