آلاف اللاجئين السودانيين في أوغندا رغم صعوبات الاندماج
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
يواجه عشرات آلاف اللاجئين السودانيين إلى أوغندا مصاعب حياتية متعددة، خصوصاً في مخيمات اللجوء بمدينة بيالي (شرق)، والتي تبعد أكثر من 300 كيلومتر عن العاصمة كمبالا حيث وصل أكثر من خمسين ألف سوداني إلى أوغندا، بينما ما زالت الدولة تستقبل المزيد من اللاجئين الفارين من الصراع المتواصل في بلادهم عبر المعابر البرية والجوية.
تمنح الحكومة الأوغندية اللاجئ قطعة أرض لاستخدامها في السكن والزراعة، وتتيح للتلاميذ السودانيين فرص التعليم، فيما تقدم منظمات دولية مساعدات غذائية ومالية شهرية، وينشط سودانيون متطوعون في توفير وجبات مجانية بمخيمات اللجوء بدعم من منظمات وخيّرين.
ويتوزع غالبية اللاجئين السودانيين بين العاصمة كمبالا ومدينة بيالي، وهم في كمبالا يفضلون تأجير شقق أو منازل خاصة رغم ارتفاع قيمة الإيجارات، كما يحاول الكثير منهم الالتحاق بسوق العمل رغم قلة الوظائف، ولجأ بعضهم إلى تأسيس أعمالهم الخاصة، فانتشرت المطاعم والمخابز والمحال التجارية التي يملكها سودانيون، والتي تستقطب اللاجئين زبائن دائمين، وتوفير المنتجات السودانية.
وينتشر في أنحاء مدينة بيالي آلاف اللاجئين من ولايات السودان المختلفة، مثل دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم وسنار، وقد قطع هؤلاء مئات الأميال للوصول إلى المدينة التي افتُتح فيها مكتب لمفوضية شؤون اللاجئين، مهمته استقبال السودانيين واستضافتهم خلال الأيام الأولى في مخيمات، لحين استكمال إجراءات تسجيلهم، وحصولهم على الوثائق الضرورية، وتسليمهم دعماً مالياً، قبل توزيعهم على أراض خصصتها لهم حكومة أوغندا.
تمثل صعوبة الاندماج في المجتمع الأوغندي، وخوف الأسر اللاجئة على أبنائها وبناتها أبرز الصعوبات، يضاف إليها قلة فرص العمل، وارتفاع إيجارات المساكن. يقول اللاجئ الشاب أنس الحسين لـ"العربي الجديد": "فرص العمل محدودة، والمتوفر منها غير مجز، وقد عملت مرتين، مرة في أحد المصانع، والثانية في شركة لتوزيع المواد الغذائية، وفي النهاية اخترت فتح محل تجاري صغير في إحدى ضواحي بيالي، يمكنني من خلاله الإنفاق على أسرتي والتكفل بالمصروفات الدراسية والعلاجية".
بالقرب من مكاتب استقبال اللاجئين في بيالي، يتجمع المئات من السودانيين في مقاه ومطاعم، معظمها سودانية، بينما يتوزع اللاجئون على نحو 11 حياً، وشيد بعضهم خياماً من عيدان خشبية تتدلى فوقها مشمعات، وهؤلاء يشتكون من عدم وجود مراحيض، ومن كون المستشفى بعيداً، فيما تعرض عدد منهم إلى اعتداءات ونهب من قبل عصابات.
يعيش أبكر أرباب مع زوجته وثمانية أبناء داخل مخيم استقبال اللاجئين، ويروي لـ"العربي الجديد"، قصة رحلته الطويلة التي استمرت لنحو شهر كامل، والتي بدأت من حي مايو في جنوب الخرطوم، إلى مدينة ربك بولاية النيل الأبيض، ثم مدينة الرنك بدولة جنوب السودان، ثم إلى ملكال ومنها إلى العاصمة جوبا، وصولاً إلى نمولي، قبل أن يعبر الحدود السودانية الأوغندية، ليستقبله موظفو مفوضية اللاجئين، وينتقل إلى بيالي.
يقول أرباب: "الرحلة استنفدت كل ما لدي من أموال، وأنهكتني وأسرتي جسدياً، لكننا حصلنا على بطاقة لاجئ، وتسلمنا دعماً مالياً، ونستعد لاستخدامه في شراء مواد بناء بعد منحنا قطعة أرض، وأخطط لزراعتها لتوفير ما يمسك رمق أسرتي، وأنا متفائل بسبب خبرتي في الزراعة، على عكس كثير من اللاجئين، كما وزعت منظمات خيرية علينا مساعدات إنسانية".
بدورها، جاءت الفتاة السودانية تنزيل من ود مدني (وسط)، إلى أوغندا بحثاً عن فرصة لاستكمال المرحلة الثانوية، وسجلت لامتحان الشهادة السودانية، وهي تنتظر حالياً وصول بقية أهلها.
من جانبها، تبدي اللاجئة السودانية مروة الفارسي أسفها على ما آل إليه حال السودانيين الذين "اكتووا كثيراً قبل الحرب، وهم يكتوون بعدها"، موضحة لـ"العربي الجديد"، أنها غادرت بيتها في الخرطوم لجملة من الأسباب، منها أن أطفالها كانوا يشعرون بالهلع كلما سمعوا أصوات الرصاص أو القصف، لكنها حالياً تفتقد حياتها في السودان، مؤكدة أنهم يواجهون في أوغندا الكثير من المصاعب، وأن ما يبقيهم فيها هو توفر الأمن.
يقول طالب هندسة البرمجيات، محمد المنتصر حسين، إنه جاء مع مجموعة من أصدقائه من أم درمان، بعد أن سمعوا أن اللجوء إلى أوغندا قد يتيح لهم الحصول على إعادة توطين في دولة أوروبية، فخاضوا رحلة طويلة شاقة تعرضوا فيها للكثير من المخاطر حتى وصلوا إلى منطقة جموني الحدودية، وقضوا أربعة أشهر في معسكر نيومانزي، وبعدها جرى نقلهم إلى بيالي، ومنحهم أرضاً للسكن والزراعة، ومضى عليهم عشرة شهور في بيالي، ولم يتمكنوا من استكمال مشوارهم الدراسي، بينما مفوضية اللاجئين تدعمهم شهرياً بـ14 ألف شلن أوغندي، ما يعادل أربعة دولارات للفرد الواحد، وهو مبلغ لا يكفي ليومين فقط، لكنهم يتكافلون بينهم لإكمال بقية أيام الشهر.
يؤكد رفيقه أبوبكر جلال، وهو أيضاً طالب جامعي ينحدر من منطقة الكلالكة جنوبي الخرطوم، قلة فرص العمل في ظل كون دعم المفوضية محدوداً، ويشكو لـ"العربي الجديد"، من مشكلة التعليم في الجامعات الأوغندية، فهو كونه طالب هندسة طبية، أكمل السنة الثالثة قبل توقف الدراسة، ولديه 14 شهادة من دورات تدريبية، لكنه لم يجد طريقة للحصول على منحة دراسية.
تقديرات بأن قتلى حرب السودان أعلى بكثير من المسجل
بدوره، لجأ الموسيقي السوداني سعود إمام، إلى بيالي بعد سلسلة من العذابات، وهو يسرد عدداً من المشكلات، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الفترة الأولى كانت صعبة، خصوصاً أن الأرض التي منحت لنا تتوسط كثافة زراعية، ومساحتها ضيقة، وممتلئة بالحشرات، كما واجهنا مشكلة نقص الغذاء، إذ كان يتم تسليمنا سلة غذائية تكفي لشهر، لكنها استبدلت بأموال شهرية غير كافية، وهناك مشكلة أكبر في الحصول على المياه، إذ يمشي الشخص لعدة كيلومترات للحصول على المياه يومياً".
يضيف إمام: "حين وصلت إلى بيالي وجدت أن بعض من سبقوني يعانون انهياراً نفسياً، فلجأت إلى تنظيم حفلات غنائية، وأسست كورالاً للأطفال، وآخر للكبار، ونظمت ليالي ثقافية للتخفيف عن الناس، ومساعدتهم على التعافي، إيماناً مني بأن الموسيقى أحد العوامل المؤثرة في تغيير النفسيات، ونسيان الحرب وويلاتها".
كانت منار محمود، ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وحصلت بعد الحرب على منحة لإجلائها من مناطق النزاع، ووصلت إلى بيالي عبر جنوب السودان، لكنها لم تجد فرصة عمل، فاضطرت إلى العمل بائعة شاي وقهوة أمام مركز استقبال اللاجئين التابع لمفوضية اللاجئين. تقول لـ"العربي الجديد": "إنها المهنةُ الضرورةُ، وقد مكنتني من تصريف شؤون حياتي والاعتماد على نفسي. أواجه جملة من المصاعب، من بينها عدم وجود فرص عمل، وتحمل أعباء الأسرة لغياب الأب، عدا عن الواقع الاجتماعي والثقافي المختلف، والمصاعب أكبر عادة بالنسبة للنساء، لكننا نحاول التأقلم".
العربي الجديد
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العربی الجدید إلى أوغندا
إقرأ أيضاً:
تقرير: تعثر 46 مشروعا لتوزيع الماء الصالح للشرب بسبب صعوبات استيراد المعدات وغياب التنسيق
كشف تقرير حديث تعثر 46 مشروعا يتعلق بتوزيع الماء الصالح للشرب، بسبب صعوبات استيراد المعدات والتجهيزات، وغياب التنسيق المسبق وتضرر المنشآت المنجزة، على غرار مشاريع الإنتاج.
وفي هذا السياق، سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2023- 2024، تعثر 46 مشروعا متعلقا بتوزيع الماء الصالح للشرب، بمبلغ إجمالي يناهز 2,4 مليار درهم، منها 7 مشاريع بقيمة 1,3 مليار درهم بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، و 20 مشروعا بمبلغ 469,3 مليون درهم بجهة الشرق.
بينما تتوزع باقي المشاريع بين جهات الدار
البيضاء – سطات (3) مشاريع بقيمة 335,6 مليون درهم، وفاس مكناس (5) مشاريع بقيمة 232,9
مليون درهم، وبني ملال خنيفرة (4) مشاريع بقيمة 35 مليون درهم، والرباط-سلا-القنيطرة (3)
مشاريع بقيمة 10,2 مليون درهم ودرعة تافيلالت (4) مشاريع بقيمة 9,9 مليون درهم).
وهم التعثر بالنسبة لثمانية مشاريع مرحلة الاستغلال، بينما تعثر مشروعان على مستوى إنجاز بعض المنشآت واستغلال بعضها الآخر، فيما تعثرت المشاريع المتبقية (36) مشروعا) على مستوى مرحلة إنجاز الأشغال.
وقد عرف 28 مشروعا صعوبات على مستوى استيراد المعدات والتجهيزات، بالنظر
إلى السياق الاستثنائي لجائحة كوفيد – 19، ثم موجة ارتفاع الأسعار، وندرة المواد الأولية التي تلتها.
وأظهر التقرير ذاته، أن بجهة الشرق عرف 13 مشروعا، بكلفة إجمالية قدرها 411 مليون درهم صعوبات أخرى ناتجة عن غياب التنسيق المسبق وتضرر المنشآت المنجزة بسبب أشغال مجاورة، تتعلق بتوسعة المسالك الطرقية، وكذا صعوبات تتعلق بتعرض الساكنة على تمرير القنوات بعقاراتهم الخاصة.
كما عرف مشروعان اثنان بجهة فاس مكناس، بكلفة إجمالية تفوق 232 مليون درهم صعوبات في الاستغلال نتيجة إتلاف القنوات المنجزة، جراء أشغال إحداث وتوسيع بعض الطرق والمسالك المجاورة.
كلمات دلالية الماء الصالح للشرب المجلس الاعلى للحسابات تعثر تقرير غياب التنسيق مشاريع