أمريكا بين مأزقين عسكري واقتصادي
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
محمد حسن زيد
استهداف اليمن لحاملة الطائرات الأمريكية “إبراهام لينكولن” بعد استهداف “ايزنهاور” يحمل دلالات عسكرية وسياسية كبيرة، ولذلك يجد الأمريكي صعوبة في الاعتراف صراحة بها.
أولاً: جاء هذا الاستهداف الأخير استباقياً لإجهاض هجوم أمريكي كان يتم التحضير له، فالرسالة كانت مزدوجة المضمون، وعالمية المفعول، فما هو مصير الأساطيل الأمريكية الرابضة قبالة بحر الصين بعد هذا الاستهداف مثلاً؟
المخرج الوحيد لأمريكا هو إعلان الإفلاس المالي، فالقوة المتغطرسة الوحيدة التي حكمت العالم بالديون في التاريخ هي أمريكا، فرعون حين طغى كان ثرياً، كذلك كسرى وروما وغيرها من الامبراطوريات العظمى، لكن أمريكا يقوم اقتصادها على الديون، وكلما زادت الديون زاد اعتماد أمريكا على الديون أكثر فأكثر، حتى يمكن القول إن أمريكا تنتظر الانهيار في أية لحظة، ولا يوجد لها حل إلا إعلان الإفلاس لتقول بشكل رسمي، وواضح إن الدولار الواحد الذي يتداوله الناس لا يُعادل إلا 10 سنت فقط، فهذا الإعلان رغم النتائج الكارثية له سيكون أفضل علاج لإنقاذ ما بقي من أمريكا!
ترامب روج لنفسه عند الشعب الأمريكي كمنقذ اقتصادي، فقد ركز على الوعد بتوفير الوظائف وتحسين الأجور وركز على تسديد الديون باعتبار الديون قنبلة موقوتة ستُطيح بأمريكا في أية لحظة، بحيث سيتحمل الأحفاد الأمريكيون احتيال الساسة الحاليين، فما الذي فعل ترامب خلال فترته الأولى؟
لقد زادت الديون خلال عهد ترامب بشكل غريب، والآن من المرجح أن الديون خلال فترته القادمة ستتراكم أضعافاً مضاعفة، وسيضطر في النهاية لطباعة المزيد من الدولارات لتغطية النفقات الحكومية المتزايدة في ظل سياسات مذهبية (رأسمالية) تقوم على فكرة خفض الضرائب لدعم رجال الأعمال بشكل سيقلص الإيرادات، فتضطر الحكومة لطرح المزيد من أذون الخزانة، مما سيراكم الديون، وقد يضطر البنك الفيدرالي لطباعة المزيد من الدولارات فيزداد التضخم ويتفاقم، حتى يأتي اليوم الذي ينهار فيه كل شيء، ويتحول الدولار إلى مجرد أوراق لا قيمة لها.
الخلاصة: لا سبيل لترامب لتقليص النفقات ومعالجة الديون إلا بتقليص الإنفاق العسكري؛ لأن الإنفاق العسكري يستهلك حوالي 900 مليار دولار سنوياً وذلك يعادل حوالي 50% من الميزانية الأمريكية، وذلك يعني أن خيار توسيع الميزانية العسكرية سيكون مستبعداً في عهد ترامب، بل قد تُقرر أمريكا الانكفاء على نفسها فجأة، وتترك أولئك الذين راهنوا عليها وخانوا قضاياهم ليُواجهوا مصيراً غامضاً.. نسأل الله السلامة في الدارين، والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بعد تدمير دفاعات إيران..أمريكا وإسرائيل أمام خيار ملح
كتب الصحافي الأمريكي ديفيد إغناثيوس، أن إيران تمر بأكثر اللحظات خطورة في تاريخها الحديث. فقد سُحقت جيوشها الوكيلة في غزة، ولبنان، وسوريا. ويظهر أنها أصبحت شبه عارية أمام الهجوم بعد موجة غارات إسرائيلية دقيقة على نظامها الدفاعي الجوي في أكتوبر (تشرين الأول).
الوقت يمضي بسرعة في إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. بالنسبة إلى جميع الصراعات التي سيرثها ترامب
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت: "أظهرنا أن إيران معرضة للخطر". وأوضح خلال إحاطة مع إغناثيوس من صحيفة "واشنطن بوست" في واشنطن هذا الأسبوع، أن حملة القصف الإسرائيلية المدمرة التي لم تناقش كثيراً في 26 أكتوبر (تشرين الأول) أسست "نافذة للعمل ضد إيران" قبل أن تنتج سلاحاً نووياً. كلام ينذر بالسوء إن القرارات الأمريكية حول كيفية استغلال ضعف إيران، سواء بالتفاوض على اتفاق نووي ملزم أو في حال الفشل، اتخاذ إجراء عسكري حاسم، ستكون على عاتق الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وعندما سُئل الشهر الماضي عن احتمال اندلاع حرب ضد إيران بعد توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، قال ترامب لمجلة تايم على نحو ينذر بالسوء: "كل شيء يمكن أن يحدث".لقد تحول الاهتمام العالمي إلى ترامب، لكن كبار المسؤولين في إدارة بايدن أخبروا إغناشيوس أنهم يدركون أيضاً الفرصة المقبلة لـ "الدبلوماسية الإكراهية" في القضايا النووية مع إيران الضعيفة، ورغم أن إسرائيل لعبت دوراً حاسماً في إذلال إيران، قدم الرئيس جو بايدن دعماً مهماً من خلال نشر حاملات طائرات ومقاتلات وغواصات وقوات أمريكية أخرى. موجة مذهلة
كان هجوم إسرائيل في 26 أكتوبر(تشرين الأول) مدروساً لترك إيران غير محمية ضد هجوم في المستقبل. وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن موجة مذهلة بـ 120 طائرة شاركت في الغارة. استهدفت الطائرات الإسرائيلية رادارات للدفاع الجوي، وبطاريات مضادة للطائرات تحمي طهران، بالإضافة إلى مصانع رئيسية تنتج الوقود للصواريخ الباليستية الإيرانية. كان الهجوم رداً على قصف إيران لإسرائيل في 1 أكتوبر (تشرين الأول) بنحو 200 صاروخ باليستي، لكن التخطيط بدأ قبل أشهر عدة.
With Iran’s guard down, the U.S. and Israel face an urgent choice, @IgnatiusPost writes. https://t.co/nXnjNAFlbU
— Washington Post Opinions (@PostOpinions) December 14, 2024وأوضح غالانت أن المهمة، بعبارات بسيطة، كانت ضمان أن تصبح "إيران أضعف، وإسرائيل أقوى" بعد ذلك، حتى لا تتمكن طهران من الرد بقوة على الهجمات في المستقبل، ويعتقد مسؤولون إسرائيليون أن إيران لن تتمكن في العامين المقبلين من إضافة الكثير إلى ترسانتها المحدودة من الصواريخ الباليستية. وفي الوقت نفسه، مُزقت دفاعاتها الجوية، خاصة حول العاصمة.
ويبدو أن إسرائيل أنشأت ممراً إلى إيران موفراً مساراً واضحاً لطائراتها لضرب طهران. وهذا مستوى جديد من الحرية العملانية، ما يسمح لإسرائيل بمهاجمة أهداف في إيران بسهولة تقريباً كما فعلت في غزة ولبنان.
أقيل غالانت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) بسبب ما سماه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو "أزمة ثقة". كان الاثنان على خلاف منذ أكثر من عام على استراتيجية الحرب في غزة، حيث أكد غالانت أن مكاسب إسرائيل في المعركة تحتاج إلى تأمينها بخطة متماسكة للانتقال إلى "اليوم التالي"، وهو ما قاومه نتانياهو. وبصفته وزيراً للدفاع، عمل غالانت عن كثب مع القوات الجوية الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات للتخطيط للهجمات على لبنان وإيران.
أظهرت إسرائيل قدرتها على شل الدفاعات الجوية الإيرانية بضربة في 19 أبريل (نيسان) لنظام دفاع جوي متقدم روسي الصنع من طراز إس-300 قرب أصفهان. كان الهجوم رداً على هجوم إيراني في 15 أبريل(نيسان) بأكثر من 300 صاروخ وطائرة دون طيار. ونجحت إسرائيل إلى حد كبير في صد الهجوم، لكنها قررت الرد بشكل محدود. وقال غالانت: "لقد ضربناهم بدقة، لكن ذلك لم يكن كافياً لردعهم".
With Iran’s guard down, the U.S. and Israel face an urgent choice https://t.co/v0fJN0im1c
— Earl Anthony Wayne (@EAnthonyWayne) December 15, 2024وفي الضربة اللاحقة في أكتوبر (تشرين الأول)، ضربت الطائرات الإسرائيلية أربع بطاريات دفاعية من طراز إس-300 حول طهران، والتي كانت راداراتها قادرة نظرياً على اكتشاف الهجمات من مسافة 300 كيلومتر. وقال غالانت في الإحاطة: "الآن لا يوجد دفاع استراتيجي حول طهران".
كما ضربت إسرائيل مكونات رئيسية لقدرات الصواريخ الباليستية الإيرانية. ضربت الطائرات جميع مرافق الخلط التي تنتج الوقود الصلب لقوة الصواريخ الإيرانية. وأشار تقرير لمعهد دراسة الحرب في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن "الحصول على خلاطات جديدة من الصين قد يستغرق عاماً على الأقل، ما يسلط الضوء على إعاقة ضربات الجيش الإسرائيلي، مؤقتاً على الأقل، تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني".
وقدر المصدر العسكري الإسرائيلي أنه قبل هجوم أكتوبر(تشرين الأول)، كانت إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من الوقود الصلب لصاروخين باليستيين جديدين يومياً. وقال المصدر إن إنتاجها الآن ربما يقتصر على صاروخ واحد في الأسبوع، وسيستمر هذا النقص لمدة عام.
كيف يتوقف تقدم إيران؟ أملت إدارة بايدن قبل حرب غزة التوصل إلى اتفاق جديد للأسلحة النووية مع إيران ليحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي في 2015. كما ناقش ترامب، حتى بعد أن تخلى عن الاتفاق في2018، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وآخرين اتفاقاً أكبر وأكثر صرامة.
إذا فشلت الدبلوماسية القسرية في سحق القدرة النووية الإيرانية، فقد تفكر إسرائيل والولايات المتحدة في العمل العسكري. إن العديد من المنشآت النووية الإيرانية مدفون في أعماق الأرض، وقال محللون إن لدى الولايات المتحدة وحدها أسلحة تقليدية كبيرة بما يكفي لتدمير تلك المخابئ. ويأمل غالانت أن تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل معاً لمنع إيران النووية. لكنه أكد أن "لدى إسرائيل الوسائل لضرب الأصول الإيرانية بطريقة دقيقة وقوية ومتطورة. وإذا لزم الأمر، فإنهالن نتردد في التصرف".
وأشار الكاتب إلى أن الوقت يمضي بسرعة في إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. بالنسبة إلى جميع الصراعات التي سيرثها ترامب، قد تكون المواجهة الوشيكة بين إسرائيل وإيران هي الأكثر إلحاحاً وخطورة.