الشهداء.. صُنَّاعُ النصر في كُـلّ عصر
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
أحمد عبد الرحمن عبد المغني
الشهداء أحياء بقلوبنا، وإن غابوا عنَّا بأجسادهم فهم باقون بيننا بما قدّموه من تضحيات، والشهادة هي الخلود الأبدي لمن ضحى في سبيل حقه وكرامة وطنه.
الشهادة تُعدّ من أسمى درجات التضحية؛ فهي ليست موتًا، بل حياة تخلد الشهداء في الذاكرة وقلوب الناس، وتبقيهم رموزًا للكرامة والشجاعة.
الشهداء تحَرّكوا على أَسَاس قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) صدق الله العظيم.
الشهداء هم من يصنعون النصر فعلى أيديهم تحرّرت وانتصرت الكثير من المناطق.
الذكرى السنوية للشهيد تمجيد لعطاء الشهداء الذي هو أرقى عطاء وأسمى ما يجود به الإنسان، وثمرته للأُمَّـة العز والنصر والحرية وإحياء للروحية المعطاءة والصامدة للشهداء في وجدان الأُمَّــة.
وتأتي ذكرى الشهيد هذا العام في مرحلة حساسة؛ بسَببِ العدوانِ الصهيوني على قطاع غزة ولبنان والذي أسفر عن عشرات آلاف الشهداء من الشعبين الفلسطيني واللبناني على يد هذا الكيان المجرم.
مكانة الشهداء ودورهم في الانتصار، لا شك أن لهم الدور الأكبر بعد الله سبحانه وتعالى، فيما يحقّقه الشعب اليمني اليوم في مواجهة أمريكا و”إسرائيل” نصرة للمسجد الأقصى.
الشهداء قد قدموا أرواحهم في وجه العدوان السعوديّ الذي كان حائلاً بيننا وبين أمريكا و”إسرائيل”؛ مِن أجلِ أن يعيش الشــعب اليمني في عزة وكرامة وأن تســتمر الحياة كما هي في المناطق المحرّرة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
سهيل بن عمرو.. خطيب قريش الذي تحول إلى داعية للإسلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في بدايات الدعوة الإسلامية، وقفت قريش بكل قوتها ضد النبي محمد ﷺ، وكان من بين رجالها أشد المعادين للإسلام، أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وقد استخدم هؤلاء نفوذهم وقوتهم لمعارضة الدين الجديد، ولكن رغم عدائهم الشديد، لم يقابلهم النبي ﷺ إلا بالحلم والرحمة، وعند فتح مكة عام 8 هـ، أعلن العفو العام عنهم، فكان لهذا الموقف النبيل أثر بالغ في نفوسهم، فدخلوا في الإسلام بصدق، وتحولوا إلى مدافعين عنه، مشاركين في الفتوحات ونشر الدين الذي حاربوه يومًا.
وكان سهيل بن عمرو أحد أبرز زعماء قريش وخطبائها المفوهين، اشتهر بقوة منطقه وحكمته، وكان من أشد المعارضين للإسلام في بداياته، وكان دوره السياسي والاجتماعي في قريش كبيرًا، حيث مثلها في العديد من المواقف، وأهمها صلح الحديبية، الذي جرى بين المسلمين وقريش عام 6 هـ.
سهيل بن عمرو قبل الإسلامكان سهيل بن عمرو من أشراف قريش، وعُرف ببلاغته وفصاحته، مما جعله المتحدث الرسمي باسم قريش في كثير من المحافل، وكان شديد العداء للإسلام، ووقف في وجه الدعوة بكل ما أوتي من قوة، مستخدمًا لسانه وسلطته لمعارضة النبي محمد ﷺ.
وكان أحد أبرز أدواره قبل إسلامه، في صلح الحديبية، حيث جاء مندوبًا عن قريش للتفاوض مع النبي ﷺ، وكان هو من أصر على حذف عبارة "رسول الله" من الوثيقة، واستبدالها بـ"محمد بن عبد الله"، وهو ما أثار اعتراض الصحابة، لكن النبي ﷺ وافق من أجل تحقيق المصلحة الكبرى، كما كان لسهيل دور في إقناع قريش بالتصدي للإسلام في مراحله الأولى.
إسلام ولديه قبله: عبد الله وأبو جندلورغم معاداة سهيل للإسلام، إلا أن ولديه عبد الله وأبو جندل أسلما قبله، وكانا من أوائل المؤمنين بالدعوة، وقد تعرض أبو جندل لتعذيب شديد من قريش، وأبقاه والده سجينًا لفترة طويلة لمنعه من اللحاق بالمسلمين، وعند صلح الحديبية، حاول الهروب والانضمام للمسلمين، لكنه أُعيد إلى قريش وفقًا لشروط الصلح، مما أثار حزن الصحابة، لكن النبي ﷺ وعده بأن الفرج قريب، وقد فرّ أبو جندل لاحقًا ولجأ إلى منطقة الساحل، حيث انضم إليه بعض المسلمين المضطهدين، حتى انتهى الأمر باندماجهم في صفوف المسلمين بعد فتح مكة.
إسلام سهيل بن عمرو بعد الفتحبعد فتح مكة عام 8 هـ، خشي سهيل على نفسه من انتقام المسلمين بسبب موقفه السابق وما ناله من رسول الله بلسانه، لكنه وجد أن النبي ﷺ قد أعلن العفو العام، فتأثر بموقفه وأسلم بعد تفكير عميق، وكان إسلام سهيل تحولًا حقيقيًا، حيث أصبح من أكثر الصحابة إخلاصًا، وساهم في نشر الإسلام والدفاع عنه.
سهيل بعد الإسلام: دور جديد في الدعوةبعد فتح مكة، خشي بعض الصحابة من مكر قريش، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بين هؤلاء، خاصة تجاه سهيل بن عمرو، الذي كان من أشد المعادين للإسلام، فقال عمر للنبي ﷺ: "دعني أنزع ثنيتيه فلا يقوم عليك خطيبًا بعد اليوم"، أي حتى لا يستطيع التحريض ضد المسلمين كما كان يفعل سابقًا، لكن النبي ﷺ رفض وقال: "دعه يا عمر، فلعله يقف موقفًا يسرك". وبالفعل، بعد وفاة النبي ﷺ، عندما كاد بعض أهل مكة يرتدون، وقف سهيل خطيبًا، بثبات وقوة، يدعوهم للتمسك بالإسلام، فكان موقفه مشرفًا كما توقع النبي ﷺ، فبعد إسلامه، بدأ سهيل يعمل على تعويض ما فاته، فكان من الذين ثبّتوا أهل مكة على الإسلام بعد وفاة النبي ﷺ، عندما كاد بعضهم يرتدّ، وقد خطب فيهم ببلاغته المعهودة، مؤكدًا أن الإسلام ليس مرتبطًا بشخص النبي ﷺ، بل هو دين الله.
كما شارك سهيل في الفتوحات الإسلامية، وكان له دور بارز في معركة اليرموك ضد الروم، حيث قاتل بشجاعة، رغم تقدمه في السن، وعاش بعد ذلك بقية حياته في العبادة والجهاد، حتى توفي في الشام، تاركًا إرثًا من البلاغة والجهاد في سبيل الله.