دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذ المختطفين في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية باليمن، وذلك بعد وفاة عدد من المختطفين وإصدار أحكام الإعدام بحق العشرات، وإحالة آخرين للمحاكمة بعد اتهامهم بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وقالت المنظمة، في بيان، إن سلطات الحوثيين في اليمن سلّمت منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، قضايا 12 شخصاً، على الأقل، بينهم موظفون سابقون في السفارة الأمريكية والأمم المتحدة، إلى ˝النيابة الجنائية المتخصصة˝، وقد اتهمت بعضهم بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينما تحرمهم من الإجراءات الواجبة.

وأضافت "منذ 31 مايو/أيار، احتجزت سلطات الحوثيين تعسفا وأخفت قسرا عشرات موظفي ˝الأمم المتحدة˝ والمجتمع المدني، في حين قالت مصادر مطلعة لـ هيومن رايتس ووتش إن عدد المحتجزين في ارتفاع".

وذكرت المنظمة أن سلطات الحوثيين شرعت منذ 10 يونيو/حزيران، في نشر سلسلة فيديوهات وأعدت منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر 10 رجال يمنيين، بعضهم أصبحوا الآن ضمن الـ12 الخاضعين للتحقيق، وهم يعترفون بالتجسس لمصلحة الأمم المتحدة وإسرائيل.

ورجحت هيومن رايتس وووتش، أن تكون الاعترافات قد انتُزعت تحت التعذيب، حيث قد وثقت سابقا استخدام الحوثيين التعذيب للحصول على اعترافات، مشددة على أن "نشر فيديوهات الاعترافات يقوض الحق بمحاكمة عادلة ويفتقر للمصداقية".

وقالت المنظمة، إن ثلاثة معتقلين بارزين ماتوا خلال احتجازهم في سجون الحوثيين منذ خريف 2023م (محمد خماش، وصبري الحكيمي، وهشام الحكيمي)، كان خماش وصبري الحكيمي مسؤولَيْن كبيرَيْن في وزارة التربية، بينما هشام الحكيمي كان موظفا في منظمة "أنقذوا الأطفال". وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول، اتصل الحوثيون بعائلة خماش لكي تستلم جثته. سبب الوفاة مجهول. كان خماش محتجزا تعسفا ومخفيا قسرا منذ يونيو/حزيران، بدون إمكانية التواصل مع عائلته أو محاميه.

من جهتها قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "لطالما أظهر الحوثيون ازدراءهم للإجراءات الواجبة والحمايات الأساسية للمتهمين منذ استيلائهم على العاصمة اليمنية صنعاء، وقد تفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة".

وأضافت "وفاة المحتجزين لدى الحوثيين يجب أن تنبّه المجتمع الدولي وتدفعه إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان عدم تعرض المئات الآخرين المحتجزين تعسفا لدى الحوثيين لنهاية مماثلة".

وأشارت هيومن رايتس ووتش، إلى أنها تحدثت مع ثلاثة أشخاص، ضمنهم مسؤولان في الأمم المتحدة، مطلعين على القضايا الجنائية، حيث أفادوا أن الأشخاص الـ12 ـ موظفون سابقون في السفارة الأمريكية وموظفون أمميون اعتقلوا بين 2021 واحتُجز العديد منهم بمعزل عن العالم الخارجي لمعظم فترة الاحتجاز، بدون قدرة التواصل مع عائلاتهم، وقد أُخفوا قسرا.2023 ـ أحيلوا للتحقيق من قِبل "النيابة الجنائية المتخصصة" التابعة للحوثيين.

وأضافت "في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، نُقلت قضايا الرجال من وحدة التحقيق التابعة للحوثيين إلى وحدة الادعاء. بحسب مسؤول في الأمم المتحدة، خضع بعضهم للاستجواب والتحقيق ضمن إجراءات النقل بدون حضور محام".

وتابعت: "قال مسؤول أممي لـ هيومن رايتس ووتش إن بعضهم لم يُمنح أي قدرة على التواصل مع محامين طوال فترة الاحتجاز. ورغم أن الحوثيين أخبروا عائلات بعض المحتجزين أن بإمكانهم تعيين محامين لأقربائهم، فقد أعلن محام مطلع على القضايا أنه حتى في الحالات التي عينت فيها العائلات محاميا، لم يسمح الحوثيون للمحامين بحضور الاستجواب".

وفي هذا السياق قالت المنظمة إنها راجعت وثائق طلبت فيها عائلات بعض المحتجزين من النيابة الجنائية المتخصصة بالسماح لهم بزيارة أقربائهم المحتجزين، إلاّ أنه رغم التوجيهات المكتوبة من النيابة إلى "جهاز الأمن والمخابرات" الحوثي، وهو السلطة المسؤولة عن مراكز الاحتجاز، التي تأمر بتسهيل هذه الزيارات، لم يُسمح لعائلات هؤلاء المحتجزين ومحاميهم بلقاء المحتجزين أو التواصل معهم.

واستطردت المنظمة القول "في اعتقالات مسؤولي الأمم المتحدة والمجتمع المدني خلال الأشهر الأخيرة، لم يبرِز الحوثيون مذكرات تفتيش أو توقيف خلال الاعتقال. رفضت السلطات إعلام العائلات بمكان المحتجزين، ما يعني أن هذه الأعمال ترقى إلى الإخفاء القسري. احتجزوا العديد من المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي، بدون منحهم فرصة التواصل مع محاميهم أو عائلاتهم".

ولفتت إلى أن الحوثيين اعتقلوا بشكل متكرر، الأشخاص الذين ينتقدون سياساتهم بتهم واهية، فيما ازداد وبشكل ملحوظ استخدام الحوثيين الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، وإصدار أحكام الإعدام خلال الأشهر الأخيرة.

وقالت: "خلال العام الماضي، ازدادت وتيرة الأحكام بالإعدام التي أصدرتها المحاكم الحوثية. ومن ضمن ذلك محاكمة جماعية جائرة في يناير/كانون الثاني، حكمت فيها محكمة حوثية على 32 رجلا بالسّجن وتسعة بالإعدام بتهم مشكوك فيها.

وذكّرت المنظمة بما كتبه محمد الشويطر، وهو محام يمني والمدير التنفيذي لمنصة "قانون" الحقوقية، في 16 أكتوبر/تشرين الأول بشأن التعديلات الأخيرة التي أدخلها الحوثيون على سلطتهم القضائية، الذي قال إن بعض هذه التعديلات على النظام القضائي "يُعدّ تعديا مباشرا على استقلالية السلطة القضائية ويفتح المجال أمام استغلال القضاء – لا سيما المحكمة الجزائية – لتسوية حسابات سياسية وقمع المعارضين والاستحواذ على ممتلكاتهم من خلال محاكمات صورية".

ونوهت هيومن رايتس ووتش، إلى أنها وثقت سابقا انتهاكات ممنهجة في سجون الحوثيين، كما استنتج فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، في تقرير نشره في 2023 أنه "يتعرض السجناء المحتجزون لدى الحوثيين للتعذيب النفسي والجسدي المنهجي، بما في ذلك الحرمان من التدخل الطبي لعلاج الإصابات الناجمة عن التعذيب الذي يتعرضون له، والذي أدى إلى إصابة بعض السجناء بحالات عجز دائم وحالات وفاة".

وقالت باحثة اليمن والبحرين في المنظمة: "تظهر هذه القضايا المخاطر الجسيمة التي يواجهها عشرات، بل مئات، الأشخاص الذين ما يزالون محتجزين تعسفا في السجون الحوثية"، داعية الحوثيين أن ينهوا فورا استخدامهم الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري ويحسّنوا ظروف السجون.

وطالبت "جعفرنيا" الدول المؤثرة أن تتحرك لضمان عدم وفاة مزيد من الأشخاص أثناء الاحتجاز لدى الحوثيين.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول هیومن رایتس ووتش الأمم المتحدة لدى الحوثیین التواصل مع فی سجون

إقرأ أيضاً:

تصاعد الغليان القبلي والمجتمعي ضد انتهاكات مليشيا الحوثي

تشهد العاصمة المختطفة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، ذراع إيران، موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات والغليان القبلي والمجتمعي، في ظل مخاوف حوثية من مشهد مشابه للمصير الذي واجهه نظام الأسد في سوريا. وتعيش ذراع إيران في شمال اليمن حالة من الرعب والذعر والارتباك إثر تصاعد التحركات الشعبية الرافضة لانتهاكاتها.

يأتي هذا وسط محاولات مستميتة لاحتواء الغضب القبلي والمجتمعي الذي يشمل اختطافات وقمعًا وممارسات تهدف إلى تمييع القضايا الحقوقية والإنسانية.

حملة اختطافات حوثية في إب وصنعاء

أفادت مصادر محلية في محافظة إب بأن مليشيا الحوثي شنت حملة اختطافات جديدة طالت أبناء مديريات عدة، خاصة في مديرية المخادر. تأتي هذه الحملة بعد فرحة الأهالي بانتصار الشعب السوري وسقوط نظام الأسد، مما أثار غضب قيادات الجماعة.

وفي صنعاء، أقدمت مليشيا الحوثي على اختطاف عدد من المواطنين والناشطين، من بينهم الطيار مقبل الكوماني، على خلفية منشورات له على منصة "فيسبوك" عبّر فيها عن دعمه للشعب السوري، واقتادته إلى جهة مجهولة، مما زاد من الاحتقان الشعبي.

تظاهرات واعتصامات شعبية

تظاهر العشرات من أبناء قبائل بني مطر صباح السبت 14 ديسمبر للمطالبة بإعدام عنصر حوثي أقدم على قتل وإصابة خمسة من زملائه من أبناء المديرية ذاتها وهم من أفراد ما تُسمى قوات النجدة التابعة لمليشيا الحوثي في أواخر الشهر الفائت في منتزه النهضة بصنعاء.

فيما يواصل أبناء قبائل المناطق الوسطى الاعتصام أمام منزل الشيخ القبلي مصلح أبو شعر بصنعاء، مطالبين بالقبض على قتلة الشيخ صادق أحمد أبو شعر، أحد أبرز مشايخ مديرية الشعر، الذي قُتل على يد مسلحين تابعين للقيادي في مليشيا الحوثي "علوي الأمير" في حي دار سلم جنوبي صنعاء.

تحاول مليشيا الحوثي تمييع القضية عبر وساطات وتهديدات، لكنها فشلت في احتواء غضب القبائل التي أبدت إصرارها على تحقيق العدالة، ورفضت المساومات المتعلقة بالديّة أو الحلول القبلية التي اقترحتها قيادات حوثية ووجهات قبلية موالية للمليشيا مثل "ضيف الله رسام، فؤاد العماد، محمد الزلب، نصر الشاهري".

في جانب آخر، اندلعت مناوشات وصدامات في مديرية ذي السفال بمحافظة إب بين الأهالي ومسلحين تابعين لنافذ حوثي قدم من محافظة عمران حاول إنشاء كسارة للأحجار في وادي ضباء بمديرية ذي السفال وسط رفض شعبي لتلك المحاولات المتكررة.

طرد الأهالي المعدات المستخدمة في المشروع، مؤكدين رفضهم إقامة المشروع الذي يهدد صحتهم وبيئتهم الزراعية في قرى "الخرابة والظرافة وقريش وحجفات والحوري والجشاعة"، بعزلة وادي ضباء وخذوة في مديرية ذي السفال.

لكن النافذ الحوثي عاود مسنودًا بأطقم مسلحة تابعة للقيادي الحوثي "أبو الحسن النوعة" وسط ممانعة مجتمعية ورفض شعبي واسع. وقد سبق أن استقدم النافذ الحوثي معدات شق طريق لإنشاء الكسارة بعد فشله في إقامة المشروع في دمنة نخلان بمديرية السياني نتيجة رفض الأهالي إقامة المشروع في منطقتهم.

هذا التوتر يعكس حجم الغضب الشعبي في مناطق الحوثيين، حيث فشلت المليشيا في فرض إرادتها على الأهالي الذين توعدوا باستخدام كل ما يملكونه من قوة لمنع إقامة المشروع.

استمرار اعتصامات قبائل همدان والجوف

منذ أكتوبر الماضي، تواصل قبائل همدان بمحافظة الجوف اعتصاماتها رفضًا لمحاكمة تعسفية بحق خمسة من وجهائها الذين سلموا كرهائن لذراع إيران، بوجه القيادي الحوثي محمد الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة بوزارة دفاع حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًا، بهدف تهدئة الوضع.

جاء التصعيد القبلي بعد احتجاز الرهائن رغم التزام القبائل بالأعراف القبلية وتسليم رهائن لتسوية قضية مقتل القيادي الحوثي محمد أحمد المراني (أبو صابر) الذي لقي حتفه نتيجة حادث عرضي أثناء اشتباك بين قبيلة الفقمان وقبيلة آل منيف، حيث تمت إصابته عن طريق الخطأ بسبب الاشتباه في سيارته.

وطالبت القبائل في بيان صادر عن وقفة احتجاجية الخميس 12 ديسمبر، حصلت وكالة خبر على نسخة منه، بالإفراج الفوري عن المعتقلين الخمسة الذين تم احتجازهم دون وجه حق، وهم: (العقيد طالب محمد العجي شطيف - مدير أمن مديرية الخلق، ومنصور صالح العجي بن خالد - وكيل محافظة الجوف، وعبدالله صالح حمد خالد، ومحسن صالح محمد خالد، وأحمد ربيع صالح عثمان).

وأكد البيان أن هؤلاء المختطفين سُلموا كرهائن بهدف حل القضية، وليس لأنهم متهمون بأي جريمة، وأن احتجازهم يعد تعديًا صارخًا على الأعراف والاتفاقيات القبلية، خاصة بعد التزام القبائل بتحكيم القيادة وتسليم رهائن وتوقيف المشايخ لثلاثة أشهر، بالإضافة إلى توقيع قبائل الفقمان على وثيقة التزام تحدد الأطراف المتسببة في المشكلة وفق ما أظهرته الكاميرات.

وجددت القبائل المطالبة بالإفراج الفوري عن المختطفين، وسط تحذيرات من تصعيد أكبر في حال استمر احتجاز الوجهاء تعسفيًا واستمرار الانتهاكات.

غضب قبلي في الحدا

أبدت قبائل الحدا في محافظة ذمار غضبها الشديد جراء استمرار اختطاف العميد فيصل عبد الولي عايض أبو خلبه، والشيخ عايض عبد الولي عايض أبو خلبه، من قبل عصابة مسلحة تتبع قياديًا نافذًا من أسرة المداني في مليشيا الحوثي واقتيادهما إلى محافظة صعدة معقل المليشيا ذراع إيران.

طالبت القبائل بالإفراج الفوري عن المختطفين الذين تم اختطافهم على خلفية أحقاد قديمة تعود لفترة الحروب الست التي شهدتها محافظة صعدة، حيث كان المختطفان يعملان ضمن قوات أمن مدينة صعدة التابعة لوزارة الداخلية إبان تمرد المليشيا وحروبها الست.

هددت قبائل الحدا في البيان الصادر عن اجتماع قبلي موسع بصنعاء باتخاذ إجراءات تصعيدية لحماية أبنائها وردع أي اعتداءات مستقبلية، مشددة على أن صبرها له حدود، ولن تتوانى عن الدفاع عن كرامتها.

ويرى مراقبون في إفادات لوكالة خبر، أن خيارات الحوثيين تضيق أمام الاحتجاجات في ظل تصاعد الغضب المجتمعي في مناطق سيطرتهم، مما يعكس هشاشة وضع الجماعة، خاصة مع تزايد الضغط القبلي والشعبي.

وأضافوا أن محاولات ذراع إيران لتكميم الأفواه وتمييع القضايا الكبرى باءت بالفشل، مما دفعها إلى مزيد من القمع الذي يؤجج الاحتجاجات.

وأشاروا إلى أن استمرار هذه الأوضاع يضع الحوثيين أمام خيارين كلاهما مرير: إما الاستجابة للمطالب أو مواجهة مصير مشابه لنظام بشار الأسد الذي انهار تحت وطأة غضب الشعب السوري.

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس ...الدعم السريع ارتكب جرائم اغتصاب شملت قاصرات بالسودان
  • هيومن رايتس ووتش: مقاتلون من الدعم السريع يغتصبون نساء وفتيات ويستعبدوهنّ جنسيا
  • «هيومن رايتس»: الدعم السريع ارتكبت جرائم اغتصاب واستعباد جنسي في جنوب كردفان 
  • هيومن رايتس ووتش: مقاتلون من الدعم السريع قاموا باغتصاب عشرات النساء والفتيات واستعبادهن جنسيا
  • مليشيا الحوثي تقتحم عمارة سكنية في إب وتروّع سكانها (صور)
  • تقارير تشير تورط منظمات اممية فى دعم مليشيا الدعم السريع
  • إصابة طفل بانفجار عبوة مموهة من مخلفات مليشيا الحوثي بحجة
  • تصاعد الغليان القبلي والمجتمعي ضد انتهاكات مليشيا الحوثي
  • منظمة دولية تدعو لتحرك دولي بشأن النازحين في شرق السودان
  • مجزرة إسرائيلية في ليلة دامية بمخيم النصيرات وسط صمت دولي