الشارقة (الاتحاد)
أكدت باحثات وكاتبات عربيات أن الكتابة تمثل أداة قوية للمرأة للتعبير عن قضاياها وتحدياتها وتجسيد هويتها وتطلعاتها، مشيرات إلى أن الكتابة النسوية أصبحت وسيلة مهمة لمناقشة قضايا كبرى ذات طابع اجتماعي وثقافي وسياسي معاصر.
جاء ذلك، خلال جلسة ثقافية بعنوان «المرأة والكتابة»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، استضافت كلّاً من الباحثة الأردنيّة الدكتورة رنا الدجاني، والروائية الجزائرية فيروز رشام، والكاتبة والناقدة المغربية رشيدة بنمسعود، والروائية المغربيّة ربيعة ريحان، وأدارتها الكاتبة والباحثة الإماراتية شيخة الكربي.


وأشارت الباحثة الأردنية رنا الدجاني إلى أن الكتابة تمثل مسؤولية تاريخية نحو الأجيال المقبلة، وشددت على دور المرأة في تعزيز الهوية الوطنية عبر الكتابة بلغتها وهويتها. وتحدثت عن أهمية الكتابة للأطفال بلغتهم الأم، معتبرة ذلك وسيلة لتعزيز حب القراءة وتطوير الوعي الوطني.  
بدورها، أشارت الروائية الجزائرية فيروز رشام إلى أن الكتابة النسائية الحديثة والمعاصرة بدأت بشكل متأخر نسبياً في العالم العربي، وتعود إلى نهاية القرن التاسع عشر بسبب ظروف اجتماعية وسياسية معينة، وأن المرأة بدأت في الكتابة عن نفسها أولاً، وعن معاناتها الشخصية. ومع تطور حركة الكتابة لدى المرأة، أصبحت تطرح رؤى عميقة في مجالات متعددة، ما يعكس تحولاً كبيراً في اتجاه الكتابة النسائية.
وتحدثت الناقدة المغربية رشيدة بنمسعود عن تعقيدات دخول المرأة إلى عالم الكتابة، مبينة أن هذا الدخول لم يكن سهلاً، بل كان مليئاً بالعوائق الاجتماعية التي فرضت على المرأة الكتابة بأسماء مستعارة لتجنب الانتقادات. وذكرت أن المكتبة العربية مليئة بالأعمال التي تحاول تصوير المرأة بنظرة تقليدية بل وربما إقصاؤها من المشهد الثقافي، ورأت أن الكتابة النسائية بدأت تتجاوز تلك العوائق لتُبرز حساسية فكرية تعبر عن واقع المرأة وتطلعاتها.
بدورها، تؤكد الروائية المغربية ربيعة ريحان أن الإبداع في الكتابة لا يرتبط بجنس الكاتب بقدر ما هو تفاعل مع الحياة. وتشير ريحان إلى أن المرأة والرجل يتقاسمان التحديات نفسها في مجالات الكتابة، وأنه لم يعد هناك فرق يذكر بين ما تقدمه الكاتبات وما يقدمه الكتّاب الرجال.
وتضيف أن تراكم الجوائز للكاتبة العربية اليوم يثبت أن المرأة قادرة على التميز في قضايا كبرى، معتبرة أن نجاح الكاتبة يكمن في قدرتها على كتابة نصوص تحقق المتعة والعمق الفكري للقراء. 

أخبار ذات صلة «مجلس شباب تريندز» يناقش «أهمية التعليم بين الشباب» ندوة تناقش «هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العربية والإسبانية»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: معرض الشارقة الدولي للكتاب النساء الإبداع الكتابة أن الکتابة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء

الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، ونحن على مشارف احتفالات الوطن العربي بيوم الأم الذي يصادف في 21 مارس (آذار) من كل عام، بهذه المناسبة الجميلة يناقش موقع 24 حضور الأم في الأدب الحديث.

عيون الأمهات حصن الأدباء

ويرى الأدباء أنهم يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض فيه الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء.
وعن حضور الأم في الأدب الحديث يقول الناقد والأكاديمي بجامعة الإمارات الدكتور شعبان بدير: "الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، حيث تجسد الحنان والتضحية والقيم النبيلة، استوحى منها الشعراء والكتاب رمزية عميقة تعبر عن الحب المطلق، والانتماء، والعطاء غير المشروط، ظهرت الأم في الشعر العربي القديم كمصدر للحكمة، بينما في الأدب الحديث أصبحت رمزاً للوطن والانتماء والهوية، ويعد شاعر النيل "حافظ إبراهيم" من أوائل الشعراء الذين ركّزوا على دور الأم في بناء المجتمع، وأبرز من سلطوا الضوء على مكانتها في العصر الحديث، كما في أبياته الخالدة:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
واحتلت الأم في ديوان أمير الشعراء "أحمد شوقي" مكانة رفيعة، حيث صورها رمزاً للحب والحنان والتضحية، ففي العديد من قصائده، أشار إلى دورها في التربية وبناء الأجيال، متأثراً برؤيته الإصلاحية للمجتمع، ومن أبرز ما قاله عن الأم:
ولم أر للخلائق من مَحَلّ
يهذّبها كحِضن الأمهات
فيعكس تقديراً كبيراً للأم، مؤكداً أنها الأساس في غرس القيم والأخلاق، وأن تأثيرها يمتد ليشمل صلاح المجتمع كله، وها هو الشاعر التُّونسي "أبو القاسم الشّابي" يرسم صورة مشرقة للأم من خلال توظيف الخيال البديع، إذ يجعل من حضنها "حرماً سماويّ الجمال مقدساً"، فيرتقي بعاطفتها إلى مرتبة القداسة والطهر، يقول:
الأمُ تلثم طفلها وتضمه
 حرمٌ سماويّ الجمال مُقدس
 وبلغت الأم كذلك في شعر "نزار قبّاني" درجة "القدّيسين"، يقول:
صباح الخير يا قدّيستي الحلوه
مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر
فيصوغ صورة للأم بقدسية مترفعة، حيث يناديها "قدِّيستي الحلوة"، فيضفي عليها طهر الملائكة وصفاء الروح، جاعلاً من حبها ملاذاً سماويّاً لا تبلغه يد النسيان".

ويضيف الدكتور بدير: "تحتل الأم مكانة محورية في العديد من الأعمال الروائية العالمية والعربية، حيث تجسد رمز الحنان، والتضحية، والقوة، وأحياناً المعاناة، ففي الروايات العالمية، نشير إلى أهم عمل روائي احتفى بالأم في صورتها الاستعارية الراقية، وهي رواية "الأم" لمكسيم غوركي التي تصور الأم كرمز للنضال والوعي الثوري، أما في الأدب العربي، تتنوع صورة الأم بين الحنان والتضحية والصراع، ما يعكس عمق دورها الإنساني والاجتماعي في الأدب، كما تجلى في العديد من روايات نجيب محفوظ، مثل "بداية ونهاية"، الذي جسّد دور الأم كركيزة للأسرة رغم المعاناة، وكذلك دور "أمينة" في ثلاثيته التي خلّد فيها الأم المصرية المثالية المعروفة بالصبر والمحافظة على تماسك أسرتها رغم النزعة الاستبدادية لزوجها.
وصور خيري شلبي الأم في رواية "الوتد" في شخصية الحاجة (فاطمة تعلبة)، التي تمثل دعامة صلبة للعائلة، تماماً كما يرمز إليه عنوان الرواية، يصورها الكاتب كأم قوية، متماسكة، وصاحبة سلطة معنوية، حيث تتحكم -بحكمة ودهاء- في شؤون أسرتها، محافظةً على تماسكها في وجه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ثلاثية الكاتب الجزائري "محمد ديب"، تتجلى صورة الأم كرمز للمعاناة والصبر والقوة والنضال في مواجهة قسوة الاستعمار والفقر، كذلك هي مصدر الحنان والأمان في عالم مليء بالحرمان.
وهكذا تبقى صورة الأم في الأدب العربي الحديث رمزاً خالداً للحنان والتضحية والصمود، تتجسد في شخصيات تجمع بين العاطفة والقوة، ومع تطور السرد الروائي، أصبحت الأم أكثر حضوراً كفاعل أساسي يعكس تحولات المجتمع، مما يؤكد مكانتها الملهمة في الإبداع الأدبي".

 وفي ذات السياق، يقول الأديب أنور الخطيب: "الأم هي نبض الحياة ولازمة الإبداع، وتكاد لا تخلو رواية أو قصيدة في الأدب الحديث من الأم، لأسباب كثيرة أولها أن أي عمل أدبي – روائي على وجه الدقة- لا يستقيم إلا بوجود شخصية الأم، مباشرة أو رمزاً أو تأويلاً، وثانيها، وهذا جانب سيكولوجي، أن الأدباء يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض في الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء، وغالبا ما ينتقل الشعر من الخال وليس العم، وهذا ينطبق عليّ، إضافة إلى ذلك، وفي السياق ذاته، فإن الشاعر يبحث عن أمه في حبيبته، فأي مناجاة أو وصف أو مخاطبة تكون الأم هي المنطلق، وأنا هنا لا أتحدث عن عقدة أوديب".
وعن حضور الأم في أعماله الأدبية، يضيف الخطيب: "لا أختلف كثيراً عن توصيفي السابق وقد أزيد، أجمل قصائدي كانت عن الأم، ولا أحتاج إلى مناسبة لأكتب لها، وكما قلت، المبدعون يتامى وإن كانت الأمهات على قيد الحياة، وأنا كنت يتيما وتضاعف يتمي كأديب وإنسان بعد رحيل أمي، ولا أحد يملأ مكانها:
أمي.. كانت تعدّنا كل يوم مرتين/ مرةً في الصباح وأخرى في المساء/ بعد سبعين عاماً من الهباء/ لم يعد في البيت إلاّ حفنة من هواء/ وصوتها يمشي على عكازتين. أمي أنقذتني أكثر من مرة حين كنت (أعلَقُ) في أثناء كتابتي لرواياتي، أنقذتني في رواية "فتنة كارنيليان" حين كنا نتواصل يومياً لأطمئن عليها خلال حرب 2006 في لبنان، فأصبحتْ عصب الرواية، واستشرتها في النهاية واعتمدت رأيها التي تركتها مفتوحة لحساسية القرار، وأنقذتني مرة ثانية في روايتي الأخيرة "ناي على جسد"، حين استحضرت الأم ووجدت حضورها أكثر من ضروري في الرواية، بمعناها البيولوجي والأسطوري، فهي التي كان الروائي يلجأ إليها كلّما تأزّمت الأحداث وتمرّدت الشخوص، وهي التي كانت تنصت للجميع، بحضورها وغيابها وهذه هي الأم، في الرواية أو الحياة".

مقالات مشابهة

  • حديث الذات
  • وزير خارجية السودان: قد يكون الهدف الأساسي للمؤامرة هو مصر نفسها
  • الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء
  • رئيس الوزراء الإسباني: على أوروبا زيادة إنفاقها الدفاعي لحماية نفسها
  • فيلم اللّذة القاتلة.. إجازة عائلية تكشف عن أزمة الذات والتصدع الاجتماعي
  • مفتاح البقاء في عالم مُتغير
  • نصائح لخلق بيئة عمل تحث على الإبداع
  • هل انقرض أهل الكوميديا!؟
  • موت الأسرار.. الكشف عن الذات في العصر الرقمي
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟