في بداية مسيرته المهنية، واجه المهاتما غاندي موقفًا محرجًا ترك أثرًا عميقًا في نفسه. عندما وقف كمحام في أول جلسة مرافعة أمام القاضي والجمهور، وجاء دوره للتحدث، استبد به الخوف وارتبك حتى تلعثمت كلماته وارتجفت يداه، مما اضطره إلى مغادرة قاعة المحكمة عاجزًا عن إتمام مرافعته. كانت تلك التجربة مخيبة للآمال وضربة لثقته بنفسه، لكنها، في الوقت ذاته، كانت درسًا بالغ الأهمية، إذ أدرك من خلالها أن النجاح في فن الخطابة والإقناع لا يعتمد فقط على المعرفة أو الموهبة وحدهما، بل يتطلب الإصرار والمثابرة والعمل الجاد على تطوير المهارات.
بعد هذا الموقف، تعرّض غاندي لموقف محرج آخر في جنوب أفريقيا، حيث طُلب منه إلقاء خطاب أمام جمهور يتحدث الإنجليزية بطلاقة. لم يكن غاندي حينها متمكنًا من الإنجليزية بشكل جيد، مما جعله يتحدث ببطء وتردد، ويفتقد الطلاقة التي تجذب انتباه الجمهور. شعر بالخجل من أدائه، وأدرك أن نقص مهاراته اللغوية قد يحدّ من قدرته على إيصال رسالته بفاعلية إلى الجمهور الغربي، خاصة وأن الإنجليزية كانت اللغة السائدة في النقاشات العامة. هذا الموقف دفعه للعمل بجد على تحسين لغته، فأصبح يقرأ الكتب والصحف الإنجليزية يوميًا، ويستمع إلى الخطب، ويقلد المتحدثين البارعين، إلى أن تمكن من التحدث بطلاقة وثقة.
كانت هذه المواقف المحرجة نقاط تحوّل مهمة في حياة غاندي، إذ جعلته يدرك أن النجاح لا يتحقق بالمعرفة وحدها، بل بالممارسة والتطوير المستمر. لم يكن غاندي يمتلك منذ البداية حضور الخطيب البارع، لكنه كان يحمل عزيمة قوية ورغبة صادقة في التطور، الأمر الذي دفعه للعمل الجاد على تحسين أسلوبه. أدرك أن الخطابة ليست مجرد كلمات رنانة أو صوت مرتفع، بل هي القدرة على إيصال الأفكار بوضوح وإقناع الآخرين بالصدق والإيمان العميق بالقضية.
من خلال هذه الدروس، تعلم غاندي أن أي موهبة، مهما كانت واعدة، لا تُثمر إلا إذا اقترنت بالممارسة والرغبة الحقيقية في التحسين. فلو استسلم لفشله الأول في المحكمة أو تواضع لغته في خطابه، لما استطاع أن يصبح فيما بعد ذاك الزعيم الذي ألهم الملايين ودعاهم للنضال السلمي من أجل الحرية؛ بل حول إخفاقاته إلى دوافع للتغيير، حتى أصبح بفضل مثابرته خطيبًا مؤثرًا يحرّك مشاعر الناس ويدفعهم للالتفاف حول قضيته.
حياته كانت نموذجًا على أن الرغبة في التعلم والتطور تتجاوز ما يمتلكه الإنسان من معرفة أو موهبة. غاندي لم يولد قائدًا بليغًا، لكنه صنع من خلال التحديات التي واجهها فرصًا للنمو، وتدرج من شاب خجول يخشى الجمهور إلى قائد يمتلك القدرة على توجيه الأمة بكلماته. لم يحدث هذا التغيير بفضل إمكانيات فطرية، بل بفضل مثابرته واستمراره في صقل مهاراته وتطوير قدراته.
إن تجربة غاندي تبرز أهمية الاستمرارية والعمل على تطوير الذات؛ لأن النجاح في أي مجال لا يتحقق بالموهبة وحدها، بل بمواصلة التدريب ومواجهة الصعوبات بجرأة. أثبت غاندي أن التفوق في الخطابة والإقناع يعتمد على العمل الجاد والانفتاح على التغيير، وأن الدافع الداخلي نحو التعلم وإحداث التأثير هو ما يمنح الإنسان القدرة على التفوق.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غاندي الهند
إقرأ أيضاً:
توتنهام يقصي مانشستر يونايتد من كأس الرابطة الإنجليزية
أكمل توتنهام هوتسبير عقد المتأهلين للدور قبل النهائي لبطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة لكرة القدم.
وحقق توتنهام انتصارا مثيرا 4 - 3 على ضيفه مانشستر يونايتد، مساء الخميس، في دور الثمانية بالعاصمة البريطانية لندن.
وافتتح دومينيك سولانكي التسجيل لتوتنهام في الدقيقة 15 فيما أضاف ديان كولوسيفسكي للفريق اللندني في الدقيقة 47، ليعود سولانكي لهز الشباك من جديد، محرزا الهدف الثالث لأصحاب الأرض وهدفه الشخصي الثاني في الدقيقة 54.
وانتفض مانشستر يونايتد مستغلا التراجع النسبي في أداء توتنهام، ليقلص الفارق بعدما أحرز هدفين عبر جوشوا زيركزي وأماد ديالو في الدقيقتين 63 و70.
وتواصلت الإثارة في المباراة، بعدما أحرز هيونغ مين سون الهدف الرابع لتوتنهام في الدقيقة 88، غير أن جوني إيفانز سجل الهدف الثالث لمانشستر يونايتد في الدقيقة 90، ليحاول الفريق الأحمر اقتناص هدف التعادل والدفع باللقاء للوقت الإضافي ولكن دون جدوى.
وبات هذا هو الفوز الثاني لتوتنهام على مانشستر يونايتد في مختلف المسابقات خلال الموسم الحالي، بعدما سبق له الفوز بثلاثة أهداف دون مقابل على الفريق الملقب بـ"الشياطين الحمر" في ملعب "أولد ترافورد" بالدوري الإنجليزي الممتاز في سبتمبر الماضي.
جدير بالذكر أن أندية ليفربول "حامل اللقب"، وأرسنال ونيوكاسل يونايتد، حجزت مقاعدها في المربع الذهبي بالبطولة يوم الأربعاء.