ترحيب وتريث.. ما انعكاسات فوز ترامب على الدول المغاربية؟
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
بعد نحو أسبوع من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما تزال مواقف حكومات الدول المغاربية متباينة بشأن اعلان فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية، فبينما رحبت حكومات بانتخابه ورأت فيه دعما لعلاقاتها مع واشنطن، فضلت أخرى الصمت وعدم إبداء أي موقف رسمي حتى الآن.
وتتابع المنطقة المغاربية بترقب واهتمام كبيرين شأنها شأن باقي مناطق العالم العد التنازلي لتولي ترامب سدة الحكم في يناير المقبل وإعلانه تشكيل طاقمه الحكومي، وذلك وسط تساؤلات حول ملامح توجهاته بخصوص قضايا المنطقة.
هنأ العاهل المغربي محمد السادس، الأربعاء الماضي، الرئيس المنتخب دونالد ترامب على فوزه، عبرا عن امتنانه لاعترافه في ولايته الأولى بسيادة المملكة على إقليم الصحراء الغربية.
وقال ملك المغرب في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية "إنني لأستحضر فترة ولايتكم السابقة التي بلغت علاقاتنا خلالها مستويات غير مسبوقة تميزت باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها في الصحراء".
وأضاف "هذا الموقف التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنا لكم به، يمثل حدثا هاما ولحظة حاسمة"، و"يعد بآفاق أرحب لشراكتنا الإستراتيجية".
وشكل إعلان ترامب دعم ترامب لسيادة المغرب على الصحراء الغربية عام 2020 مقابل تطبيع الرباط علاقاتها مع إسرائيل منعطفا تاريخيا وتحولا سياسيا في هذا النزاع المستمر مع جبهة البوليساريو منذ عام 1975.
وتسيطر الرباط على نحو 80 بالمئة من هذه المنطقة وتقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تدعو بوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب)، التي تساندها الجزائر إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.
وتعول الرباط على وصول ترامب إلى البيض الأبيض لحشد المزيد من الدعم الدولي لموقف المغربي، خاصة وأن إدارة الرئيس بايدن لم تصدر أي موقف جديد يدعم الرباط بالوضوح نفسه الذي ميز فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وإلى جانب الملف السياسي، تجمع واشنطن والرباط شراكة استراتيجية أيضا تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التهديدات المشتركة، ودعم المبادرات الإقليمية والدولية لحفظ السلام، وفق مسؤولي البلدين.
وتعد مناورات الأسد الأفريقي، التي توصف بالأضخم في القارة الأفريقي، أيضا من بين ركائز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وتنظم هذه المناورات سنويا بالمغرب بمشاركة عدد من حلفاء الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.
اقتصاديا، مكنت اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين البلدين عام 2006 من رفع إجمالي التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب بأكثر من أربعة أضعاف، حيث انتقلت من حوالي 1.3 مليار دولار عام 2006 إلى 5.5 مليار دولار عام 2023.
الجزائرهنأت الجزائر بدورها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مؤكدة عزمها مواصلة العمل من أجل "ترقية الديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية بين البلدين إلى آفاق أرحب".
وقال الرئيس عبد المجيد تبون في تهنئة نشرتها الوكالة الجزائرية الرسمية "وأغتنم هذه المناسبة لأذكر بعمق علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية ولأشيد بالديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية في شتى المجالات، معربا في نفس الوقت عن عزمي العمل معكم من أجل ترقيتها إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحنا المشتركة".
وعلى خلاف الترحيب الرسمي والشعبي في المغرب بإعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لم يلاحظ نفس الحماس في الجزائر لعدة اعتبارات.
رفضت الجزائر عام 2020 اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ورأت في القرار "تقويضا" للجهود المبذولة لحل النزاع.
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية حينها إن القرار الأميركي "ليس له أي أثر قانوني لأنه يتعارض مع جميع قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرارات مجلس الأمن بشأن مسألة الصحراء الغربية".
وإلى جانب ذلك، تسبب تطبيع الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في توتر علاقتها من جهة أخرى بجارتها الشرقية الجزائر، حتى وصلت إلى القطيعة الدبلوماسية عام 2021.
ولم تشهد العلاقات السياسية بين الجزائر وواشنطن أي تطور لافت بعد الاعتراف بمغربية الصحراء، وبقيت في نفس المستوى حتى بعد صعود باين للسلطة.
ورجح تقرير لصحيفة "جون أفريك" الفرنسية أن تبقى العلاقات الثنائية بين البلدين على المنوال نفسه خلال ولاية ترامب الثانية، وأن يبقى مستوى التعاون بين الدولتين محصورا في الجانب الأمني والعسكري.
وتوقعت المجلة أن "يفضل ترامب بقوة" الرباط على الجزائر في السنوات الأربعة المقبلة لقلة "نقاط الالتقاء" بين واشنطن والجزائر.
إلى جانب ذلك، يُتوقع أن يشكل اختيار ترامب لماركو روبيو لتولي وزارة الخارجية في إدارته الجديدة تحديا أيضا للجزائر، خاصة وأنه سبق لهذا السيناتور عن ولاية فلوريدا أن وجه خلال شغله منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي عام 2022 رسالة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن يدعوه للتحرك لفرض عقوبات على الجزائر بسبب صفقاتها العسكرية مع روسيا.
وتحتل الجزائر المركز الـ15 في قائمة الشركاء التجاريين لروسيا، لكنها تحتل في الوقت نفسه، المركز الثالث عالميا في قائمة أكبر مستوردي العتاد العسكري الروسي، وفق المجلس الروسي للشؤون الدولية.
لكن التعاون الأمني في مجال محاربة الإرهاب سيبقى "حجر الزاوية" في علاقات واشنطن بالجزائر، ولا يتوقع أن يتأثر أو أن يتراجع خلال الفترة الرئاسية الثانية لدونالد ترامب.
وتعليقا على هذا التعاون، قالت سفيرة واشنطن لدى الجزائر عام 2022 إن "الجزائر والولايات المتحدة تسعيان إلى الاستقرار والازدهار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل"، مؤكدة أن "التعاون الأمني وحرينا المشتركة ضد الإرهاب ستظل حجر الزاوية في علاقانا الثنائية".
موريتانياهنأ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بدوره ترامب على فوزه في الانتخابات الرئاسية وقال في منشور بحسابه على منصة "إكس" إنه يتطلع إلى تعزيز التعاون بين نواكشوط وواشنطن.
وفي جاء في نص التهنئة "تهانينا الخالصة لرئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية، المنتخب، السيد دونالد ترامب على نيله ثقة الشعب الأميركي في الانتخابات".
تهانينا الخالصة لرئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية، المنتخب، السيد دونالد ترامب@realDonaldTrumpعلى نيله ثقة الشعب الأميركي في الانتخابات. وأتمنى له التوفيق. وهي مناسبة أيضا لتأكيد تطلعنا نحو تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا الصديقين.
— Mohamed Cheikh El Ghazouani محمد ولدالشيخ الغزواني (@CheikhGhazouani) November 6, 2024وتابع "أتمنى له التوفيق. وهي مناسبة أيضا لتأكيد تطلعنا نحو تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا الصديقين".
وتطمح موريتانيا، التي ترأس الاتحاد الإفريقي، إلى توطيد تعاونها الثنائي مع واشنطن، سيما في مجالات التنمية الاقتصادية والمجال الأمني بالنظر إلى التوترات التي تشهدها منطقة الساحل.
شعبيا، يبدو أن صعود ترامب إلى السلطة أقلق الكثير من الموريتانيين خاصة بعد أن تزامنت فترة الانتخابات مع تورط مواطن موريتاني غير نظامي في حادث إطلاق نار استهدف رجلا يهوديا بشيكاغو.
وأثارت تدوينة لصفحة تابعة للحملة الانتخابية لترامب، على منصة "إكس" الجدل في موريتانيا بطرحها سؤال: هل سمعتهم يوما بدولة اسمها موريتانيا؟.
Have you ever heard of a country called Mauritania?
It's a small nation in northwest Africa.
In 2023, a 22-year-old man from Mauritania crossed Kamala's open border in San Diego and was released into America.
Last Saturday, he shot an Orthodox Jew in Chicago. pic.twitter.com/29KUDPXwsF
ثم أوضح الحساب أن هذه الدولة الواقعة في شمال غرب إفريقيا هي موطن شاب وصل الولايات المتحدة عام 2023 بشكل غير نظامي عبر الحدود الأميركية المكسيكية من جهة سان دييغو، وأُطلق سراحه، في انتقاد لسياسة كامالا هاريس في مجال الهجرة.
لذلك أقلق صعود ترامب الكثير من المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين في الولايات المتحدة، كما أقلق الكثير من أسرهم التي باتت تعول على تحويلاتهم المالية في السنوات الأخيرة، بعد أن وضع ترامب ملف ترحيل المهاجرين على قمة أولوياته.
وفي العام الماضي، تصدر الموريتانيون أعداد المهاجرين غير النظاميين الأفارقة الذين عبروا الحدود الأميركية المكسيكية عام 2023، حيث بلغ عددهم 15 ألفا بينما لم يتجاوز مجموع المهاجرين الأفارقة الذين نجحوا في تخطي الحدود 13 ألفا عام 2022 بحسب أرقام رسمية.
تونسعلى خلاف الدول المغاربية الثلاثة السابقة، لم تصدر تونس حتى الآن أي بيان رسمي يرحب بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وفي غياب تفسير رسمي للأسباب التي حالت دون تهنئة الرئيس قيس سعيد للرئيس الأميركي المنتخب، قد يكون هذا البلد المغاربي فضل تأخير التهنئة إلى يوم تنصيب ترامب في 20 يناير المقبل.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بين تونس وأميركا إلى سنة 1799، أي قبل أزيد من 200 سنة، بعد إبرام أول اتفاقية للصداقة والتبادل التجاري بين البلدين.
اقتصاديا، فاق حجم المبادلات التجارية بين واشنطن وتونس أزيد من مليار و300 مليون دولار عام 2023، وتحتل الولايات المتحدة المركز الخامس في قائمة المستمرين الأجانب في هذا البلد المغاربي.
عسكريا، تعد تونس من بين الشركاء الاستراتيجيين للواشنطن في المنطقة، كما مُنحت صفة "حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)" منذ عام 2015.
ومع توالي السنوات يستمر البلدان في تعزيز هذا التعاون الأمني من خلال شراكات جديدة وتداريب عسكرية تجمع قوات البلدين في مناورات الأسد الإفريقي أو في التمرين البحري "فينكيس إكسبرس 24" تستضيف تونس مؤخرا.
وقال الخبير الأمني التونسي في تصريح سابق لموقع "الحرة" إن "تغير القيادة الأميركية في أعقاب الانتخابات الرئاسية لن يغير من سياستها الخارجية تجاه تونس بمواصلة دعمها في مجابهة الكثير من التحديات من بينها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الحدودي ومقاومة الهجرة غير النظامية إلى جانب تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني".
ليبيابدورها، لم يصدر عن السلطات الليبية أن رد فعل حتى الآن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراعات سياسية، تتنافس حاليا فيها حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى برئاسة أسامة حماد عينّها مجلس النواب في فبراير 2022 ويدعمها الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
ويصعب التنبؤ بموقف الرئيس المنتخب من هذا الانقسام المستمر، وما إن كان سيدعم أحد الطرفين دون آخر أو يضغط عليهما معا لتسريع تنظيم الانتخابات المؤجلة منذ ديسمبر 2021.
وكان مواطنو ليبيا من بين مواطني دول ذات أغلبية مسلمة شملها قرار أصدره ترامب في بدايات ولايته الأولى تم بموجبه وقف دخولهم إلى الولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة الولایات المتحدة الصحراء الغربیة الرئیس المنتخب فی الانتخابات دونالد ترامب بین البلدین التعاون بین الکثیر من ترامب على إلى جانب فی مجال عام 2023 من بین
إقرأ أيضاً:
رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب عن السنوات الأربع القادمة لترامب: اختبار دقيق للصمود العالمي
هذا المقال بقلم خلف بن أحمد الحبتور، رجل أعمال إماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة "الحبتور" الإماراتية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظره ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
العالم يقف على حافة اللايقين بينما يستعد دونالد ترامب للعودة إلى المكتب البيضاوي في العشرين من يناير. خطابه، الذي غالباً ما يكون استفزازياً، انتقل من القومية الاقتصادية إلى ما يراه العديد من المحللين الآن كأجندة توسعية مستترة.
في تصريحات حديثة، طرح ترامب فكرة ضم كندا، واستعادة السيطرة على قناة بنما، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"، وحتى الاستحواذ على غرينلاند. هذه التصريحات تثير تساؤلات مقلقة: هل تشير إلى تحول أوسع، مشابه لتدخل إيلون ماسك الأخير في الانتخابات الألمانية أو إعادة توجيه بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي نحو الولايات المتحدة؟ هل نحن بصدد عصر استعماري حديث أم مجرد نسخة أخرى من الصخب المحسوب لترامب؟
ادعاءات ترامب بأنه كان بإمكانه حلّ النزاع الروسي-الأوكراني تسلّط الضوء على تناقض صارخ. فمن جهة، يقدم نفسه كصانع سلام، ومن جهة أخرى، تشير أفعاله وأقواله إلى استراتيجيات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات العالمية. جدول أعماله في السياسة الخارجية يبدو وكأنه يتجاهل سيادة الدول، مما يثير القلق بين الحلفاء والخصوم على حدّ سواء. السنوات الأربع القادمة ستكون اختباراً ليس فقط لمكانة أمريكا، ولكن أيضاً لصمود المجتمع الدولي.
اقتراح ترامب بضم كندا قوبل بإدانة سريعة من القادة الكنديين الذين اعتبروا الفكرة سخيفة ومسيئة. رئيس الوزراء جاستن ترودو رفض الفكرة بشكل قاطع، مشدداً على سيادة كندا الثابتة. وبالمثل، أثارت تعليقاته بشأن قناة بنما قلقاً في أمريكا اللاتينية. القناة، التي تُعد شرياناً حيوياً للتجارة الدولية، تخضع للسيطرة البنمية منذ عام 1999. وأي اقتراح باستعادتها لن ينتهك فقط الاتفاقيات الدولية، بل قد يزعزع استقرار المنطقة.
تغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا" يعكس بشكل أكبر تجاهل ترامب للروابط التاريخية والثقافية. يرى المسؤولون المكسيكيون، إلى جانب المجتمع اللاتيني الأوسع، هذا الخطاب كإهانة لهويتهم الوطنية وربما تمهيداً لسياسات أكثر عدوانية. هذه التصريحات مهدت الطريق لتوترات متزايدة في جميع أنحاء الأمريكيتين، حيث تستعد الدول لما قد يحدث لاحقاً.
اهتمام ترامب بغرينلاند عاد إلى السطح خلال خطبه الأخيرة، حيث أكد مجدداً أن الاستحواذ على غرينلاند هو مسألة أمن قومي. رفضت الدنمارك، التي تحكم غرينلاند، هذه الادعاءات وكررت تأكيدها على استقلال غرينلاند. حيث وصف المسؤولون الدنماركيون اقتراحات ترامب بأنها "إهانة سخيفة" لسيادتهم. التداعيات الجيوسياسية لمثل هذا الاستحواذ يمكن أن تغير ميزان القوى في القطب الشمالي، وهو منطقة حيوية للتجارة والأمن العالميين.
هذه الطموحات قد تأتي بنتائج عكسية، مما يهدد الأمن والمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة. من خلال استفزاز الحلفاء وزعزعة استقرار المناطق الرئيسية، تخاطر سياسات ترامب بتقويض الشراكات الاستراتيجية لأمريكا وكشف نقاط ضعفها. ماذا يمكننا أن نتوقع أكثر من إدارة ترامب؟ هذه الأسئلة تلوح في الأفق مع تشكيل أجندته للسياسة الخارجية.
بالنسبة للمنطقة العربية، قد تعني عودة ترامب تحديات متزايدة. تحتفظ الولايات المتحدة بقواعد عسكرية كبيرة في دول عربية رئيسية، وعشرات الآلاف من الجنود على الأرض. هذه التواجدات العسكرية تمثل هيمنة استراتيجية، لكنها أيضاً تجعل هذه الدول أهدافاً محتملة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تصريحات ترامب السابقة تزيد من حالة القلق. ففي مناسبات مختلفة، أشار إلى أن الدول العربية "مدينة" للولايات المتحدة بجزء من ثروتها كتعويض عن الحماية العسكرية. والأشدّ إثارة للجدل، حين ألمح إلى أن القادة العرب يجب أن "يدفعوا"، مما يشير إلى أن المظلة الأمنية الأمريكية لها ثمن. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول نهجه تجاه الحلفاء وما إذا كان النفوذ المالي سيصبح ركيزة أساسية لسياسته الخارجية.
تمتد تداعيات هذه التطورات إلى ما وراء العالم العربي. موقف ترامب العدائي تجاه كندا والدنمارك وبنما يهدد بتوتر التحالفات الطويلة الأمد. رؤيته الجريئة يمكن أن تقوض المبادئ الأساسية للقانون الدولي والدبلوماسية. الدول ذات السيادة لن تقف مكتوفة الأيدي. سوف تردّ — ربما دبلوماسياً، وربما اقتصادياً، أو بطرق قد تتصاعد إلى صراعات أوسع.
بالنسبة لأوروبا، المخاطر عالية. انتقادات ترامب لحلف الناتو زعزعت بالفعل الدول الأعضاء. قد يؤدي تجاهله المحتمل للاتحاد الأوروبي ككتلة متماسكة إلى تشجيع القوى المعادية، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في مشهد جيوسياسي هشّ بالفعل.
بينما يتعامل العالم مع هذه الشكوك، يبقى السؤال: هل ترامب جاد، أم أن هذا مجرد استعراض؟ بشكل أكثر خطورةً، هل يمكن أن تقود أفعاله العالم نحو حرب عالمية ثالثة؟ لقد شهدت فترته السابقة مزيجاً من الخطاب والعمل. انسحب من الاتفاقيات الدولية، وفرض تعريفات جمركية، وأعاد تعريف التحالفات. ومع ذلك، فإن بعض تهديداته الأكثر تصعيداً لم تتحقق.
إذا علمنا التاريخ شيئاً، فهو أخذ مثل هذه التهديدات بجدية. عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب هي السمة المميزة لديه، ويجب على المجتمع الدولي أن يستعد لجميع الاحتمالات. على العالم العربي، على وجه الخصوص، إعادة تقييم تحالفاته الاستراتيجية والاستعداد لتحول محتمل في السياسة الأمريكية. هذا وقت للوحدة والصمود واليقظة.
السنوات الأربع القادمة ستكون محورية. سوف تختبر ليس فقط صمود الدول، بل أيضاً مبادئ السيادة والتعاون الدولي. يجب على قادة العالم أن يقفوا بحزم، مستعدين للدفاع عن شعوبهم وأراضيهم ضد أي اعتداء. هل يمكن أن يتماشى هذا مع تأثيرات عالمية أخرى، مثل دور إيلون ماسك المثير للجدل في ألمانيا وإعادة تنظيم بريطانيا استراتيجياً؟ ومع انكشاف أجندة ترامب، هناك أمر واحد مؤكد: هذا ليس وقتاً للتهاون، بل لاتخاذ إجراءات حاسمة وموحدة. التاريخ سيحكم علينا من خلال كيفية استجابتنا لهذه التهديدات الوشيكة.
نشر الاثنين، 13 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.