قلق وترقب بمخيمات الضفة بعد حظر أونروا
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
الخليل- تسود حالة من القلق والترقب أوساط اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بعد تشريع الكنيست الإسرائيلي قانونا يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في إسرائيل والقدس، حيث يقع مقر عمليات الوكالة في الضفة المحتلة.
ويبدي مستفيدون من خدمات الوكالة -في أحاديث منفصلة للجزيرة نت- مخاوف من توقف الخدمات التي يحصلون عليها وربما عدم تلقي الموظفين لرواتبهم في حال قطعت البنوك الإسرائيلية علاقتها بالمنظمة الأممية.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بشكل نهائي حظر أنشطة الأونروا، ثم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية الخاصة بعمل الوكالة مما يعني حظر أنشطتها.
في روتين اعتاد عليه طوال السنوات الأربع الماضية، حضر المسن الفلسطيني عبد العزيز أبو رحمة إلى العيادة الطبية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مدينة دورا جنوبي الضفة، للحصول على رزمة أدوية يحصل عليها شهريا.
يشرح أبو رحمة حالته "عندي مشاكل صحية في القلب وضغط وسكري وأزمة في الصدر، وأحصل من الوكالة شهريا على 7 أصناف من الأدوية ولا قدرة لي على شرائها من الخارج".
ينحدر المواطن الفلسطيني من قضاء الرملة في أراضي 48، ويستفيد من خدمات الوكالة هو وزوجته و3 من أبنائه وزوجة ابنه المتوفى و4 من أطفالها.
ويضيف "أنا لا أعمل ولا أستطيع أن أعمل، والوكالة تشكل لي شريان حياة حيث أحصل منها على مساعدات منتظمة إضافة إلى العلاج والأدوية وتعليم الأطفال".
يشعر أبو رحمة بالقلق منذ أعلنت سلطات الاحتلال حظر الوكالة، مضيفا "إغلاقها كارثة وسيضرنا، كلنا نعتمد عليها، لا نستطيع تخيل أنفسنا بلا مساعدات ولا علاج أو تعليم أو عمل".
غير بعيد عن العيادة الطبية، يعيد المهندس فايز أبو مقدم، ذكرياته أمام مدرسة الإناث التابعة للوكالة في المدينة، والتي تلتحق بها بناته المتفوقات دراسيا.
يشير أبو مقدم إلى جدار إسمنتي يحيط بالمدرسة ويقول إنه أشرف على بنائه عندما كان يعمل مهندسا بمكتب رئاسة الوكالة الأممية بين عامي 1982 و1984، موضحا أنه أشرف أيضا على شق الشارع المحاذي لها وللمركز الصحي، بعد أن كان طريقا ترابيا مخصصا للسير على الأقدام.
وحضر المهندس الفلسطيني أيضا للحصول على حصته الدوائية من المركز، مضيفا أن الوكالة "توفر الأدوية والعلاج والعمليات الجراحية بمساهمات بسيطة من اللاجئين، إضافة إلى خدمات التعليم المميزة".
ويضيف "عندي 5 أولاد وبنات متفوقون في الدراسة ومعدلاتهم بين 98 و99، يحصلون على تعليم جاد ومميز، ولا أتخيل كيف سيكون مصيرهم إذا أغلقت مدارس الوكالة أبوابها، إنه قرار كارثي".
وتواصلت الجزيرة نت مع عدد من موظفي الوكالة لسؤالهم عن مخاوفهم بعد حظر أونروا، لكنهم امتنعوا عن الحديث التزاما بما قالوا إنها تعليمات من الوكالة الدولية بعدم التعليق لوسائل الإعلام.
لكن رئيس اللجنة الشعبية في مخيم الفوار، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، عفيف غطاشة، أشار في حديثه للجزيرة نت إلى "مخاوف جدية للاجئين من توقف خدمات الوكالة المقلصة أصلا، نتيجة منع دخول موظفيها الأمميين وقطع العلاقة معها وربما وقف تحويل الأموال لاحقا وحرمان الموظفين من رواتبهم".
وأضاف "كما تعلم رئاسة الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس وقرار تصفيتها سيلقي بظلاله على المخيمات واللاجئين بالضفة".
واعتبر أن حظر الوكالة "خطوة لتصفية قضية اللاجئين كشاهد على النكبة واللجوء، ولا يمكن لأي بديل أن يحل محلها" مضيفا أن "الوكالة أسست بقرار دولي وارتبط وجودها بملف اللاجئين ولا يمكن إنهاء وجودها دون حل قضية اللاجئين".
وأشار غطاشة إلى تقليص الوكالة خدماتها في السنوات الأخيرة "سياسة الوكالة الحالية عدم التوظيف الدائم والاكتفاء بالتوظيف المؤقت (العمل بالمياومة)، ولا يوجد بناء لمدارس جديدة ولا صيانة للمدارس القائمة، وتوقفت بعض الخدمات الصحية، وتراجعت المساعدات الإغاثية، وتم رفع نسبة مساهمة اللاجئين في الحوالات الطبية إلى المشافي".
وتأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين من خدمات إغاثية وصحية وتعليمية في مناطق عملياتها الخمس: الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
ويعيش ربع اللاجئين في الضفة الغربية -والمقدر عددهم بنحو 828 ألفا من بين نحو مليونين و700 ألف فلسطيني- في 19 مخيما رسميا، في حين يعيش معظم الآخرين في المدن والقرى، وفق معطيات الوكالة على موقعها الإلكتروني.
ويستفيد من برنامج التعليم في الضفة نحو 48 ألف طالب وطالبة مسجلون في 96 مدرسة، في حين يتبع الوكالة 43 مركزا صحيا، يسجل فيها نحو 895 ألف زيارة سنويا تقريبا.
كما يستفيد من برنامج الإغاثة 36 ألف لاجئ تقريبا، واجتماعيا يتوزع في الضفة 19 مركزا نسويا، كما تم منح قروض بسيطة لنحو 135 ألف لاجئ قيمتها الإجمالية قرابة 190 مليون دولار.
ويوم أمس الأربعاء، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "إن خطر انهيار الوكالة يهدد حياة ومستقبل الناس والمجتمعات، واستقرار المنطقة". وأضاف أن "الأونروا مكلفة بتقديم الخدمات الأساسية بشكل مباشر، بما في ذلك التعليم لأكثر من نصف مليون فتى وفتاة".
وقال "إن التشريع الذي أقره الكنيست يشكل ضربة مروّعة لموظفينا، حيث يخشى 17 ألف موظف في الأرض الفلسطينية المحتلة أن يفقدوا وظائفهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الضفة أبو رحمة
إقرأ أيضاً:
نحو 3.7 ملايين.. هذا ما يمنع عودة اللاجئين السوريين في تركيا لوطنهم
دمشق- بينما كان بالقرب من إحدى البوابات الحدودية، قال اللاجئ السوري أحمد العكام، للجزيرة نت، إنه عائد إلى وطنه بعد غياب 11 عاما، مشيرا إلى أن أقارب له في عدة مدن تركية ينتظرون حلول فصل الصيف، من أجل العودة إلى وطنهم.
ويعتزم العكام إعادة بناء منزله المدمر في منطقة حلب القديمة والمكوث فيه، معتبرا أن ذلك أفضل له من العيش بمنزل بالإيجار في تركيا.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، توقّع كثيرون أن يشهد ملف اللاجئين السوريين تحوّلا جذريا، خاصة في تركيا التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين.
ومع تخفيف تركيا القيود، صار بإمكان لاجئين سوريين منذ بداية العام الحالي زيارة وطنهم قبل اتخاذ قرار العودة الطوعية، حيث تسمح أنقرة لشخص بالغ واحد من كل عائلة لاجئة بزيارة استطلاعية إلى سوريا والعودة، في خطوة تهدف لتسهيل عودة نحو 3.7 ملايين لاجئ سوري لديها.
ويسمح القرار التركي بزيارة سوريا والعودة حتى 3 مرات خلال 6 أشهر، مع الاحتفاظ بوضع الحماية المؤقتة الذي يخضع له معظم اللاجئين، إذا فضّلت أسر سورية البقاء بدلا من العودة.
معيقاتووفقا لبيانات وزارة الداخلية التركية، عاد 175 ألفا و512 لاجئا سوريا من تركيا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد وحتى منتصف أبريل/نيسان الجاري، ضمن برنامج العودة الطوعية الآمنة، ليصل بذلك إجمالي العائدين منذ عام 2017 إلى 915 ألفا و515.
إعلانوتتشابك معيقات العودة بعد سقوط النظام إلى أسباب متشابكة، بعضها مرتبط بالوضع الداخلي في سوريا اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، والآخر يتعلق ببلد اللجوء كالاندماج، والتعليم، والمشاريع الاقتصادية.
ويعتقد محلل السياسة الخارجية والأمن في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، أن العديد من اللاجئين السوريين في تركيا يخططون للعودة خلال العطلة الصيفية، حتى لا يفوت أطفالهم عاما دراسيا، مرجّحا أن تشهد البلاد موجة كبيرة من العودة مع بداية العطلة المدرسية، بينما تستمر تركيا بمنح إذن لمدة 6 أشهر لأحد أفراد الأسرة الواحدة للذهاب إلى سوريا والتحضير للعودة، وذلك حتى يوليو/تموز القادم.
وقال أوزكيزيلجيك للجزيرة نت: "لا ينبغي توقّع عودة جميع اللاجئين السوريين، إذ سيبقى الكثير منهم في تركيا، خاصة أن عددا كبيرا منهم أسّس مصادر رزق لهم هناك، واندمجوا في المجتمع التركي، ويفضّلون البقاء".
وأشار أوزكيزيلجيك إلى أن سوريا تعاني من نقص حاد في السكن، حيث ارتفعت إيجارات المنازل في دمشق وحلب بشكل كبير منذ سقوط الأسد، في ظل محاولات ملايين النازحين داخليا العودة إلى مدنهم، بينما لا تزال عدة مدن وأحياء مدمّرة كليا أو جزئيا.
وتحتاج البنية التحتية والاقتصاد في سوريا -وفق أوزكيزيلجيك- إلى استثمارات ضخمة، كما لا تزال العقوبات المفروضة على البلاد قائمة، وتستمر التهديدات الإسرائيلية، في حين لم تُدمج بعد مناطق شمال شرق سوريا بالكامل ضمن الدولة السورية، إضافة للحاجة لإصلاح شامل في النظام التعليمي، وعدم كفاية النظام الصحي لتلبية احتياجات السكان.
وفي معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا، يستمر دخول السوريين نحو بلدهم بين زائر وعائد طوعا، في حركة قد ترتفع مع بدء فصل الربيع ونهاية العام الدراسي.
إعلانمن جهته، أكد مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، مازن علوش، استمرار تقديم التسهيلات والإجراءات اللازمة لاستقبال السوريين العائدين من تركيا عبر المعابر الحدودية الشمالية.
وقال علوش للجزيرة نت: "يتم تبسيط الإجراءات الإدارية، وتوفير النقل المجاني بين المعابر، وإعفاء المواطنين من أي رسوم جمركية على أثاثهم وأمتعتهم الراغبين بجلبها معهم، وتجهيز العمال والآليات لنقل الحقائب والمقتنيات من المعبر لمكان السكن الجديد".