غزة " وكالات ": اعتبرت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة اليوم الخميس أن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية"، متهمة الدولة العبرية بـ"استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب".

صدر التقرير عن اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة.

وفي هذا التقرير الجديد الذي يغطى الفترة من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي حتى يوليو، أشارت اللجنة إلى "سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وظروف تهدد حياة الفلسطينيين فرضت عمدا".

وقالت اللجنة "من خلال حصارها لغزة، وعرقلة المساعدات الإنسانية، إلى جانب الهجمات المستهدفة وقتل المدنيين وعمال الإغاثة، وعلى الرغم من النداءات المتكررة للأمم المتحدة، والأوامر الملزمة من محكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، تتسبب إسرائيل عمدا في الموت والتجويع والإصابات الخطيرة".

وأفادت اللجنة التي تحقق منذ عقود في الممارسات الإسرائيلية التي تؤثر على الحقوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن "سياسات إسرائيل وممارساتها خلال الفترة المشمولة بالتقرير تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية".

وأكدت أن إسرائيل "استخدمت التجويع كأسلوب من أساليب الحرب وفرض عقاب جماعي على الفلسطينيين".

حذّر تقييم مدعوم من الأمم المتحدة نهاية الأسبوع من أن المجاعة باتت وشيكة في شمال غزة.

ووثق التقرير الصادر الخميس كيف أدت حملة القصف الإسرائيلية المكثفة في غزة إلى تدمير الخدمات الأساسية والتسبب في كارثة بيئية ذات آثار صحية دائمة.

وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت بحلول شهر فبراير من هذا العام أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات في أنحاء قطاع غزة، وهو ما "يعادل قنبلتين نوويتين".

توظيف الذكاء الاصطناعي في الحرب

الى ذلك، قالت اللجنة إن "إسرائيل، من خلال تدمير أنظمة المياه والصرف الصحي والغذاء الحيوية وتلويث البيئة، خلقت مزيجا قاتلا من الأزمات التي ستلحق ضررا شديدا بالأجيال القادمة".

وأعربت اللجنة عن "قلق عميق إزاء الدمار غير المسبوق للبنية التحتية المدنية وارتفاع عدد القتلى في غزة"، حيث قضى أكثر من 43700 شخص منذ بدء الحرب، وفق وزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع الفلسطيني.

وقالت اللجنة إن العدد الهائل من القتلى يثير مخاوف جدية بشأن استخدام إسرائيل لأنظمة الاستهداف المعززة بالذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية.

وأوردت في تقريرها "إن استخدام الجيش الإسرائيلي للاستهداف بمساعدة الذكاء الاصطناعي، مع حد أدنى من الإشراف البشري، إلى جانب القنابل الثقيلة، يؤكد تجاهل إسرائيل لالتزامها بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين واتخاذ الضمانات الكافية لمنع مقتل المدنيين".

وحذّرت من ما ورد عن توجيهات جديدة تخفض معايير اختيار الأهداف وتزيد من النسبة المقبولة سابقا للإصابات بين المدنيين والمقاتلين يبدو أنها سمحت للجيش باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي "لتوليد عشرات الآلاف من الأهداف بسرعة، فضلا عن تعقب الأهداف إلى منازلهم، وخاصة في الليل عندما تتجمع العائلات".

وشددت اللجنة على التزامات الدول الأخرى بالتحرك العاجل لوقف إراقة الدماء، قائلة إن "الدول الأخرى غير مستعدة لمحاسبة إسرائيل وتستمر في تزويدها بالدعم العسكري وغيره من أشكال الدعم".

أوامر الإخلاء ترقى إلى "جريمة حرب"

من جهة ثانية، أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان في تقرير اليوم الخميس أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية في قطاع غزة ترقى إلى "جريمة حرب" تتمثل في "تهجير قسري" في مناطق وفي مناطق أخرى إلى "تطهير عرقي".

ووفقا للأمم المتحدة، نزح 1.9 مليون شخص من أصل 2,4 مليون نسمة منذ أكتوبر 2024.

وقال التقرير "جمعت هيومن رايتس ووتش أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة حرب تتمثل في التهجير القسري".

وأضاف التقرير "تبدو تصرفات إسرائيل وكأنها تتفق مع تعريف التطهير العرقي" في المناطق التي لن يتمكن الفلسطينيون من العودة إليها.

وبحسب الباحثة في المنظمة نادية هاردمان، فإن نتائج التقرير تستند إلى مقابلات مع نازحين من غزة وصور الأقمار الاصطناعية والتقارير العامة التي قدمت حتى أغسطس 2024.

وفي وقت تقول إسرائيل إن النزوح هدفه تأمين المدنيين أو لأسباب عسكرية ملحة، رأت هاردمان أن "إسرائيل لا تستطيع الاعتماد ببساطة على وجود المجموعات المسلحة لتبرير نزوح المدنيين".

وأضافت "يتعيّن على إسرائيل أن تثبت في كل حالة أن نزوح المدنيين هو الخيار الوحيد" وذلك للامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني.

وقال المتحدث باسم قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" أحمد بن شمسي "هذا الإجراء يحوّل أجزاء كبيرة من غزة إلى مناطق غير صالحة للسكن بشكل منهجي... وفي بعض الحالات بشكل دائم، وهو ما يرقى إلى مستوى التطهير العرقي".

وأشار التقرير إلى محور فيلادلفيا الذي يمتدّ على طول الحدود مع مصر ومحور نتساريم الذي يقطع غزة بين الشرق والغرب والمناطق فيهما التي "دمّرها الجيش الإسرائيلي ووسّعها وأزالها" لإنشاء مناطق عازلة وممرات أمنية.

ويتمسّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن القوات الإسرائيلية يجب أن تحتفظ بالسيطرة على محور فيلادلفيا لضمان عدم تهريب الرهائن خارج غزة.

وقالت هاردمان إن القوات الإسرائيلية حوّلت محور نتساريم بين مدينة غزة وواديها إلى منطقة عازلة بعرض أربعة كيلومترات خالية في الغالب من المباني.

ولم يأت التقرير على ذكر التطورات التي وقعت في الحرب منذ أغسطس، لا سيما العملية العسكرية الإسرائيلية المكثفة في شمال قطاع غزة والتي بدأت مطلع أكتوبر.

وقالت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) لويز ووتريدج لوكالة فرانس برس إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة أجبرت ما لا يقلّ عن 100 ألف شخص على النزوح من أقصى الشمال إلى مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.

ورأى تقرير "هيومن رايتس ووتش" أن "تصرفات السلطات الإسرائيلية في غزة هي تصرفات مجموعة عرقية أو دينية واحدة لإخراج الفلسطينيين أو مجموعة عرقية أو دينية أخرى من مناطق داخل غزة بوسائل عنيفة".

وأشار التقرير إلى الطبيعة المنظمة للنزوح ونية القوات الإسرائيلية ضمان "بقاء المناطق المتضررة بشكل دائم... تمّ تفريغ غزة من سكانها وتطهيرها من الفلسطينيين".

الفشل الدولي في وقف حرب الإبادة والتهجير

من جهتها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية اليوم الخميس إن "الفشل الدولي في وقف حرب الإبادة والتهجير واحترام وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية يشجع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل على التفاخر العلني بمواقفها الداعية إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والمطالبة باعتراف العالم بها".

وأكدت الوزارة، في بيان صحفي اليوم أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا )، أن "شعبنا سيفشل مخططات الضم والتهجير كما أفشل سابقاتها".

وشددت الوزارة على أنها "ستواصل حراكها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي لحشد جبهة دولية حقيقية ضاغطة على الاحتلال لوقف حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا، والبدء بمسار سياسي متعدد الأطراف يفضي إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اعتمد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية".

وتابعت: "بدأت الحكومة الإسرائيلية بطرح سيل من التصريحات والمواقف بشأن طموحاتها ومشاريعها الاستعمارية التوسعية الداعية إلى ضم الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء منها، كبالونات اختبار لفحص ردود الفعل الدولية ومواقف الدول بهذا الخصوص، في محاولة لخلق المناخات المواتية لارتكاب هذه الجريمة البشعة، ولإزالة الضرورة السياسية والقانونية والإنسانية لوقف حرب الإبادة والتهجير عن سلم الاهتمامات الدولية".

وأشارت الوزارة إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى إعادة ترتيب أولويات المنطقة والعالم وفقا لخارطة مصالحها في استمرار حرب الإبادة والتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وتقويض أية فرصة لتطبيق حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، إذ يصعد الاحتلال في الوقت ذاته إجراءاته أحادية الجانب غير القانونية على الأرض، من الاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل وشق المزيد من الطرق الاستعمارية وغيرها، وكان آخرها هدم ثمانية منازل في سلوان بالقدس ضمن خطة لهدم حي كامل وتهجير ما يقارب 1500 مواطن".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حرب الإبادة والتهجیر القوات الإسرائیلیة هیومن رایتس ووتش للأمم المتحدة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

رغم انتهاء المهلة.. لا عقوبات أميركية ضد حرب التجويع الإسرائيلية بغزة

أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تفرض عقوبات على إسرائيل، رغم انتهاء المهلة التي منحتها إياها من أجل تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة والسماح بإيصال مساعدات إغاثية.

وفي مؤتمر صحفي، قال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن لم تجر تقييما حول انتهاك إسرائيل قوانينها.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة تطبيق الخطوات التي تتخذها إسرائيل لضمان الامتثال للقوانين الأميركية.

وادعى باتيل حدوث بعض التقدم فيما يخص الوضع الإنساني بغزة، مرجعا سبب هذا التحسن إلى التدخل الأميركي.

وعلى وقع الإبادة الجماعية وحرب التجويع المتواصلة في غزة، أوضح باتيل أن المسؤولين الأميركيين مستمرون في التواصل مع نظرائهم الإسرائيليين بخصوص الخطوات المتخذة والخطوات الإضافية المطلوبة في هذا الخصوص.

إيصال المساعدات

وفي معرض رده على سؤال بشأن احتمالية فرض عقوبات على إسرائيل في حال لم تستجب للمطالب الأميركية، قال إنه لا يوجد تغيير في السياسة الأميركية حاليا.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، تلوِح بالإضرار بالمساعدات العسكرية بحال عدم إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة في غضون 30 يوما.

وجاء في نص الرسالة "لعكس مسار التدهور الإنساني، وبما يتفق مع تأكيداتها لنا، يتعين على إسرائيل، بدءا من الآن وفي غضون 30 يوما، أن تتخذ تدابير ملموسة لإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة".

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) بات رايدر إن واشنطن ستواصل الضغط على إسرائيل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأضاف في مؤتمر صحفي، اليوم الأربعاء، أن الوزير أوستن تواصل مع مسؤولين إسرائيليين للتأكيد على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية لغزة.

وادعى متحدث البنتاغون حدوث تحسن في الوضع الإنساني بغزة منذ المهلة الأميركية لإسرائيل.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 146 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تدين طرفي الحرب في السودان وتطالب بإجراءات حاسمة لحماية المدنيين
  • لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة: ممارسات “إسرائيل” في غزة تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية كما أنها تستخدم التجويع كأسلوب من أساليب الحرب
  • هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة حرب عبر التهجير الجماعي في غزة والجيش الإسرائيلي يرد
  • ماذا يعني ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها؟
  • رغم انتهاء المهلة.. لا عقوبات أميركية ضد حرب التجويع الإسرائيلية بغزة
  • أمنستي تتهم الدانمارك باستخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة الفئات المهمشة
  • الأمم المتحدة: مستويات غير مسبوقة من قتل المدنيين بغزة
  • صحفي أمريكي: مسؤولون بإدارة بايدن يتحدثون عن فشله إزاء حماية المدنيين في غزة
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المجاعة كأداة حرب ضد الفلسطينيين