بحكم الجوار الجغرافي.. هل تونس في مأمن من الفيضانات في أوروبا؟
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
تثير الفيضانات التي تشهدها بعض المدن الأوروبية مؤخرا ومن ضمنها مدن إيطالية وإسبانية، مخاوف لدى التونسيين من إمكانية حدوثها في بلادهم بحكم القرب الجغرافي من أوروبا.
مخاوف تأتي عقب تسبب سوء الأحوال الجوية في جزيرة صقلية في جنوب إيطاليا الأربعاء، في فيضانات عارمة بمقاطعة كتانيا، إذ شهدت العديد من المناطق ارتفاعا سريعا لمنسوب المياه وغرق عدد من الشوارع والميادين، وسحب بعض السيارات إلى البحر بسبب قوة المياه.
وقبل ذلك بأيام، عاشت إسبانيا على وقع فيضانات جارفة تسببت في مقتل ما لا يقل عن 222 شخصا معظمهم حول مدينة فالنسيا شرقي البلاد، فضلا عن الخسائر المادية الفادحة.
وبدورها شهدت تونس في الأسابيع الأخيرة موجة تقلبات جوية أدت لهطول كميات كبيرة من الأمطار في عدة محافظات خاصة بالمناطق الساحلية ومن ضمنها سوسة والمنستير، حيث جرفت المياه عددا من السيارات كما تسبب سيول الأودية في وفاة نحو 5 تونسيين.
وجددت التقلبات الجوية التي تعيش على وقعها مدن أوروبية الجدل في تونس بشأن احتمال انتقالها إلى هذا البلد المغاربي ومدى قدرته على احتواء مخاطرها.
استقرار نسبي
في تعليقه على مخاوف التونسيين من تبعات التقلبات الجوية الأخيرة، يؤكد الخبير في المناخ ورئيس المرصد التونسي للطقس والمناخ عامر بحبة، أن تونس ستكون بمنأى عما حدث في مدن أوروبية من ظواهر مناخية قوية، مستبعدا أن تشمل المنخفضات الجوية الحالية هذا البلد.
ويوضح بحبة لـ"الحرة" أنه بحسب النموذج الأوروبي للطقس فإنه يوجد منخفضان جويان بالبحر المتوسط أحدهما شمل تونس في الأسابيع الأخيرة ثم انتقل إلى جنوب إيطاليا قبل أن يعود للمتوسط ويتجه نحو اليونان ثم دول البلقان، ومنخفض جوي آخر تركز أساسا بين المغرب و إسبانيا وتسبب في حدوث فيضانات في عدة مدن إسبانية.
ويضيف في السياق ذاته، أن مقاطعة كتانيا في صقلية سجلت نزول كميات كبيرة من الأمطار تجاوزت في بعض المناطق 511 مم خلال ثماني ساعات أي ما يعادل 500 لتر في المتر مربع، وهو نفس المنخفض الجوي الذي كان في تونس لكن خطورته كانت متفاوتة من بلد إلى آخر.
من جانب آخر يتوقع المتحدث عودة التقلبات الجوية إلى تونس في العشرية الثالثة من شهر نوفمبر حيث تشير نماذج الطقس الدولية إلى أنها لا تكتسي أي خطورة وبالتالي ستعيش تونس استقرارا نسبيا في الطقس لافتا إلى أن بلدان المتوسط تبقى دائما عرضة للظواهر المناخية المتطرفة.
وعرفت تونس منذ الاستقلال في 1956 فيضانات خطيرة أبرزها ما حدث في 1969 وهي الفيضانات الأكثر دمارا في تاريخ البلاد، إذ تسببت في وفاة 542 تونسيًا على الأقل، وتدمير 70 ألف مسكن، كما عاشت محافظة نابل شمال شرق تونس فيضانات في 2018 أدت لوفاة 6 أشخاص وخسائر مادية فادحة.
تونس في مهب التطرف المناخي
"من المظاهر القصوى للتحولات المناخية حدوث ارتفاع قياسي في درجات الحرارة وتتالي مواسم الجفاف وحدوث تساقطات مطرية قوية في حيز زمني قصير وهذا ما يجعل تونس من بين أبرز الدول عرضة للتطرف المناخي الذي تكون انعكاساته وخيمة على البنى التحتية واقتصاديات الدول"، هذا ما يراه الباحث والأكاديمي المتخصّص في مسائل التنمية والتصرّف في الموارد، حسين الرحيلي.
ويضيف الرحيلي في حديثه لـ"الحرة" بأنه بعد 7 سنوات من الجفاف، تشهد تونس توزعا في تساقط الأمطار وهو تغيير كبير حيث كانت في السابق تشمل محافظات الشمال، فأصبحت في الأعوام الأخيرة تكاد تقتصر على المحافظات الساحلية و الوسط والجنوب التونسي مما انعكس سلبا على مخزون السدود التي تبلغ نسبة امتلائها 21 بالمائة.
ويشدد على أن التهيئة الترابية التي كرستها تونس على امتداد نحو 100 عام لم تعد قادرة على مجابهة التغيرات المناخية مشيرا إلى أن أغلب المدن التونسية يطغى عليها البناء الفوضوي وتشييد المباني فوق السباخ وتقطعها الأودية مما يجعلها عرضة لتهديدات الفيضانات.
وبخصوص سياسات السلطات التونسية في التعامل مع التغيرات المناخية، يؤكد الخبير الرحيلي أنها تستوجب استراتيجية تقوم على التكيف الاستباقي مع هذه التحولات وإعادة النظر في طرق البناء وحسن التصرف في الموارد المائية وإعادة تهيئة قنوات تصريف مياه الأمطار.
وكان تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي في نوفمبر 2023 قد أشار إلى أن التحديات المناخية الأكثر إلحاحا في تونس تتمثل في شح المياه وتآكل السواحل وزيادة تواتر الفيضانات.
وفي خطوة لمواجهة هذه التحديات، أطلقت السلطات التونسية، العديد من المشاريع لتوفير المزيد من المياه والحد من تداعيات وآثار الجفاف.
وتشمل المشاريع التي بدأ بعضها بالاشتغال، إنشاء السدود وتشييد محطات تحلية مياه البحر وتركيز محطات لمعالجة المياه.
تشوه في خريطة استقرار المجتمعات
وفي ما تحذر المنظمات الأممية والدولية من تبعات التغيرات المناخية السريعة التي بات يشهدها العالم، يقول الخبير في المناخ حمدي حشاد لـ "الحرة": إن تداعيات هذه الظواهر المناخية المتطرفة ستحدث تشوها في خريطة استقرار المجتمعات حيث تتنامى ظواهر اللجوء المناخي وتغير الشعوب طبيعة أنشطتها خاصة في الجانب الزراعي الذي يتأثر بشكل مباشر بالجفاف.
ويرى حشاد أن كل السيناريوهات المتعلقة بالمناخ باتت ممكنة في ظل موجات الاحتباس الحراري الناجمة عن تنامي الأنشطة الصناعية التي تبعث الغازات الدفيئة وتسهم في ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
ويتابع بأن من مظاهر التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، ارتفاع درجة حرارة الكوكب والتدهور المستمر للغطاء النباتي والتنوع البيولوجي فضلا عن البراكين والفيضانات والأعاصير، مشددا على أنها ستؤدي إلى أزمات غذائية وصحية وانتشار المجاعات والكوارث.
ويطالب المتحدث المجتمع الدولي بضرورة التحرك لوضع حد للمخاطر التي تهدد شعوب العالم نتيجة الظواهر الطبيعية المتطرفة.
يشار إلى أن تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الصادر في مارس 2024، أفاد بأن حالة المناخ عام 2023 تخطت كل التوقعات بشكل ينذر بالسوء، حيث تحطمت الأرقام القياسية المتعلقة بمستويات غازات الاحتباس الحراري ودرجات حرارة سطح الأرض، وحرارة المحيطات وتحمضها وارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان الجليد.
المصدر: الحرة
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التغیرات المناخیة تونس فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
"التغيرات المناخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة".. ندوة لمجمع إعلام بنها
نظم مجمع إعلام بنها اليوم الخميس بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة بالقليوبية ندوة تثقيفية تحت عنوان "التغيرات المناخية ومستقبل التنمية المستدامة فى مصر".
وذلك فى إطار إهتمام الهيئة العامة للاستعلامات بأزمة التغيرات المناخية وجهود الدولة المبذولة في التصدي لتلك الأزمة من خلال عقد لقاءات جماهيرية وندوات تثقيفية خلال شهر نوفمبر الحالي ينفذها قطاع الإعلام الداخلي عبر مراكزه الإعلامية المنتشرة بكافة أنحاء الجمهورية تحت إشراف الدكتور /احمد يحيي - رئيس قطاع الإعلام الداخلي وذلك تزامنًا مع استعدادات مصر للمشاركة في فعاليات قمة المناخ " COP 29 " والمقرر انعقادها في منتصف نوفمبر 2024 في باكو عاصمة اذربيجان.
حاضر في الندوة: د/وليد الفرماوى وكيل وزارة الشباب والرياضة بالقليوبية، د/أحمد عبد الرؤوف مدرس بقسم علم الحشرات بكلية العلوم جامعة بنها، د/هند فؤاد استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ومقرر فرع المركز بالقليوبية.
بدأ اللقاء بكلمة د/وليد الفرماوى والذى أكد على أهمية تكاتف وترابط أفراد المجتمع من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠ مشيرا إلى أن القيادة السياسية أولت اهتماما بالتغيرات المناخية حيث أطلقت المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية لدعم المشاركة المجتمعية في جهود الدولة للتحول الأخضر فى مواجهة التغييرات المناخية وصولا لتحقيق التنمية المستدامة.
كما أوضح أن قطاع الشباب يمثل نسبة كبيرة من الشعب ويمكنه تسريع وتيرة العمل المناخي وإحداث بعض التغييرات، من خلال تسخير جهودهم ومهاراتهم فى التعليم، وتطوير التكنولوجيا الخضراء، والسعي نحو مستقبل أفضل خالٍ من الانبعاثات الكربونية، ونظرا للتطور التكنولوجى تزايد وعى الشباب بالتحديات والمخاطر التى يمكن أن تحدث جراء التغيرات المناخية، والكثير منهم يسعى لتحقيق التنمية المستدامة والعمل على إيجاد أفضل السبل من أجل التكيف مع المناخ، فضلًا عن تبني حلول مبتكرة لحل تلك الازمة وقادرة على الدخول حيز التنفيذ.
وأضاف إنه يمكن تعزيز دور الشباب تجاه هذا الملف من خلال رفع كفاءتهم ووعيهم عبر التدريب وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتكيف مع المناخ، ومنحهم الفرصة لسماع صوتهم، فضلًا عن إشراكهم في عملية صنع القرارات البيئية والمناخية وذكر أن وزارة الشباب والرياضة، ووزارة البيئة، بالشراكة مع منظمة اليونيسف والأمم المتحدة في مصر أطلقت عام 2022 مبادرة من أجل مشاركة الشباب في تناول قضايا تغير المناخ، وتعزيز مشاركتهم في العمل المناخي.
كما تحدثت ا/ ريم حسين عبد الخالق مدير مجمع إعلام بنها مؤكدة على أن تحقيق التنمية المستدامة يستلزم مواجهة العديد من التحديات وأبرزها التغيرات المناخية باعتبارها نتاج لأفعال وانشطة البشرية حيث ترتب على تغير المناخ عدة تأثيرات سلبية فى مجالات مختلفة كالزراعة والأمن الغذائي والأمن المائي كما أثرت على البنية التحتية وصحة الانسان وعلى سبل العيش لذا لا بد من دراسة التغيرات المناخية جيدا لمعرفة اسبابها ونتائجها وآليات معالجتها بهدف تحقيق اهداف التنمية المستدامة وخلق حلول فعالة للتخفيف من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وإمكانية التكيف معها.
وأكدت على أن مصر تبذل جهودا حثيثة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، إذ كانت مصر من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 1994، كما صدقت على بروتوكول كيوتو الذي صدقت عام 2005 علاوة على اطلاق مصر الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ مصر 2050 لحماية المواطنين من تأثيرات تغير المناخ مع الحفاظ علي تنمية الدولة المصرية بطريقة مستدامة ثم قامت مصر بتنظيم وتولي رئاسة الدورة ال٢٧ لقمة المناخ العالمية ( cop 27) بشرم الشيخ هذا المؤتمر الذي مثل نقطة تحول علي صعيد التعامل مع قضايا المناخ حيث الانتقال من مرحلة الوعود والتعهدات إلي مرحلة التنفيذ الفعلي علي أرض الواقع.
وفى هذا الصدد تحدث د/احمد عبد الرؤوف موضحا مفهوم التغير المناخي وهو اضطراب في مناخ الأرض مع ارتفاع في درجة حرارة الكوكب، وتغير كبير في الظواهر الطبيعية، وتدهور مستمر للغطاء النباتي وللتنوع البيئي، وظهور أنماط مناخية جديدة، إما نتيجة ظواهر طبيعية كالتغيرات في نشاط الشمس والانفجارات البركانية، أو أنشطة بشرية صناعية، مما يؤثر على انتظام حرارة الأرض وتعاقب وتوازن الظواهر البيئية، ويهدد صحة الإنسان وأضاف أن الآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق وتهدد الإنتاج الغذائي فعلى سبيل المثال ارتفاع منسوب مياه البحر التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية وأن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة وأعلى تكلفة ف المستقبل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية للتصدى لتلك التأثيرات السلبية.
كما أكد إنه فمنذ قيام الثورة الصناعية تأثرا كلا من المناخ والبيئة بشكل متزايد بسبب الأنشطة البشرية السيئة وسوء الإستخدام للموارد المتاحة مما تسبب ف حدوث ظاهرة الاحتباس الحرارى حيث زاد استخراج ملايين الأطنان من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة وترتب على ذلك زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون مما أدى لارتفاع درجات الحرارة وأثر سلبا على الأراضي الزراعية وعلى الأمن الغذائي بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالصحة العامة.
وفى سياق متصل تحدثت د/هند فؤاد مؤكدة على أن التكوين البيئى المستقر يسهم فى بناء الحضارات وهو جانب هام ومؤثر فيها فلا توجد حضارة انشأت من قبل فى الصحارى القاحلة دون مصادر مياه مستقرة، ولا فى البحار دون يابس قادر على استيعاب الأنشطة وإنتاج المحاصيل، إما البيئات غير المستقرة يمكنها تكوين مجتمعات ذات نزعة مضطربة وترحالية قائمه على النزوح والسفر والخوف بدلا من الدَوَام والثُبُوت والسَكِينَة الطُمَأْنِينَة والتى تتسم بها الحضارات المستقرة.
وأضافت أن تغير المناخ يعد أكبر تهديدٍ صحيٍ يواجه البشرية لما يسببه من ضرر بالصحة العامة، كتلوث الهواء، والأمراض، والظواهر الجوية الشديدة، والتهجير القسري، والضغوط على الصحة العقلية، وزيادة الجوع وسوء التغذية في الأماكن التي لا يستطيع الناس فيها زراعة المحاصيل أو العثور على غذاءٍ كافٍ.
وأكدت إنه لا بد من مواجهة التغيرات المناخية واخد كافة الاحتياطات لتجنب تفاقم الأزمة معتبره اياها سبب أساسي فى إرتفاع معدلات الفقر وفقدان فرص العمل وتدنى مستوى التعليم فى الدول النامية كما تؤثر سلبا على الصحة العامة كالاصابة بأمراض عده منها الملاريا وحمى الضنك بسبب الارتفاع الهائل ف درجات الحرارة كما تتسبب فى عدم تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين وتزيد من الأعباء الملقاه على عاتق محددوى الدخل والأسر الأكثر احتياجا.
*ط واختتمت كلمتها بالتأكيد على ضرورة تضافر جهود الجهات المعنية من اجل مواجهة أزمة تغير المناخ وإنه لتفعيل مبادرة التحول الأخضر، يقتضي بذل مزيدٍ من الجهود لرفع وعي الشعوب بشأن مخاطر التغير المناخي وسبل التعامل معه، كما دعت رواد ورائدات الأعمال على الحصول على القروض الميسرة لتنفيذ المشروعات الصديقة للبيئة، بما يحقق في الأخير الاستدامة البيئية المجتمعية ويحد من التداعيات السلبية للتغيرات المناخية على الفئات الأكثر تضررًا.
إعلام بنها IMG-20241114-WA0003 IMG-20241114-WA0004 IMG-20241114-WA0002 IMG-20241114-WA0001