وزير الثقافة الفلسطيني: البشر والممتلكات الثقافية أهداف للإبادة الصهيونية
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
الوقت ليس في صالح القضية.. وفقدنا الثقة في المنظمات الدولية
نقاوم بالثقافة.. قوتنا في حقنا وروايتنا.. وترجمات عالمية لمنشورات كتابنا
المستوطنون يسرقون حجارة المباني القديمة كمحاولات سطوهم على الحمص والفلافل
لدينا التصميمات التاريخية الكاملة للمسجد العمري في حالة إعادة ترميمه
لم يكن اللقاء مع وزير الثقافة الفلسطيني، د.
التقينا كمجموعة محدودة من صحفيي مصر بالوزير يوم الأربعاء الماضي، بينما القصف لا يتوقف في غزة، ودماء المئات من الفنانين والمثقفين تختلط بدماء الأهل والجيران والأصدقاء في كل مكان. أكد خلال حواره أن الخسائر البشرية هي الأكبر، وأن آخر توثيق كشف عن استشهاد 174 مثقفًا ومبدعًا. وكما يُباد البشر يُباد الحجر، شاهد الإثبات المرئي الذي صمد قرونًا ليثبت للعالم كذب كل ادعاء بحق من لا حق له في فلسطين.
تطرق الوزير للمحاولات المستمرة لإبادة الهوية، قائلاً: "الوقت ليس في صالح قضية فلسطين. إذا كان الجيل السابق من الصهاينة يعرف جيدًا حقيقة أنهم جاءوا من بلدان عدة إلى أراضٍ مملوكة لفلسطينيين، فإن الأجيال التي ولدت منهم على أرضنا ترى فلسطين وطنها بالميلاد، وفي ظل الحرص على أن تتلاصق بيوتهم مع بيوتنا، أصبح الجدار الفاصل لا يمنع الأجيال الجديدة من أن تظن أن هذا هو الواقع!"
غامت ملامح الوزير وهو يجيب عن سؤالنا عن الآثار التي هدمها الاحتلال عن عمد في غزة وعن إمكانية إعادة ترميمها بعد الحرب، قائلاً: "إن ما تم هدمه من مبانٍ أثرية في غزة قد لا يمكن استرجاعه"، مؤكدًا أن المباني التي هدمت هياكلها الخارجية فقدت مقوماتها الأساسية. مشيرًا إلى أن هناك مدرستين في الترميم، إحداهما استخدام الحجارة نفسها في إعادة المبنى، والأخرى أن يجب إعادة بناء المبنى بحجارة جديدة مع التدليل على أنه في حقبة زمنية ما تم هدم المبنى وأعيد بناؤه في مرحلة أخرى، ليظل الموقع الأساسي يوثق ما حدث.
أضاف الوزير: "محاولة إسرائيل القضاء على الآثار الفلسطينية مستمرة. فقبل تولي الوزارة كنت أشغل منصب مدير عام لجنة إعمار الخليل، ومن بين الأمور التي وثقتها اللجنة كانت عملية سرقة المستوطنين للحجارة من المباني القديمة التي يهدمونها في محاولة لسرقة التاريخ كما يحاولون سرقة أكلة الحمص والفلافل والمطرزات لمضيفات العالم. وقد رصدنا أنهم يضعون رسومًا إسرائيلية كالشّمعدان الخماسي على تلك الأحجار ثم يعرضونها في أماكن عامة لاختلاق تاريخ لدولتهم."
وكما طال التدمير والاعتداءات الممتلكات الثقافية والتاريخية، أوضح "حمدان" أن الإرث الثقافي الفلسطيني خسر العديد من المبدعين في مختلف المجالات من شعراء وكتّاب وفنانين ومؤرخين ممن ارتقوا شهداء خلال الحرب، وكذلك تعمد الاحتلال تدمير المباني التاريخية والمواقع التراثية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية، فضلاً عن المؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة وجامعات ومدارس وجداريات فنية.
هي إذن حرب إبادة طويلة متشعبة تخوضها إسرائيل بكل الوسائل مستهدفة البشر والحجر والذاكرة والهوية في محاولة لطمس الحقائق، وأهمها كما يرى "حمدان" طمس "السردية" الفلسطينية التي توثق جرائم المحتل وهوية البشر والحجر.
(وفق مصادر فلسطينية رسمية، تعمدت إسرائيل تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية خلال الحرب الحالية، ومن بينها عشرات التلال والمتاحف التاريخية وأقدم المساجد وثالث أقدم كنيسة بالعالم، فضلاً عن تضرر 146 بيتًا قديمًا وعشرات المكتبات والمراكز الثقافية. وقد تم استهداف 117 مسجدًا بشكل كلي، و208 مساجد بشكل جزئي، بينهم مساجد تاريخية. وضمت قائمة الاستهداف الكنيسة البيزنطية في جباليا والتي يزيد عمرها على 1600 عام، والمسجد العمري الذي يعود تاريخه إلى 1400 عام، ويعد أقدم وأعرق مسجد في مدينة غزة، وهو أمر يخالف اتفاقية لاهاي 1954 الدولية التي توجب حماية الملكية الثقافية في الحروب والنزاعات المسلحة).
ويؤكد الوزير أن لجنة إعمار الخليل ساهمت في ترميم المسجد العمري منذ 25 عامًا، وهو ما جعل لديها المخططات الخاصة به والتدخلات التي تمت، وهنا تأتي أهمية المعلومات المتوفرة لإعادة البناء، مؤكدًا التمكن من إدراج عدد من المواقع ومنها الخليل القديمة على التراث العالمي لدى اليونسكو وهو أمر تم بمهنية عالية حتى لا يتم رفض ملف الترشح. ومع ذلك، يأتي الإسرائيلي ليهدم أحد المباني ومن الممكن أن يمنع من ترميمه بزعم الدواعي الأمنية. وعلى الرغم من تقديم الشكوى لليونسكو، إلا أن ما يصل إلينا رسالة تشكرنا على المتابعة وتتعهد بأخذ الموضوع على محمل الاهتمام وأنه سوف يبحث مع الجانب الآخر، ثم ينتهي الموضوع على ذلك.
"الثقافة في هذه اللحظة التاريخية ليست رفاهية"، هكذا وصف الوزير الفلسطيني الدور الذي تلعبه الثقافة في المقاومة، مؤكدًا أن التمسك بالتراث والموروث والرواية الفلسطينية هو نوع من أنواع المقاومة. وأن نقل السردية الفلسطينية الحقيقية النقيضة للرواية الإسرائيلية الزائفة يسهم في كسب مزيد من الأصوات الداعمة والتفاف الأصوات الحرة في العالم وتضامنها مع عدالة الحقوق الفلسطينية. وهو ما جعل الوزارة تقوم بترجمة العديد من المنشورات ليقرأها العالم، وخصوصًا منشورات كتبت بأقلام كتّاب وأدباء وشعراء من داخل قطاع غزة. وهي شهادات وروايات حقيقية من داخل المأساة والمعاناة ستترجم إلى عشر لغات لإبراز حق الشعب الفلسطيني.
أكد الوزير أنه تم منذ أسبوعين إصدار كتاب بعنوان "رمال حمراء" بأقلام ثلاثين كاتبًا من غزة، وبين كل مقطع من مقاطعه وضعت لوحة رسمت بريشة فنانين من غزة، وسيتم ترجمة الكتاب، وهي خطوة مهمة لتوثيق ما يحدث، لأن قوتنا في روايتنا وحقنا، بينما يواجه الصهاينة الصعوبة في تسويق روايتهم. وعلى صعيد موازٍ آخر، هناك محبون للسلام والعدالة من كل أنحاء العالم، ولهذا طلبنا من العديد من الأدباء "الدوليين" كتابة رسائل لنشرها، وسيتم تجميع هذه الكتابات وتوحيد اللغة ونشر هذا الإصدار.
وأكد "حمدان" أنه بالأمس القريب تم العمل على تسجيل عدة عناصر تراثية منها الكوفية الفلسطينية، والدبس الخليلي، والصابون النابلسي، والنول الغزاوي، وهذا التسجيل والتوثيق ليس فقط داخليًا وإنما سيكون أيضًا عالميًا من خلال المنظمات التي تعنى بالحفاظ على الموروث الثقافي. وفي إطار الاستمرار في تعزيز الوعي بالتراث الثقافي والهوياتي، وترسيخ الرواية الفلسطينية، قال: "رغم تزامن الاحتفال بيوم التراث الخاص بفلسطين مع ذكرى مرور عام على بدء الحرب، إلا أنهم حرصوا على إقامة فعاليات وأنشطة وتسليط الضوء على التراث وإصدار بيان تم تلاوته على الطلاب في كل المدارس، وحث الطلاب على ارتداء الزي الشعبي رغم كل التحديات. وأن ذلك تم في المناطق الخاضعة للسلطة، وتم التنسيق والترتيب مع إحدى المؤسسات في غزة، وتم تنظيم مهرجان في غزة بين الركام والخيام بما يؤكد أننا شعب جبار".
أشار "حمدان" إلى أهمية معرض الفنون التشكيلية المرسومة بأيدي الأطفال الذين خرجوا من غزة، - شاهدناه قبل دقائق من لقائنا بالوزير- وهي محاولة لتضميد جراح الطفل الفلسطيني بالفن. وأكد "حمدان" أنه من المعروف أن الفن وسيلة للتفريغ النفسي، وما رسمه هؤلاء الأطفال صادم لكنه واقعي، ويعبر عما بداخل هؤلاء الأطفال، الذين خرجوا من غزة وأيديهم متشابكة، وشاهدوا الشهداء و"الزنانات" والمقطعين والهدم، وهو رسم يختلف عما يمكن أن يرسمه الطفل في دولة أوروبية، الذي يمكن أن يرسم البحر والألعاب وما يعيشه من رفاهية.
أكد حمدان أن الفلسطينيين فقدوا الثقة بكل المنظمات الدولية التي تغاضت عن ذبح النساء وأشلاء الأطفال والمقعدين. ولعل كثيرين لا يدركون أن المعاناة في غزة وصلت إلى أمور صعبة التخيل، ومنها أن مكفوفين فقدوا عصيهم. حيث كنت من فترة قريبة افتتح مكتبة صوتية للمكفوفين في منطقة كفر عقب تشرف عليها جمعية فلسطين للمكفوفين، وأخبرني المسؤول عن هذه الجمعية أنهم يحاولون تمرير 2000 عصا لإخواننا المكفوفين في غزة، فمن يشعر بهؤلاء؟ فإذا كان المبصر لا يستطيع الآن تلمس طريقه وسط الهدم والخراب في غزة، فما حال المكفوف الذي لا يمكنه تلمس الطريق لقضاء حاجاته الضرورية دون عصاه؟!
جاء لقاء وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان بعدد من الصحفيين والإعلاميين بمقر سفارة فلسطين الجديد بالتجمع الخامس خلال تواجده بالقاهرة للمشاركة في المنتدى الحضري العالمي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي القضية الفلسطينية وزير الثقافة الفلسطيني من غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
كنت من محبي زيارة متحف السودان القومي..
واكاد اجزم أني احفظ المعروضات في القاعات في الدور الاول والثاني..
واعرف ممر الكباش والضفادع الحجرية علي البحيرة الصناعية والمعابد التي نقلت كما هي ووضعت في ساحة المتحف كمعبد دندرة وحيث اثار العهد الاسلامي في الطابق الثاني كدولة سنار
◾️- الصورة المرفقة صورتها بنفسي بجوالي النوكيا في ابريل 2011 ولازالت احتفظ ببعض الصور من ساحات العرض..
◾️- حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع وتم سرقة مشغولات ذهبية عمرها الاف السنين وبعض الاثار الصغيرة من العاج والحجر والابنوس تعود للعهد المروي ولعهد دولة نبتة
– مع ان السودان اطلق حملة لاستعادة المسروقات بالتعاون مع اليونسكو الا ان الامل ضعيف في العثور عليها لان هناك هواة جمع تحف واثار يشترون مثل هذه المقتنيات ويحتفظون بها في خزائنهم لمدد طويلة ولا يعرضونها ابدا وبذا تقل فرص مطاردتها واسترجاعها..
????- الحل في نظري هو اطلاق حملة قومية للتنقيب عن الاثار مرة اخري.. هناك مواقع اثرية كبيرة ومتعددة متناثرة في السودان..
◾️- مثلا في العام 1998 زرت الولاية الشمالية باللواري في سفرة استغرقت عدة ايام فرايت كثير من الاثار ملقاة علي الطريق قريبا من شواطئ نهر النيل , احجار ضخمة واعمدة معابد لايستطيع اي احد ان يحركها من مكانها وربما هذا سبب حفظها حتي الان.. فلو تم التنقيب حول هذه الاماكن فالبتاكيد سنحصل علي اثار جديدة..
◾️هناك ايضا موقع النقعة والمصورات الاثري الذي يشرف عليه معهد حضارة السودان التابع لجامعة الخرطوكم تحت اشراف البروف جعفر ميرغني – وقد زرته من قبل في العام 2010 – الثلات صور الاخيرة – ففي هذا الموقع تتناثر الاثار علي العديد من التلال والسهول و الموقع ذات نفسه يقع علي نهاية وادي العوتيب وهذا الوادي الان عبارة عن رمال ولكنه حتما في قديم الزمان كان من روافد النيل الموسمية فعلي ضفاف هذا الوادي وحتي موقع النقعة والمصورات هناك احتمال وجود عشرات الاثار التي قد تغير التاريخ ذات نفسه
◾️- ايضا سفح جبل البركل وكثير من المواقع التي يمكن اعادة التنقيب فيها
◾️- في العام 2010 كانت هناك شركة تقوم بحفريات لبناء عمارة في احد الاحياء شرق مطار الخرطوم فعثرت علي ما يشبه المدفن لقرية تعتبر اول اثر علي وجود الانسان في منطقة الخرطوم والمقرن قدرت بالاف السنين..
– وكثير من الاثار هنا وهناك علي ضفاف النيل الذي كان علي الدوام جاذبا للمستعمرات البشرية منذ القدم
????- بهذه الطريقة يمكننا اعادة ملء المتحف القومي مرة اخري والحفاظ علي التاريخ الذي اراد تتار العصر ان يمحوه لهدم رواية الامة السودانية عن عراقتها وحضارتها الممتدة من الاف السنين وحتي الان..
♦️- بهذا يمكننا مرة اخري ان نضع قطع الاحجية جنبا الي جنب ونعيد بناء قصة متماسكة تمتد من الان الي عمق التاريخ ونضع معلما لاطفالنا والاجيال القادمة تحاجج به وتفتخر.
♦️- بعض الدول تحفر في اللاشئ وتعثر علي صخور صماء لايوجد عليها نقش واحد فتضعها في متحف ضخم لتقول للناس ان هذا الحجر استخدمه شخص في هذه البقعة قبل اربعة الف سنة كوسادة او كمسند او مربط لحيوان لتقول للعالم انها دولة ذات تاريخ وذات عراقة..
♦️- نحن كبلد اولي بان تكون لنا قصة لها شواهد وعليها ادلة والاسهل والحل الذي بين ايدينا هو اطلاق حملة جديدة للتنقيب عن الاثار تحت الارض والكشوفات الجديدة هذه توكل كمشاريع لكليات الاثار والدراسات الانسانية كالتاريخ وعلم الاجتماع مع التمويل من الدولة والشركات الوطنية مع مواصلة جهود البحث عن الاثار المفقودة.
النور صباح
إنضم لقناة النيلين على واتساب