المغرب والسعودية تعززان التعاون والتنسيق في المجالين الجنائي والأمني
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية والشراكة القوية بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، وقع وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي ووزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود، أمس الأربعاء، في العاصمة السعودية الرياض، على ثلاث اتفاقيات لتعزيز التعاون في المجال الجنائي بين البلدين الشقيقين.
وتشمل هذه الاتفاقيات، وفق بلاغ لوزارة العدرل المغربية، تنظيم المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية، ووضع إطار قانوني لنقل المحكوم عليهم، بالإضافة إلى تنظيم عمليات تسليم المطلوبين بين الدولتين. تهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز فعالية التعاون القضائي والأمني، لا سيما في مجالات التحري والتحقيق والمحاكمة، وتعزيز مكافحة الجريمة بجميع أشكالها. كما تعزز هذه الاتفاقيات العمل المشترك وفق القوانين الوطنية لكلا البلدين، مما يسهم في مكافحة الجريمة العابرة للحدود وتقليص فرص الإفلات من العقاب، وتوفير آليات فعالة للتأهيل الاجتماعي والنفسي للمحكوم عليهم.
وقد ناقش الطرفان خلال هذا اللقاء مسألة تسهيل عملية ترحيل المحكوم عليهم بين البلدين المتواجدين في المؤسسات السجنية، وذلك في إطار مقاربة إنسانية تهدف إلى تقريب النزلاء من أسرهم، مما يعزز الروابط الأسرية ويساعد في تحقيق تأهيل اجتماعي فعّال للنزلاء.
كما تخلل اللقاء مناقشة مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التنسيق في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز التعاون الأمني والقضائي، مع احترام السيادة والنظام العام للبلدين. كما حضر اللقاء عدد من كبار المسؤولين من الجانبين، حيث شارك من الجانب السعودي معالي نائب وزير الداخلية الدكتور ناصر بن عبدالعزيز الداود، ومعالي مساعد وزير الداخلية الدكتور هشام بن عبدالرحمن الفالح، ومن الجانب المغربي سفير المملكة المغربية لدى المملكة العربية السعودية السيد مصطفى المنصوري، إلى جانب عدد من كبار مسؤولي وزارة العدل.
وفي تصريح له عقب مراسم التوقيع، أكد وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي أن "هذه الاتفاقيات تأتي استكمالاً لبرنامج التعاون القانوني والقضائي بين البلدين، وتعتبر تثمينا كبيرا للشراكة التاريخية التي تجمع المغرب والسعودية، مما يساهم في ترسيخ العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم العابرة للحدود." وأضاف معاليه أن هذه الاتفاقيات ستدعم جهود البلدين في تحقيق الأمن والاستقرار، وتعزز آفاق التعاون القضائي والقانوني بينهما.
ووفق وهبي تعد هذه الاتفاقيات خطوة أساسية في تعزيز مكانة المغرب كفاعل رئيسي في مكافحة الجريمة العابرة للقارات، وتأكيداً على التزامها بتعزيز التعاون القضائي والأمني مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يحقق المصالح المشتركة ويخدم أمن واستقرار البلدين.
حموشي في الرياض
من جهة أخرى شارك عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، بصفته عضوا في المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في أشغال الدورة الخمسين للاجتماع السنوي للمجلس الأعلى للجامعة، وفي الحفل الرسمي لتخرج الدفعة 42 لطالبات وطلبة الدراسات العليا لهذه المؤسسة، والتي تحتضنها العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة الممتدة ما بين 12 و14 نوفمبر 2024.
وأوضح بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أن الدورة الحالية للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (الهيئة التقريرية السامية) تميزت باعتماد الخطة الاستراتيجية الجديدة للجامعة 2025-2029 لتطوير البيئة التعليمية والبحث العلمي لمواجهات التحديات الأمنية الجديدة.
كما تميزت بتقييم الاستراتيجية المرحلية السابقة للتكوين برسم الفترة 2019-2023، حيث تم استعراض جهود الجامعة وكلياتها المتخصصة ومعاهدها الأكاديمية في ميدان البحث العلمي في مجالات الذكاء الاصطناعي والجرائم السيبرانية والأدلة الجنائية والقيادة والتخطيط وإدارة الأزمات، علاوة على المساعدة في صناعة القرارات داخل المؤسسات الأمنية والشرطية.
وحضر المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني فعاليات الحفل الختامي الذي أشرف عليه وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، وأعضاء المجلس الأعلى للجامعة.
كما شارك حموشي في أنشطة حفل تسليم الشواهد الجامعية للمتخرجين من العديد من الدول العربية، ممن كانوا يتابعون دراساتهم العليا في مختلف الكليات والمعاهد المتخصصة التابعة لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
وإذا كان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد برز ليس فقط لأنه قاد حزب الأصالة والمعاصرة وإنما أيضا لدوره في وزارة العدل والجدل الدائر حول مدونة الأسرة، فإن عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لإدارة الأمن الوطني ومدير جهاز المخابرات المغربية، أصبح من الأسماء اللافتة ليس فقط في الإعلام المغربي المحلي، وإنما في عدد من المؤسسات الأمنية الدولية.
يقول الأستاذ الجامعي المغربي الدكتور نورالدين لشهب في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، في تفسير البروز اللافت للحموشي في السنوات الأخيرة: "يبدو لي أن الأدوار التي بات يلعبها عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لإدارة الأمن الوطني، على صعيد الدبلوماسية الأمنية وظهوره اللافت خلال السنوات الأخيرة في عدد من الدول الأوروبية والعربية وعقد شراكات واتفاقيات في التعاون الأمني على الصعيد الدولي، إنما يعود إلى طبيعة مكانة الرجل المميزة التي اكتسبها بعد سنوات من العمل والجدية والالتزام والتفاني في خدمة المصالح العليا للمملكة، ما مكنه من أن يحظى بثقة كبيرة لأعلى سلطة بالبلاد، وهو ما شجعه على الإبداع والتميز في مجال الديبلوماسية الأمنية".
وأرجع لشهب الاهتمام العربي والدولي بالحموشي إلى كفاءته الأمنية، وقال: "أعتبر أن الزيارات المتكررة التي يقوم بها الحموشي لعدد من الدول الغربية والعربية، ناهيك عن التتويج بالأوسمة، مرده الاحترام الملحوظ الذي تتعامل به دول العالم معه والتي لا تخضع لمنطق العاطفة، بل لأن الرجل أبان عن جدية وكفاءة، وكسب الاحترام عن طريق العمل الجاد والمهنية العالية والتميز في مجال ادارة الأزمات الأمنية، وكذلك بالنظر إلى الحصيلة المميزة في مجالات محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب والتسيير المثالي للقطاعات الأمنية من خلال الحرص على جودة المعدات والبنايات".
وتابع: "أضف إلى هذا أن المرحلة التي تولى فيها الحموشي إدارة الأمن الوطني، يرى الكثير من الملاحظين أن إدارة الأمن الوطني في عهده تتبنى مقاربة أكثر نضجا، حيث اعتمد الأمن الوطني المغربي ومخابراته الوقاية الشمولية عبر الخطط الاستباقية لرصد كل العمليات المتوقعة وإحباطها في مهدها بدول إقامة الإرهابيين، ما أعطى للمغرب والمخابرات المغربية قوة أمنية مكنته من الاطلاع الفوري على الارتباطات الإرهابية الخارجية ومساعدة عدد من الدول على رصد الإرهاب والإرهابيين كان من ثمارها تتويج الأمن الوطني ومديره بأوسمة دولية من قادة أوروبا وأمريكا اعترافا بالاستحقاق ومبادرات الدول سعيا إلى اتفاقيات أمنية مع المغرب".
وأشار لشهب إلى "أن التمثيل الدبلوماسي على الصعيد الأمني، والذي أصبح الحموشي يقوده في السنوات الأخيرة، يستفيد منه المغرب والدول الأجنبية على حد سواء، ومنها الدول الشقيقة مثل دولة قطر، حيث كانت الاستفادة في حماية وأمن مونديال 2022 بقطر".
وأكد لشهب "أن الأمن المغربي كان سباقا في حماية رؤساء العديد من الدول ومصالحها، وحماية شخصيات ما فئت تزور المغرب وتشعر بالأمن، حيث احتضن المغرب كثيرا من التظاهرات والمؤتمرات السياسية والرياضية وكان الجميع يشعر بالأمن، ونذكر على سبيل المثال أن المغرب سبق وأن احتضن مؤتمرا للفصائل الفلسطينية بالمغرب، وكانت شخصيات محسوبة على المقاومة الفلسطينية تزور المغرب وتحضر الملتقيات والمؤتمرات، ومن بينها قيادات في حماس مثل خالد مشعل وإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران مؤخرا".
وأضاف: "إن الدبلوماسية الأمنية التي يقودها الحموشي اليوم، هي تتويج للعمل الجاد والمميز، حيث قاد الرجل القطاعات الأمنية باقتدار من خلال محاربة ظاهرة الإرهاب العابر للحدود إذ تم تفكيك الكثير من الخلايا داخل المغرب، وهو ما جعل خبرة الأجهزة الأمنية بالمغرب مطلوبة من قبل مجموعة من الدول المتقدمة والتي لها باع طويل في الخبرة الأمنية، إضافة إلى ذلك أنه بعد الأحداث الإرهابية المأساوية التي ضربت مدينة الدار البيضاء عام 2003، وما تلاها من أحداث إرهابية أخرى كان الرجل حاضرا من خلال عمله الميداني لأنه متخصص في الموضوع".
ولفت لشهب الانتباه إلى "أن الأمن أصبح مرتبطا بالاقتصاد، لأن الرأسمال جبان كما يقال، فإن هذه الدبلوماسية الأمنية تلعب دورا مهما في جلب الاستثمار الخارجي، لأن الأمن يجذب الاستثمار ويفتح آفاق العلاقات الدولية، وأفاق المغرب من هذه العلاقات جاءت في فترة سيادة الأمن المغربي التي هي سيادة الاستقرار الجاذب للاستثمارات الدولية النوعية التي تمنح الاستقرار المغرب".
وحول مكانته داخل المغرب قال لشهب: "إن الدور الدبلوماسي الذي يقوم به الحموشي، اليوم، جاء تتويجا لكفاءته الملحوظة في إدارة الأمن الوطني التي أصبحت أكثر تواصلا على الصعيد الداخلي والخارجي في علاقتها بالمواطن المغربي، فالجميع يلاحظ أن إدارة الأمن الوطني على عهد الحموشي أصبحت تتواصل كثيرا من خلال بلاغات وبيانات مع القضايا التي يطرحها المواطن على الصعيد الوطني".
وأضاف: "إن الحموشي، وبشهادة الكثير من رجال الأمن، فهو حريص على محاربة الفساد المالي والجنائي داخل الإدارات الأمنية، ولا يتردد في التصدي لأي خرق أخلاقي يمس بشرف المهنة".
وانتهى لشهب إلى القول في أسباب بروز اسم الحموشي في الإعلام المحلي والدوائر الدولية: "إن الدور الذي يلعبه الحموشي اليوم على صعيد ما يمكن أن نسميه بــ"الدبلوماسية الأمنية" جاء نتيجة عمل جاد وصعب ينم عن احترافية في تطوير إدارة الأمن الوطني، وبناء علاقات تواصلية مع المواطن ومع وسائل الاعلام باحترافية وحرص شخصي على تحدي كل الصعوبات والعقبات، وهو ما جعله مؤهلا كي يلعب دورا آخر من خلال الدبلوماسية الأمنية التي أصبحت ركيزة أساسية ومهمة للتعاون الدولي وعنصرا فعالا لجلب الاستثمار والتنمية في بعدها الشامل"، وفق قوله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العلاقات المغربية السعودية المغرب السعودية علاقات امن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدبلوماسیة الأمنیة إدارة الأمن الوطنی مکافحة الجریمة هذه الاتفاقیات وزیر الداخلیة المدیر العام عبد اللطیف على الصعید من الدول من خلال عدد من
إقرأ أيضاً:
عُمان وبيلاروس تعززان التعاون الاقتصادي.. خارطة طريق جديدة للشراكة التجارية والاستثمارية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت سلطنة عمان وجمهورية بيلاروس عزمهما على تطوير شراكتهما الاقتصادية وتعزيز التعاون في قطاعات حيوية تشمل الطاقة النظيفة، السياحة، التكنولوجيا، النقل، الخدمات اللوجستية، والصناعة، بهدف تحقيق المصالح المشتركة للبلدين.
وأوضح السفير سيرجي تيريانتيف، سفير جمهورية بيلاروس المعتمد لدى سلطنة عمان، أن الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو لعمان كانت مثمرة ومهمة، مشيرًا إلى أن السلطنة يمكن أن تصبح مركزًا إقليميًا للمنتجات البيلاروسية والمشروعات المشتركة مع شركاء عالميين.
وأضاف السفير أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم تصل بعد إلى مستوى الطموحات على الرغم من المزايا التنافسية التي يتمتع بها الجانبان.
وأكد أهمية الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، مثل نقل التكنولوجيا من بيلاروس إلى عمان، وإنشاء مصانع ومشروعات مشتركة، بالإضافة إلى تعزيز مجال النقل والخدمات اللوجستية عبر الموقع الاستراتيجي للسلطنة.
كما أشار إلى خطط بيلاروس لإطلاق رحلات طيران عارض إلى السلطنة لتعزيز السياحة الثنائية، ودعا القطاع الخاص العُماني للاستثمار في بيلاروس، خصوصًا في المجالات التقنية، معربًا عن تطلع بلاده لجلب استثمارات صناعية وتكنولوجية إلى السلطنة.
وخلال زيارة الرئيس البيلاروسي، تم التوقيع على خارطة طريق للتعاون الزراعي بين البلدين، ما يتيح فرصًا جديدة للقطاع الخاص في مجالات الأمن الغذائي ونقل التكنولوجيا الزراعية. كما تضمنت الاتفاقيات مذكرات تعاون في مجالات الصناعة والتقييس، بما يسهم في تسهيل حركة البضائع والخدمات عبر الاعتراف المشترك بالمعايير وضبط الجودة.
وفي خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية، أعلن الجانبان عن إنشاء لجنة عُمانية بيلاروسية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص في البلدين.