تغذي الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الصين، توترات اجتماعية تزيد من احتمال ارتكاب الناس جرائم أكثر عنفاً نتيجة الغضب أو اليأس، بحسب محللين، بعدما شهدت البلاد المجزرة الأكثر دموية منذ عقد.

وشهدت الصين سلسلة هجمات عنيفة هذا العام، شكّلت تحدياً لسمعة بكين التي تفتخر بالنظام العام لديها، ودفعت مستخدمي الإنترنت إلى طرح تساؤلات بشأن وضع المجتمع.

ودهس رجل الإثنين الماضي، حشوداً عند مجمّع رياضي في مدينة جوهاي (جنوب)، ما أسفر عن مقتل 35 شخصاً وإصابة 43 بجروح، بحسب أرقام رسمية.

وجاء ذلك بعد سلسلة جرائم مشابهة في وقت تحاول الصين جاهدة، إنعاش النمو الاقتصادي وإيجاد فرض العمل وتعزيز الثقة، منذ رفعت قيود كوفيد المشددة أواخر العام 2022.

China battles rare wave of violent crime as economic woes bite https://t.co/4zcDseAsOv

— The Straits Times (@straits_times) November 14, 2024

وقالت الأستاذة المساعدة في الدراسات السياسية لدى "كلية بيتزر"، في الولايات المتحدة هانجانغ ليو إن: "سلسلة الهجمات العنيفة الأخيرة في الصين، هي انعكاس لظروفها الاجتماعية والاقتصادية الكلية المتدهورة".

وأفادت "رغم أن هذه الحوادث متفرقة بطبيعتها، فإن الوتيرة المتزايدة لوقوعها تشير إلى أن عدداً أكبر من الأشخاص في الصين، يعانون صعوبات وحالة يأس لم يسبق أن شهدوها".

وتضاعفت المؤشرات على الأزمة الاقتصادية في الصين في السنوات الأخيرة، انطلاقاً من هروب رؤوس الأموال مروراً بالهجرة ووصولاً إلى ازدياد البطالة والغضب، حيال ارتفاع كلفة السكن ورعاية الأطفال، إضافة إلى الثقافة المنتشرة في أوساط الشباب التي تمجّد التوقعات المحدودة، وترفض المبالغة في السعي للعمل بكد لجني المال.

وتوضح أستاذة السياسة الصينية في جامعة تورونتو في كندا، والباحثة لدى منظمة "مجتمع آسيا" لينيت أونغ، أن الهجمات العنيفة هي "الجانب السلبي للعملة ذاتها".

وقالت: "هذه أعراض مجتمع لديه شكاوى مكبوتة". وأضافت أن "بعض الناس يلجأون إلى الاستسلام. وهناك آخرون يسعون للانتقام عندما يشعرون بالغضب"، وأوضحت أن "المشكلة جديدة إلى حد كبير بالنسبة إلى الصين"، مشيرة إلى أن البلاد تتجّه على ما يبدو "نحو نوع مختلف من المجتمع، مجتمع أكثر قباحة".

تهديدات جديدة 

وأفادت الشرطة، بأن التحقيقات الأولية تظهر أن مرتكب عملية الدهس، الإثنين، كان رجلاً يبلغ 62 عاماً ويشعر بـ"عدم الرضا" عن تسوية للطلاق.

وفي حالات أخرى، استخدم رجل في منتصف العمر سكيناً وسلاحاً نارياً لقتل 21 شخصاً على الأقل في مقاطعة شاندونغ في فبراير (شباط) الماضي، وصدم رجل يبلغ 55 عاماً حشداً بسيارة في مدينة تشانغشا (وسط) في يوليو (تموز) الماضي، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص، بعد نزاع على أملاك.

وجرح رجل يبلغ 50 عاماً، 5 أشخاص في عملية طعن في مدرسة في بكين الشهر الماضي. وقتل آخر يبلغ 37 عاماً، 3 أشخاص في عملية طعن وجرح 15 في متجر تسوق في شنغهاي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقتل رجل عاطل عن العمل يبلغ 44 عاماً، تلميذاً يابانياً في شنجن في عملية طعن خلال الشهر ذاته.

وفي بعض الحالات، ما زالت الدوافع غير واضحة أو لم يُكشف عنها، بينما عرقلت التغطية الإعلامية الضئيلة والرقابة الواسعة المفروضة على الإنترنت فهم الجذور الاجتماعية المحتملة للمشكلة. لكن الهجمات كشفت حدود نظام كاميرات المراقبة على مستوى البلاد، والرقابة المعتمدة على البيانات التي تجتث التهديدات للأمن العام.

وقالت أستاذة العلوم السياسية المساعدة لدى جامعة كلارك في الولايات المتحدة، سوزان سكوغينز إن "الهجمات الأخيرة تظهر أنه لا توجد دولة بوليسية ترى وتعرف كل شيء".

وقال الأستاذ في "كلية كليرمونت" في كاليفورنيا مينشين بي، إن "النظام جيد جداً في مراقبة التهديدات المعروفة، لكنّ أداءه في التعامل مع التهديدات غير المحدودة وغير المعروفة مسبقاً يعد رديئاً". وأفاد بي الذي ألّف كتاباً عن الرقابة في الصين بعنوان "The Sentinel State"، بأن "الرجل الذي قتل هذا العدد الكبير من الناس في جوهاي لم يكن على الأرجح معروفاً كمصدر تهديد بالنسبة إلى الشرطة".

سرية 

ودعا الرئيس شي جين بينغ، المسؤولين إلى منع "الحالات الحادّة" بعد هجوم الإثنين، بينما كررت وزارة الخارجية الصينية أن القوة الاقتصادية الثانية في العالم، هي من البلدان "الأكثر أماناً".

وبلغ المعدل الرسمي لحالات القتل في الصين العام الماضي 0.46 حالة لكل 100 ألف شخص مقارنة بـ 5.7 في الولايات المتحدة. ومع ذلك، سارعت السلطات إلى منع أي إحياء لحادثة جوهاي فمنعت أي تجمعات عامة لتكريم الضحايا وحظرت مناقشة ما حدث على الإنترنت.

وأفاد محللون بأن الرقابة كانت رد فعل الدولة لمنع وقوع أعمال عنف مشابهة ومنع الإحراج الرسمي. وقال مدير SOAS China Institute في لندن إن "أسلوب العمل التلقائي للدولة الصينية يعتمد على السرية".

ومن جانبها، وصفت ليو من "كلية بيتزر" العنف بأنه "تحد شائك" بالنسبة إلى بكين في وقت تسعى للتعامل مع التباطؤ الاقتصادي. وقالت: "إن الصين تستجيب عادة لعدم الاستقرار الاجتماعي عبر تعزيز الأمن العام وأنظمة الرقابة". لكن في وقت تواجه الحكومة "صعوبات مالية غير مسبوقة"، فمن شأن ذلك أن يضغط أكثر على الخزينة العامة التي تعاني أساساً، بحسب ليو.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الصين النمو الاقتصادي الصين الاقتصاد فی الصین

إقرأ أيضاً:

العدل: 1,4 مليون عملية عبر ”كتابة العدل الافتراضية“ في 2024 بنمو 60%

كشفت وزارة العدل عن تحقيق خدمة ”كتابة العدل الافتراضية“ قفزة نوعية في حجم العمليات المنجزة خلال العام الماضي 2024، حيث تجاوز إجمالي عدد العمليات التوثيقية التي أجريت عبر الخدمة من خلال منصة الوزارة للخدمات الإلكترونية ”ناجز“ أكثر من 1,4 مليون عملية.
وأوضحت الوزارة أن هذا الرقم يمثل نسبة نمو لافتة بلغت 60% مقارنة بإجمالي العمليات التي تمت خلال العام 2023، مما يعكس الإقبال المتزايد من المستفيدين على الخدمة التي عززت بشكل كبير جودة الخدمات المقدمة وسهولة الحصول على جميع أنواع التوثيقات عن بعد دون الحاجة لمراجعة المقرات العدلية.
أخبار متعلقة إدارات التعليم تؤكد على الانضباط المدرسي واستكمال المناهجاقتلاع أشجار وقطع مسيجات.. ضبط 8 أشخاص لمخالفتهم نظام البيئةوتصدر مسار ”الحالات الاجتماعية“ قائمة الخدمات الأكثر استخداماً خلال 2024 بأكثر من 500 ألف عملية توثيق، تلاه مسار ”عقود الزواج“ بأكثر من 260 ألف عملية، ثم مسار ”العقارات“ الذي سجل أكثر من 220 ألف عملية، فيما بلغ مسار ”الوكالات والإقرارات“ أكثر من 110 آلاف عملية توثيق خلال نفس العام.
منهجية إلكترونية موحدة
وتعمل خدمة ”كتابة العدل الافتراضية“ وفق منهجية إلكترونية موحدة تضمن معالجة التحديات السابقة وتعزيز حوكمة كافة الإجراءات، مما يمكن الأفراد والمنشآت من الاستفادة من خدمات التوثيق المتنوعة التي تشمل الوكالات، والإقرارات، والعقارات، والحالات الاجتماعية، بسهولة ويسر عبر القنوات الرقمية المتاحة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، الأمر الذي يختصر عليهم الكثير من الوقت والجهد.
ويمكن للمستفيدين الاستفادة من خدمة كتابة العدل الافتراضية عبر منصة ”ناجز“ بخطوات رقمية بالكامل، تبدأ بتسجيل الدخول عبر النفاذ الوطني الموحد، ثم اختيار ”خدمات التوثيق“ من الواجهة الرئيسية، ومنها اختيار ”كتابة العدل الافتراضية“.
ويقوم المستفيد بتعبئة النموذج التوثيقي المطلوب وإرساله ليتم تدقيقه من قبل فريق مختص بالوزارة. وتكتمل العملية بمصادقة الأطراف المعنية على النموذج عبر رمز التحقق المرسل من خلال نظام ”أبشر“، لتصدر بعدها الوثائق المطلوبة بشكل رقمي آمن وموثوق.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية: 18 مليار جنيه حجم نشاط التأمين في مصر خلال يناير الماضي
  • الإحصاء: 2.9 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا خلال العام الماضي
  • اجتماع وزاري غير دوري بالجامعة العربيةلمناقشة الملفات الاقتصادية والاجتماعية
  • العدل: 1,4 مليون عملية عبر ”كتابة العدل الافتراضية“ في 2024 بنمو 60%
  • مديرية الإعلام في حلب لـ سانا: لا صحة للأنباء التي تتحدث عن توقف عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن بحلب وقوات سوريا الديمقراطية.
  • أفغانستان.. 500 قتيل بانفجارات ألغام أرضية العام الماضي
  • مديرية الإعلام في حلب تبحث سبل تذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه الإعلاميين
  • الاستجابة لـ221 شكوى وطلبًا بالشرقية خلال شهر مارس الماضي
  • ما أسباب نقص الغاز في إيران خلال العام الماضي؟
  • تركيا تفتح تحقيقاً في دعوات المقاطعة الاقتصادية عقب اعتقال أوغلو