قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن للطعام آداب تهذب النفس وتشير إلى صلاح المتأدب بها وإلى فساد المتخلي عنها، فمن آداب الطعام أن تتوسط درجة حرارته، فلا يكون شديد السخونة ولا شديد البرودة، وأن يأكل الإنسان مما يليه، ولا يملأ بطنه بالطعام، فيترك للنفس والشراب مكانًا.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن من آدابه أن يحسن الإنسان مذاقه، فنتقي الأطيب والأزكى وقد أشار القرآن الكريم إلى مثالين لتأكيد ذلك المعنى، الأول للعصاة المعاندين لرسولهم، فقال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى بَالَّذِى هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ)  فكان من أخلاقهم أنهم تخيروا الطعام الأقل في الجودة والمذاق والقيمة الغذائية على الطعام الأفضل، بما يشير إلى علاقة بين سوء فهمهم للطعام وتذوقه، وبين عصيانهم وعنادهم ومشغابتهم التي وسموا بها عبر القرون، بما يجعلنا نؤكد على أن للطعام أثر في هذا الكون، في تصرفات الإنسان، وفي الاستجابة لأوامر الله، وفي وضعه الاجتماعي والكوني، وقد فجمع القرآن -في آية واحدة- بين سوء ذوقهم وفهمهم بتخير الطعام الأخس على الأعلى، وبين كبير جرمهم مع الله بقتل أنبيائه، حيث عقب ذلك بقوله تعالى : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) .

أما المثال الثاني فكان للصالحين وهم أهل الكهف، قال تعالى : (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) فهؤلاء الصالحين اهتموا أن يكون الطعام زكيًا طيبًا، بل أزكى الأطعمة التي يمكن أن تشترى بهذه القيمة ، فكان من الممكن أن تكون طول فترة النوم سببًا في عدم الاهتمام بتخير الطعام الأزكى، وكانت شدة الجوع مبررًا لهم لأكل أي شيء دون تميز، إلا أنهم أثبتوا أن أخلاقهم عالية مهذبة، ومن أسباب هذا العلو وذلك التهذيب تخيرهم للطعام الأزكى، فكانوا يتخيرون إذا تحدثوا من الكلام أزكاه، رضي الله عنهم، ونفعنا بهم وبسيرتهم في الدنيا والآخرة.

وفي ذلك كله إشارة لما في الطعام الزكي الطيب من آثار أخلاقية وسلوكية إيجابية تترتب عليه، كما أن الطعام الذي يأتي من الغصب والسرق، وكذلك لا يكون طيبًا في نفسه وفي مذاقه له من الآثار السلبية على خلق صاحبه وسلوكه. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: آداب الطعام علي جمعة

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: يمكن لأي مسلم أن يحيي معاني الحج في قلبه

أكد الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الاستعداد الروحي هو أساس نيل البركة والرحمة في هذا الموسم المبارك، موضحا: "على قدر الاستعداد يأتي الإمداد، ولذا فإن التقوى هي ثمرة الحج كما هي ثمرة الصيام، وهو الهدف الأسمى من كل عبادة".

استعدادا لموسم الحج.. السعودية تقرر إيقاف تأشيرات الترانزيت لبعض الدولهل زيارة قبر النبي من تمام العمرة والحج؟.. دار الإفتاء تجيب

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية،خلال تصريح اليوم الثلاثاء، أن الله تعالى عندما فرض فريضة الصيام على المسلمين، قال في كتابه الكريم: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، مشيرًا إلى أن التقوى هي النتيجة المرجوة من الصيام، وتلك هي نفس النية التي يجب أن نعمل بها في الحج.

وأضاف: "كما أن التقوى هي ثمرة الصيام، فهي أيضًا ثمرة الحج، كما جاء في قوله تعالى: "فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِي يَا أُو۟لِي الْأَلْبَابِ" (البقرة: 197).

وتابع: "إن هذا الموسم هو موسم تزكية للنفس، لذلك يجب على المسلم أن يتحلى بالصبر والتحكم في النفس، وأن يبتعد عن الأفعال التي تضعف من قدره الروحي، مثل الغضب أو الشهوات أو الجدل"، موضحا أن الإسلام أمر المسلمين بتجنب الفسوق والجدال في الحج، وأن من يظلم أو يفسد في الحرم يواجه عذابًا أليمًا.

وأشار إلى أهمية "التزود" خلال هذا الموسم العظيم، مشيرًا إلى أن أفضل زاد هو التقوى، وذكر أن من أعظم الأعمال التي تعين المسلم على التزكية هي العطاء والصدقة، وأن النية الطيبة والعمل الصالح يمكن أن يكون بمثابة "الزاد" في طريقنا إلى الله، وكلما أدركنا قيمة هذه الأيام المباركة، وكلما سعينا للاستفادة منها، كلما وفقنا الله تعالى وزكّانا وزادنا في قربه.

وأشار إلى أن الحج ليس مقتصرًا على من ذهب إلى مكة فقط، بل يمكن لأي مسلم أن يحيي معاني الحج في قلبه، وأن يسعى إلى التقوى في حياته اليومية، حيث قال: "من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا".

وأكد الدكتور وسام أن العيد يأتي بعد مجاهدة للنفس، وبعد ممارسة حقيقية للعبادة، ولهذا يسميه النبي صلى الله عليه وسلم "يوم الجائزة"، حيث يجزي الله عباده على ما قدموه من جهد في سبيله، مضيفا: "سواء ذهبنا بأجسادنا إلى المناسك أو بقينا في أماكننا، فإننا نعيش معاني الحج ونعمل على تهذيب أنفسنا، فتجد الله قريبًا منا".

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: يمكن لأي مسلم أن يحيي معاني الحج في قلبه
  • المواطنة العادلة في الإسلام.. تشريع إلهي يسبق مواثيق العصر الحديث
  • تحفيز الشباب على السعي بالتوكل وليس بالتواكل
  • مفاهيم إسلامية: الصراط المستقيم
  • حكم من سها في الصلاة ونسي سجود السهو .. علي جمعة يوضح
  • طاعات بعد رمضان.. عبادات احرص عليها في هذه الأيام
  • ماذا نقول في سجود الشكر؟.. إليك طريقة أدائها وفضلها
  • والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية في ذمّة الله
  • أمين الفتوى: النقاب من العادات والحجاب واجب على المرأة شرعا
  • علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى