سودانايل:
2025-02-07@10:23:36 GMT

الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟

تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT

بروفيسور حسن بشير محمد نور

من الصعب علي أي انسان عاقل مهما كان تقاؤله ان يري نهاية قريبة للمأساة الجارية في السودان، وامكانية وقف الحرب ووصول حكم رشيد يتمكن من تحقيق شروط اعادة الاعمار ومعالجة المشاكل المركبة العميقة التي خلفتها الحرب. جميع المؤشرات تدل علي ان الوضع الداخلي والخارجي والمواقف حول ما يجري في السودان لا تسير في اتجاه ايجاد حل ناجع وسريع لمثل هذه المشكلة، التي هي اكثر تعقيدا مما حدث في العديد من دول الاقليم التي لم تجد الحل حتي الان رغم مضي عقود علي حدوثها.


بالرغم من كل ذلك لابد من تسليط الضؤ علي المشاكل التي يعاني منها السودان والتي تشكل تحديا مستقبليا لانسانه ومنها مشكلة البطالة التي تعتبر أزمة قومية مستعصية حتي فبل الحرب.
تعتبر هذه الأزمة معقدة ولا يمكن معالجتها بجهود داخلية فحسب، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها السودان نتيجة الحرب. يمكن للمجتمع الدولي وأصدقاء السودان من الدول المانحة والمنظمات غير الحكومية تقديم مساهمات فعالة للتخفيف من حدة البطالة، في حالة وصول حكومة تجد القبول الداخلي والخارجي الذي يضمن الاستقرار المناسب، الذي يمكن من تنفيذ برنامج انتقالي لتجاوز اثار وتداعيات الحرب المدمرة، كما ان هذا يعتمد ايضا علي (متي سيحدث ذلك؟). عندها يمكن معالجة تلك المشكلة من خلال برنامج يشتمل علي:
1. دعم الاستقرار السياسي والأمني: قبل كل شيء لابد من تكثيف الجهود الوطنية والدولية والعمل علي استقطاب المساعدة في الوصول إلى حلول سلمية للنزاع، حيث إن الاستقرار يعتبر شرطًا أساسيًا لإعادة الاعمار ومن ثم تدوير عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات.
2. يأتي بعد ذلك تقديم برامج تدريب وتأهيل للخريجين والمهنيين: من خلال التعاون مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات السودانية، ويمكن للمجتمع الدولي دعم برامج تدريب وتطوير المهارات. توفر هذه البرامج فرص تدريبية على تقنيات حديثة ومجالات مطلوبة عالميًا مما يرفع القدرات الفردية والمؤسسية ويعزز فرص العمل محلياً وخارجياً.
3. يمكن الاستقرار من استقطاب الاستثمار الأجنبي، الذي لا غناء عنه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المهمة لما بعد الحرب. يمكن لأصدقاء السودان والمنظمات الدولية تقديم الدعم المالي والتقني للمؤسسات العامة ولرجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تسهيلات تمويلية ومنح، ما يساعد في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
4. إعادة تأهيل البنية التحتية: تحتاج هذه المهمة لتوظيف رؤوس اموال وقدرات بشرية ومادية وتقنية هائلة لا تتوفر للسودان في مرحلة اعادة الاعمار. بالضرورة لابد من دعم جهود إعادة بناء البنية التحتية الأساسية كالكهرباء، والمياه، والطرق والجسور وتأهيل المواني البحرية والبرية والمطارات، والخدمات الاجتماعية، مما يساهم في تحسين بيئة العمل، ويتيح للمؤسسات القائمة فرصًا أكبر للعودة للعمل أو توسيع نشاطها مجددًا.
5. مساعدة الشركات المتضررة: من خلال تقديم الدعم المالي والفني للشركات المتضررة أو التي اضطرت للتوقف عن العمل بسبب الحرب، يمكن أن يتم عبر آليات الإقراض الميسر والمساعدات المباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العصب الأساسي لتشغيل العمالة.
6. إطلاق برامج للريادة الاجتماعية: يمكن لمنظمات المجتمع المدني ودول ومنظمات الدعم أن تشجع وتدعم الشباب ورواد الأعمال الجدد لتطوير مشاريع مبتكرة تهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية واقتصادية، وتتيح الفرصة لهم لتوظيف قدراتهم وحل مشاكل المجتمع من خلال مشاريع مدرة للدخل.
7. بالضرورة بالطبع رفع قدرات المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الاقراض التي لا غناء عنها للنشاط الاقتصادي الداعم للعمالة.
هذه خطوط عريضة يمكن ان تطور لبرامج خاصة بالجهات المسؤولة عن اعادة الاعمار وتأهيل البنيات التحتية والمختصة بالعمل، في حالة نجحت الجهود في ايقاف الحرب وتحقيق الاستقرار المطلوب ووضع اساس لحكم رشيد.
إن أزمة البطالة في السودان بعد الحرب ستكون علي درجة كبيرة من الحدة والتعقيد، مما يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية للتخفيف من حدتها، خاصة مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي ستواجه البلاد خلال فترة اعادة الاعمار. لا يمكن للاقتصاد السوداني أن يتعافى دون استقرار سياسي وأمني، بالإضافة إلى الدعم المالي والفني من أصدقاء السودان والمنظمات الدولية بما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية للبلاد. كما أن الاستثمار في الشباب وتدريب الخريجين الجدد على المهارات المطلوبة في سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة المستعصية ويفتح أفقًا أفضل للتنمية المستدامة في سودان ما بعد الحرب.

mnhassanb8@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: اعادة الاعمار فی السودان من خلال

إقرأ أيضاً:

مركز أوروبي: تزايد العنف الجنسي وزواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار في اليمن

كشف المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) عن تزايد العنف الجنسي وزواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار في اليمن.

 

وقالت المركز في بيان لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن البلد الذي دمرته سنوات من الصراع، يواجه أزمة إنسانية كارثية، حيث تتحمل الفئات الأكثر ضعفًا - وخاصة النساء والأطفال - العبء الأكبر.

 

وأضاف "من بين الآثار الأكثر إيلامًا لعدم الاستقرار المستمر ارتفاع معدلات العنف الجنسي وزواج الأطفال. لا تعكس هذه القضايا المزعجة للغاية المعاناة الواسعة النطاق الناجمة عن الحرب فحسب، بل إنها تؤدي أيضًا إلى تفاقم التحديات الطويلة الأجل لإعادة بناء مجتمع تمزقه الحرب.

 

وتابع "منذ عام 2014، تورطت اليمن في حرب وحشية، شاركت فيها قوى خارجية، مما أدى إلى دمار واسع النطاق. أدت الحرب إلى انهيار البنية الأساسية، وتعطيل أنظمة التعليم، وتدمير خدمات الرعاية الصحية، مما ترك الملايين من اليمنيين مشردين وفي حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية".

 

مع تدهور الوضع، حسب التقرير- عانت الفئات الأكثر ضعفًا - النساء والأطفال - بشكل غير متناسب. في هذه البيئة غير المستقرة، تم تقويض حقوق وحماية هذه الفئات بشدة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات العنف الجنسي وزواج الأطفال.

 

وحسب المركز الأوروبي فإن زواج الأطفال يعد أحد أكثر العواقب المأساوية للصراع المستمر في اليمن، والذي تفاقم بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش في البلاد.

 

وقال "كان لدى اليمن أحد أعلى معدلات زواج الأطفال على مستوى العالم حتى قبل بدء الحرب، حيث تزوجت ما يقرب من واحدة من كل ثلاث فتيات قبل سن 18 عامًا. ومع ذلك، تصاعدت الأزمة منذ الصراع، حيث دفعت الفقر وانعدام الأمن والنزوح الأسر إلى تزويج بناتها في أعمار أصغر".

 

وفقًا لمنظمة Girls Not Brides، فإن انتشار زواج الأطفال في اليمن مرتبط بعدد من العوامل، بما في ذلك الأعراف الثقافية المتجذرة والفقر والآن الحرب. تتجه الأسر، في محاولة للبقاء على قيد الحياة أو حماية بناتها، بشكل متزايد إلى الزواج المبكر، غالبًا كوسيلة لتأمين المهور أو ضمان سلامة بناتهم في بيئة غير مستقرة.

 

ويرى أن عواقب هذه الزيجات وخيمة. وتواجه الفتيات الصغيرات اللاتي يتعرضن لزواج الأطفال مخاطر صحية مثل الحمل المبكر، والذي قد يؤدي إلى مضاعفات أثناء الولادة، وكثيراً ما يقعن في فخ علاقات مسيئة. كما تحرمهن هذه الممارسة من التعليم، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والحد من فرصهن المستقبلية.

 

وكما أبرز تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن حالة أم تبلغ من العمر 16 عاماً في اليمن تشكل مثالاً مدمراً لكيفية دفع الحرب للعديد من الفتيات إلى زواج الأطفال في سن مبكرة. وبالنسبة للعديد من الفتيات في اليمن، فإن الزواج ليس خياراً - بل هو آلية للبقاء تمليها الحقائق الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهنها.

 

وأكد المركز أن العنف الجنسي في اليمن أصبح نتيجة للصراع المستمر وأداة للحرب. وقال إن انهيار القانون والنظام، أدى إلى جانب الافتقار إلى الوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى زيادة العنف الجنسي، وخاصة ضد النساء والفتيات.

 

وكما ورد في تقرير صادر عن المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن العنف الجنسي يستخدم في كثير من الأحيان كسلاح من قبل الفصائل المتحاربة لإرهاب المجتمعات، وتعطيل التماسك الاجتماعي، والسيطرة على السكان.

 

وأشار إلى أن النساء والفتيات، اللاتي يواجهن بالفعل وطأة العنف، يقعن في كثير من الأحيان ضحايا للاغتصاب والعبودية الجنسية وأشكال أخرى من الإساءة. وفي كثير من الحالات، تُترَك الناجيات من العنف الجنسي دون دعم طبي أو نفسي، حيث انهار نظام الرعاية الصحية في اليمن تحت وطأة الصراع. وعلاوة على ذلك، فإن المحرمات الثقافية والافتقار إلى الحماية القانونية تجعل من الصعب على الناجيات السعي إلى العدالة أو حتى الإبلاغ عن إساءة معاملتهن.

 

وأوضح التقرير أن عواقب العنف الجنسي عميقة، وغالبًا ما تؤدي إلى صدمة جسدية ونفسية دائمة للناجيات، فضلاً عن انهيار ثقة المجتمع وقدرته على الصمود. وفي اليمن، حيث سيادة القانون ضعيفة، يظل العديد من الجناة دون عقاب، مما يؤدي إلى استمرار دورات العنف.

 

وأفاد أن ارتفاع حالات زواج الأطفال والعنف الجنسي ليس مجرد أزمة إنسانية؛ بل إنه يمثل تهديدًا طويل الأمد لاستقرار اليمن وتطورها في المستقبل.

 

ودعا المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) المنظمات الإنسانية والحكومات والهيئات الدولية إعطاء الأولوية لحماية النساء والأطفال في اليمن، ليس فقط من خلال تقديم المساعدات الطارئة ولكن أيضًا الحلول طويلة الأجل التي تعالج الأسباب الجذرية لزواج الأطفال والعنف الجنسي.

 

وقال "لا بد من بذل جهود أكبر لمحاسبة مرتكبي العنف الجنسي. ومع انهيار النظام القضائي في اليمن، أصبح الدعم الدولي ضروريا لضمان حصول الناجين على العدالة ومقاضاة المسؤولين عن الجرائم".

 


مقالات مشابهة

  • السودان يكشف حجم دمار وتخريب في أكبر منشأة لإنتاج وتكرير النفط ويعلن تدخل دولة كبرى لإعادة الاعمار والصيانة “فيديو”
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • هكذا يمكن مواجهة تهجير الفلسطينيين من غزة
  • هنالك تحضيرات من مفسدي الداخل والخارج لتحويل الاعمار الى استعمار
  • القادري لـ سانا: تمكّن عدد كبير من المعلمين من العودة إلى أماكن عملهم التي هُجّروا منها بسبب النظام البائد، وهو ما يوفّر الاستقرار للمدارس في تلك المناطق
  • وزير الخارجية السوداني: نقترب من إنهاء الحرب واستعادة السيادة الكاملة
  • مركز أوروبي: تزايد العنف الجنسي وزواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار في اليمن
  • محمد بن زايد: قيم التعايش والأخوة التي تجسدها جائزة زايد للأخوة الإنسانية سبيلنا لدعم الاستقرار والسلم
  • وزير الخارجية: تغليب الحل السياسي في السودان يحقق الاستقرار والسلام
  • وزير الخارجية: نرحب بانتخاب رئيس للبنان.. وندعو لوقف إطلاق النار في السودان