سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن البنك الدولي بعنوان "المياه الجوفية هي المفتاح لحماية النظم البيئية العالمية" والذي أشار إلى أن المياه الجوفية، التي يشار إليها غالبًا باسم "الذهب الأزرق"، تُعَد من أهم موارد المياه العذبة، حيث أنها تعمل كأصل رأسمالي طبيعي بالغ الأهمية لتلبية احتياجات الإنسان من المياه، نظرًا، لأن المياه الجوفية تمثل ما يقرب من نصف المياه المستخرجة للاستخدام المنزلي في جميع أنحاء العالم وتدعم حوالي 43% من إجمالي الري، وتغذي 38% من الأراضي الزراعية المروية على كوكب الأرض.

 

وأوضح التقرير أن المياه الجوفية تدعم مجموعة واسعة من النظم البيئية الحيوية لسُبل العيش؛ وذلك لأن المياه الجوفية يمكن أن تجعل الحياة تزدهر حتى في أكثر الأماكن جفافًا.

أشار التقرير إلى أن المياه الجوفية توفر ملاذًا آمنًا في أوقات الجفاف، وتعمل كحساب توفير للمياه الذي يمكن أن يدعم النظم البيئية بالرطوبة اللازمة للبقاء، حتى مع تناقص هطول الأمطار. في حين، تتراوح هذه النظم البيئية من ينابيع الصحراء إلى المروج والجداول الجبلية، إلى الأراضي الرطبة والغابات الساحلية. وكثيرًا ما تشكل هذه النظم البيئية نقاطًا محورية للتنوع البيولوجي في مختلف أنحاء العالم، حيث تدعم الأنواع النادرة والمتوطنة. كما تظل هذه النظم البيئية بمثابة شريان حياة أساسي للمجتمعات الريفية، وخاصةً الرعاة، الذين يعتمدون على حيوية هذه النظم البيئية.

وأضاف التقرير أن المياه الجوفية لها قدرة على احتجاز الكربون، مما يجعلها مهمة في مكافحة تغير المناخ. فعلى مستوى العالم، تمتص البحيرات الدائمة، التي تتغذى إلى حد كبير على المياه الجوفية، ما يقرب من 0.33 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يمثل نحو 1% من الانبعاثات العالمية الحالية.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من أهميتها والخدمات التي تقدمها، فإن النظم البيئية المعتمدة على المياه الجوفية تتعرض لضغوط بسبب الاستغلال غير المقيد للمياه الجوفية. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تتفاقم التوترات بشأن المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي بسبب تغير المناخ مما يؤدي إلى توسيع زراعة المحاصيل في الأراضي الرعوية سابقًا.

وفي سياق متصل، فإن استنزاف المياه الجوفية يشكل تهديدًا آخر. وذلك لأن هذه النظم البيئية حساسة للتغيرات الطفيفة في منسوب المياه الجوفية. وفي المناطق التي يؤدي فيها الضخ غير المنضبط من الآبار إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية، فإن النظم البيئية المزدهرة ذات يوم قد تذبل وتموت.

ذكر التقرير أنه على مستوى العالم توجد 53% من النظم البيئية المعتمدة على المياه الجوفية المرسومة على الخرائط في مناطق تظهر اتجاهات متناقصة في منسوب المياه الجوفية، ولكن 21% فقط توجد على أراضٍ محمية أو مناطق بها سياسات لحمايتها.

لفت التقرير إلى إن السياسات التي تشجع على استغلال المياه الجوفية قد تعرض هذه النظم البيئية للخطر عن غير قصد. وتشير التقديرات إلى أن التوسع غير المنضبط في ضخ المياه بالطاقة الشمسية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد يشكل خطرًا على معظم النظم البيئية المعتمدة على المياه الجوفية، وبالتالي على الأشخاص والتنوع البيولوجي الذي يعتمد عليها، لذا يؤكد التقرير على الحاجة إلى إعطاء الأولوية لتطوير مشاريع الري بالطاقة الشمسية بشكل "أكثر دقة" لضمان الاستخدام المستدام لموارد المياه الجوفية والحد من التأثير على النظم البيئية.

أوضح التقرير في ختامه أن الفهم الأفضل للترابطات المتبادلة بين النظم الإيكولوجية المعتمدة على المياه الجوفية، وتغير المناخ، وسبل العيش الريفية، والأمن الغذائي، والاستقرار الاجتماعي كجزء من السياسات المتكاملة والقرارات البرامجية أمرًا ضروريًّا. وأنه مع تكثيف المجتمع العالمي للأنشطة والتمويل لتحقيق أهداف المناخ والتنوع البيولوجي، فمن الأهمية بمكان عدم تجاهل هذه النظم البيئية والاعتراف بالدور المحوري للمياه الجوفية في حمايتها لتحقيق هذه الأهداف العالمية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هذه النظم البیئیة النظم البیئیة ا التقریر أن

إقرأ أيضاً:

مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2

يناير 31, 2025آخر تحديث: يناير 31, 2025

محمد الربيعي

بروفسور ومستشار دولي، جامعة دبلن

تعتبر جامعة كامبردج، بتاريخها العريق الذي يمتد لاكثر من ثمانية قرون منذ تاسيسها عام 1209، منارة للعلم والمعرفة، وصرحا اكاديميا شامخا يلهم الاجيال المتعاقبة. تعد كمبردج رابع اقدم جامعة في العالم، وثاني اقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الانجليزية، حاملة على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وخدمة الانسانية. لم تكن كمبردج مجرد مؤسسة تعليمية عابرة، بل كانت ولا تزال محركا رئيسيا للتطور الفكري والعلمي على مستوى العالم، وشاهدة على تحولات تاريخية هامة، ومخرجة لقادة ومفكرين وعلماء غيروا مجرى التاريخ، امثال اسحاق نيوتن، الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية، وتشارلز داروين، الذي وضع نظرية التطور، والان تورينج، رائد علوم الحاسوب.

تتميز جامعة كمبردج بمكانة علمية رفيعة المستوى، حيث تصنف باستمرار ضمن افضل الجامعات في العالم في جميع التصنيفات العالمية المرموقة، مثل تصنيف شنغهاي. هذا التميز هو نتاج جهود مضنية وابحاث علمية رائدة في مختلف المجالات، من العلوم الطبيعية الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والاحياء، مرورا بفروع الهندسة المختلفة كالهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية، وصولا الى العلوم الانسانية والاجتماعية التي تعنى بدراسة التاريخ والفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية. تضم الجامعة بين جنباتها العديد من المراكز والمعاهد البحثية المتطورة التي تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل معهد كافنديش الشهير للفيزياء. تعرف كمبردج باسهاماتها القيمة في جوائز نوبل، حيث حاز خريجوها على اكثر من 120 جائزة نوبل في مختلف المجالات، مما يعكس المستوى العالي للتعليم والبحث العلمي فيها. من بين الاسهامات الخالدة لجامعة كامبريدج، يبرز اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج للحامض النووي (DNA) على يد جيمس واتسون وفرانسيس كريك عام 1953. هذا الاكتشاف، الذي حاز على جائزة نوبل في الطب عام 1962، غيّر مسار علم الاحياء والطب، وأرسى الاساس لفهم أعمق للوراثة والأمراض، ويعد علامة فارقة في تاريخ العلم.

اضافة الى مكانتها العلمية المرموقة، تتميز جامعة كمبردج ببيئة تعليمية فريدة من نوعها، حيث تتكون من 31 كلية تتمتع باستقلال ذاتي، ولكل منها تاريخها وتقاليدها الخاصة، وهويتها المعمارية المميزة. هذه الكليات توفر بيئة تعليمية متنوعة وغنية، تجمع بين الطلاب من مختلف الخلفيات والثقافات من جميع انحاء العالم، مما يثري تجربة التعلم ويساهم في تكوين شخصية الطالب وتوسيع افاقه. توفر الجامعة ايضا مكتبات ضخمة ومتاحف عالمية المستوى، تعتبر كنوزا حقيقية للطلاب والباحثين، حيث تمكنهم من الوصول الى مصادر غنية للمعرفة والالهام. من بين هذه المكتبات، مكتبة جامعة كمبردج، وهي واحدة من اكبر المكتبات في العالم، وتحتوي على ملايين الكتب والمخطوطات النادرة، بالاضافة الى متاحف مثل متحف فيتزويليام، الذي يضم مجموعات فنية واثرية قيمة، ومتحف علم الاثار والانثروبولوجيا.

يعود تاريخ جامعة كمبردج العريق الى عام 1209، عندما تجمع مجموعة من العلماء في مدينة كمبردج. لم يكن تاسيس كمبردج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لهجرة مجموعة من العلماء والاكاديميين من جامعة اكسفورد، بحثا عن بيئة اكاديمية جديدة. هذا الاصل المشترك بين كمبردج واكسفورد يفسر التشابه الكبير بينهما في العديد من الجوانب، مثل النظام التعليمي والهيكل التنظيمي، والتنافس الودي بينهما، الذي يعرف بـ “سباق القوارب” السنوي الشهير. على مر القرون، شهدت جامعة كمبردج تطورات وتحولات كبيرة، حيث ازدهرت فيها مختلف العلوم والفنون، واصبحت مركزا مرموقا للبحث العلمي والتفكير النقدي، ولعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ الفكر الاوروبي والعالمي.

كليات الجامعة هي وحدات اكاديمية وادارية مستقلة، تشرف على تعليم طلابها وتوفر لهم بيئة تعليمية فريدة من نوعها، تساهم في خلق مجتمع طلابي متنوع وغني، حيث يتفاعل الطلاب من خلفيات وثقافات مختلفة، مما يثري تجربتهم التعليمية ويساهم في تكوين شخصياتهم وهي ايضا مراكز اقامة للطلاب. هذا النظام الفريد للكليات يعتبر من اهم العوامل التي تميز جامعة كمبردج، ويساهم في الحفاظ على مستوى عال من التعليم والبحث العلمي.

تقدم جامعة كمبردج تعليما متميزا عالي الجودة يعتمد على اساليب تدريس متقدمة تجمع بين المحاضرات النظرية والندوات النقاشية وورش العمل العملية، مما يتيح للطلاب فرصة التعمق في دراسة مواضيعهم والتفاعل المباشر مع الاساتذة والخبراء في مختلف المجالات. يشجع نظام التدريس في كمبردج على التفكير النقدي والتحليل العميق، وينمي لدى الطلاب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات. هذا التنوع يثري تجربة التعلم بشكل كبير، حيث يتيح للطلاب فرصة التعرف على وجهات نظر مختلفة وتبادل الافكار والمعرفة، مما يساهم في توسيع افاقهم وتكوين صداقات وعلاقات مثمرة. كما توفر الكليات ايضا انشطة اجتماعية وثقافية متنوعة تساهم في خلق جو من التفاعل والتواصل بين الطلاب، مثل النوادي والجمعيات الطلابية والفعاليات الرياضية والفنية.

تخرج من جامعة كمبردج عبر تاريخها الطويل العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة في مختلف المجالات، الذين ساهموا في تغيير مجرى التاريخ وخدمة الانسانية، من بينهم رؤساء وزراء وملوك وفلاسفة وعلماء وادباء وفنانين.

باختصار، تعتبر جامعة كمبردج منارة للعلم والمعرفة، وتجمع بين التاريخ العريق والمكانة العلمية المرموقة والتميز في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مرموقة للطلاب والباحثين من جميع انحاء العالم.

 

مقالات مشابهة

  • إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالبحيرة
  • «معلومات الوزراء» يكشف عن أسباب تآكل السواحل وكيفية مواجهته
  • رد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ في جريمة التعدي على الأراضي الزراعية
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • «التنمية المحلية»: إزالة 6453 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية في 2024
  • حوالي 2 مليون متر مكعب.. سيول غزيرة تغذي سدود عسير
  • العراق يوسّع رقعته الزراعية.. لكن النجاح مرتبط بتوفر المياه
  • «معلومات الوزراء»: قيمة الاقتصاد الإبداعي قُدرت بـ985 مليار دولار في 2023
  • خطوات تنفيذ حكم صادر ضد شخص خارج البلاد.. اعرفها
  • مضاعفة عقوبة التعدي على الأراضي الزراعية في هذه الحالة.. تعرف عليها