غريق وحريق.. اللبناني فريسة الكوارث وسقوط القانون
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
كأنه لا يكفي اللبناني ما يعيشه من أزمات وحروب على ارضه، حتى أتته مصائب جديدة قد لا تكون في الحسبان. يقول المثل اللبناني: "يا رب لا تموتني لا حريق ولا غريق ولا تشنشط على الطريق" . هذا المثل اليوم بات منطبقاً على اللبناني اينما حلّ، فالغريق في الامطار، و"التشنشط على الطريق" نعيشها بعد الحرب الاسرائيلية أما الحريق فهو المصيبة الجديدة التي بدأت تضاف الى يومياته.
فاضافة الى الحرائق التي يفتعلها العدو الاسرائيلي يومياً في حربه المستمرة على لبنان، يتظهر يوماً بعد يوم حجم الاهمال الذي يصيب الدولة في كل مفاصلها. فيوم السبت الماضي شب حريق كبير في مولد للكهرباء في منطقة الحمرا تسبب بالكثير من الاضرار، وقد شاءت العناية الالهية ان تقتصر الاضرار على الماديات، فيما كان الحريق الذي اندلع الشهر الماضي في معمل في سن الفيل، قد ادى الى مقتل اربع سيدات كن يعملن داخله. هذه الاحداث وغيرها تعيد طرح السؤال الابرز اين هو قانون السلامة العامة؟ ولماذا لا يطبق؟
ما هو قانون السلامة العامة؟
في العام 1997، ساهمت الهزّة الأرضية القوية التي ضربت لبنان في تسريع صدور ثلاث مراسيم تحمل الأرقام 11264 و11266 و11267، وتُحدّد تباعاً الشروط والأصول الواجب تطبيقها في الأبنية والمنشآت لحمايتها من أخطار الحريق والزلازل وتجهيزات المصاعد. إنّما لم تُنقل مفاعيل هذه المراسيم إلى حيّز التنفيذ لعدم صدور مراسيمها التطبيقية، فضلاً عن عدّة عوائق أبرزها محدودية القدرات الفنية والتقنية لدى الإدارات والأجهزة العامّة كالبلديات والتنظيم المدني والدفاع المدني والإطفائية، والتي حُمّلت، بموجب هذه المراسيم، مسؤولية تأمين مراقبة تطبيق الشروط المفروضة، فضلاً عن تضارب الصلاحيات بين التنظيم المدني والبلديات أو اتّحادات البلديّات.
إزاء هذا الواقع، تمّ العمل على إصدار مرسوم جديد عام 2005 يحمل الرقم 14293. طوّر هذا المرسوم شروط وأصول تطبيق السلامة العامة في الأبنية والمنشآت، وأسند، هذه المرّة، مهمّة مراقبة تطبيق الشروط المفروضة إلى القطاع الخاص، تحديداً إلى المهندسين ومكاتب تدقيق فنية متخصّصة، أسوةً بالتجربة الفرنسية، بحسب ما يشير موقع "مرصد سياسات الارض".
ويُحدّد المرسوم شروط السلامة العامة وأصولها الواجب تطبيقها في الأبنية والمنشآت لحمايتها من أخطار الحريق والزلازل وتجهيزات المصاعد، ويُحصر تطبيق الشروط المفروضة بمشاريع الأبنية العامة والخاصة الجديدة، أي التي لم تحصل على رخصة بناء لغاية تاريخ صدوره، وبالأبنية القائمة إذا ما أُريد الاستحصال على رخصة لتعديلها، أي لإضافة أي بناء جديد عليها أو تعديل وجهة استعمالها. ويُسند المرسوم مهمّة مراقبة تطبيق الشروط المفروضة إلى القطاع الخاص، تحديداً إلى المهندسين\ات المسؤولين عن وضع تصاميم البناء (المسجّلين لدى نقابة المهندسين)، ومكاتب التدقيق الفنية المتخصّصة. كما يحدّد فئات الأبنية الجديدة الخاضعة للتدقيق الفني الإلزامي ويصنّفها وفقاً لعدّة معايير مرتبطة بارتفاعها، ومساحتها، واستخداماتها، وعناصرها الهندسية، الخ.
ولكن اين هذا القانون اليوم ولماذا لا يطبق؟
سؤال حملناه الى نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش الذي اعتبر عبر "لبنان 24" ان الجمعية ليست مؤسسة تنفيذية وبالتالي لا يمكنها اعطاء الاوامر للمصانع بتطبيق شروط السلامة العامة، بل ان دورها يقتصر على بعض الارشادات بالاتفاق مع وزير الصناعة.
ولفت بكداش الى ان اتفاقاً تم بين جمعية الصناعيين والوزارة نص على رفض الوزارة التجديد لأي رخصة مصنع جديد من دون التأكد من وجود بوالص تأمين تغطي اضرار الحريق والعمال، الا ان بعض المصانع التف على القانون وعمد الى فسخ البوالص بعد تجديد الرخصة، مشيراً الى انه ومع بدء المعارك كان هناك اجتماع في وزارة الصناعة تم فيه بحث موضوع الحرائق والمخاطر وتم الطلب من الوزير وقف كل تراخيص المصانع قبل تدريب العاملين في المصانع مع الدفاع المدني على سبل مكافحة مخاطر الحرب والحريق، الا ان القوانين لم تسمح بتطبيق هذا الامر ضمن اتفاق بين جمعية الصناعيين والدفاع المدني والمصانع كما ان المراسيم التطبيقية لم تنجز لأن التدريب يجب ان يكون ممولاً ومن قبل جمعية الصناعيين، وعليه تمنينا على المصانع التأكد من ان التجهيزات لمكافحة الحريق موجودة. وفي حين التزمت بعض المصانع بهذا الامر، لم يلتزم البعض الآخر ما قد يسبب ازمة في حال اندلاع اي حريق كالذي حصل في سن الفيل.
وأشار بكداش الى ان حريق في سن الفيل كان نتيجة خطأ بشري وعلى الرغم من ان المصنع كان مجهزاً لاطفاء الحرائق الا ان كمية النيران كانت كبيرة، وهذا ما يعيد الطلب على ضرورة تكثيف التدريب للموظفين من قبل عناصر الدفاع المدني للتعامل مع اي حريق قد يندلع في اي لحظة.
الدفاع المدني مستعد دوماً
يؤكد المسؤول في الدفاع المدني نبيل سلحاني في حديث عبر "لبنان 24" انه منعاً لتكرار هذه الاحداث من الضروري العمل على طبيق قانون السلامة العامة، وجعله الزامياً لا اختيارياً في المصانع، مشدداً على ضرورة العمل على وضع تنفيذ الاجراءات العامة الاساسية لا سيما لناحية اجبار المصانع على تأمين المطافئ اليدوية او الاوتوماتيكية وجرس الانذار للحرائق والعمل على تدريب الموظفين على الخطط الاولية للسيطرة على الحرائق.
ورداً على سؤال عن الخطوات الاولية التي من الضروري اتخاذها في حال نشوء اي حريق، شدد سلحاني على ان اخلاء المبنى هو من اول الامور التي يجب القيام بها، خصوصاً اذا كان من الصعب السيطرة على النيران او حصرها، واذا كان من الصعب الاخلاء، الوقوف في اماكن تسهل على فرق الدفاع المدني الانقاذ كالنوافذ او الشرفات، مجدداً التأكيد على ضرورة ان يكون هناك مطافئ دائماً لأنها خط الدفاع الاول في وجه الحرائق، لا سيما في المنازل، والعمل على صيانتها بشكل دوري.
اذاً، تتوالى الكوارث والمصائب على اللبناني من كل حدب وصوب وتبقى الوقاية والالتزام بالقوانين والسلامة العامة افضل الحلول لمنع الوقوع في الاسوأ، فهل من يسمع؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جمعیة الصناعیین السلامة العامة الدفاع المدنی
إقرأ أيضاً:
استمرار تعطل الدفاع المدني شمال قطاع غزة بسبب عدوان الاحتلال
أكد جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، أن عمله في شمال القطاع لا يزال معطلا منذ 22 يوما، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر.
وقال الجهاز في بيان صحفي إن "آلاف الفلسطينيين باتوا دون رعاية طبية وإنسانية، بسبب تعطل عمل الدفاع المدني"، منوها إلى أنه "لليوم الـ22 الدفاع المدني ما يزال معطل قسرا في كافة مناطق شمال قطاع غزة بفعل الاستهداف والعدوان الإسرائيلي المستمر، وبات آلاف المواطنين هناك بدون رعاية إنسانية وطبية".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي هاجم طواقم الدفاع المدني في شمال قطاع غزة في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسيطر على مركباته وشرد معظم عناصره إلى وسط وجنوب القطاع واختطف 10 منهم.
وطالب الدفاع المدني بغزة المنظمات الإنسانية بالاستجابة لاستغاثات ومعاناة آلاف المواطنين المحاصرين في شمال قطاع غزة بفعل استمرار الجرائم الإسرائيلية، والسعي الجاد لعودة عمل الدفاع المدني وتشغيل مركباته المعطلة هناك في بلدة بيت لاهيا.
ويقول فلسطينيون ومؤسسات حقوقية محلية ودولية وإسرائيلية إن "الجيش الإسرائيلي ينفذ ما تسمى خطة الجنرالات في شمال قطاع غزة".
وتقضي الخطة بإخلاء شمال قطاع غزة من السكان وإجلائهم إلى الجنوب، وحصار شمال القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليه.
وفي 5 أكتوبر الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحا بريا في شمال قطاع غزة، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".
وأصيب اليوم، فلسطينيون بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة أبو جراد في حي المنشية ببلدة بيت لاهيا شمال القطاع، في إطار حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الاحتلال لليوم الـ40 على التوالي في البلدة وجباليا وبيت حانون.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليات نسف المباني والمربعات السكنية في المناطق الغربية من مخيم جباليا ومنطقة الصفطاوي، فيما كثفت مدفعية الاحتلال قصفها باتجاه غرب جباليا ومناطق متفرقة في بيت لاهيا وتل قليبو في بلدة بيت حانون.
وفي وقت سابق، أدانت حركة حماس المزاعم الأمريكية حول اتخاذ الاحتلال إجراءات لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مشددة على أن واشنطن شريكة في حرب الإبادة والتطهير العرقي المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.
وقالت الحركة في بيان، إنها تستنكر "ما صَدَرَ عن الإدارة الأمريكية من مزاعم تدّعي اتخاذ الاحتلال إجراءاتٍ لـتحسين الوضع الإنساني في غزة".
وأوضحت أنها تعد تلك التصريحات "تأكيداً للشراكة الكاملة لإدارة الرئيس (الأمريكي جو) بايدن في حرب الإبادة الوحشية بحق شعبنا في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وعمليات التطهير العرقي والمجازر والتجويع المستمرة في شمال القطاع منذ خمسة وثلاثين يوماً".