لجريدة عمان:
2024-07-06@04:02:15 GMT

كارثة إنسانية تتكشف في القوقاز

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

«إما أن تقبلوا السيطرة السياسية لأذربيجان على إقليم ناغورنو كاراباخ أو الانسحاب منه». هذا ما يقوله الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف للسكان الأرمن في هذا الجيب النائي الذي يقع داخل حدود أذربيجان.

لكن زعماء الأغلبية الأرمنية هناك يقولون بأن سياسات علييف ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية ويبدو أن العديد من السكان مستعدون للموت جوعا بدلاً من الخضوع.

وأكد علييف في مقابلة مع قناة يورونيوز في 2 أغسطس أنّ «الناس الذين يقطنون في كاراباخ يعيشون في أذربيجان، ويجب أن يختاروا ما إذا كانوا سيعيشون كمواطنين ذي أقلية عرقية أو المغادرة. عليهم أن يختاروا».

في محاولة واضحة لفرض السيادة، أغلقت أذربيجان الطريق من أرمينيا إلى ناغورنو كاراباخ، المعروف باسم «ممر لاتشين» منذ 15 يونيو، وبدون هذا الطريق، لا يستطيع السكان الأرمن الوصول إلى الغذاء والوقود والأدوية وغيرها الإمدادات الأساسية. يقول الأذربيجانيون إنهم مستعدون لشحن الطعام من أذربيجان، لكن الأرمن يخشون أن يكون فخًا وأن تكون خطوة أولى نحو الاندماج بالقوة، لذلك أغلقوا طرق الدخول الأذربيجانية بحواجز خرسانية.

أرايك هاروتيونيان، رئيس منطقة «آرتساخ» كما يسميها الأرمن، دعا إلى دعم دولي ضد ما أسماه «سياسة الإبادة الجماعية» في بيان هذا الأسبوع: «حصار ممر لاتشين ليس حدثا منعزلاً»، ويجب اعتباره جزءًا من سياسة مخططة وواسعة النطاق ومنسقة من قبل أذربيجان تهدف إلى تدمير شعب أرتساخ ككل. وطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي.

يعمل مسؤولو وزارة الخارجية مع الشركاء الأوروبيين وروسيا لمحاولة إعادة فتح ممر لاتشين وإنهاء الأزمة الإنسانية، وأثارت محنة السكان هناك قلقًا دوليًا متزايدًا بشأن رفاهية سكان ناغورنو كاراباخ البالغ عددهم 120 ألفًا. لويس مورينو أوكامبو، المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية، أصدر تقريرًا هذا الأسبوع يزعم أن «هناك دلائل معقولة بارتكاب إبادة جماعية».

يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الأرمن في ناغورنو كاراباخ ينجحون في البقاء على قيد الحياة فقط بسبب الحدائق الخلفية وغيرها من المواد الغذائية المنتجة محليًا، ويخشون أنه في غضون شهرين، مع اقتراب فصل الشتاء، قد يواجه السكان المجاعة. يخشى الأرمن تكرار إبادة عام 1915، وهي ذكرى تاريخية دائمة للأرمن في جميع أنحاء العالم.

لحظر إمدادات الوقود تأثير مدمر داخل ناغورنو كاراباخ، ووفقًا لمسؤول أرميني، «حتى سيارات الإسعاف غير قادرة على العمل داخل ناغورنو كاراباخ لأنه ببساطة لا يوجد وقود».

الأزمة الإنسانية المحيطة بـممر لاتشين هي أحدث فصل من الصراع المستمر منذ عقود حول جيب ناغورنو كاراباخ، إذ فازت أرمينيا بالسيطرة عليه في عام 1994، لكن المناوشات استمرت على مدى السنوات الخمس والعشرين التالية. استعادت أذربيجان السيطرة في حرب عام 2020، وتركت أرمينيا في حالة ذهول وهزيمة. توسطت روسيا في الاتفاق الذي أنهى تلك الحرب، ولديها قوة حفظ سلام شكلية في ناغورنو كاراباخ، إلا أنّ قدرة موسكو على الحفاظ على السلام والاستقرار ضعفت بشدة بسبب الصراع في أوكرانيا.

صرحت الحكومة الأرمينية في يريفان، برئاسة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، بأنها مستعدة لاتفاق سلام واسع النطاق مع باكو، وعقد الجانبان جلسات تفاوض متكررة، بما في ذلك ثلاث جلسات في الولايات المتحدة رعتها إدارة بايدن، لكن هذه العملية الدبلوماسية تعيق استمرارها أزمة ممر لاتشين.

أخبرتني دبلوماسية أرمنية هذا الأسبوع في رسالة بالبريد الإلكتروني أن حكومتها تواصل السعي إلى التطبيع مع باكو، لكنها قالت: إن يريفان تريد «ضمانات دولية» بأن اتفاق السلام «سيتم تنفيذه بالكامل» و «ضمانات للحقوق والأمن لشعب ناغورني كاراباخ».

أزمة لاتشين هي خلاصة لما كان يمثل القضية الأساسية منذ البداية، فإقليم ناغورنو كاراباخ معترف به دوليًا كجزء من أذربيجان؛ لكن الأغلبية الأرمينية هناك تريد شكلًا من أشكال تقرير المصير السياسي بدلاً من الإملاء من حكومة معادية لهم في باكو. هناك غذاء وفير ينتظر عند المعابر الحدودية المختلفة، لكن على أذربيجان بناء جسر من الثقة من خلال إنهاء أزمة ممر لاتشين الذي بدأ هذه الأزمة.

عندما زرت ستيباناكيرت عاصمة ناغورنو كاراباخ الفعلية في أبريل 2016، رأيت نصبًا تذكاريًا لروح المقاومة هناك التي من الواضح أن باكو تريد كسره، فعلى الطريق إلى المطار وقف تمثال حجري ضخم لرجل وامرأة عجوزين مدفونين على ما يبدو في جانب التل. كان اسم النصب التذكاري «أرواحنا هي جبالنا».

كانت الرسالة إلى العالم بسيطة، كما كتبت في ذلك الوقت: ليس هناك تقدم في هذا الموضوع حتى الآن. قد تكون ناغورنو كاراباخ جزءًا من أذربيجان من الناحية القانونية، لكن سيسكنها الأرمن الذين يحتاجون إلى حماية حقوقهم الإنسانية. إنّ الوقت قد حان أن تقبل جميع الأطراف هذه المعادلة بكفتيها.

ديفيد إغناتيوس يكتب عمودًا عن الشؤون الخارجية مرتين في الأسبوع لصحيفة واشنطن بوست. آخر رواياته هي ذَ بالادين.

عن واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ممر لاتشین

إقرأ أيضاً:

إنسانية تصنع الفارق وتنشر الأمل

إنسانية تصنع الفارق وتنشر الأمل

تعزز دولة الإمارات استجابتها الإنسانية للتخفيف عن المنكوبين في قطاع غزة بكل عزيمة وشجاعة، وعبر ما يقوم به رسل الإنسانية الذين يواصلون العمل لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين في ملحمة تشكل تاريخاً استثنائياً في القدرة على مواجهة التحديات الإنسانية والحد من تداعياتها المأساوية دون أن يكون لأعداد المستهدفين بالدعم أي تأثير على زخم الجهود المشرفة التي يقف لها العالم أجمع بكل تقدير واحترام من خلال “عملية الفارس الشهم 3” تنفيذاً لتوجيهات وأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، وذلك ضمن مسيرة تاريخية ثابتة من الدعم والتضامن الإنساني الذي تحرص عليه الإمارات بمواقفها المشهودة مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وأوصلت عشرات آلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية العاجلة كالمواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء بواسطة “البر والبحر والجو”، ويتم العمل من خلالها عبر مسارات عدة منها تقديم الخدمات العلاجية سواء داخل الدولة للأطفال ومرضى السرطان، أو في المستشفى الميداني في القطاع والمستشفى العائم في العريش، وتتواصل عبر جهود نوعية لاستقبال النازحين من شرق مدينة خانيونس والذين فروا من أهوال الحرب باتجاه منطقة المواصي بالقطاع، “يقدر عددهم بـ400 ألف نازح”، في إطار دعم الإمارات المتواصل للأسر الفلسطينية النازحة في غزة، ومد العائلات التي لا تمتلك أبسط مقومات الحياة بالمساعدات الأساسية من طرود غذائية ومياه شرب نقية ومواد أساسية للإسعاف تأكيداً لعزيمة إنسانية لا تعرف الحدود تقوم بها الإمارات.
تؤكد دولة الإمارات قوة رسالتها الإنسانية الهادفة وفاعلية مساعيها المباركة في أصعب وأقسى الظروف التي تمر بها المجتمعات المستهدفة بالدعم، وهي تقدم النموذج الأهم والأبرز وتبين ما يجب القيام به، وتشدد على المسؤولية الواقعة على عاتق المجتمع الدولي الذي يجب أن يكثف مبادراته ومساعيه لوقف الحرب في قطاع غزة بشكل كامل ولإيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل عمل فرق الإغاثة دون عوائق جراء تفاقم الأزمة الكارثية ووقوع عشرات الآلاف “أغلبهم من النساء والأطفال” بين قتيل وجريح، وحدوث دمار هائل بسبب القصف المتواصل منذ شهور طويلة وأتى على البنية التحتية بشكل كامل وأدى إلى خروج كافة المؤسسات الخدمية وخاصة الطبية منها عن الخدمة مما سبب معاناة متفاقمة يكاد يستحيل وصفها لـ 2.3 مليون إنسان في غزة، ولذلك فإن مواقف الإمارات وما تقوم به يتوج سجل العمل الإنساني على المستوى العالمي ويعكس قوة توجهات الخير التي يؤكد أهميتها أهل غزة ويرون فيها شريان حياة لا غنى عنه في ظل الأوضاع الصعبة التي يمرون بها.


مقالات مشابهة

  • تلفيقات إسرائيلية تطال وزير الخارجية.. وبيان توضيحي مهم!
  • تبادل الخبرات أبرز مخرجات زيارة كشافة الظاهرة لأذربيجان
  • بيسكوف: الكرملين لا يتدخل في قرار تعليق ارتداء النقاب في روسيا
  • محي الدين جمعة: على حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد نور فتح ممرات إنسانية
  • تحالف العدوان يوقف الرحلات من وإلى مطار صنعاء .. مسبباً كارثة إنسانية
  • صحة غزة تدق ناقوس الخطر وتحذر من توقف الخدمة الصحية في خان يونس ورفح
  • القاضي زيدان يزور المحكمتين العليا والدستورية في أذربيجان
  • رئيس مجلس القضاء الأعلى يزور المحكمة العليا في أذربيجان
  • إنسانية تصنع الفارق وتنشر الأمل
  • الشايف : وقف الرحلات من وإلى مطار صنعاء يسبب كارثة إنسانية