YNP /  إبراهيم القانص -

ترفع سلطات صنعاء وتيرة لهجتها التصعيدية ضد التحالف بشكل واضح، خلال هذه الفترة، وبشكل غير مسبوق منذ استجابتها لخفض التصعيد العسكري الذي رافق المرحلة الأولى من الهدنة، والتي انتهت ولم تتوصل الأطراف إلى الاتفاق بشأن تجديدها وتمديدها، الأمر الذي تعده صنعاء عرقلة واضحة لتحقيق أي تقدم باتجاه إيقاف الحرب ورفع الحصار، باعتبار ذلك خطوة تثبت حُسن النوايا من أجل المضيِّ نحو سلام شامل،

حيث تتهم صنعاء دول التحالف بالمراوغة والاستخفاف بما تم التوصل إليه في الجولات الأولى من التفاوضات التي كان آخرها في رمضان الماضي   وتتوالى تصريحات المسئولين في صنعاء- سياسيين وعسكريين- وجميعها تحمل تحذيرات شديدة اللهجة تؤشر على أن تفجير الوضع عسكرياً أصبح الخيار الأخير، إذ تقول صنعاء إنها لن تقبل ببقاء الوضع بين حالتي اللا سلم واللا حرب، فيما ترتب دول التحالف أوضاعها وتستمر في جلب القوات الأجنبية التي تتوافد على مدن وسواحل وجزر المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية.

  

 

وزير دفاع صنعاء، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، قال إن قواته ستحرر الأراضي اليمنية مما وصفه بـ"دنس الغزاة وأدواتهم"، وخلال زيارته أمس الإثنين، لعدد من وحدات المنطقة العسكرية الرابعة في مديريات مقبنة والمخا والبرح وموزع وجبل حبشي بمحافظة تعز، ذكر العاطفي أن تحرير اليمن حق شرعي وقانوني، ولن تمنعهم من ذلك أي قوة، موجهاً النصيحة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالتوقف عن التحريض على التصعيد، بل إن على الدولتين أن تعينا دول التحالف بقيادة السعودية  على الخروج مما وصفها بالحرب العبثية الهمجية، محذراً من أن العالم كله سيتضرر.

 

وفسر وزير دفاع صنعاء تحذيره من أن العالم سيتضرر إذا لم يخرج التحالف والقوات الأجنبية من اليمن، بحديثه عن مساحات محتلة في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمياه الإقليمية المتاخمة للمحيط الهندي، وجزر يمنية، مضيفاً: "لكن سنحررها"، في إشارة إلى أن هناك معركة بحرية مقبلة لإجبار القوات الأجنبية على الخروج من المياه الإقليمية والجزر اليمنية، وفق ما جاء في كلمة العاطفي.

العاطفي أكد أنهم ليسوا عشاق حروب بل مع السلام ولكن ليس الاستسلام، وأنهم يرحبون بالسلام إذا ما أراده التحالف، مستدركاً أنه إذا أراد التحالف التصعيد فإن ما وصفه بجحافل الجيش اليمني المنظم ستحرر اليمن "بفوهات البنادق والمدافع والصواريخ والطيران المسيّر"، مضيفاً "أن هناك دولاً كثيرة من أنحاء العالم جاءت بأساطيلها إلى باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية بذريعة مكافحة الإرهاب والقرصنة".

وبيّن العاطفي أن تلك الدول جاءت بقواتها من أجل تأمين الكيان الإسرائيلي، وحماية مصالحها واحتلال الأراضي اليمنية ونهب الثروات وإذلال اليمنيين، حسب تعبيره، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبقية الدول الغربية أساءت التصرف وشوهت سمعتها وأضرت بمصالحها من خلال استمرار دعمها لإسرائيل، مؤكداً أن ذلك سيتسبب في إلحاق الضرر بمصالحها في المنطقة، مذكِّراً دول التحالف المتواجدة في مياه اليمن الإقليمية والجزر بما يربطها باليمن من علاقات تاريخية، بينما لا تربطها أي علاقات بالإسرائيليين الذين جاءت لخدمتهم، وأن ذلك ليس سوى خزي وعار، مجدداً تحذيره للتحالف من الخسارة في حال لم ينفذ ما تم الاتفاق عليه، وفق شروط صنعاء، ومجدداً في الوقت نفسه التأكيد على ما أصبحت تمتلكه قوات صنعاء من الإمكانات والقدرات الكفيلة بتحقيق انتصارات كبيرة، وأنها أعدت العدة، ولديها أيضاً أسلحة جديدة ستعلن عنها القيادة في الوقت المناسب، حسب تعبيره.

 

وأوضح وزير دفاع صنعاء أن دول التحالف تدرك أن هناك مخططات غربية وإسرائيلية هدفها تمزيق الدول العربية وتقسيمها، حيث بدأوا بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، مشيراً إلى أن تلك المخططات ستصل إلى السعودية وبقية دول الخليج، مؤكداً أن ما يحدث من مؤامرة ضد اليمن ستنعكس سلباً على المملكة ودول الخليج، فيما لن يؤَمِّن وجودهم سوى بقاء اليمن موحداً وقوياً، في إشارة إلى أن اليمن طالما كان وسيظل العمق الاستراتيجي الأمني للسعودية والخليج.

 


المصدر: البوابة الإخبارية اليمنية

كلمات دلالية: يويفا يونيسيف يونيسف يونسكو يوم الولاية يوم القدس دول التحالف دفاع صنعاء إلى أن

إقرأ أيضاً:

فج عطان.. حين اشتعل بالنار، فأضاءت اليمن كرامتها

يمانيون../
في سجل الأوطان هناك جراح لا تُنسى، ليس لأنها عميقة في الجسد، بل لأنها انغرست في قلب الوعي الجمعي، وصارت تشكّل معالم الطريق نحو المستقبل. وفي اليمن، ما من حادثةٍ تُجسّد هذا المعنى كما تفعل جريمة فج عطان. هناك، في قلب العاصمة، في ذلك الحيّ الذي كان يومًا ما مأهولًا بالحياة، دوّى الانفجار، وانفجرت معه معادلة الاستكانة، لتولد مع الدماء معادلة الكرامة.

في الساعة العاشرة من صباح الإثنين، العشرين من إبريل 2015، شُنّت واحدةٌ من أفظع الغارات الجوية في تاريخ العدوان الأمريكي السعودي على اليمن. طائرة حربية أسقطت قنبلة فراغية حرارية محرّمة دوليًا على حيّ سكني يعجّ بالأطفال والنساء والمارة، فأحدثت دمارًا هائلًا تجاوز أحياء فج عطان ليمتد إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات مربعة من نسيج العاصمة، محوّلة الشوارع إلى رماد، والمنازل إلى أكوام من الركام، والأحلام إلى أسماء مكتوبة على الجدران.

عندما يُقصف قلب المدينة.. فترتفع راية الصبر والمقاومة
لم يكن فج عطان مجرد حيّ، بل نبضٌ من نبضات صنعاء، ومكانًا اختزن حياة مئات الأسر، وأصوات الباعة، وضجيج الأطفال، ورائحة الخبز الطازج في الصباح. وحين وقعت القنبلة، لم يُدمَّر المكان فحسب، بل اهتزّت كل خلية في وجدان اليمنيين. أكثر من 120 شهيدًا سقطوا في لحظات، مئات الجرحى غطّت أجسادهم شظايا الغدر، ودماء الأبرياء تلوّنت بها أرصفة المدينة.

وفي تلك اللحظة، انقلبت الطمأنينة إلى فزع، وتحوّلت صنعاء إلى مشفى ميداني كبير، وارتفعت أصوات نداءات الاستغاثة، في وقتٍ شُلّت فيه سيارات الإسعاف عن مواكبة حجم الكارثة. المستشفيات امتلأت بالشهداء والجرحى، فيما وقف الأطباء على حافة العجز، بينما تطوّع المواطنون لحمل المصابين، وللتبرع بالدم، ولملء الفراغات التي خلّفها الحصار وانعدام التجهيزات.

فج عطان.. من جريمة إبادة إلى شرارة وعي ثوري
الجريمة لم تكن مجرد فعل عسكري، بل كانت –كما اتضح لاحقًا– تجربة اختبارٍ لقوة إرادة شعب بأكمله. كانت الرسالة واضحة: “إما أن ترضخوا.. أو نحرق قلوب مدنكم”. لكن الرد كان أفصح من كل بيان، فقد تحوّلت لحظة الفاجعة إلى نقطة انعطاف، ومن تحت الركام، خرجت اليمن بصورة جديدة، أشد صلابة، وأوضح بوصلة، وأكثر يقينًا بأن العدو لا يستهدف المقاتلين فحسب، بل كل ما هو حي في هذا البلد.

لقد أظهرت الجريمة للعالم مدى التوحّش الذي بلغه العدوان، لكن الأهم من ذلك، أنها أظهرت للعالم مدى الصلابة التي يتمتع بها هذا الشعب. لم يطلب اليمنيون شفقة، ولا استجدوا تدخّلًا دوليًا، بل قرروا في تلك اللحظة أنهم لن يعتمدوا إلا على سواعدهم، وعلى خيارهم الأوحد: المقاومة حتى النصر أو الشهادة.

قنبلة النيوترون.. حينما يتواطأ العالم بالصمت
خبراء عسكريون محلّيون ودوليون أكدوا أن القنبلة المستخدمة في فج عطان لم تكن تقليدية، بل قنبلة حرارية فراغية فائقة التدمير، تُستخدم عادة في الحروب النووية التكتيكية. وأحد أبرز هؤلاء الخبراء، الأمريكي غوردون دوف، كشف أن القنبلة التي سقطت على فج عطان تملك خصائص إشعاعية غير تقليدية، مرجّحًا أن تكون قنبلة “نيوترونية تكتيكية”، ألقتها طائرة صهيونية مموّهة بألوان سلاح الجو السعودي.

وبحسب دوف، لم تكن تلك القنبلة الوحيدة، بل واحدة من قنبلتين تم إسقاطهما في صنعاء، الثانية منها سقطت بعد شهر على جبل نقم. لم تنفِ الرياض ذلك، ولم يتحرّك العالم للمحاسبة، بل اكتفى بالفرجة. كانت جريمة بحجم هيروشيما اليمن، لكنها مرّت على أعين العالم كما تمرّ العواصف فوق الخرائط دون أن تُحرك ضميرًا أو تصدر بيانًا.

بعد عشر سنوات: الجرح لا يُنسى، لكنه لا ينزف عبثًا
اليوم، وبعد مرور عقدٍ من الزمن، لا يزال فج عطان محفورًا في ذاكرة اليمنيين، لا كجرحٍ مفتوح، بل كندبةٍ تنبض بالعزّة. لم تكن الغارة نهاية الحكاية، بل بدايتها. ومن بين الركام، تشكّلت معالم اليمن الجديد: يمنٌ لا يُساوم على سيادته، ولا يقبل بأن تُقصف مدنه ويظل صامتًا، ولا يتسوّل أمنه من عواصم القرار، بل يصنعه بيده.

فج عطان لم يكن مجرد حيّ استهدفه العدوان، بل كان “أبواب صنعاء”، وكان استهدافه محاولة لاقتحام الإرادة من الخلف، فكانت النتيجة عكسية. فقد تحوّل الحيّ إلى مدرسة للمقاومة، وإلى رمزية متوهّجة تقول في كل ذكرى: “هنا سقط الأبرياء، لكن هنا أيضًا وُلد القرار.. وهنا بدأ زمن الرد”.

وصية فج عطان: لا تنسوا، لا تغفروا، لا تضعفوا
إنّ جريمة فج عطان، بما تحمله من حجم المجزرة ووحشية السلاح وتواطؤ الصمت الدولي، تُشكّل اليوم وثيقة إدانة، ووصية مفتوحة. وصية تقول للأجيال القادمة: لا تنسوا من دمّر بيوتكم، لا تغفروا لمن بارك القتل، ولا تضعفوا إن خذلكم العالم، فأنتم في درب الحق، والحق لا يحتاج وسطاء.

وهكذا، لم يكن فج عطان مجرد لحظة حزن، بل صار رمزًا دائمًا لليقظة، وشعلة نار تحترق لتضيء الطريق القادم. لقد أرادوا بفج عطان أن يكسروا شعبًا، فأنجبوه أكثر صلابة، أكثر وعيًا، وأكثر اقترابًا من نصره الآتي.

مقالات مشابهة

  • طائرات الشبح الأمريكية تُقابلها صواريخ قدس اليمنية: معادلة صنعاء التي أرعبت واشنطن
  • المعركة اليمنية تكتب شهادة وفاة الهيمنة الأمريكية: الصين ترصد التراجع الأمريكي وموسكو تراقب صعود صنعاء
  • بعد “حلف القبائل”.. السعودية تستدعي محافظ حضرموت التابع لـ”حكومة عدن” 
  • غارات أمريكية تستهدف صنعاء اليمنية
  • الأهداف الخفية للعدوان على اليمن!؟
  • السعودية ومصر تبحثان التطورات الإقليمية وحرب غزة
  • وزير دفاع ترامب يشارك معلومات عن ضربات على اليمن عبر سيغنال.. والبيت الأبيض يعلّق
  • اليمن: مقتل وجرح العشرات في غارات استهدفت محافظة صنعاء والمحويت وعمران
  • فج عطان.. حين اشتعل بالنار، فأضاءت اليمن كرامتها
  • في زمن التحالفات المتكسّرة.. صنعاء تثبت الرقم الصعب للمعادلة اليمنية