موسكو- قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن موسكو تواصل بذل كل ما في وسعها للمساعدة في حل الصراع بين إسرائيل ولبنان، مشددا على أنه "إذا كانت جهودنا فعالة في مكان ما فبالطبع ستكون روسيا مستعدة للقيام بذلك".

وجاء كلام بيسكوف تعليقا على ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب وبيروت تقتربان من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، وأنه يمكن لموسكو أن تقوم بدور الوسيط فيه.

ووفقا للإعلام الإسرائيلي، فإنه من المحتمل أن تحتاج أيضا حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مساعدة موسكو في سوريا بحجة أن حزب الله يتلقى أسلحة من إيران عبر الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان، بالإضافة إلى الحديث عن مساع إسرائيلية لإنشاء "حزام أمني" في جنوب سوريا.

بيسكوف: إذا كانت جهودنا فعالة في مكان ما فبالطبع ستكون روسيا مستعدة للقيام بذلك (الفرنسية) سابقة لأوانها

بدوره، اعتبر الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف أنه إذا كان هناك حديث عن إيجاد حل للصراع في المسار اللبناني فإن ذلك لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن المسار السوري الذي يعتبر "الرئة اللوجستية الرئيسية لإرسال الأسلحة إلى حزب الله"، حسب وصفه.

ووفقا لما يقوله بيجاموف للجزيرة نت، فإن أحد أسباب تعثر العملية البرية التي تشنها إسرائيل في لبنان هو استمرار وصول الأسلحة والذخائر عبر الحدود السورية، وهو ما ترى فيه إسرائيل معضلة حقيقية تتطلب دورا روسيا على هذا الخط.

ويستدرك المتحدث ذاته أنه من المبكر جدا الحديث عن وساطة روسية بالشكل الذي قدمه "خيال" الصحفيين الإسرائيليين بناء على مجموعة من الأسباب، من بينها عدم تبلور السياسة الأميركية الجديدة تجاه ملفات الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا والعلاقات مع روسيا بعد فوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة، والتي من المتوقع أن تحمل مقاربات ومواقف مختلفة.

وعلاوة على ذلك، يعتبر بيجاموف أن "رغبة إسرائيل في الحصول على ضمانات لوقف العبور المزعوم للسلاح عبر سوريا ليس من مهام القوات الروسية، كما أن لعب دور الوساطة بين إسرائيل وحزب الله أمر سابق لأوانه على ضوء التباينات الموجودة تجاه شكل التسوية وثمنها".

أجواء توتر

ويرى بيجاموف أنه من غير الممكن الحديث الآن عن دور روسي في منع التصعيد بالشرق الأوسط، خاصة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على سوريا، والتي طالت مؤخرا منطقة مجاورة بشكل مباشر لقاعدة حميميم الروسية، إضافة إلى وجود تقارير عن نية إسرائيل اجتياح جنوب سوريا، والذي من شأنه أن يتسبب في حال حدوثه بأزمة جديدة، مما سيستدعي موقفا روسيا سلبيا للغاية بسبب وجود قواتها هناك.

وفي أجواء الحديث عن إجراء اتصالات على خطوط موسكو وبيروت وتل أبيب ودمشق، قدّم الجيش الروسي احتجاجه لإسرائيل بسبب الضربات التي وقعت بالقرب من قاعدة حميميم، وأعلن عدم قبوله مثل هذه الأعمال.

وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا ألكسندر لافرنتييف إن الغارة الجوية التي نفذتها إسرائيل لم تكن مباشرة على القاعدة الجوية "لأنه كان من الطبيعي أن تكون لذلك عواقب سلبية للغاية، بما في ذلك على إسرائيل نفسها"، حسب تعبيره.

كما نفى الممثل بشدة استخدام إيران القاعدة الواقعة على الساحل السوري من أجل إمداد حزب الله بالأسلحة، مشيرا إلى أن عدد الرحلات الإيرانية التي تنقل مساعدات إنسانية إلى مطار حميميم ازداد في الأونة الأخيرة، موضحا أن "المطار مدني من ناحية، ولكنه من ناحية أخرى قاعدة جوية روسية في سوريا".

يذكر أن الجيش الروسي يوجد حاليا في سوريا في كل من قاعدة حميميم الجوية وفي النقطة اللوجستية في طرطوس، وتستأجر موسكو هذه القواعد الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في غرب البلاد لمدة 49 عاما.

نسيج خيال

وبرأي الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف، فإن الصيغة التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود اتفاق قد تلعب من خلاله روسيا دور الوسيط "لا تعتبر حتى من حيث الشكل مقبولة"، مستبعدا أن تؤدي إلى دخول موسكو للعب هذا الدور.

ويتابع أونتيكوف في حديثه للجزيرة نت أن "نص هذا الاتفاق مفيد لإسرائيل ويلبي مصالحها على النحو الأمثل، وينطلق من فرضية أنه تم تقويض الإمكانيات العسكرية لحزب الله بشكل كبير، وأنه سيكون مجبرا على التوصل إلى هدنة والانسحاب من جنوب لبنان، وهو شيء يتناقض مع الواقع الميداني".

وأشار كذلك إلى الجزئية الواردة في الإعلام الإسرائيلي بشأن أن سوريا ستكون مسؤولة عن وقف أي إمدادات للأسلحة من أراضيها إلى لبنان، وأنه في حالة حدوث أي انتهاك للاتفاقية -سواء بإعادة تسليح حزب الله أو القيام بعمل عسكري ضد إسرائيل- فإن للجيش الإسرائيلي الحق بالرد وضمان الدعم الدولي لمثل هذه العمليات، معتبرا أن ذلك لا يعدو كونه "نسيجا من خيال الإعلام الإسرائيلي".

وحسب رأيه، فإن هذه الأحاديث لا تتناسب مع حملة الترويج بأن إسرائيل تسعى إلى إقامة مناطق فصل أو عزل أو تقوم بمحاولة احتلال درعا والقنيطرة والسويداء، لكن كل هذا سينزع عنها الشرعية الدولية، وستواجه صعوبات دولية كبيرة، بما في ذلك مع روسيا.

وعلى هذا الأساس يخلص المتحدث إلى أن استعداد روسيا للعب دور الوسيط هو موقف ثابت من حيث المبدأ في سياستها الخارجية، لكنه يعتمد على نضوج إرادة كافة أطراف الصراع للتوصل إلى تسوية، وهو الشيء الذي لا يعتبر متوفرا في ظل الظروف الراهنة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دور الوسیط فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

هل تعمل تركيا وإسرائيل على صياغة “اتفاقية خفض التصعيد” في سوريا؟

أنقرة (زمان التركية) -تحدث تقرير عن اتصالات مباشرة لتجنب أي سوء فهم بين الجيشين التركي والإسرائيلي بعد أيام من قصف إسرائيل لقاعدة التيفور الجوية في حمص بسوريا.

وذكر مسؤولان غربيان لموقع ميدل إيست آي (MEE) أن تركيا وإسرائيل تجريان محادثات لإنشاء خط لخفض التصعيد في سوريا لتجنب أي سوء فهم واشتباكات محتملة بين جيشيهما.

وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد شن خلال الأسبوع الماضي العديد من الهجمات في سوريا استهدفت مناطق عسكرية بما في ذلك قاعدة حماة الجوية وقاعدة تيفور الجوية التي تخطط تركيا لنشره قواتها بها قريبا.

جاءت الهجمات في وقت كانت أنقرة تستعد لإرسال فريق فني لمعاينة قاعدة التيفور وإجراء تقييم أولي لإعادة الإعمار.

وأوضح مسؤولان غربيان لموقع ميدل إيست آي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أخبر نظرائه أن إسرائيل لديها وقت محدود لضرب القاعدة قبل تمركز تركيا بها.

وبحسب ما ورد فإن نتنياهو ذكر أن القاعدة ستغلق أمام العمليات الإسرائيلية بمجرد أن تستقر تركيا بها.

ويحمل تعرض الجيش التركي لهجوم من الجيش الاسرائيلي ولو عن طريق الخطأ في طياته خطر تأجيج صدام كبير بالمنطقة، غير أن تركيب أنظمة الدفاع الجوي في القواعد سيؤدي أيضًا إلى ردع الطائرات الإسرائيلية عن خرق الاجواء، حيث تسعى تركيا لنشر أنظمة دفاع جوي من نوع Fortress في القواعد التي تخطط للتمركز بها.

في نهاية المطاف، يهدف الجيش التركي إلى إنشاء نظام دفاع جوي متعدد الطبقات بقدرات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى ضد تهديدات المقاتلات والطائرات المسيرة والصواريخ داخل القاعدة وحولها. وتشمل الخطط النشر المؤقت لأنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع من طرازS-400 حتى يتم الانتهاء من إعادة بناء القاعدة.

وبحسب المصادر الغربية نفسها، يعتقد نتنياهو أنه تم إحراز تقدم وأن المفاوضات مستمرة للتوصل إلى اتفاق لخفض التصعيد مع تركيا في أعقاب الضربات الجوية. وشدد نتنياهو على إصرار إسرائيل على التجريد الكامل لجنوب سوريا من السلاح بما في ذلك وجود تركيا.

وأكد مصدر آخر مطلع على التوتر التركي الإسرائيلي أن كلا البلدين يتفاوضان لإنشاء خط لخفض التصعيد منذ أن ضربت إسرائيل قاعدة تيفور قائلا: “أدلى كل من المسؤولين الإسرائيليين والأتراك بالتصريحات عينها في اليوم نفسه بتأكيدهم أنهم لا يريدون الاشتباك مع بعضهم البعض في سوريا ويبدو أن هذه التصريحات منسقة”.

فيدان: تركيا لا ترغب في الصدام

وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قد أكد في تصريح لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضي أن تركيا لا تريد مواجهة إسرائيل في سوريا.

وذكرت رويترز أن مسؤولا إسرائيليا كبيرا استخدم العبارات نفسها.

وأضاف المصدر أنه على الرغم من التهديدات الواضحة فإنه يمكن لإسرائيل أن تقبل قواعد عسكرية تركية في حماة وتدمر كجزء من اتفاق خفض التصعيد.

هذا وأثار سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول وظهور تركيا كقوة إقليمية مهيمنة في سوريا قلق إسرائيل، التي ترى أن أنقرة قد تشكل تهديدا أكبر من إيران. وتتفاوض أنقرة ودمشق على اتفاق دفاعي منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي عقب الإطاحة بالأسد.

وينص الاتفاق المقترح على توفر تركيا الحماية الجوية والعسكرية للحكومة السورية الجديدة، التي لا تملك جيشا نظاميا بالوقت الراهن.

وتهدف تركيا إلى تكثيف العمليات ضد داعش وهو شرط أساسي للولايات المتحدة للنظر في الانسحاب من المنطقة.

وأكد المصدر أن الولايات المتحدة لا تزال صاحبة القوب الفصل في سوريا وأنه يبدو أن واشنطن تريد من كل من إسرائيل وتركيا وقف التصعيد.

ويشير المسؤولون الأتراك إلى أن تركيا تخطط لإنشاء قواعد عسكرية في شرق سوريا كجزء من حملتها ضد داعش. وتحاول أنقرة إنشاء منصة إقليمية تضم الأردن ولبنان وسوريا والعراق لمواصلة العمليات ضد داعش في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن للانسحاب من سوريا.

ويُنظر إلى قاعدتي التيفور وتدمر على أنها حاسمة ضد عناصر داعش المتبقية في المنطقة، غير أن قلق إسرائيل الرئيسي مع سوريا هو أن نشر عناصر الدفاع الجوي التركية سيحرم الطائرات الإسرائيلية من التجول بالمجال الجوي السوري بشكل مريح وشن غارات جوية.

والليلة الماضية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن خلال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض : “تركيا دولة تربطها علاقة جيدة مع الولايات المتحدة. نريد تجنب الصراع مع تركيا في سوريا”.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، أشاد الرئيس الأمريكي ترامب بالرئيس رجب طيب أردوغان، وقال ترامب لنتنياهو: ”أنا أحب أردوغان وهو يحبني“، مضيفًا: “إذا كانت لديك أي مشاكل مع تركيا، يمكنني حلها. بالطبع، عليك أن تكون عقلانيًا”.

 

Tags: Fortressالتطورات في سورياالتوترات بين تركيا واسرائيلالغارات الاسرائيلية على سورياالقوات التركية في سورياقاعدة تيفور

مقالات مشابهة

  • بعد قرار وزير خارجية سوريا إنهاء مهامه.. الجعفري يحصل على حق اللجوء لدى موسكو
  • تركيا وإسرائيل.. "محادثات فنية" تجنبا للصدام في سوريا
  • أمر أساسي أبقى إسرائيل في لبنان.. معهد في تل أبيب يكشف
  • عون إلى قطر الأربعاء وسلام إلى سوريا الاثنين.. تحفظ قوّاتي على الاستراتيجية الدفاعية؟
  • إيكونوميست: منافسة شرسة بين تركيا وإسرائيل للتأثير على سوريا
  • موسكو تعلن استعادة كورسك وزيلينسكي يعلن اعتقال صينيين يقاتلان مع روسيا
  • هل تعمل تركيا وإسرائيل على صياغة “اتفاقية خفض التصعيد” في سوريا؟
  • التهديدات لم تعد كافية.. إسرائيل تنتقل للتنفيذ وترسم حربها
  • قتلى بغارات على لبنان وإسرائيل تعلن استهداف قيادي بحزب الله
  • كيف تخدم إسرائيل حزب الله؟.. تقريرٌ جديد يتحدّث!