الثورة نت:
2024-12-18@01:48:46 GMT

كيف حوّل جيش الاحتلال المياه في غزة إلى سلاح حرب؟

تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT

كيف حوّل جيش الاحتلال المياه في غزة إلى سلاح حرب؟

 

ما يزيد عن 75 % من آبار المياه في مدينة غزة تعرضت لأضرار كلية أو جزئية

الثورة /وكالات

يكافح خليل البلعاوي من أجل الحصول على جالونين من الماء الصالح للشرب بعد الانتظار في طابور طويل أمام نقطة لتعبئة المياه في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
يقوم الشاب البالغ من العمر 18 عاما بهذا الطقس المرهق يومياً والذي يستغرق من ساعتين إلى ثلاث ساعات ما بين انتظار دوره ونقل المياه إلى أحد مراكز الإيواء.


وما أن يصل الماء يعيد تفريغه في صهريج صغير لتقوم أمه بغليه من أجل تعقيمه، بعدما عانت من إصابتها طفليها (7، 9 أعوام) من التهابات معوية متكررة بفعل تلوث المياه.
وتقول الأم التي فقدت زوجها في الحرب، إن الحصول على الماء بات مشقة كبيرة ليس لعدم توفره ووصوله إلى نقطة نزوحها في إحدى المدارس، وإنما في المخاطر التي يحملها بسبب دمار البنية التحتية للمياه وتلوثها بمياه الصرف الصحي والمخلفات.
وتضيف “أم خليل” أن عملية تعقيم المياه بالغلي ليست سهلة إذ يتعين عليها إبقاء النار موقدة لساعات، وهذا يتطلب المزيد من الحطب مع فقدان الغاز منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة منذ أكثر من عام.
وتجد الأم وأبناءها الكبار مضطرون لهذا العمل، وإلا عليهم مواجهة عواقب تلوث المياه مع فقدان الأدوية وانهيار المنظومة الصحية، مشيرة إلى أن المياه تصل أحياناً فيها شوائب فتعمل على تنقيتها باستخدام شال خصصت لهذا الغرض.
ومع استمرار حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي لشمال قطاع غزة باتت مشكلة مياه الشرب أكثر خطورة في المنطقة. وفي مدينة غزة، تكافح الكثير من العائلات من أجل الحصول على دلو من المياه كل يوم، ومياه الشرب الآمنة والنقية تعد أكبر آمالهم التي يصعب تحقيقها.
كميات محدودة
ويقول المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، إن المياه تصل إلى 40% فقط من إجمالي مساحة المدينة، وأن النازحين يعانون من أجل الحصول على المياه.
وأوضح النبيه في تصريحات صحفية أمس الإثنين، أن كميات المياه التي تصل للمواطنين محدودة جدًا، ولا تبلي كافة الاحتياجات اليومية للطهي والنظافة الشخصية والشرب.
ويشير إلى أن ما يزيد عن 75% من آبار المياه في مدينة غزة تعرضت لأضرار كلية أو جزئية، وأنّ هناك أضراراً طالت ما يزيد عن 100 متر طولي من شبكات المياه مما يجعل عملية إيصال المياه لكافة المناطق مستحيلاً.
ويشدّد النبيه على أنّ عدم توفر المياه بكميات كافية يقود إلى انتشار الأوبئة والأمراض خاصة الأمراض الجلدية.
وفي تقرير سابق، قالت بلدية غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي دمر نحو 126 آلية لخدمة المياه والصرف الصحي، أي ما يعادل 80% من آليات البلدية لاسيما المتعلقة بجمع النفايات ومعالجة الصرف الصحي وخدمات المياه.
وناشدت بلدية غزة المنظمات الدولية والمؤسسات الأممية بضرورة المساهمة العاجلة في حل أزمة المياه في المدينة، من خلال زيادة كميات الوقود لزيادة ساعات تشغيل الآبار بالإضافة إلى إدخال الآليات والمعدات الثقيلة اللازمة لصيانة خطوط وشبكات المياه.
نقص الوقود وارتفاع سعره
ويشتكي محمود الغول من مدينة غزة صعوبة كبيرة جداً في تأمين الوقود اللازم لتشغيل مولد كهربائي يستخدمه الأهالي لرفع المياه من أحد الآبار التي حفرت في منزل لم يكتمل بناؤه قبل الحرب.
ويقول محمود، يوجد في الحي الذي أسكنه نحو 20 عائلة، ونتشارك فيما بيننا لتأمين المال اللازم لشراء الوقود من السوق السوداء، مشيراً إلى أن تكلفة شراء الوقود عالية جداً وتتجاوز سعره الطبيعي بعشرة أضعاف. لكن محمود يرى أن تلك التكلفة أفضل من الحصول على مياه ملوثة أو تلوثها في أثناء النقل.
ويوضح أن الحرب خلفت آثاراً كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر الإمدادات بشكل عام.
وتمثل المياه النظيفة دوما مورداً محدوداً في غزة، حيث تعتمد المنطقة بصورة كبيرة على شبكة من الآبار ومحطات التحلية لتزويدها بالمياه.
وفي مارس قال بيان مشترك صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء، وسلطة المياه، إن إجمالي المياه المتوفرة آنذاك في قطاع غزة يقدر بحوالي 10-20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، حيث تخضع تلك الكمية لتوفر الوقود.
وأضاف أن حرب الإبادة خلفت آثارا “كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر الإمدادات بشكل عام، “إذ تم تدمير 40% منها، وتعطلت المضخات الرئيسية بسبب القصف أو بسبب نفاد الوقود”، وفق البيان.
وتراجعت حصة الفرد الفلسطيني في قطاع غزة من المياه بنسبة 96.5% خلال الحرب، حيث بالكاد يستطيع المواطن في قطاع غزة الوصول إلى ما بين 3-15 لترا من المياه يومياً، بحسب البيان.
عواقب صحية كارثية
وتقول وكالات الإغاثة إن نقص المياه النظيفة وتدفقات مياه الصرف الصحي غير المعالجة يشكلان تهديداً خطيراً للصحة. ويأتي هذا التدمير على الرغم من واجب الاحتلال الإسرائيلي في حماية البنية التحتية الحيوية بموجب قواعد الحرب، ما لم يكن هناك دليل على استخدام المواقع لأسباب عسكرية.
وتقول د. ناتالي روبرتس، المديرة التنفيذية لمنظمة أطباء بلا حدود في بريطانيا، إن تدمير مرافق المياه والصرف الصحي أدى إلى “عواقب صحية كارثية على السكان”، مشيرة إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإسهال بشكل كارثي.
وفي الحالات الشديدة جدًا، يمكن لهذا المرض أن يقتل الأطفال الصغار والضعفاء. ووفقا لأطباء بلا حدود، فإن معدلات الإصابة بالتهاب الكبد من النوع الأول (A)، الموجود في المياه الملوثة، والذي يشكل خطورة خاصة على النساء الحوامل – مرتفعة أيضا.
ولفتت إلى الأرقام التي سجلت في جنوب قطاع غزة للإصابة بالأمراض الناجمة عن تلوث المياه، حيث نزح نحو مليوني إنسان قسرياً، مبينة أن خطر ظهور الكوليرا في غزة لا يزال قائماً.
وخلص مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة “أوتشا” إلى أن جميع مصادر المياه في غزة لا تنتج، منذ الربع الأول من عام 2024، سوى 5.7% فقط من المياه، مقارنة بمستويات الإنتاج قبل الحرب، ولا تزال مياه الشرب الآمنة ومياه الاستخدام المنزلي، ومن ضمن ذلك النظافة الشخصية، محدودة للغاية.
المياه كسلاح في الحرب
ويقول مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، إن جيش الاحتلال استخدم للمياه كسلاحَ في الحرب على غزة، وأدى ذلك إلى تحويل ما كان أزمة صحية عامة دائمة إلى كارثة إنسانية.
ويقول الباحث خوان كول في ورقة بحثية بعنوان “توظيف أزمة المياه سلاحاً: تدمير إمدادات المياه في غزة”، إن استهداف مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، التي لم يعد لها أثر على الإطلاق في العديد من مدن غزة، كان مقصودًا بغية التسبب في أزمات صحية لأهالي القطاع.
ويضيف أن شدة وحجم الضرر والدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال بالبنية التحتية للمياه، والذي يمكن رصده من خلال الأقمار الصناعية، إلى أن هذا كان تكتيكًا متعمدًا للحرب، ويمثل جزءًا من تدمير البنية التحتية المدنية بشكل عام، من خلال استخدام قنابل تزن 2000 رطل على المجمعات السكنية المكتظة.
وتنص المادة 51 من الفصل 20 من قواعد برلين بشأن الموارد المائية، التي اعتمدت في مؤتمر “رابطة القانون الدولي” في آب/ أغسطس 2004، على أنه “لا يجوز للمقاتلين، تحت أي ظرف من الظروف، مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو جعل المياه والمنشآت المائية الضرورية لصحة ونجاة السكان المدنيين غير صالحة للاستخدام إذا كان من المتوقع أن تترك هذه الأفعال السكان المدنيين بمياه غير كافية تسبب وفاتهم نتيجة نقص المياه، أو تجبرهم على النزوح”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الحرب النفسية .. والأساليب غير المعروفة

قال نابليون بونابرت: إن حرب العقول أقوى من حروب الأسلحة؛ إذ أن هناك قوتين فقط في العالم: العقل والسيف، وفي المدى “الطويل” العقل دائما ما ينتصر على السيف.

ومع حرب الإبادة المستمرة في غزة وبشاعة التدمير الذي حدث قبل الانسحاب من لبنان، تتزايد “شراسة” الحرب النفسية على البلدين بصورة غير مسبوقة، في محاولة لكسب ما عجز الاحتلال عن تحقيقه بالقوة العسكرية..

الحرب صراع بين دول يتسم بالعنف لفرض ما يريده كل طرف بالقوة، ولا تقتصر على استخدام الأسلحة، وتتسع لتشمل الحرب النفسية؛ حيث بذل “أقصى” الجهد للنيل من القوة المعنوية للعدو وضربها في مقتل؛ لأنها من أسباب الانتصار.. وكذلك إضعاف ثقة شعب العدو به بنشر دعاية مضللة لها “تبالغ” في قوة العدو وتضخم من إنجازاته في الحرب، وتقلل في الوقت نفسه من إنجازات الطرف الآخر وتوحي بهزيمته أو الاقتراب منها، وتثير الرعب في نفوس الشعب “بالتركيز” على المذابح التي يرتكبها العدو؛ لإخافتهم وتعمد “إخفاء” هزائمه وخسائره، ليبدو وكأن الطرف الآخر هو “وحده” الذي يخسر..

وهو ما يفعله الاحتلال ويحقق هدفين في الوقت نفسه رفع معنويات شعبه “وإيهامه” بأنه يقترب من النصر ويحطم ثقة شعب العدو في جيشه، فيعلو صوت السخط وينفض من حوله ولا يدعمه فينهزم من “الداخل”.

فنرى تعمد تصوير هدم البيوت في غزة، ثم في لبنان، وتصوير نزوح السكان في البلدين؛ في مشاهد مؤلمة تترافق مع تصريحات “كاذبة” بالإجهاز على المقاومة في غزة وفي حزب الله، وتناسي أنهم يقولون ذلك منذ عام وشهرين، وما زالت الصواريخ تنطلق بغزارة من لبنان، وما زالت الكمائن تنتظرهم في غزة؛ حيث يخرج لهم المقاومون من وسط الأنقاض، ويقتلون جنود الصهاينة من مسافة صفر، في بسالة وشجاعة ليس لها سابقة في التاريخ المعاصر..

تهدف الحرب النفسية إلى “تمزيق” وحدة الشعب بإثارة النعرات الطائفية، كما يحاول الاحتلال فعله في لبنان، فيصور الحرب “وكأن” حزب الله هو المسئول عنها، بينما احتل لبنان عام 1982 قبل ميلاد الحزب، ويحاول جعل حماس “المسئولة” عن الحرب، بينما احتل فلسطين منذ 80 عامًا قبل نشوء حماس وفصائل المقاومة بعشرات الأعوام.

أفشلت غزة ولبنان هذا المخطط، ولا ينفي ذلك ظهور بعض الأصوات التي تردد كلام الصهاينة؛ فلا يوجد مجتمع في الكون يخلو من بعض ضعاف النفوس أو ممن يضعفون “أنفسهم” أثناء الحروب “ولا” يتكاتفون، المقاومون هم من يدافعون عنهم وعن كرامتهم “وحقهم” المشروع في العيش بحرية، وحرمان العدو من “سرقة” ثرواتهم وأراضيهم.

يثبت الواقع “كذب” وفشل الحرب النفسية، إذ كتبت صحيفة “هآرتس”: حزب الله لا يزال ينجح في تعطيل الحياة تمامًا في الشمال، وفرض روتين الإنذار في الوسط، ومن الواضح أنه يريد حرب استنزاف.

بينما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت”: “وحدة الجبابرة” الإسرائيلية تشكو من عدم حماية جنودها!! وقال رئيس أركان جيش الاحتلال “هرتسي هاليفي” أثناء زيارته لقاعدة جولاني التي استهدفها حزب الله: نحن في حالة حرب، والهجوم على قاعدة تدريب في العمق صعب والنتائج “مؤلمة”.

ولا شك أنه لا يقصد بالنتائج الخسائر في القاعدة وفي الجنود فقط؛ فهي تمتد للخسائر النفسية التي تصيب الجنود بالخوف في أماكن تدريبهم على قتال العدو، فإذا بالعدو يصل إليهم وهم يتدربون لقتاله.

وقالت “سي إن إن” على الرغم من الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل، فإن الجيش الإسرائيلي لا يزال يواجه مقاومة شرسة من حزب الله، وأحد الجنود الإسرائيليين قال إن الحرب على الحدود مع لبنان مختلفة تمامًا عما شهده في غزة.

من أهم “أدوات” الحرب النفسية للصهاينة الاستخدام المفرط “والوحشي” للقنابل والمبالغة في التدمير والتمادي في “الترويع” لأهل غزة؛ حيث يخبرونهم بضرورة النزوح وإخلاء منازلهم على الفور وإلا سيهدمونها فوق رؤوسهم، ثم “يباغتونهم” غدرًا كعادتهم أثناء النزوح ويقذفونهم لتحقيق أكبر ما يمكن من الترويع.

هذا بالإضافة بالطبع إلى هدم البيوت بلا إنذار على رؤوس الناس، وغالبًا وهم نيام لمضاعفة الفزع “أملًا” في دفعهم للهجرة، وأيضًا لتخويف الناس في الضفة من هذا المصير.

وهو ما فعلوه في جنوب لبنان “لعقاب” المقاومة اللبنانية على “دعمها” لغزة منذ 8 أكتوبر 2023.

من أبواب الحرب النفسية “إضعاف” عزيمة العدو وإشعاره بعدم جدوى الحرب والمبالغة في تصوير قوة المعتدي مقابل قوة المدافع؛ والثابت أن كل مقاومة في التاريخ كانت قوتها العسكرية “أقل” من قوة المعتدي؛ لذا نجح أولًا في العدوان، لكن المقاومة التي “واصلت” الكفاح انتصرت مع قلة قوتها العسكرية، “وعوضت” ذلك بقوة العزيمة والثبات وعدم السماح بالتراجع وهزيمة النفس.

رأينا اعتقال مئات في غزة وتجريدهم من ملابسهم وتصويرهم “لإذلالهم” ونشر الشعور بالهزيمة وفشلوا، فرأينا في الصور التي بثها الاحتلال “معتلقين” يرفعون أيديهم بعلامة النصر، ويثبتون أن الشموخ والعزة لا أحد يستطيع انتزاعهما من الروح “إلا” إذا استسلم الإنسان.

في فيديو رائع بعنوان أصحاب الأرض ظهر شابان لبنانيان وهما يحملان “أريكة” ويضعانها أمام بيتهما الذي دمره الصهاينة وأصبح حطامًا.. يجلس الشابان على أريكة بعد أن يضعا أمامهما طاولة صغيرة، ويحضران “إبريقًا” من الشاي وبضعة أكواب ويتناولان الشاي بهدوء “لافت” واستمتاع واضح جدًا، وبعدها يتوافد عليهم بعض الشباب الذين يتناولون الشاي وسط الركام بنفس الهدوء والاستمتاع وينصرفون، ليرفع الشابان أياديهم بعلامة الانتصار!! وتكتب على الشاشة “أصحاب الأرض”.

نجلاء محفوظ – بوابة الأهرام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مستشفى كمال العدوان: الاحتلال استهدف خزانات المياه ونعيش أياما سوداء
  • فصائل تعقب على مشاهد التي نشرتها قناة الجزيرة
  • المطران عطا الله حنا: يجب أن تتوقف الحرب التي يدفع فاتورتها المدنيين الأبرياء
  • رئيس "طود الأقصر" يوضح الموقف التنفيذي لمشروعات المياه والصرف الصحي
  • صحيفة هآرتس العبرية: سلاح الجو الإسرائيلي يستعد لمهمة كبرى
  • الناطق باسم كتيبة جنين للجزيرة: أمن السلطة يريد جنين بلا سلاح مقاومة
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال
  • مقترح إسرائيلي بتفعيل نظام سلاح آلي في الضفة الغربية
  • القاهرة الإخبارية: مقترح إسرائيلي بتفعيل نظام سلاح آلي في الضفة الغربية
  • الحرب النفسية .. والأساليب غير المعروفة