لجريدة عمان:
2024-09-28@07:21:19 GMT

الفيلم الوثائقي: قيمة معرفية وأكثر

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

كرمت وزارة الإعلام مؤخرا الفائزين في مهرجان تونس للإعلام العربي. تنوعت البرامج التي حصدت الجوائز في موضوعاتها وأشكالها الفنية ولكن الملفت هو حصول ثلاثة أفلام وثائقية على مراكز متقدمة في المهرجان.

هي بالتأكيد ليست المرة الأولى فلطالما كانت مشاركات السلطنة في المهرجانات العربية في مجال الإنتاج الوثائقي متميزا.

المتتبع للإنتاج الوثائقي في السلطنة لن تفوته ملاحظة هذه الإمكانية الهائلة التي تتوفر لدينا والتي يمكننا استثمارها بالتأكيد بشكل أفضل.

أقول جدلا لا زال الفيلم الوثائقي «بأشكاله الكلاسيكية» يحتفظ بشريحته المهتمة من الجماهير وأقول في قراءة للواقع وما يرصده من بعض البحوث المتوفرة أن الأنماط الجديدة للنشر متمثلة في وسائل النشر الإلكتروني والأشكال الجديدة التي تهتم بالإيفاع الجذاب وبراعة تكثيف الحدث واختصاره في وقت قصير وتقنيات السرد الجديدة أعطت الأفلام الوثائقية زخما جديدا ومدت في عمرها (عمر جماهيريتها في وقت يتنبأ فيه البعض بموت أشكال وإحلال أخرى محلها) ووسعت شريحة المتابعين لها والمتأثرين بها. بل ولأن العصر الذي تلاشى فيه الفارق بين الصحفي وجمهوره ازداد عدد المشتغلين والمنتجين لهذا النوع حيث تمكن العديد من الهواة من إنتاج مواد توثيقية تضاف لهذا الإنتاج.

وربما ليس أدل على نجاح الأفلام الوثائقية وقدرتها على الاحتفاظ بجماهيريتها من وجود العديد من المهرجانات والجوائز العالمية التي تمنح سنويا للبارزين في هذا المجال. وإن كانت الأفلام الروائية هي الأكثر بروزا وحضورا وقوة في التأثير الآن فإن ذلك لم يلغ الأفلام الوثائقية من قائمة الجوائز التي تمنحها الأوسكار على سبيل المثال.

لم يعد خافيا أو أمرا قابلا للجدل أن الإعلام بإنتاجه المختلف أحد أشكال القوة الناعمة التي يمتد تأثيرها لما هو أبعد من تشكيل وتوجيه الآراء السياسية إلى التأثير على منظومة القيم والأخلاق والهويات وتحديد التبعية والهيمنة الثقافية. ورغم أنه من المنطقي القول إن القوة الناعمة تطلب شكلا من أشكال التفوق السياسي والاقتصادي والعسكري إلا أنه من الملاحظ أنه ثمة انفلات من هذه القاعدة في بعض الحالات مكنته أساليب النشر الحديث واهتمام البعض تحديدا بتعويض (الضعف إن صح القول عسكريا وسياسيا وربما اقتصاديا) بتبني أساليب أخرى للدفاع عن قضاياها أو نشر آراءها وثقافتها. ناهيك عن أن فكرة والتفوق تتدرج في مستويات مختلفة. فنحن يمكن أن نتحدث عن هيمنة عالمية إقليمية أو محلية فالقوى المختلفة تتخلق بتوازناتها الخاصة في محيطها المعنية به وفي كثير من الأحيان لا يمكن فصلها عن التكوينات الثقافية الأخرى الاجتماعية والدينية مثلا هذه أيضا تشكل متغيرات فاعلة في مدى تقبل وانتشار الرسالة التي يراد إيصالها باستخدام أحد أساليب القوى الناعمة وهنا تحديدا نتحدث عن الإعلام.

عليه يبدو الفيلم الوثائقي أحد الموارد المتاحة والتي لا تقدم المتعة فقط وقيمة فنية ومعرفية بل تصنع ما هو أكثر من ذلك إن أردنا. وبالتأكيد نحن نريد لأننا جزء من عالم يتصارع أو يتعايش ويتحد في منظومة متباينة ومتغيرة على الدوام من القيم والمعايير. ولا يمكننا أن نعبر هذا العالم مغمضي العينين عن كل ما يدور حولنا. فعلى سبيل المثال نحن جزء من هذا العالم الذي تتعالى فيه أصوات وتشتد محاولات لفرض قيم وأخلاق لا تناسبنا في سعي لتحويل العالم إلى مسخ مستنسخ وليس شهر ( الفخر/ النخر) عنا ببعيد فرسائله المباشرة والمخبأة كانت تصلنا بشتى الطرق. ونحن جزء من منظومة التحولات السياسية والاقتصادية كذلك وفي سعينا للحفاظ على هويتنا وتقديم أنفسنا لأنفسنا وللآخرين فإن الأفلام الوثائقية تتيح بجاذبيتها الجماهيرية فرصة للتوثيق والكشف والتعريف.

رغم الإنتاج المتميز ووجود كفاءات واعدة في مجال الإنتاج الوثائقي فلا يبدو أننا إلى الآن استثمرنا في هذا المجال بالدرجة الكافية لأن نشير إليه على أنه أحد الأدوات التي يمكن أن نحقق من ورائه غايات بعينها أو تبرز تميزنا وتعرف عنا حقيقة. لأن ذلك يحتاج لتخطيط استراتيجي حقيقي أن توضع موازنات وأفكار إبداعية وخطط ترويج وغيرها. ربما كان التلفزيون العماني من أوائل الذين اهتموا بالإنتاج الوثائقي في منطقة الخليج على أقل تقدير ووجود بيئة جاذبة من الموضوعات وتوفر مادة بيئية وثقافية تاريخية فنية شعبية إلى آخره يمكن أن تحول إلى أفلام ناجحة شجع هذا الاهتمام بالإضافة إلى الاعتماد عليها مبكرا كأحد طرق الترويج السياسي وتوثيق المشاريع والتطور التنموي. أظنه الأمر الذي أكسب المشتغلين في المجال بعض الخبرة الضرورية لكن ذلك لم يبن عليه أي تطوير دراماتيكي. ظل نمو القطاع متأنيا جدا ويسير ببطء لا يتناسب مع الإمكانيات الهائلة التي يمكننا التحصل عليها. وسبقتنا في حين كان يمكن أن يكون لنا السبق شبكة الجزيرة بتخصيص قناة للأفلام الوثائقية وتخصيص مهرجان والاهتمام بالمشتغلين والباحثين في هذا المجال.

أظن أنه ما زال لدينا فرصة هائلة أن نستثمر في هذا القطاع الواعد. القناة الثقافية تعد نواة يمكن البناء عليها. وجود مواهب في التصوير والكتابة والإخراج والمونتاج والجرافيكس وغيرها من التقنيات هي أحد الموارد المتوفرة بالتأكيد نحن نحتاج أن نوسع آفاق المشتغلين ليتجرؤوا في تجريب أساليب فنية جديدة ويفكروا في زوايا للطرح مختلفة. هم كذلك بحاجة للخروج من عباءة المواضيع المكررة والمستهلكة وتوسعة طرق التناول والمجالات التي يمكن أن يكون الفيلم الوثائقي فيها فاعلا ونضيف إلى الاشتغال في مواضيع الثقافة والتاريخ والتراث موضوعات سياسية بيئية اجتماعية وغيرها.

نحن بحاجة كذلك أن نفرد على الطاولة كذلك مخططات واعية لماذا نريد على مستوى القيادات وربما لاحقا على مستوى الجمعيات والأفراد والمنظومات الأهلية (التي بالضرورة ستكون لها مساراتها والتي يتوفر لها الآن إن تنبهت إمكانية الاعتماد على هذه الأداة بموازنات مالية متواضعة إن عوضت بفكر إبداعي ومهارات فنية هائلة) ماذا نريد من هذه الأداة أن تقدم لنا ونرفق ذلك بالخطط اللازمة والتقييم وخطط الترويج. لكن علينا أولا أن نقتنع أن هذا الحصان رابح. لقد جربنا لحد ما الاستثمار في الدراما وربما أقول في الفنون التشكيلة وإن كان بشكل متواضع. أظن أن الإنتاج الوثائقي يستحق الالتفات ولكن لنفعل ذلك كما يجب برؤيا واضحة وتخطيط استراتيجي لأنه التفات يفترض أنه مبني على قناعة وتبنٍ وليس على سبيل التجربة. وأظن فعلا أننا إذا قمنا بالأمر بالشكل الصحيح فإن النتائج ستكون مبهرة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفیلم الوثائقی التی یمکن یمکن أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

الشروع في تعويض المتضررين من الفيضانات الأخيرة ..وهذه قيمة التعويضات 

كشف مندوب المخاطر الكبرى بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، عبد الحميد عفرة، أنه تم الشروع في إجراءات تعويض المتضررين من الفيضانات التي شهدتها عدة ولايات في الآونة الأخيرة.

وهذا امتثالا لأوامر رئيس الجمهورية، الذي شدد على ضرورة الإسراع في تقديم الدعم للمتضررين. مشيرا إلى أن ولاة الجمهورية شرعوا في 10 سبتمبر الجاري بتفعيل اللجان الولائية المختصة لإحصاء جميع المتضررين بدقة تمهيدًا لتعويضهم.

وأكدعبد الحميد عفرة خلال ننزوله ضيفا على برنامج “ضيف الصباح” للقناة الإذاعية الأولى اليوم ، أن “عدد المتضررين من الفيضانات الأخيرة تجاوز الألف شخص، مشيرًا إلى أن الأضرار شملت أساسًا القطاع الزراعي، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمنازل والأثاث والأجهزة المنزلية”.

وأضاف عفرة  أن “الأحداث المناخية التي شهدتها الجزائر بين 7 و9 سبتمبر الجاري تعد من بين الأحداث القصوى والاستثنائية. ففي ولاية بشار وحدها، سجل تساقط 120 ملم من الأمطار في ثلاث ساعات فقط، وهي كمية كانت تُسجل عادة على مدار عام كامل”.

كما أشار ذات المسؤول إلى أن “الأضرار التي لحقت بالمنازل المؤمنة، خاصة في ولايتي بشار والنعامة، سيتم تعويضها بنسبة 100 بالمائة بعد تصنيف هذه المناطق كمنكوبة”.

ووفقا لـ عفرة فان “قرارًا مشتركًا بين وزارتي الداخلية والمالية بصدد الإعداد لتحديد المناطق المتضررة”.

بالنسبة للمواطنين الذين لم يؤمّنوا منازلهم ضد الأضرار، فسيحصلون على إعانات مالية تتراوح بين 300 ألف دج و700 ألف دج، حسب درجة الضرر التي تحددها الهيئة التقنية لمراقبة البناء.

وفيما يتعلق بتعويضات الأثاث والأجهزة المنزلية، أكد عفرة أنه “سيتم صرف التعويضات من صندوق الكوارث الذي تم تفعيله من قبل وزارة الداخلية والجماعات المحلية، دون الحاجة إلى إعلان المناطق المتضررة كمناطق منكوبة”.

أما عن الأضرار الزراعية، فقد أشار ضيف الصباح إلى أن “الفيضانات تسببت في تلف العديد من البساتين وأشجار النخيل والمواشي، وسيتم تفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث الفلاحية لتعويض المزارعين، ويتطلب ذلك إصدار قرار وزاري مشترك بين وزارات الداخلية والفلاحة والمالية لتصنيف المناطق المتضررة كمناطق منكوبة”.

مقالات مشابهة

  • مخاطر القلب والأوعية الدموية.. ما هي الاختبارات التي يمكن أن تشير إلى أمراض القلب
  • خلال أيام.. 600 شهيد وأكثر من 100 ألف نزحوا في لبنان
  • الصحة اللبنانية: 44 شهيدا وأكثر من 100 جريح في الساعات الـ 24 الأخيرة
  • 27 تريليون درهم قيمة الاقتصاد الإبداعي الرقمي العالمي بحلول عام 2030
  • بـ قيمة 62 ألف دولار.. ارتفاع في واردات مصر من هواتف المحمول خلال النصف الأول من 2024
  • 1247 شهيدا وأكثر من 5 آلاف جريح بالغارات الإسرائيلية على لبنان
  • لبنان.. حصيلة الغارات الإسرائيلية يوم الأربعاء بلغت 72 شهيدا وأكثر من 392 جريحا
  • الشروع في تعويض المتضررين من الفيضانات الأخيرة ..وهذه قيمة التعويضات 
  • لبنان .. 51 شهيداً وأكثر من 220 جريحاً جراء الغارات الإسرائيلية الأربعاء
  • مفوضية اللاجئين: الحرب دمرت مناطق عدة في لبنان ولا يمكن قبول الخسائر التي لحقت بالمدنيين