هل الدعاء بعد إقامة الصلاة بدعة؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
كشفت دار الإفتاء المصرية عن حكم الدعاء بعد الإقامة للصلاة، موضحة أنها مستحبة وأن إقامة الأذان لها نفس آداب الصلاة يجب الحفاظ عليها، ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه -أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: أن بلالًا رضي الله عنه أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقَامَهَا اللهُ وَأَدَامَهَا».
حكم الدعاء بعد إقامة الصلاة
وأوضحت الإفتاء أن قول الدعاء المأثور: "اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة، والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهم مقامًا محمودًا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم أقمها وأدمها ما دامت السماوات والأرض" بعد الإقامة ليس هو من السنن السيئة التي لا تتفق مع أحكام الشريعة وأصولها حتى توصف بأنها بدعة مذمومة.
وأضافت أنه قد ورد استحباب قول هذا الدعاء في السنة النبوية الشريفة بعد سماع الأذان على وجه الإطلاق؛ فقد أخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ».
وقالت الإفتاء: والإقامة هي في الحقيقة نوعٌ من الأذان لغةً؛ لأن الأذان في اللغة هو الإعلام، والإقامة شرعت للإعلام بالشروع في أداء الصلاة، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسمية الإقامة بالأذان؛ فأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ -ثَلَاثًا-؛ لِمَنْ شَاءَ»، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 107، ط. دار المعرفة): [قوله: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ» أيْ: أذانٍ وإقامة، ولا يصح حمله على ظاهره؛ لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطقٌ بالتخيير؛ لقوله: «لِمَنْ شَاءَ»] اهـ.
مفهوم البدعة
وأوضحت الإفتاء أن علماء الإسلام قسموا البدعة إلى: بدعةٍ حسنة، وبدعة سيئة، أو بدعة ضلالة، وبدعة هدى.
فبِدعة الهدى هى التي توافق تعاليم الإسلام وأصول الشريعة، وهي المرادة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ».
وأما بِدعة الضلالة فهي التي لا تتفق مع مقاصد الشريعة وأصولها، وهى التي عناها الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله في حديث مسلم: «وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»، وبقولـه صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، قال الترمذي: [هذا حديث حسن صحيح] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء إقامة الصلاة الدعاء الصلاة النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
دعاء الصائم قبل الإفطار لتفريج الهم والكرب.. احرص عليه الآن
الصيام ليس مجرد عبادة بدنية تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة روحانية تفتح أبواب القرب من الله، وتذكّر الإنسان بحقيقة ضعفه وحاجته إلى مولاه.
ومن أعظم ما يمكن أن يفعله الصائم في لحظات الإفطار أن يرفع يديه إلى السماء متضرعًا بالدعاء، متيقنًا بأن الله قريب مجيب، وأن رحمته وسعت كل شيء.
وقد بشّرنا النبي ﷺ بأن للصائم عند فطره دعوة لا تُرد، فقال في الحديث الشريف: "ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم" (رواه الترمذي). وهذا يدل على أن لحظة الإفطار هي من أرجى الأوقات لقبول الدعاء، خاصة لمن كان يحمل همًا أو كربًا، أو ضاقت به الدنيا وأثقلته الأحزان.
فإن كنت تمر بضيق أو تشعر بأن الهم قد غلبك، فلا تحزن، فإن الله أقرب إليك مما تتصور، يسمع نجواك، ويعلم بحالك، ولا يحتاج منك إلا أن تلجأ إليه بقلب صادق، ولسان ذاكر، ودمعة خاشعة، فتقول:
"اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقدرتك التي قهرت كل شيء، أن تفرّج عني ما أهمني، وتكشف عني ما أحزنني، اللهم يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، ويا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدًا فقرّبه، وإن كان قريبًا فسهّله، وإن كان قليلًا فبارك لي فيه، وإن كان كثيرًا فاجعلني من الشاكرين."
ثم توسّل إلى الله بأسمائه الحسنى، وقل:
"اللهم يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي."
ثم استغفر الله وأكثر من الصلاة على النبي ﷺ، وقل:
"اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، اللهم صلّ على سيدنا محمد في الأولين، وصلّ على سيدنا محمد في الآخرين، وصلّ على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، اللهم اجعل صلواتنا عليه سببًا في رفع البلاء، وتفريج الكرب، وقضاء الحوائج، وشفاء الأسقام، ودفع الشرور، وزيادة البركات، وحسن الختام."
بعد أن تنتهي من الدعاء، اجعل قلبك ممتلئًا باليقين أن الله قد سمعك، وأنه لن يخيب رجاءك، فهو القائل في كتابه العزيز:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقوله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ﴾ [النمل: 62].
فلا تظن أن دعاءك يضيع، ولا تيأس إن تأخرت الإجابة، فإن الله أعلم بحالك، وأرحم بك من نفسك، وقد يؤخر الاستجابة لحكمة، أو يدّخر لك بها خيرًا في الدنيا أو الآخرة، أو يصرف بها عنك شرًا لا تعلمه.
أفضل ما يفعله الصائم مع الدعاءإلى جانب الدعاء، هناك أعمال يحبها الله وتكون سببًا في تفريج الهموم، منها:
الاستغفار: قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًا﴾ [نوح: 10-12].
الصدقة: فهي ترفع البلاء وتطفئ غضب الرب، كما قال النبي ﷺ: "داووا مرضاكم بالصدقة" (رواه الطبراني).
حسن الظن بالله: فالله عند ظن عبده به، فإن ظن به خيرًا وجده، وإن ظن غير ذلك فليتحمل عاقبة سوء ظنه.
قراءة القرآن وتدبر معانيه: فالقرآن هو النور الذي يبدد ظلام القلب، وهو الشفاء الذي يزيل الأوجاع، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82].
لا تجعل لحظة الإفطار تمر دون أن ترفع يديك بالدعاء، فما أجمل أن تبدأ فطرك بشكر الله وحمده، وما أكرم أن تجعل دعاءك سبيلاً إلى الفرج والتيسير، وما أعظم أن تطرق باب الكريم الذي لا يرد من دعاه.
فاثبت على الدعاء، وأحسن الظن بالله، وتذكر أن الله قريب منك، أقرب مما تتصور، فلا تترك الدعاء، ولا تيأس من رحمته، وكن على يقين بأن الفرج آتٍ، والهم زائل، بإذن الله الرحمن الرحيم.