رانيا حسن تكتب.. كلامك بالعربي فخر ليس عيباً ولا حراماً
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
"أهلاً وسهلاً بكم في عالَمٍ من الجمال {لغة الضاد} تلك اللغة العربية الساحرة التي تبوأت مكانتها بين اللغات ، إنها لغة أهل الجنة، ولغة القرآن الكريم التي بها أنزلت آيات الهداية.
يا لها من لغة أصيلة تحمل في طياتها عظمة التاريخ وعمق الثقافة، فهي ناطقة بلسان 27 دولة، تُعتبر لغة رسمية، إضافةً إلى العديد من الدُّول التي تُستخدم فيها بجانب لغات أخرى.
يا لغة الأمل، يا صدى الأجداد .
في الأونة الأخيرة، بدأت أرى كيف أن لغتنا الجميلة تتغير وتكتسب مفردات جديدة غريبة، هذا بسبب وجود التعليم الأجنبي في مجتمعنا، سواء كان إنجليزياً أو ألمانيا أو فرنسياً أو غير ذلك. أصبح الحديث بالعربية يُنظر إليه وكأنه أمر أقل رقياً، في حين أن التحدث باللغات الأخرى صار مقياساً لتحضُّر الشخص وتقدُّمه ومكانته الاجتماعية.
ما هذا العبث؟!
ألهذه الدرجة يجري الاستهزاء بلغتنا، اللغة التي نزل بها القرآن الكريم تكريمًا لها، اللغة العربية، لغة أهل الجنة؟! البعض يتنكر لها وكأنها عار يلصق به، فما هذا؟
ثقافات غريبة اجتاحت مجتمعنا منذ التسعينات، ومع دخول التعليم الدولي وانتشار المدارس الباهظة، تغيّرت لغتنا ولغة أطفالنا على حد سواء.
ثم جاءت كارثة تدعى "الفرنكوارب"، حيث تُكتب العربية بحروف إنجليزية، بلغة اخترعها الأولاد نتيجة الفوضى التي يعيشونها بين تعليمهم واندماجهم في لغة أخرى غير لغتهم الأم. أصبحوا يعيشون تلك اللغة الأخرى، ويعبّرون بها عن أنفسهم، فتخلوا عن لغتهم الأصلية. أترون الكارثة؟!
"استقيموا يرحمكم الله...
حينما تستخف بلغة أهلك، تتجاهل هويتك العربية، وعندما تمجد لغات أخرى، فإنما تُعلي من شأنها وتنسى قيمتك. وهذا لا يعني أنني أدعو إلى عدم تعلم اللغات، بالعكس، تعلموا أكثر من لغة، وأتقنوا كل واحدة منها. فمن يعرف لغة قوم، يضمن سلامته. ولكن، يجب أن نفهم أن تعلم لغة جديدة لا يعني العيش في كنفها، بل عليك أن تظل متمسكًا بجذورك وفخرك بهويتك."
كلامك بالعربية يدعو للفخر، فهو ليس عيباً ولا حراماً. أعلم أن هذه قضية حساسة، لكن يجب علينا أن نُنبه للخطر، فإحياء لغتنا العربية في مدارسنا بات ضرورة ملحة. يجب أن نلزم الإعلاميين في الإعلام المصري بالتحدث بالعربية الفصحى، وألا يستخدموا أي لغة أخرى إلا في البرامج المخصصة لذلك. ومن المهم أيضاً أن نعيد اختبار اللغة وسلامة مخارج الألفاظ عند اختيار المذيعين والإعلاميين.
ندعو لنشاهد سينما نظيفة لغوياً، وعلينا أن نتجنب اللغة الهزيلة التي سيطرت على العديد من الأفلام منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. يجب علينا أن نرتقي بلغتنا، وأن نكون على قدر قيمتها وعظمتها.
علينا أن نبدأ بأنفسنا، لنعيد إلى لغتنا مكانتها، فهي تعبر عن هويتنا. دعونا نغرس هذه القيمة في نفوس أبنائنا منذ الصغر، لنصحح أخطاء الماضي معاً. فلغتنا العربية خط أحمر، والوقت قد حان لتجديد العهد معها.
وختاماً
سطرت هذه الكلمات حباً في لغة الضاد :
أنتِ جَمال الروح
ونسيم السماء
لغةُ الجنة
كيف لا تكونين
وأنتِ من نطق بها
رسولٌ قدسي
أصيلةٌ كالأرض
كنجوم الليل
تُهدي كرام الأمة
سُبل العز
في قلوبِ ٢٧ وطناً تجري
كأحلامٍ
تسافر في سماءٍ من الأزرق،
وما يزيد عن مليون نبض
تكنّ لكِ المحبة
وتشدو بأحرفكِ
أيها الحرف
أنتِ صوتُ الفجر
ومفتاحُ الأبواب إلى الخلود.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
حنان أبو الضياء تكتب: توفيق الدقن "العبقري".. المظلوم حيًا وميتًا
بعدما فرغت من الكتابة.. مضطر ومجبر على طرح أكثر الأسئلة حيرة وإرباكا، هل نال توفيق الدقن ما يستحقه من شهرة ونجومية وتحليق؟ فيها رصد للحياة السياسية والاقصادية والاجتماعية بمصر فى الفترة من الثلاثينات إلى الثمانينات .. وما حدث فيها من متغيرات كثيرة سنلاحظها بوضوح فى الأعمال المسرحية والدرامية "إذاعية وتليفزيونية" وفى السينما التى قدمت رصدا شديد الدقة .. وشارك فى كل ذلك الراحل الكبير توفيق الدقن بعبقرية فذة . تلك الأسئلة هى المؤشر الذى يتجه بك الى عالم المبدع العظيم توفيق الدقن من خلال أبداع الزميل رشدى الدقن فى كتابه توفيق الدقن "العبقرى".. المظلوم حيا وميتا الصادر عن دار ريشة للنشر والتوزيع.
فيتكلم عن النشأة وسر 3 سنوات لم يعشها توفيق الدقن ..لأنه عاش بإسم شقيقه الأكبر الذى رحل عن الدنيا ,وأصر الأب/ أمين محمد أحمد الشيخ الدقن من رجال الأزهر .. والوالدة "زكية الدقن " الا يستخرجا شهادة ميلاد جديدة.. وأن يظل المولود الجديد بنفس الاسم... اتهامه بالشروع فى القتل وعمره 12 سنة .
ونتعرف معه كيف غيرت الصدفة حياة توفيق الدقن؟.. وأخذته من الرياضة إلى الفن؟ وحكاية أول ظهور له على خشبة مسرح سينما «بالاس» بالمنيا .. صداقته بصلاح سرحان وعبدالمنعم مدبولى وسعد اردش وتقديم اوراقه لمعهد للتمثيل، واصطدامه بنجيب الريحانى فى اول يوم اختبارات ..وكيف التحق بالمعهد ببرقية من الاستاذ زكي طليمات.
يرصد الكاتب النجاح الكبير لمسلسل سمارة والذى قام ببطولته.. ونكشف لأول مرة أنه من قدم شخصية ابراهيم الطاير فى الإذاعة.. وأخذها عادل إمام فى المسلسل الشهير فيما بعد.
ويتكلم عن صدمة هجوم الشيخ عبد الحميد كشك في إحدى خطبه قائلا : اللغة السيئة التي تجتاح الشارع اليوم واللي تودي في داهية .. اللغة بتاعة توفيق الدقن اللي بوظت العيال وفسدت الأخلاق ..
وحكايات تأسيس المسرح الحر مع عبدالمنعم مدبولى وسعد أردش وكتابة شيكات لانتاج مسرحية ، والتى كاد أن يدخل السجن بسببها وفى آخر ليلة عرض حدثت المفاجأة .
وفى مذكراته يقول وقتها كان سعد أردش بيقولي مش عاوزين نمضي .. هنتحبس .. وكنت أقوله إحنا مش معانا فلوس نبقى نتحبس عادي .. دي مغامرة ولازم نأجر المسرح"، وقعدنا أسبوع نجيب إيرادات لا تتجاوز جنيه ونصف فقط .. الرواية كانت ناجحة بس احنا أسماءنا هى اللى مش بتجيب فلوس".
ويؤكد المؤلف من خلال الكتاب أن عند أستعراض تاريخ المسرح المصرى وتاريخ نجومه ، سيكون "توفيق الدقن " فى المقدمة نجم كبير .. له حضور طاغ وزعامة لا تخطئها عين .. زعامة جاءته طيعة لم يسعى لها ولم يطلبها .. موهبته الكبيرة وضعته فى المكانة التى يستحقها فى المسرح .. موهبة وضعته فى مقدمة الجيل ، ومنحته محبة واعترافا بقدراته من جانب العاملين فى هذا الميدان من مؤلفين ومترجمين ومخرجين وممثلين ومسئولين فى وزارة الثقافة وهيئة المسرح والدولة المصرية التى كرمته ومنحته عدة أوسمة .
ويتحدث عن المسرحيات التى اثارت ازمات ومشاكل مثل 7 سواقى وعفاريت مصر الجديدة و«الناس اللي تحت» و مسرحية" سيما أونطة" التي كتبها الراحل نعمان عاشور في ٨٥٩١ ومنعت من العرض بسبب ظهور الوسط الفني بطريقة غير محببة .
ويتكلم عن علاقته بسمحية ايوب والتهديد بالاستقالة من المسرح القومى والانضمام الى جماعة الرفض الوطنية الممتدة من المحيط للخليج لمعاهدة كامب ديفيد وسجل أسمه فى قائمة الشرف الرافضة .. ودفعه الثمن غاليا فيما بعد لكنه أبدا لم يفكر فى العواقب.
لم يستطع المخرجون رغم محاولاتهم المستميتة حبس الموهبة الطاغية لتوفيق الدقن فى الأدوار النمطية كشرير طوال الوقت .. ونجح فى صناعة نجومية كبيرة فى السينما كما صنعها فى المسرح ..وفيما حاول المنتجون حبسه في هذا الإطار، ربما لتمتعه بملامح حادة غليظة وعينين تتسمان بالذكاء والشقاوة والعفرتة وكذلك بصوت خشن أجش معبر..كان هو يقرر أن يقدم الشر بشكل مختلف جدا. 12 من افلامه فى قائمة افضل 100 فيلم والترشح للأوسكار.
استطاع توفيق الدقن أن يفرض موهبته وشخصيته على الأدوار التى تصدى لها ...نجح فى ترويج وترويض العديد من الأدوار الهامشية والتى كانت تحتاج لممثل محترف قادر على تقديمها بشكل يثير الدهشة والتوهج ، وربما هذا ما كان يدفع كبار المخرجين للجوء إليه ليفك لهم طلاسم شخصيات بدت على الورق باهتة ، مثل دوره فى ضربة شمس ..وشخصية "عبد الشكور" فى الفتوة ، و"شيكو" فى «بورسعيد» ، و"حاكم عكا" فى «الناصر صلاح الدين» 1963 ، و"بدران" فى «أدهم الشرقاوى» 1964 ، و"الباز أفندى" فى «ابن حميدو» 1957 ، والشيخ شعبان المجذوب الذي يتاجر بالدين فى فيلم الأرض 1970 ، الحاج عوضين فى خرج ولم يعد 1984 ، فهمي القليوبي فى المذنبون 1976 ، أبو دومة فى مولد يا دنيا 1976 ، "طباع الديك" فى الشيطان يعظ 1981 ، موسى فى سعد اليتيم 1988 ، وكلها أعمال متميزة لم تقاس فيها أدواره بمساحة الدور أو حجمه، فلم يكن يشغل باله هذه الأمور ، لأنه يصنع منها ومضات تزين تاريخه السينمائى.
مثلما استطاع توفيق الدقن ان يفرض موهبته وشخصيته على كل الادوار التى قام بها فى الإذاعة والمسرح والسينما ..استطاع أيضا أن يشكل رقما مهما فى الدراما التليفزيونية وكان فارسا من فرسانها الكبار المؤسسين .. فمن أول يوم للتليفزيون المصرى كان حاضرا فارضا هيبته كممثل ثقيل لم ينجح عمل بدونه ... فى التليفزيون قدم أعمالا ساطعة وأدوارا عظيمة ووجد فيه ما يشفى غليله ويسمح له بإبراز مواهبه الفذة بعيدا عن محاولات سجنه فى نمطية شخصية الشرير .. بعد انطلاق البث التلفزيوني المصري عام 1960، بدأ التفكير في الأعمال الدرامية...و تم انتاج أول مسلسل تلفزيوني وهو مسلسل "هارب من الأيام" والذي بدأ بثه في 23 يوليو عام 1962، وكان من تأليف فيصل ندا مأخوذاً من قصة الأديب ثروت أباظة، وبطولة توفيق الدقن، وعبدالله غث وحسين رياض، ومديحة سالم...وأخرجه نور الدمرداش .
من الجوانب الخفية فى حياة توفيق الدقن مسألة الإنتماء السياسى .. ورغم أن هذا الجزء لم يكن مطروحا بقوة إلا أن مواقف محددة للراحل الكبير تشير إلى فطرته السليمة ووطنيته فى اختيار مواقفه وانحيازه الدائم لكل ما هو مصرى وهى المواقف التى لم يزايد بها فى أى وقت من الاوقات.
لا يعلم الكثيرين أن جماعة الإخوان المسلمين حاولت بقوة ضم الفنان الكبير لها ... وقتها كانت الخطة الإخوانية – والتى استمرت حتى الآن - ضم النجوم والمشاهير للجماعة لضمان المزيد من التأثير واقناع أعداد كبيرة بالإنضمام للجماعة.
أما الكذبة الكبرى والتى نفتها العائلة مرارا وتكرارا فتخفت لفترة ثم تعود للظهور وبات الأكثر رواجا ..هى أن والدته وتوفت وهى غاضبة عليه وتظن أنه شرير ضل طريقه ويعيش على القتل والسرقة والنهب ..
كذبة أخرى منتشرة جدا عن توفيق الدقن وهى أنه "يسكر..ويرقص بالملابس الداخلية " هذه الكذبة منتشرة جدا على السوشيال ميديا .. ومرفق بها صورة قديمة يرتدى فيها "شورت" رياضى .. كذبة محبوكة جدا عن سهرة فى ملهى "الاريزونا " بشارع الهرم وتم تحديده بالإسم للمزيد من التضليل ،وبعد الشرب والفرفشة ،خلع توفيق الدقن البنطلون ووقف يرقص بالملابس الداخلية ...والصورة تؤكد الرواية الكاذبة الشريرة .
كذبة أخرى تمت صياغتها بحرفية شديدة ولدرجة استخدام بعض الكلمات التى كان يستخدمها توفيق الدقن فى حياته الحقيقية ككلمة "زى البرلنت" ... وتم اضافة حوار كاذب بين توفيق الدقن ومصطفى العقاد مخرج فيلم الرسالة .
ويؤكد الكتاب أنه لن تجد شخص متصالح مع نفسه ويعترف بأخطائه وضميره حى مثلما ستجد توفيق الدقن ... الرجل كان واضح وصريح لم ينكر أنه يشرب الخمر ..ولم ينكر أنها أثرت عليه بقوة ..ولم يحاول تجميل صورته وأعترف أنها كانت سببا فى ابتعاد بعض الناس عنه ..وأنت تبحث فى تاريخ توفيق الدقن ستراه مثلما اعترف بأنه يشرب اعترف بأنه توقف وندم ..وأنه تاب توبة نصوحة وقرر ألا يعود إليها ..وقد كان وبالفعل توقف ... كان لديه شجاعة كبيرة النفس، حيث قال في أحد الحوارات مع جريدة الجمهورية : " أنا بشرب خمر كثير عشان أرجع لنفسي مرة تانية".
توفيق الدقن فى مذكراته يكشف عن الشخصيات التى أخذ منها إيفهاته ..((احلى من الشرف مفيش)) دى حكايتها حكاية ..فقد كان ((عبدة دنس)) شخصية حقيقة بكل ابعادها وكنت التقى بة على مقهى فى عماد الدين وكان عامل فتوة
فى فيلم "الشيطان يعظ" وكيف ارتجل أثناء استعداده لتصوير مشهد "أومال مين اللي هينضرب".
إيفيه "البلنس في الإكسلانس" من أشهر الجمل التى قالها خلال فيلم "الدرب الأحمر" الذي تم تقديمه عام 1980، كما لعب دور السكير فى فيلم "بحبك يا حسن" الذى أنتج في الخمسينيات، وكان من أشهر الجمل التى قالها خلال أحداث الفيلم إيفيه " يا آه يا آه" الذى انتشر بدرجة كبير وقتها.
ومن طقوسه في صناعة أعماله و"إفيهاته" الشهيرة انه : "كان يدخل في غرفته ويعيش الشخصية تمامًا، ويحضر لكل تفاصيلها، ويلتزم بالنص ويخترع الإفيهات ثم يستأذن المؤلف والمخرج فى إضافتها .
نجاح اللزمات أو الإفيهات فى كل أعمال توفيق الدقن والتى كان يحرص عليها ويفكر فيها فتخرج مبهجة بهجة موهبته الكبيرة ..كانت فى بعض الأحيان سر غضبه .. وأكثر شخصية كرهها كانت "همبكة"، فقد كان لا يحب هذه الشخصية، و خلال وجوده في أحد العروض المسرحية ناداه أحد الحاضرين بهذا الاسم، وهو ما جعله يبكي، لأنه لم يكن يحب هذه الشخصية خاصة أنه لا يشبهها في أي صفة".
وفى مستشفى المقاولون العرب فى 27 نوفمبر 1988 ،اجتمعت الاسرة حول سرير الفنان الكبير توفيق الدقن والذى كان يعانى من كثرة الأمراض وكثرة كرهه للأطباء ...رحل فى هدوء بعد أن ألقى آخر قنابله ..:"لم أترك لكم شيء تخجلون منه.. فهم سيسعون للبحث في تاريخي بعد وفاتي، ولكنهم لن يجدوا شيئا مخزيا".