نجحت قمة الرياض وحققت أهدافها.. ووصلت الرسالة للعالم أجمع وهى أن الدول العربية والإسلامية لن تترك قضية فلسطين مهما طال الوقت لأنها ببساطة قضية عادلة.
أكدت القمة على أهمية الوحدة وأننا مهما اختلفنا نحن العرب والمسلمين فإن هناك ثوابت تجمعنا.
وأكدت القمة أيضاً على الدور الريادى للمملكة العربية السعودية التى استطاعت أن تستضيف قمتين على أرضها لقادة وزعماء 57 دولة خلال 12 شهراً فقط وهو حدث لا تنجزه إلا دولة كبرى.
أثبتت القمة أن حضور قادة الدول الكبرى وعلى رأسهم مصر أعطى القمة ثقلاً ووزناً وقوة وتأثيراً وزخماً.
وبعيدًا عن هذ النجاح الذى تحقق.. وعن هذه الرسائل التى وصلت.. كان هناك نجاح من نوع آخر.. نجاح يتعلق بمنظومة التخطيط والتنظيم والإعداد للقمة، ويأتى على رأس هذه المنظومة الإعلام.. فمن المسلمات التى لا تخفى على أحد أنه لولا الإعلام لما خرجت القمة بأحداثها ووقائعها ورسائلها خارج جدران القاعة الملكية التى عقدت فيها.. لذلك كان أداء وزارة الإعلام السعودية فريدًا ومتميزًا ومبهرًا للجميع.
إنشاء واحة للإعلام تستقبل الإعلاميين من كافة أنحاء العالم وهى مجهزة بأحدث اللوجستيات اللازمة للتغطية الإعلامية.. استقبال الوفود الإعلامية وتنظيم انتقالهم إلى الواحة ومنها إلى مقر انعقاد القمة والمؤتمر الصحفى لوزير الخارجية السعودى وأمين عام جامعة الدول العربية وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامى.. توفير المنظومة والإمكانيات التى تساعد الإعلاميين على العمل المتواصل على مدار أكثر من 12 ساعة لينقلوا أحداث القمة إلى كل بلاد العالم لحظة بلحظة.
كل هذا كان خلفه وزير ناجح وهو الوزير سلمان الدوسرى وزير الإعلام السعودى.. كان على رأس المنظومة.. قريباً من الإعلاميين.. يلتقى بهم ويحاورهم ويطمئن على كل شىء.. فى الجولة التى قام بها فى واحة الإعلام قبيل بدء القمة.. ظهر واثقاً من نفسه تلازمه هيبة الوزير.. وهو ما يجعلنى أقول إنه وزير إعلام مختلف عمن سبقوه.. تذكرت الوزير صفوت الشريف وأنا أتابع جولة الدوسرى فى واحة الإعلام.. فقد كان أشهر وزير إعلام فى المنطقة العربية.. اقتربت منه أكثر من 8 سنوات كنت وقتها محرراً لشئون مجلس الوزراء فى جريدة «الوفد».. أما هو فقد كان وزيراً للإعلام ومتحدثاً باسم رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.. عندما اقتربت منه عرفت الفارق بين الوزير السياسى والوزير التكنوقراط.. عرفت كيف تكون الثقة وإلى أى مدى تؤثر الهيبة وقوة الشخصية على أداء الوزير.. أيضاً أدركت أهمية أن يتحلى الوزير بالهدوء والثبات.. كل ذلك لاحظته على أداء الوزير سلمان الدوسرى، فهو وزير سياسى بحكم الموقع الذى كان يشغله قبل تولى المنصب فقد كان رئيساً لتحرير جريدة الشرق الأوسط، وهو منصب سياسى بالدرجة الأولى.. وتلازم الرجل هيبة الوزير بالإضافة إلى الهدوء الذى يبدو واضحا على شخصيته من أول وهلة.. أما مواقفه النابعة من الولاء والانتماء للقيادة والوطن فقد كانت سابقة لمنصب الوزير وظهرت فى أدائه وقت أن كان رئيساً للتحرير.
ولأن النجاح دائما ما يكون جماعياً فقد نجح الوزير فى تكوين فريق متجانس ومتميز.. احتفظ بالقيادات الشابة الناجحة وأجرى تغييرات طالت مواقع مهمة نتج عنها فى النهاية منظومة متميزة.. فقد نجح الإعلام الدولى بقيادة الدكتور خالد الغامدى فى مهمته.. فالرجل يعمل بدأب حتى إنه يقف على أدق التفاصيل ليضمن الخروج بنتيجة مرضية.. فهو قيادة شابة اكتسب خبرة كبيرة فى موقعه.. يدرك قيمة الإعلام الدولى ودوره المؤثر.. وهو ما انعكس على النتائج.. العمل بالحب للملكة وقيادتها وشعبها هو التغيير الذى أحدثه الغامدى فى أداء الإعلاميين الدوليين.. الأمر لم يعد مهمة عمل.. ولكنه ذهب لأبعد من ذلك.
النجاح لا يأتى صدفة.. ولكن بالعمل والتخطيط والتنظيم والإدارة الناجحة.. هذا ما حدث على هامش القمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب قمة الرياض الدول العربية والإسلامية قضية فلسطين فقد کان
إقرأ أيضاً:
«الدولة الفلسطينية» فى مهب الريح!
لعل أبسط وصف يمكن تقديمه للحالة التى نحياها بخصوص فكرة الدولة الفلسطينية هى أننا أمام حوار طرشان فالكل يتكلم عن الموضوع دون أن يضع فى باله أو يرد على مسامعه ما يقوله الآخرون، إسرائيل فى وادٍ، والعرب فى واد آخر، والواقع على الأرض شىء آخر تماما، وهذا ما يفرض محاولة أن يكون انطلاقنا نحو هذه القضية من زاوية مختلفة تماما.
ليس فى حديثنا أى دعوة لليأس حينما نعتبر أن التعلق بفكرة حل الدولتين فى إطار الطرح القائم فى النظام الدولى حاليا ليس سوى وهم، حيث يمثل ذلك تعويلا على المسكنات التى تلوح بها الدول الكبرى وخاصة الغربية فى عز أزمة غزة. بمعنى آخر، فإننا ندعو عند التعامل مع هذه الفكرة إلى ضرورة التفرقة بين الدعوات الحقيقية وتلك الوهمية التى تريد أن تلوح لنا بالجزرة من أجل إخفاء الجرائم التى تقوم بها إسرائيل فى غزة. ورغم أننا بدونا متشائمين حينما تناولنا الموضوع فى مقال سابق عن مبادرة السعودية بشأن التحالف الدولى لتطبيق حل الدولتين، فقد كنا ننطلق فى ذلك مما رأيناه من افتقادنا كعرب فقط الأدوات الكافية للضغط دون الحصول على التأييد الدولى الكافى.
وسط كل ذلك خرج علينا وزير الخارجية الإسرائيلى بتصريح يعبر عن حقيقة موقف بلاده الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية معربا عن اعتقاده بأن إقامة تلك الدولة أمر غير واقعى، ما يثير التساؤل ليس بشأن تصور تل أبيب لطبيعة وضع الفلسطينيين فقط وإنما بطبيعة مستقبل الصراع ككل، فإذا كانت فكرة الدولة الفلسطينية غير واقعية فما الذى تطرحه إسرائيل فى المقابل.. هل اندماج الشعب الفلسطينى فى الدولة العبرية تطبيق لمفهوم الدولة الواحدة؟ وما هو وضع الفلسطينيين فى هذه الدولة؟ هل سينالون نفس حقوق اليهود أم يكونون مواطنين من الدرجة الثانية؟ حتى هذا الطرح ربما لا يكون فى خطط إسرائيل وإنما المؤكد أنه ضمن هذه الخطط وعلى رأسها سيناريو التهجير الذى يعبر نمط تعامل إسرائيل مع هجمات طوفان الأقصى عنه أفضل تعبير حيث حولت القطاع إلى أرض غير آهلة للعيش ما قد يؤدى إلى تحقق التهجير الطوعى.
طبعا رؤى إسرائيل لمستقبل الحل ليست قدرا لا فكاك منه ولكن المشكلة أن فى يدها قدراً غير محدود من حل المشكلة، ولعل ذلك ما يفسر الطرح الذى قدمه الرئيس التركى أردوغان أمام القمة العربية الإسلامية التى عقدت فى الرياض من أن تحقيق حل الدولتين بموافقة إسرائيل يبدو مستحيلا. للأسف الواقع العربى والإسلامى المزرى لا يتيح أملا كبيرا فى تحقيق ذلك الحلم ولعل ذلك يفسر بعدا من أبعاد عملية طوفان الأقصى والتى ربما تمثل بالمعايير العقلية نوعا من الانتحار، ولكن ما قد يبررها هى أنها تأتى يأسا من أى تحرك دولى أو حتى عربى من أجل الدفع بحل للصراع مع إسرائيل يخرج الفلسطينيين من قبضة وهيمنة وسيطرة إسرائيل.
يبدو هذا الوضع من مجريات أعمال قمة العربية الإسلامية التى عقدت مؤخرا فى الرياض ووضح من خلالها تعليق الكثير من القادة العرب الآمال على المجتمع الدولى فى التدخل، فيما يشير إلى محدودية القدرة العربية أو الإسلامية على الفعل.
ورغم هذه الصورة المظلمة، فإن صمود الشعب الفلسطينى وكفاحه الأسطورى الذى يبدو ماثلا للعيان من خلال مواجهته للأوضاع الكارثية فى غزة وعدم انكسار إرادته إنما يؤكد أن القضاء تماما على حلم الدولة الفلسطينية أمر تقف دونه العقبات، الأمر الذى يجعلنا نتمسك بأمل بأن حلم إقامة تلك الدولة رغم صعوبته يبقى أمرا ممكنا.
[email protected]