مستقبل حميدتي وقوات الدعم السريع بعد الخسائر العسكرية الأخيرة
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
الخرطوم- منيت قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" بخسائر عسكرية كبيرة في الآونة الأخيرة سواء شرق السودان أو غربها، حيث فشلت في إحكام السيطرة بشكل كامل على إقليم دارفور في الغرب، وخسرت منطقة جبل موية الإستراتيجية في ولاية سنار المحاذية للحدود الإثيوبية.
وبخسارة جبل موية خسرت الدعم السريع إمكانية فتح خطوط إمداد قريبة من هذه الجبهة بدلاً من الاعتماد فقط على قواعدها الخلفية في دارفور غرب البلاد، وتوجد في سنار أكبر قاعدة جوية جنوب الخرطوم.
يفسر الأكاديمي المتخصص في الشأن السوداني الدكتور محمد تورشين هذا التراجع العسكري للدعم السريع بفشل إستراتيجية حرب العصابات التي انتهجتها هذه القوات منذ بداية الحرب في أبريل/نيسان 2023، والقائمة على عنصري المباغتة واستنزاف قدرات الطرف الآخر، وذلك بعدما استطاع الجيش السوداني امتصاص الضربات المتتالية الموجهة له، وتنظيم صفوفه والتعامل معها.
وهناك سبب آخر من وجهة نظره، يرجع إلى نجاح الجيش في استقطاب موارد بشرية جديدة عن طريق فتح باب التجنيد، وانضمام بعض الحركات المسلحة إلى صفوفه. والأهم من ذلك، حصول الجيش على أسلحة ومعدات عسكرية متطورة، مما ساهم في ترجيح كفته في المواجهات العسكرية.
ويتفق المحلل السياسي محمد جمال عرفة مع تورشين في أن انضمام بعض القوى المحلية للجيش وأغلبها من التيارات الإسلامية لعب دورا في تفوقه عسكريا، خاصة في ظل وجود خبرة سابقة لها في حرب جنوب السودان قبل انفصاله وإعلان استقلاله عام 2011، فضلا عن تحرك أطراف عربية بشكل أساسي لزيادة دعمها ومساندتها للجيش، بعدما تضررت مصالحها من تدهور الوضع في السودان.
ووفق بعض التقارير الدولية فإن الجيش أظهر تفوقا، خاصة فيما يتعلق بسلاح الجو بعد حصوله على نحو 200 طائرة من العديد من الدول العربية والأجنبية. وفي المقابل وكما يرى تورشين فإن بعض الجهات الداعمة لحميدتي تراجعت عن تقديم الدعم له في الفترة الأخيرة بعد إدراكها أن المعركة خاسرة.
ويبدو أن الدعم المصري العسكري "غير المعلن" لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، والذي تأكد خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، ساهم -إلى حد ما- في ترجيح كفة الجيش في مواجهة الدعم السريع، فرغم أن الموقف الرسمي المصري أعلن الحياد، إلا أن ممارسات القوات الأخيرة، واستمرار لهجة حميدتي التصعيدية، باتت تشكل تهديدا للأمن القومي المصري، خاصة ما يتعلق بملف طالبي اللجوء، وأمن الحدود.
أما على الصعيد الدولي، فيبدو أن حميدتي بدأ يفقد حلفاءه وأبرز داعميه، وعلى رأسهم روسيا وذراعها العسكري قوات "فاغنر" سابقا، وذلك بعد مساعي البرهان الأخيرة للحصول على التأييد الروسي من خلال إحياء اتفاقية 2017 المجمدة والتي وقعها الرئيس السابق عمر البشير مع موسكو، وبموجبها يحصل السودان على الأسلحة الروسية، مقابل إعطاء القوات الروسية منفذا على البحر الأحمر.
ويقابل هذا الموقف الروسي موقف أميركي يبدو محايدا بين الطرفين، لكنه مال في الآونة الأخيرة ضد حميدتي، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قواته ضد المدنيين، ففي مايو/أيار الماضي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قائدين في قوات الدعم السريع، هما علي يعقوب جبريل وعثمان محمد حميد محمد، بتهمة أن لهما دورا في انتهاكات حقوق الإنسان بدارفور.
ويعني هذا الحياد أو ربما الانحياز الأميركي الأخير ضد حميدتي، فضلا عن الانشغال عنه بالمرحلة الانتقالية بين الرئيس الحالي جو بايدن والمنتخب دونالد ترامب، أن الموقف الأميركي قد لا يتغير خلال الفترة القليلة القادمة، وذلك إلى حين وصول ترامب رسميا لكرسي الحكم بالبيت الأبيض.
مستقبل الدعم السريعيتوقع المتخصص في الشأن السوداني تورشين استمرار المواجهات العسكرية بين الطرفين ونجاح الجيش في السيطرة على بعض المناطق المهمة مثل مدينة سنجة، مما يفتح الطريق لاستعادة ولاية الجزيرة والعاصمة الخرطوم، وهو ما يعني أن "المعركة قد اقتربت من نهايتها" خاصة مع الطبيعة الجغرافية لدارفور وكردفان التي تسهل للجيش الاستمرار في الضغط على الدعم السريع.
في حين يرى عرفة أن الوضع في السودان يقف أمام سيناريوهين:
هزيمة حميدتي وتفرق قواته، وانسحابه من الخرطوم كليا، وهربه إلى إثيوبيا، خاصة أن القوى الإقليمية التي تسانده حاليا بدأت تقليص دعمها النسبي له، بعد الهجوم القوي الذي تعرضت له قوات الدعم السريع مؤخرا، وافتضاح أمرها عالميا بعد الانتهاكات الفظيعة في مناطق عدة، وآخرها ولاية الجزيرة. سعيه -في ظل انكساره وارتداده العسكري- للسيطرة على جزء شبه منفصل عن البلاد في دارفور، التي تعد معقله الأساسي، كخطة بديلة في حال عدم نجاحه بالسيطرة على الخرطوم، وهو ما قد يمهد لأن يعلن انفصال الإقليم بولايته الخمس والذي يشكل 26% من مساحة السودان، على غرار ما حدث من قبل في حالة جنوب السودان.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يسيطر على مدينة إستراتيجية جنوب الخرطوم
أعلن قائد ميداني في الجيش السوداني السيطرة على مدينة القطينة شمالي ولاية النيل الأبيض، كما وسع تقدمه في العاصمة الخرطوم.
وأكد مصدر مطلع في الجيش أن قوة قادمة من ناحية الشرق دخلت إلى قلب المدينة صباح اليوم، في حين تحاصر القوات القادمة من ناحية الجنوب جيوبا لقوات الدعم السريع.
وتبعد القطينة عن حدود ولاية الخرطوم الجنوبية نحو 50 كيلومترا، وهي ذات موقع إستراتيجي على الطريق الذي يربط الخرطوم بجنوب وغرب البلاد.
ونشرت حسابات محلية سودانية وناشطون صباح اليوم الأحد مشاهد تظهر وجود جنود من الجيش السوداني في مدينة القطينة.
وكانت بعض بلدات المجاورة لمدينة القطينة قد شهدت الأسبوع الماضي انتهاكات من قبل قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل أكثر من 400 مدني حسب وزارة الخارجية السودانية.
وأفاد مراسل الجزيرة في السودان بنزوح أكثر من 3 آلاف شخص من قرى القطينة في ولاية النيل الأبيض وأخرى من تخوم الخرطوم جنوبا نحو بلدة أبو قوتة شمال غرب ولاية الجزيرة.
وجاءت حركة النزوح هذه نتيجة أعمال عنف وقتل تُتهم قوات الدعم السريع بارتكابها، وسط تصاعد الشكوى من النازحين من أوضاع صعبة يعيشونها، خصوصا ما يتعلق بنقص الغذاء والعلاج.
إعلانواعتبر الخبير السوداني المختص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية والعسكرية عامر حسن عباس محمد أن تقدما لقوات المسلحة عبر محور النيل الأبيض إلى مدينة القطينة يمثل خطوة مهمة جدا في مسار المعارك الدائرة حاليا بالسودان، خاصة في وسط البلاد.
وأشار عباس إلى أنه وفي ظل ما وصفها بالانتهاكات الواسعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في القرى المحيطة بالقطينة، بما في ذلك المجازر التي وقعت في قرى الكداريس والخلوات الواقعة على بعد نحو كيلومترين شمال القطينة والتي تعد جزءا من المدينة أصبحت استعادة القطينة ضرورة قصوى لإيقاف هذه الانتهاكات.
وأكد أن استعادة مدينة مركزية مثل القطينة ستساهم في تخفيف مشاكل النزوح الداخلي داخل الولاية، خاصة في عاصمتها ربك والمدينة الكبرى كوستي المجاورة لها، إذ نزح معظم سكان هذه المناطق إلى داخل الولاية ومدنها جنوب القطينة، مما يعني أن استعادتها تعني عودة عشرات الآلاف من الأسر إلى موطنها واستئناف حياتهم الطبيعية.
وأضاف أنه على المستوى العسكري يحمل وصول الجيش إلى القطينة فوائد عسكرية كبيرة، فهو يسهم في تمشيط ولاية النيل الأبيض وتطهيرها من عناصر التمرد، وفي الوقت نفسه يدعم النشاط العملياتي لمنطقة الشجرة العسكرية الواقعة في جنوب الخرطوم، والتي تتوسع شمالا باتجاه وسط الخرطوم وجنوبا باتجاه الكلاتلة، كما يعزز هذا الإنجاز عمل القوات المسلحة المتحركة نحو الخرطوم من محور النيل الأبيض ومن محور النيل الأزرق.
استعادة بلدة الكرقلمن ناحية أخرى، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش استعاد بلدة الكُرقل في ولاية جنوب كردفان غربي البلاد التي كانت تخضع لسيطرة الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
وأشار المصدر إلى أن استعادة الكُرقل ستساهم في فك حصار مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان وربطها بمدينة الدلنج.
إعلانفي الأثناء، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الطائرات الحربية للجيش السوداني قصفت مرات متتالية جبل كردفان جنوب شرق مدينة الأبيض بشمال كردفان، مشيرا إلى أن تلك الضربات استهدفت مواقع تتحصن بها قوات الدعم السريع.
وقال المصدر ذاته إن الجيش يعمل على ربط مدينة الأبيض بشمال كردفان مع مدن وسط البلاد.
تقدم بالخرطوم
والخميس الماضي، أعلن الجيش السوداني أن قوات سلاح المدرعات سيطرت على منطقة السجانة الواقعة جنوب وسط الخرطوم بعد معارك مع قوات الدعم السريع.
وأفاد الجيش السوداني في بيان مقتضب بأن قوات سلاح المدرعات انفتحت على محور حي السجانة واستلمت كوبري (جسر) الحرية المؤدي إلى وسط المدينة.
وهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها الجيش إلى المدخل الجنوبي لوسط الخرطوم، وبذلك يكون قد اقترب من تطويق وسط الخرطوم، حيث توجد قواته في المنطقة الواقعة غرب المدينة منذ أسابيع، وكذلك شرقها حيث مقر قيادة الجيش.
وبث الجيش مقاطع فيديو لانتشار قواته في حي السجانة وعند تقاطع جسر الحرية المؤدي إلى السوق العربي وسط الخرطوم.
ومنذ أيام بدأت مساحات سيطرة الدعم السريع تتناقص بوتيرة متسارعة لصالح الجيش في ولايتي الوسط (الخرطوم والجزيرة) وولايتي الجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان) المتاخمة غربا لإقليم دارفور (5 ولايات) وتسيطر الدعم السريع على 4 ولايات فيه، في حين لم تمتد الحرب إلى شمال البلاد وشرقها.
وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن بات الجيش يسيطر على 90% من مدينة بحري (شمال)، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان (غرب)، و60% من عمق مدينة الخرطوم التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي وتكاد تحاصرهما قوات الجيش، في حين لا تزال قوات الدعم السريع بأحياء شرقي المدينة وجنوبها.
ومنذ أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
إعلان