بوابة الوفد:
2024-07-04@00:05:02 GMT

سعد والنحاس.. ذكرى تنفع الوفديين!

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

وكأنه موعد متفق عليه للرحيل والصعود إلى سماء رب العالمين، صعود الروح الطيبة والنفس المطمئنة إلى بارئها، ليسجل التاريخ يوم 23 أغسطس 1923 موعدًا لرحيل سعد زغلول، الزعيم الذى لم يتكرر فى تاريخ مصر الحديث، ويوم 23 أغسطس 1965 موعدًا لوفاة مصطفى النحاس، الزعيم الذى أحبه ربه فوضع محبته فى قلوب شعبه.

الزعيمان سعد والنحاس.

. ناضلا سويًا.. اعتقلا معًا.. تم نفيهما متشابكى الأيدى.. وعندما مات سعد أصاب الحزن قلب رفيقه النحاس.. الأول قضى نحبه، وظل الثانى ينتظر.. وعندما جاءت ذكرى يوم رحيل سعد بعد مرور 38 عامًا قال له النحاس: أنا قادم إليك يارفيق النضال.

الزعيم الأول سعد زغلول كان دليلًا للثوار وأبًا روحيًا لهم، أو كما قال عنه غاندي: «سعد زغلول معلمي».. فقد كان سعد قائدًا لحركة شعبية طاغية فى مطلع عصر التنوير الذى فجرته الثورة وكان زعيمًا متسامحًا مع الآخر، وراعيًا رسميًا لمبدأ الوحدة الوطنية، فكان دائمًا هو «نازع فتيل الفتنة».. أبدًا.. لم يكن سعد مجرد رجل اختاره الناس زعيمًا، ولكنه صانع ثورة منظمة تطلب الاستقلال.. وما كتبه المؤرخون عن ثورة 19 يؤكد أنها كانت تدار عبر أربع طبقات من القيادات القوية التى وضعت أمامها هدفًا واحدًا اسمه الثورة.. وحققته.. ومصطفى أمين قال فى كتابه عن الثورة الأم إن سعد زغلول ترك ورقة كتب فيها «إذا اعتقلت الطبقة الأولى من قيادات الثورة تقوم الطبقة الثانية فإذا اعتقلت تقوم الثالثة وإذا اعتقلت تقوم الرابعة» وهذا يعنى أن سعد زغلول كان يخشى من القضاء على الثورة باعتقال قياداتها أو بنشر الفوضى التى قد لا تجد من يتحكم فيها فوضع أربع طبقات من القيادات.. وكان دور هذه الطبقات واضحًا عندما ثار الشعب للمرة الثانية عام 1921.

كانت ثورة 19 تنظر للأمام.. تريد الحفاظ على نفسها.. وقد فعلتها.. فصنعت مرحلة ليبرالية أفرزت أبرز رواد الفكر والأدب والفن والاقتصاد والسياسة.. مرحلة شهدت نبوغ الفنان المثال مختار وأم كلثوم وعبدالوهاب ونجيب الريحانى.. وعرفت طه حسين والعقاد.. وشهدت اقتصادًا وطنيًا من رموزه طلعت حرب وعبود باشا، فكان الوطن قائمًا وقادرًا رغم الاحتلال وتمكن من التقدم للأمام علميًا بجامعة أهلية شارك فى فكرة تأسيسها سعد زغلول مع الإمام محمد عبده.. فقد كان سعد زغلول يعرف أن العلم هو الشعلة التى تنير الطريق للوطن وأن أبناءه المتعلمين هم ثروته الحقيقية.

ولم يكن سعد زغلول رجلًا يائسًا، بل كان مناضلًا لا يتوقف عن الكفاح من أجل وطنه وحريته؛ ولذلك لا نجد صحة للمقولة التى يرددها المصريون على لسانه عندما قال: «مفيش فايدة» فهى دعوة لليأس لم يطلقها سعد من أجل العمل الوطنى ولكنه كان يقصد أن حياته انتهت بعدما سيطر عليه المرض.. فقد اشتد عليه.. وبات على يقين بأنه هالك لا محالة، فقال لزوجته صفية زغلول وهى تحاول إعطاءه الدواء: مفيش فايدة.. فتناقلها المصريون على أنه يعنى أن الإنجليز لن يخرجوا من مصر.

أما مصطفى النحاس.. فهو الرجل الذى يحبه الناس.. لأنه صادق الكلمة شديد التمسك بالمبدأ.. العابد الزاهد.. لا يترك المسجد، لكنه يرفض الحكم باسم الدين.. يرفض منطق الحصول على توكيل للحديث باسم الله. القصة الأشهر التى تعبر عن زهد وتصوف وتعبدالنحاس هى الحكاية التى سردها سعد فخرى عبدالنور سكرتير عام الوفد الأسبق.. ويقول فيها: بعد حركة يوليو 1952 تم تحديد تحركات الزعيم مصطفى النحاس.. وكان مسجد الإمام الحسين من الأماكن المسموح له بزيارتها أسبوعيًا.. وكان سعد عبدالنور نجل القيادى الوفدى البارز فخرى عبدالنور لا يرى النحاس إلا كل يوم جمعة فى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة.. وفى إحدى المرات قال سعد عبدالنور للنحاس: يا باشا أنا مسيحى.. مش معقول كل ما أحب أشوفك لازم تجبرنى أدخل جامع الحسين! فرد عليه النحاس مازحًا: جرى إيه ياسعد إنت ما تعرفش إن مولانا الحسين كان وفديًا؟!

هذه الحكاية هى مفتاح شخصية مصطفى النحاس باشا الذى قضى عمره يدافع عن الوطن وقضيته الوطنية من خلال الوفد الحزب العريق الذى عشقه مثل روحه مستعينًا بالله.. متمسكًا بثوابته التى لا تختلف عن ثوابت كل المصريين الذين كانوا يعملون نهارًا من أجل لقمة العيش ويناضلون ظهرًا ضد الاحتلال ويزورون أولياء الله الصالحين ليلًا تبركًا بهم فى مواجهة الظالمين والفاسدين، ويمسكون بأيدى إخوانهم المصريين بغض النظر عن دينهم لصناعة عروة وثقى تحميهم من الطغيان والتشتت والانحدار.. كانت هكذا مصر وكان مثلها النحاس.. الذى كانت حياته مثل وفاته.. فقد عاش حياته زعيمًا مناضلًا يقاوم الاحتلال ولا يسعى إلى الحكم، بل كان الحكم هو الذى يأتى أمامه وتحت قدميه.. ومات– أيضًا– زعيمًا يخرج الناس من بيوتهم ينتحبون ويبكون رحيله، فقد كانت جنازة مصطفى النحاس هى الدليل الأهم والأكبر على زعامته.. كانت مهيبة.. حاشدة.. فى عز مجد جمال عبدالناصر الذى صدمته هذه الحشود التى خرجت لتشييع رجل كان يعتقد أن سيرته قد ماتت قبل وفاته بثلاثة عشر عامًا قضاها تحت الإقامة الجبرية.. وكان الهتاف الرئيسى لمئات الآلاف الذين قالوا فى الجنازة: «لا زعيم بعدك يا نحاس».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور مصطفى النحاس سعد زغلول زعیم ا

إقرأ أيضاً:

ذكرى وفاة الفنان الأنيق.. قصة حب عزت أبو عوف انتهت بمصحة أمراض عصبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحل اليوم الإثنين، الذكرى الخامسة على وفاة الفنان الأنيق عزت أبو عوف الذي رحل عن عالمنا بعد صراع مع مرض السرطان عام 2019، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا.

ولد عزت أبو عوف عام 1948، حيث كان ينتمي إلى عائلة فنية فوالده هو الفنان الراحل أحمد شفيق أبو عوف، تعلم أصول الموسيقى على يد والده، تخرج من كلية الطب بالقصر العيني لكن شغفه بالموسيقى والفنون جعله يترك مجال الطب بعد مزاولته له لمدة 15 عامًا.

عزت أبو عوف يؤسس فرقة "الفور إم"

نجح الفنان الراحل عزت أبو عوف في تأسيس فرقة "الفور إم" مع أخواته البنات منال وميرفت ومها ومنى، وحققت نجاحًا باهرًا في فترة الثمانينات، وكان أول عرض قدمته الفرقة في مهرجان الإسكندرية السينمائي، ومن أبرز أعمالهم "جنون الديسكو، ليالي زمان، دبدوبة التخينة، لا عجبوا كدة ولا كدة”، كما شاركت الفرقة في فيلم "ابني حبيبي".

بداية عزت أبو عوف الفنية وأبرز أعماله 

بدأ الفنان عزت أبو عوف حياته الفنية في بداية التسعينات مع المخرج خيري بشارة في فيلم "آيس كريم في جليم" ويثبت موهبته التمثيلية المميزة ويقدم بعدها العديد من الأعمال أبرزها؛ بخيت وعديلة، طيور الظلام، ليلة ساخنة، امرأة هزت عرش مصر، حسن اللول، بنات وسط البلد، ما تيجي نرقص، مطب صناعي، واحد من الناس، حسن ومرقص، بوبوس، لا تراجع ولا استسلام وغيرها.

ومن أبرز أعماله الدرامية؛ الملك فاروق، هوانم جاردن سيتي، أم كلثوم، جحا المصري، عباس الأبيض في اليوم الأسود، يا ورد من يشتريك، قضية نسب، الأب الروحي، عفاريت عدلى علام، ظل الرئيس، الصفعة، باب الخلق، الدالى، شيخ العرب همام وغيرها.

عزت أبو عوف يدخل مصحة أمراض عصبية بعد وفاة زوجته 

ذكر الفنان الراحل عزت أبو عوف في إحدى لقاءاته التليفزيونية عن سبب دخوله مستشفى للأمراض العصبية وتحديدًا بعد وفاة زوجته "فاطيما" وقال: "فاطيما كانت بالنسبالي هي كل دنيتي لأن أنا اتعرفت عليها وهي عندها 15 سنة، وكنت أنا عندي 19 سنة فهي اللي ابتديت معاها كل حاجة، عشت معاها في كل حاجة وهي بصراحة كانت ملاك منزل من السماء".

وتابع خلال لقائه مع الإعلامي وائل الإبراشي: "أنا صعب جدًا في العشرة بتاعتي، الصراحة مودي أوي و أمزجتي متغيرة ومش كل حاجة بتبسطني، فهي كانت م٩زستحملة كل دا بصدر رحب عمرها ما اشتكت عشنا مع بعض 37 سنة واتجوزنا وأنا عندي 23 سنة".

وأضاف أبو عوف: "مكنتش حاطط السيناريو دا، المفروض أنا أروح الأول مكنتش عامل حسابي ومن هنا كانت الصدمة اللي كانت جامدة أوي، وبعدها دخلت أكتر من مصحة للأمراض العصبية، كان بيجيلي بانيك وعدم ثقة بالنفس والحياة والناس كانت فترة سخيفة أوي".

مقالات مشابهة

  • مِحَن.. ترمى علينا بشرر!
  • الوزير والمثقفون
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي
  • في ذكرى وفاته| أمين الهنيدي.. اشتهر بالخروج عن النص وأحد العرافين تنبأ له بنهاية مأساوية
  • هبة عبد العزيز تكتب: ثورة 30 يونيو كانت بمثابة المخرج للمرأة المصرية من الوقوع فى فخ الجهل والتجهيل الذى مارسته الجماعة المحظورة
  • الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان.. عبدالرحيم علي يرصد إرهاب الإخوان طوال أكثر من ثمانين عامًا ضد مصر والمصريين
  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»
  • المساندة الشعبية
  • في ذكرى وفاة «أخو البنات».. محطات في حياة عزت أبو عوف الفنية والأسرية
  • ذكرى وفاة الفنان الأنيق.. قصة حب عزت أبو عوف انتهت بمصحة أمراض عصبية