وصل فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى أرض الوطن، على طائرة خاص منذ قليل، بعد أن قطع زيارته الرسمية لأذربيجان، لتلقي العزاء في شقيقته الكبرى الحاجة سميحة محمد أحمد الطيب، التي وافتها المنية اليوم الأربعاء، حيث تقام مراسم العزاء، مساء اليوم بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر.

 

مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغير المناخ  COP29

 

 

كان فضيلة الإمام الأكبر قد غادر الاثنين الماضي إلى العاصمة الأذربيجانيَّة "باكو" للمشاركة في افتتاح الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغير المناخ  COP29، وذلك بناءً على دعوة رسميَّة وجهها لفضيلته السيد الرئيس إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، خلال لقائه فضيلة الإمام الأكبر في مشيخة الأزهر بالقاهرة في شهر يونيو من العام الحالي.

 

عقد فضيلة الإمام الأكبر ، خلال اليومين الماضيين، عدة لقاءات مع عدد من ملوك ورؤساء الدول والقادة الدينيين والسياسيين؛  لبحث سبل إحلال السلام العالمي، وحشد الجهود الدولية لوقف العدوان على غزة ولبنان، إضافة إلى بحث تعزيز الاستفادة من خبرات الأزهر الدعوية والعلمية في هذه الدول، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.

 

 

على الجانب الآخر استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، امس ، السيد محمد يونس، رئيس الحكومة البنجلاديشية المؤقتة، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام ٢٠٠٦، في مقر إقامة فضيلته بالعاصمة الأذربيجانية باكو، على هامش مشاركتهما في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغير المناخ (COP29).

 

وأعرب رئيس الحكومة البنجلاديشية عن سعادته بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، وتقدير بلاده لشيخ الأزهر وفخرهم بانتماء آلاف من أبناء بنجلاديش للأزهر تعليمًا ومنهجًا،

 

مشيرًا إلى أن بنجلاديش تعتز بعلاقاتها مع الأزهر، وتسعى لتعزيزها وفتح أفق جديدة للتعاون في مختلف المجالات الدعويَّة والتعليميَّة، مؤكدًا أن الأزهر لعب دورًا تاريخيًّا مهمًّا في نهضة بنجلاديش خلال تقديم سيادته مبادرة "بنك الفقراء" في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، والتي حصل على إثرها على جائزة نوبل للسلام، والممثلة في تقديم تمويلات ميسرة للنساء وربات البيوت لإدارة مشروعات صغيرة تمكنهم من تحمُّل أعباء وتكاليف الحياة.


وأشار السيد محمد يونس أن مبادرة "بنك الفقراء" قُوبلت بالرفض من قِبَل معظم القادة الدينيين في بنجلاديش في بداية الأمر بحجة معارضتها لأحكام الشريعة، ما دفعه لطلب الفتوى والاستشارة من الأزهر الشريف نظرًا لثقة الشعب البنجلاديشي في هذه المؤسسة الإسلامية العريقة التي تمثل المرجعيَّة الإسلاميَّة الأهم حول العالم؛ حيث رحَّب الأزهر بالمشروع وأيَّده بفتوى شرعية طمأنت الشعب البنجلاديشي ووجهت البوصلة في الاتجاه الصحيح، وأنقذت مستقبل المشروع المهم الذي ساهم فيما بعد في نهضة بلادنا، وتجاوزت أعداد المستفيدين من هذه المبادرة ١٠ مليون شخص، وامتدت لتشمل مشروعات تنموية أخرى في مجالات التعليم والإسكان، مصرحًا "لا يمكنني تصور مستقبل هذا المشروع المهم لبلادنا دون فتوى الأزهر في هذا الوقت".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر أذربيجان العزاء وافتها المنية فضیلة الإمام الأکبر

إقرأ أيضاً:

كيف إذا صار العجز فضيلة والشرف خِسة؟!

يتسم الدفاع القائم الآن عن موقف الدول العربية إزاء حرب الإبادة الجماعية المستمرّة على غزّة؛ بثلاث سمات أساسية: الأولى تحويل العجز إلى فضيلة، وذلك على التسليم بأنّ هذا الموقف ناجم عن العجز لا عن التواطؤ، والثاني: اتهام الضحية بأنّها المسؤولة مسؤولية حصرية عمّا يجري لها ولبقية الشعب الفلسطيني في غزّة، والثالث: التغافل التامّ عن الفعل الإسرائيلي، أي وكأنّ الضحية تبيد نفسها!

وهذا الخطاب يكاد يكون جديدا في تاريخ القضية الفلسطينية، ولكنه بالضرورة نتيجة حتمية لمسار طويل، بدأ منذ هزيمة العام 1967، وأخذ يعبّر عن نفسه بقوّة منذ ولاية ترامب السابقة، حينما بدا أنّ هناك مشروعا تطبيعيّا يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة، وتعويض إسرائيل عن افتقادها للعمق الاستراتيجي بتذييل المنطقة العربية لها، وقد كان واضحا من ساعتها، أي منذ العام 2017، الاشتغال على بثّ خطاب لا يسوّق للتطبيع بذرائع سياسية بقدر ما يهدف إلى خلخلة أصول القضية الفلسطينية، وتنفير المجتمعات العربية منها ومن أهلها. وقد تصاعدت في تلك الفترة دعايات شيطنة الفلسطينيين، ولم تستند تلك الدعايات إلى كثافة منشورات اللجان الإلكترونية فحسب، ولكن أيضا إلى مثقفين ليبراليين عرب مشهورين، ومؤسسات صحفية وإعلامية ضخمة، وبداهة فإنّ الأوساط المشيخية جاهزة للتشغيل، لتستكمل دور العلمانيين الليبراليين الدنيوي من الزاوية الدينية الأخروية، وهكذا تأكدت القدرة الجبارة لأنظمتنا العربية على جمع الدين المقدس والدنيا المدنسة على قاعدة الحطّ من فلسطين وأهلها!

إذا كان التأسيس للتطبيع بدأ بالتشكيك بعدالة القضية الفلسطينية وحقانية أهلها، فهل يُستغرب بعد ذلك، وفي لحظة كهذه اللحظة، أن يتصلّب هذا الخطاب في نفي مسؤولية المجرم الفعلي عن الإبادة وتحميل المسؤولية للضحية، سواء أكان هذا النفي ضمنيّا أم صريحا؟!
فإذا كان التأسيس للتطبيع بدأ بالتشكيك بعدالة القضية الفلسطينية وحقانية أهلها، فهل يُستغرب بعد ذلك، وفي لحظة كهذه اللحظة، أن يتصلّب هذا الخطاب في نفي مسؤولية المجرم الفعلي عن الإبادة وتحميل المسؤولية للضحية، سواء أكان هذا النفي ضمنيّا أم صريحا؟! إلا أنّه، وبالرغم من وضوح المسار الذي بلغ بهذه المنطقة إلى هذا المستوى من الانحطاط، فإنّ الانحطاط يبقى انحطاطا، ولا يمكن تفهمه مهما كان واضح الأسباب، وإلا لما بقي معنى لا للأخلاق ولا للسياسة، إذ ما المعنى السياسي من الدفاع عن العجز، أو تحويل العجز إلى فضيلة وحكمة؟! وإذا كان مفهوما ألا تتساءل الدعاية الموجهة عن السبب الذي يبقي دول المنطقة عاجزة، ومُلحقة بالسياسات الغربية، بعد كلّ هذه العقود مما يقال إنه استقلال، فإنّه من غير المفهوم ألا تسأل هذا السؤال جهات يفترض أن تكون مشغولة بالإصلاح والتغيير، وإلا فما مبرر وجودها أصلا؟!

وإذا كانت الدول عاجزة، وتمنع شعوبها من فعل أيّ شيء، ولو على صعيد التضامن المرئي، كالمظاهرات، يصير عندئذ أيّ فعل يسعى فيه فرد أو مجموعة إلى تجاوز عجز دولته مدانا، ثمّ تتفاحش الإدانة، لتصل الضحية نفسها، "فما دمنا غير قادرين على إنقاذكم أو التضامن الجادّ معكم، فأنتم مدانون. لماذا تحرجوننا؟! وهل نسيتم أنكم جلبتم لأنفسكم الموت والدمار؟! ما ذنبنا؟!"، اشتم المظلوم لأنك غير قادر على الانتصار له، ثمّ عدّ إلى شيطنته وهو يباد!

هذا الدفاع عن العجز العربي الذي آل إلى تحطيم الضحية والتغافل عن المقترف الفعلي للإبادة، لا تتحمل مسؤوليته الدعاية الرسمية وحدها، بل والعديد من الفاعلين والنشطاء والمثقفين، الذين يفترض أنّهم أقرب إلى الهموم الإصلاحية والتغييرية، واهتموّا بالكتابة عن الحدث، وعجزوا من اللحظة الأولى عن الفصل الواضح بين النقد السياسي لحسابات الضحية، وبين اتهامها بالمسؤولية عن فعل العدوّ مقترف الإبادة الجماعية، وبالرغم مما كان يقال لهم من أنّ هذا الخلط هو تبرئة ضمنية لمقترف الإبادة، وأنّ هذا المجرم قادر على تحويل أدنى أفعال الضحية مهما كانت محدودة ومحسوبة إلى لعنة عليها، فإنّه كان يصعب عليهم فهم ذلك، وهو أمر جعل من هؤلاء، قصدوا أو لم يقصدوا، حلفاء للدعاية الرسمية ولجانها الإلكترونية ومثقفيها المرتزقة ومشايخها العاملين بزر التشغيل.

حينما نقول إنّ الحدث تجاوز السابع من أكتوبر إلى فعل إبادة مستمرّ ومفتوح، وإنّ استمرار هذه الإبادة يندفع بانعدام أيّ فاعلية للدول العربية، فإنّنا لا نعني بذلك رفض نقد حسابات منفذي السابع من أكتوبر، وقد قلتُ في العديد من المقالات إنّ هذا النقد شيء، وإدانة منفذيه شيء آخر، وإنّ هذا النقد شيء والتغافل عن العدوّ طبيعة وبنية وقدرة شيء آخر
وثمّة نقطة توضيحية هنا، فإنّه حينما نقول إنّ الحدث تجاوز السابع من أكتوبر إلى فعل إبادة مستمرّ ومفتوح، وإنّ استمرار هذه الإبادة يندفع بانعدام أيّ فاعلية للدول العربية، فإنّنا لا نعني بذلك رفض نقد حسابات منفذي السابع من أكتوبر، وقد قلتُ في العديد من المقالات إنّ هذا النقد شيء، وإدانة منفذيه شيء آخر، وإنّ هذا النقد شيء والتغافل عن العدوّ طبيعة وبنية وقدرة شيء آخر، إذ إنّه قادر على رفع مستويات توحشه ليفرض زوايا نظر وتقييم على أعدائه تخدم مشروعه وأغراضه، ومن ثمّ من الواجب عدم الاستسلام لإرادة العدوّ الرامية إلى دفع الضحية لإدانة نفسها. كان العدوّ دائما يهدف إلى البلوغ بالضحية إلى أقصى درجات اليأس من جدوى أيّ مقاومة أو فعل تحرري، وقد نجح اليوم في البلوغ بالكثيرين إلى ما يتجاوز ذلك نحو إدانة الذات وتبرئّته.

(كتب أخيرا أحد الفلسطينيين الموصوفين بالعلم الشرعي بأنّ حصار غزّة وتجويعها سببه تحالف مقاومتها مع إيران، وأنّ إسرائيل لا تسعى لاستئصال الفلسطينيين، مستدلا ببقائهم في أرضهم في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 وسماحها من قَبْل للعمال من الضفة الغربية بالعمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948، متناسيا أنّه يعيش في أكبر معسكر لاجئين في الأرض بسبب حملات الاستئصال والتطهير العرقي عام 1948، قبل أن توجد حماس أو "نظام الملالي في إيران". ولا يمكن للمرء أن يتخيل إمكان الهبوط بالاستعدادات الذهنية لأحدهم بحيث يرفع العداء لمن لم يطلق عليه رصاصة واحدة، بما يفوق العداء لمن يعمل على إبادته بالفعل، بل يبرئ هذا الأخير الذي يبيده. الأمر في الحقيقة يتجاوز الخيال مهما كان جامحا).

والحاصل، أنّ المراد قوله من هذه النقطة التوضيحية، أنّ من تصدّى لهذه الخطابات، أو التفت إلى جوانب أخرى من الحدث، لا يرفض بالضرورة مراجعة حسابات منفذي السابع من أكتوبر، وليس بالضرورة أن يكون ممن يدّعي أنّنا في لحظة انتصار، والأمر ينبغي أن يكون أظهر من أن يستدعي توضيحا، ولكنّ تعمّد الخلط، والهوس بحشر المخالفين في سلة واحدة، والتمركز حول وساوس الذات، في حدث مهول كهذا، يتوقف بصاحبه عند إدانة الضحية، بدعوى لها رداءتها الخاصة، مفادها: "ما دمتم لم تنتقدوا أنفسكم، ولم تعترفوا بخطئكم، وفوق ذلك تزعمون الانتصار، فدعونا نفنّد دعواكم ونبين ما لم تعترفوا به". ولكن حاصل هذه الدعوى الفاسدة مضمونا ودافعا عقليّا وأخلاقيّا هو: "ما دمتم لم تنتقدوا أنفسكم، ولم تعترفوا بخطئكم، وفوق ذلك تزعمون الانتصار، فدعونا نبرئ عدوّكم، ونخلي من يسمح باستمرار إبادتكم ويمنع التضامن معكم من مسؤوليته"!

هكذا يتحول الفعل الشريف النبيل في وعي البعض إلى فعل خسيس، وهكذا يصبح حرمان الضحية من التعاطف إلى موقف غاية في الحكمة والصواب، ويصير العجز فضيلة تستوجب البيان والمديح!

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يُهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء
  • الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة جيبوتي
  • وكيل الأزهر يستقبل رئيس المجلس الفقهي الأسترالي لبحث سبل التعاون المشترك
  • رئيس دفاع النواب: ما شهدته سيناء من مشروعات عبور جديد لأرض الفيروز
  • جلالةُ السُّلطان المعظّم يعود إلى أرض الوطن
  • بفضل الله تعالى.. جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن
  • كيف إذا صار العجز فضيلة والشرف خِسة؟!
  • عبدالرحيم علي يكتب: باقة حب لفضيلة الإمام الأكبر
  • وزير الأوقاف يكتب: الإمام الطيب قائد الأزهر في زمن التحديات وصوت الحكمة في عالم مضطرب
  • د. رهام سلامة تكتب: الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائد حكيم ومسيرة عطاء لا تتوقف