لماذا حرص مستشار نتنياهو على لقاء ترامب قبل زيارته للبيت الأبيض؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
واشنطن- تؤكد التقاليد السياسية الأميركية على وجود إدارة حاكمة واحدة بالبيت الأبيض ورئيس أميركي واحد خلال المرحلة الانتقالية الحساسة التي تعقب ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية، وتحديدا في حالة فوز مرشح الحزب المنافس.
ولكن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التقى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بمنتجعه "مار لاغو" في ولاية فلوريدا الأميركية، وذلك قبل أن يبدأ لقاءاته الرسمية لاحقا بالعاصمة واشنطن.
ويرى بعض المعلقين هذا التصرف خروجا للحكومة الإسرائيلية على العرف الأميركي، غير مكترثة إلا بمحاولة تأمين علاقتها شديدة الخصوصية بالإدارة الجمهورية الجديدة، وتبعات ذلك على رؤيتها لحربها على غزة ولبنان، كما أن حكومة نتنياهو لم تكترث بانقضاء المهلة الأميركية لإسرائيل لتحسين الوضع الإنساني بغزة، في ظل تردد إدارة بايدن في انتقاد الممارسات الإسرائيلية.
أهمية اللقاءتزامن لقاء ديرمر ترامب مع بدء الأخير الإعلان عن أسماء مرشحيه لملفات وقضايا الأمن القومي، والذين يعدون من أكثر الأسماء دعما لإسرائيل، سواء بناء على أسس دينية مسيحية توراتية قديمة، أو على أسس جيوإستراتيجية حديثة.
وتضمنت أسماء المرشحين كلا من مايكل والتز كمستشار للأمن القومي، وماركو روبيو لحقيبة الخارجية، ومايك هاكابي سفيرا في إسرائيل، وبيت هيجسيث للدفاع، ويعرف عن كل هؤلاء دعمهم اللا محدود لإسرائيل وسياستها العدوانية بالمنطقة، سواء تجاه الفلسطينيين أو لبنان وإيران.
وهدف ديرمر من اللقاء إلى تمرير وشرح وتفصيل موقف نتنياهو من مستقبل قطاع غزة، وخطط إسرائيل تجاه جنوب لبنان، وطبيعة المرحلة القادمة من المواجهة مع إيران.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال السفير الأميركي السابق ديفيد ماك المساعد السابق لوزير الخارجية والخبير بالمجلس الأطلسي إن "نتنياهو لطالما حاول التلاعب واستغلال التوازنات السياسية الأميركية، وديرمر أداة نتنياهو الرئيسية لهذه الجهود. أعتقد أن نتنياهو ضغط أيضا على الناخبين اليهود ليصوتوا لصالح ترامب".
أما خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن غريغوري أفتانديليان فقال إن "ديرمر حاول كسب ود ترامب، على أمل الحصول على وعود منه بالتراجع عن أي قرارات قد يتخذها بايدن ولا تحبذها إسرائيل".
فشل بايدنوعقب انتهاء لقاء ترامب في فلوريدا، توجه ديرمر لواشنطن والتقى كلا من وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومسؤول الشرق الأوسط بالبيت الأبيض بريت ماكغورك، والمبعوث الخاص للبنان آموس هوكشتاين.
وتناول النقاش الموعد النهائي الذي منحته إدارة بايدن لإسرائيل لتحسين الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير، والذي يحل اليوم الأربعاء، وتهديدها بفرض حظر جزئي على الأسلحة، إلا أن إدارة بايدن اختارت دعم إسرائيل دون الاكتراث بالتقارير الدولية المحايدة التي أشارت أيضا إلى عرقلة إسرائيل إدخال المساعدات إلى سكان قطاع غزة.
وتقول وكالة الأونروا في غزة إن إسرائيل فشلت في الوفاء بالموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لزيادة المساعدات للقطاع، وكان قد قيل إن كلا من وزيري الخارجية بلينكن والدفاع لويد أوستن وجها رسالة شديدة اللهجة لإسرائيل قبل شهر، وأعطيا فيها إنذارا لمدة 30 يوما لضمان وصول المزيد من شاحنات المساعدات إلى غزة يوميا.
وقد اعترفت الأمم المتحدة بأن كمية المساعدات التي تدخل غزة في أدنى مستوى لها منذ عام، كما حذر تقرير مدعوم من المنظمة مؤخرا من وجود احتمال وشيك لمجاعة شمال غزة، حيث لم تدخل أي مساعدات تقريبا خلال الشهر الماضي.
ترتيب أوراقوفي حديث للجزيرة نت، أشار خبير الشؤون الدولية والسياسة الأميركية آدم شابيرو إلى أن "زيارة ديرمر تتعلق أكثر بالمدى الطويل، وبوضع جدول أعمال مشترك مع ترامب" مشككا في إجراء بحث أي شيء جوهري في لقاءات ديرمر مع أركان إدارة بايدن مثل بلينكن وسوليفان.
وأضاف شابيرو أن الإسرائيليين "يعرفون أن أي شيء قد يفعله الرئيس الحالي جو بايدن الأسابيع القادمة سيُفعل عكسه على الفور من قبل ترامب، وأن بايدن يتجاوز حتى كونه بطة عرجاء".
من جهته قال مبعوث البيت الأبيض إلى لبنان لموقع "أكسيوس" إنه يعتقد أن "هناك فرصة لتأمين اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريبا" وأضاف هوكشتاين "آمل أن نتمكن من الوصول إلى ذلك".
وتدرك إسرائيل أهمية الملف اللبناني بالنسبة للرئيس الأميركي القادم، خاصة بعد وعده الجالية اللبنانية الأميركية خلال حملته الانتخابية أنه "سيوقف الحرب ويعيد السلام للبنان".
واعتبر ديفيد دي روش أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون والمسؤول السابق بحلف "الناتو" ووزارة الدفاع -في حديثه للجزيرة نت- أن نتنياهو سيحاول تحقيق أهدافه الأمنية فيما يتعلق بحركة حماس وحزب الله قبل أن يتولى ترامب منصبه.
وأوضح أن "نتنياهو لا يريد أن يبدأ علاقته مع ترامب من موقف ضعف، بل يريد أن يثبت أنه دمر اثنتين من أدوات إيران الهامة بالشرق الأوسط" موضحا أنه "إذا تمكن نتنياهو من فعل ذلك، خاصة وأنه ليس هناك ما يشير إلى أن بايدن لديه أي قدرة على إيقافه، فسيكون ترامب قادرا على وضع نفسه كصانع سلام فور توليه منصبه، وسيكون ذلك فوزا لنتنياهو وترامب معا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
عودة ترامب للبيت الأبيض..!
كثرة هي العوامل الذاتية والموضوعية التي مكنت دونالد ترامب بالعودة للبيت الأبيض بعد حملات الملاحقة التي طالت الرجل وبعد أكثر من 36 تهمة جنائية وجهت للرجل واحدة منها أن ثبتت ضده كفيلة بأن تحرمه من حقوقه المدنية بقية حياته..!
لكن ترامب ورغم الضجيج والجدل والجرجرة أمام المحاكم الفيدرالية ومحاكم الولايات، ورغم كل ما قيل عنه بعد أحداث الكابيتول أو القضية المعروفة بقضية (6 ينائر 2020)، عاد ترامب لحكم أمريكا لأن المرحلة التي تعيشها أمريكا تتطلب رئيسا يتمتع بشخصية ترامب وكارزميته، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي تعيشها أمريكا ويواجهها الاقتصاد الأمريكي الذي تبلغ ديونه الخارجية (10.8تريليون دولار) فيما يبلغ الدين الداخلي (5.9 تريليون دولار) فيما العملة الورقية الدولار تطبع بدون ضمان حقيقي وكلفة طباعة ورقة ( فئة مائة دولار -تكلف 13 سنتاً)..!
الدولة العميقة والشركات القابضة ومجمع الصناعات العسكرية، ينظرون لترامب باعتباره المخلص الذي لديه قدرة على ابتزاز أو تهديد الحلفاء بعكس اقرانه من الرؤساء القادمين من مفاصل الدولة العميقة، إذ أن ترامب لا ينتمي لهذه الترويكا بل جاء من خارجها ولهذا يتعامل بعلاقته الخارجية بـ(عقلية التاجر) غير مكترث بما يصطلح عليه بأدبيات الدبلوماسية الناعمة فالرجل لن يتصرف على طريقة سلفه (بايدن) حين راح يفرض على حلفائه في أوروبا قطع علاقتهم مع روسيا في مجال الطاقة والمعادن وفرض عليهم شراء الطاقة من أمريكا بأسعار تزيد أربعة أضعاف عن السعر الذي تحظى به الشركات الأمريكية وبما يوازي عشرة أضعاف السعر الذي كانت دول أوروبا تلقاه من روسيا..!
هذا من ناحية من ناحية أخرى يرى ترامب أن أمريكا ليست معنية بأن تنفق أموالها وتستدين لحماية حلفائها الذين بنظر ترامب عليهم أن يدفعوا ميزانية الناتو ويدفعوا حتى تكاليف القوات الأمريكية المشاركة فيه لأن مهمة هذا الحلف هو حماية أوروبا وليس أمريكا القادرة على حماية نفسها ..!
ترامب أيضا قادر على إجبار دول الخليج بضخ أموالها للخزانة الأمريكية مقابل حمايتها وقالها ترامب صراحة للسعودية في خطاب علني (إنكم غير قادرين أن تصمدوا أسبوعا دون حمايتنا).
ترامب يرى أن أمريكا لا يعنيها ما يحدث في أوكرانيا وليست مسؤولة عنها بل من مصلحة أمريكا الاتفاق مع روسيا الاتحادية ويمكن تقاسم النفوذ معها، لكنه يرى الخطر القادم من الصين هو التحدي الأكبر لأمريكا خاصة في الجانب الاقتصادي وسيطرة الصين على اقتصاد العالم بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي، وحسب قناعته فإن رفع رسوم الجمارك والضرائب على الصناعات الصينية القادمة إلى أمريكا هي وسيلة مثلى لحماية الشركات الأمريكية وإعادة تنشيطها وتمكينها من استيعاب العمالة الأمريكية..!
ترامب يحلم أيضا بمد جسور الصداقة مع روسيا وكسبها إلى جانبه ضد الصين وهي محاولة بائسة لكنه يسعى ويتطلع إلى تحقيقها..!
أضف إلى كل هذا موقفه من المهاجرين مع أن أمريكا من أساسها هي دولة مهاجرين وهو نفسه مهاجر قادم من أيرلندا..لكن عقليته التجارية تحتم عليه الإقدام على هذا التصرف..
الأمر الأخير الذي أعاد به ترامب للبيت الأبيض هي قضايا اجتماعية أبرزها قانون الإجهاض و(المثلية) التي فجرت صراعاً غير معلن بتوصيفه – بين الجمهوريين الرافضين والديمقراطيين المؤيدين- لكنه يندرج في سياق قانون الإجهاض الذي يرفضه ترامب ويؤيده الديمقراطيون، وآخر الأسباب هي حروب أمريكا الخارجية التي تستنزف الخزانة الأمريكية مئات المليارات دون عوائد سوياً إثارة العالم ضد أمريكا.
لكل هذه الأسباب عاد ترامب للبيت الأبيض وقد لعبت حرب غزة ولبنان دورا في عودته بعد أن نال تصويت الجاليات العربية والإسلامية التي نالها بعد تعهده أمامهم بإيقاف هذه الحرب..!
ترامب يحسب علاقة أمريكا مع العالم انطلاقا من قاعدة الربح والخسارة، فالرجل لا يعترف بالدبلوماسية الناعمة..
الأهم من كل هذا يجب أن لا يؤخذ كلام ترامب وتصريحاته على محمل الجد خاصة بالقضايا الاستراتيجية مثل موقفه من إيران أو من الصين لأنه في الأخير وعمليا سوف ينظر لهذه العلاقة من ناحية الربح والخسارة..
وتبقى قادم الأيام كفيلة بالكشف عن سياسة الرجل القادم للبيت الأبيض حبا بالثأر لذاته وإعادة الاعتبار لشخصه بمعزل عن كل الوعود التي قطعها للناخبين.