لجريدة عمان:
2025-03-15@10:32:32 GMT

الترامبية الجديدة .. بين شعارين!

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

من خلال الاختيارات والنماذج التي انتخبها ترامب لرموز إدارته السياسية الجديدة، تلك التي رشحت عبر وسائل الإعلام، يبدو واضحًا أن الرجل يتجه نحو إعادة انتاج روح إدارته القديمة، وهي روح تصطبغ بها شخصيته المستنفرة وانحيازاته الشعبوية.

وإزاء حال كهذه، كيف يمكن لمراقب سياسي أو لمؤرخ في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة أن يفهم ذلك الجمع التي تطرحه الترامبية السياسية بين مفهومين ، لكن -رغم اختلافهما- تريد الحركة الترامبية أن توحي بأنهما متماثلان!

نعني بذلك مفهوم: «أمريكا أولًا» الذي طالما ظل الشعار الأثير للترامبية السياسية، وبين مفهوم «أمريكا القوية» الذي تتوهم الحركة الترامبية أنه سيكون نتيجة للاختيارات السياسية لشعار: «أمريكا أولًا».

وإذا كان بالإمكان لباحث سياسي أن يستخلص سمات متميزة من ماضي «أمريكا القوية» في التاريخ المعاصر، فإنه ربما لو تأمل عبر استقصاء سريع لبعض نماذج محطات قوة السياسة الدولية التي توفرت عليها أمريكا طوال المائة عام الأخيرة، لوجد اختلافًا كبيرًا بين المفهومين الذين تريد الحركة الترامبية الجمع بينهما !

فــ«أمريكا القوية» تجلَّت عالميا في الكثير من المحطات التاريخية الخارجية، مثل مبادئ الرئيس ويلسون، والاضطلاع بأعباء ملف الحرب العالمية الثانية عبر التدخل الحاسم للولايات المتحدة الأمريكية، ومشروع مارشال الأمريكي بعد نهاية الحرب (الذي يعود إليه الفضل في إعادة بناء أوروبا).

وحيال محطات تاريخية كتلك التي ألمحنا إليها من التجارب السياسية الدولية الكبرى للولايات المتحدة، لا يبدو ثمة تماثل بين مفهومي «أمريكا أولًا» و «أمريكا القوية».

فإذا كان المفهوم الأول «أمريكا أولًا» يعكس إيحاءً بالعزلة والتعب السياسي من أعباء العالم الحديث (الذي بدت فيه الولايات المتحدة بمثابة محور دولي استراتيجي رئيس في صناعة ذلك العالم، بحسب حنة آرندت) فإن مفهوم «أمريكا القوية» هو في تقديرنا مفهوم لا يمكن تصوره بعيدًا عن الانخراط الفعال للولايات المتحدة في شؤون العالم الحديث، وبهذا المعنى في تحديد الفرق بين المفهومين يمكننا أن نلمح التناقض الرئيس الذي يكمن بينهما في أي قراءة سياسية تتتبع المفهومين في التاريخ الأمريكي الحديث.

وإذ ظلت الولايات المتحدة مثالًا لمفهوم بلاد «العزلة السعيدة» (ذلك الاسم الذي كان يطلق عليها قبل انخراطها في تشكيل العالم الحديث، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية) فإنه نخشى القول إن ذلك التسويق الذي تروج له الترامبية السياسية في الجمع بين مفهومي «أمريكا أولًا» و«أمريكا القوية» عبر خطة الإدارة السياسية الجديدة لترامب قد يكشف عن إعادة انتاج نموذج آخر من الشعبوية السياسية في عالم لا تتحمل تناقضاته الجيوسياسية اليوم قيادة شعوبية في هرمه الدولي!

ولعل هذا ما تخوف منه الأستاذ ممدوح المهيني في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط أمس حين قال: «هناك من داخل النخبة الفكرية والسياسية وداخل الحزب الجمهوري من يخشون من طريقة التفكير هذه؛ لأنهم يرون أنه سيدفع إلى مزيد من الفوضى في النظام الدولي، ويعدّون ماسك والجوقة المحيطة به تفتقد أي خبرة بالسياسة الخارجية، ويرون الواقع على غير حقيقته الذي هو عبارة عن صراع القوى العظمى لتشكيل العالم على صورتها. ويقولون إن العالم استقر في العقود الأخيرة ولم نشهد حروبًا مدمرة بسبب أن قوة ليبرالية رأسمالية مهيمنة فرضت نموذجها على العالم».

ثم يختم الأستاذ ممدوح مقاله متسائلا: «ومع تراجع أمريكا وصعود قوى جديدة سنعود للصراعات الكبرى من جديد كما حدث في النصف الأول من القرن الماضي. هل يقرر ترامب الابن وماسك كيف يفكر ترامب بشكل حاسم أم يصطدم بالواقع كما فعل من سبقوه الذين دخلوا بنظريات مثالية لكن التطبيق لم يكن كما كانوا يتخيلونه»؟

هل يمكننا القول إن ثمة اختلافًا جوهريًا سيحدث بين عهدي ترامب (2016 - 2020 و 2024 - 2028)؟ .. وفق الاختيارات التي رشحت عن وسائل الإعلام بخصوص الرموز السياسية الجديدة في إدارة ترامب؛ لا يمكن التسليم بذلك الاختلاف. ولكن هذا لا يعني أن النتائج السياسية التي ستترتب على سياسات الإدارة الترامبية الجديدة هي ذاتها تلك التي ترتبت على قراراته السياسية في الإدارة السابقة؛ لأن التعقيدات الجيوسياسية لعالم اليوم أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2016.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للولایات المتحدة أمریکا القویة أمریکا أول ا

إقرأ أيضاً:

بسبب الاتفاق النووي.. أمريكا تدعو مجلس الأمن لإدانة سلوك إيران

عقد مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، جلسة مغلقة لمناقشة الملف النووي الإيراني، وذلك بناءً على طلب عدد من أعضائه، من بينهم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، واليونان، وبنما، وكوريا الجنوبية.

وجاءت هذه الجلسة بعد التقرير الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أشار إلى أن إيران زادت بطريقة "مقلقة للغاية" من احتياطياتها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من الحد المطلوب لإنتاج أسلحة نووية، والذي يبلغ 90%.

وفي أعقاب الاجتماع، أصدرت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة بيانًا أكدت فيه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، مشددة على ضرورة تحرك مجلس الأمن لمواجهة هذا التحدي.

وأضاف البيان أن "إيران تتحدى قرارات مجلس الأمن، وينبغي على المجلس أن يكون واضحًا وموحدًا في إدانة هذا السلوك المخزي".

كما تعهدت الولايات المتحدة بمواصلة سياستها القائمة على "الضغوط القصوى" ضد إيران، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي هو منع طهران من امتلاك سلاح نووي.

بريطانيا تلوح بإعادة فرض عقوبات أممية على إيرانإيران: أي محاولة لإجبارنا على التوصل لاتفاق جائر مصيرها الفشلرسالة من ترامب إلى إيران يسلمها مسئول عربيحقيقة منع دخول الكويتيين إلى طهران.. بيان مهم من سفارة إيرانأول تعليق من إيران علي الجلسة غير المعلنة لمجلس الأمن بشأن برنامجها النووياجتماع ثلاثي بين إيران والصين وروسيا في بكين يوم الجمعة المقبلالصين تجري محادثات مع إيران وروسيا للرد على الرسوم الأمريكيةإيران: دولة عربية ستسلم رسالة من ترامب إلى طهرانصحافة العالم.. خطة وزير الاحتلال المتطرف لإخلاء غزة من الفلسطينيين استجابة لدعوة ترامب.. ومناورة بحرية بين 3 دول من ضمنها إيران

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، أعاد ترامب تبني نفس النهج الذي اتبعه خلال ولايته الأولى تجاه طهران، حيث شدد العقوبات الاقتصادية، لكنه في الوقت نفسه أبدى استعداده للتفاوض على اتفاق جديد بشأن الملف النووي الإيراني، بدلاً من اتفاق عام 2015، الذي انسحبت منه واشنطن بشكل أحادي في 2018.

وفي سياق متصل، كشف ترامب يوم الجمعة أنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، حثه فيها على الدخول في مفاوضات بشأن الملف النووي، ملوحًا بأن البديل قد يكون عملاً عسكريًا ضد طهران.

إلا أن خامنئي رد على هذه التهديدات بالقول إن "التصريحات الأمريكية غير حكيمة، والتفاوض مع هذه الإدارة لن يؤدي إلى رفع العقوبات، بل سيجعلها أكثر شدة"، مؤكدًا أن بلاده "لا تسعى لامتلاك سلاح نووي"، وأن واشنطن تحاول فقط "خداع الرأي العام العالمي" عبر دعوتها للمحادثات.

عقوبات بريطانية

وفي تطور آخر، أعاد نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، جيمس كاريوكي، طرح إمكانية اللجوء إلى آلية "سناب باك"، التي تتيح إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا في حال انتهاكها للاتفاق النووي.

وقال كاريوكي للصحفيين: "نحن واضحون في أننا سنتخذ كل الإجراءات الدبلوماسية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، وهذا يشمل تفعيل آلية (سناب باك) إذا لزم الأمر". وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أرسلت بالفعل رسالة إلى مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي، تشير إلى إمكانية اللجوء لهذه الآلية.

على الجانب الآخر، تواصل إيران التأكيد على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، وأنها لا تسعى إلى تطوير أسلحة نووية. لكنها في الوقت نفسه، رفضت مطالب الدول الغربية بوقف تخصيب اليورانيوم عند المستويات العالية التي تقترب من الحد اللازم لإنتاج الأسلحة، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي في إطار حقوقها السيادية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارًا من تزايد مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تأجيج التوترات الإقليمية، ويدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد السياسي والعسكري.

مقالات مشابهة

  • صحافة العالم| حماس تتوعد الاحتلال إذا أخل بالاتفاق .. وقمع الحريات في أمريكا يتحول إلى كابوس
  • روبيو: سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في أمريكا
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • أمريكا وإسرائيل تقترحان إعادة توطين سكان غزة في أفريقيا
  • «أسوشيتد برس»: أمريكا والصين.. زعيمان وخطابان ورؤيتان مختلفتان
  • كندا تشكو أمريكا في منظمة التجارة العالمية بسبب الرسوم الجمركية
  • ترامب: أمريكا لديها تجارة غبية والعالم بأسره ينهبنا
  • الصِّيغة الجديدة لأمْرَكة العالم
  • بسبب الاتفاق النووي.. أمريكا تدعو مجلس الأمن لإدانة سلوك إيران
  • سياسات ترامب المجنونة تنذر بحرب تجارية بين أمريكا ودول العالم