الترامبية الجديدة .. بين شعارين!
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
من خلال الاختيارات والنماذج التي انتخبها ترامب لرموز إدارته السياسية الجديدة، تلك التي رشحت عبر وسائل الإعلام، يبدو واضحًا أن الرجل يتجه نحو إعادة انتاج روح إدارته القديمة، وهي روح تصطبغ بها شخصيته المستنفرة وانحيازاته الشعبوية. وإزاء حال كهذه، كيف يمكن لمراقب سياسي أو لمؤرخ في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة أن يفهم ذلك الجمع التي تطرحه الترامبية السياسية بين مفهومين ، لكن -رغم اختلافهما- تريد الحركة الترامبية أن توحي بأنهما متماثلان! نعني بذلك مفهوم: «أمريكا أولًا» الذي طالما ظل الشعار الأثير للترامبية السياسية، وبين مفهوم «أمريكا القوية» الذي تتوهم الحركة الترامبية أنه سيكون نتيجة للاختيارات السياسية لشعار: «أمريكا أولًا».
وإذا كان بالإمكان لباحث سياسي أن يستخلص سمات متميزة من ماضي «أمريكا القوية» في التاريخ المعاصر، فإنه ربما لو تأمل عبر استقصاء سريع لبعض نماذج محطات قوة السياسة الدولية التي توفرت عليها أمريكا طوال المائة عام الأخيرة، لوجد اختلافًا كبيرًا بين المفهومين الذين تريد الحركة الترامبية الجمع بينهما ! فــ«أمريكا القوية» تجلَّت عالميا في الكثير من المحطات التاريخية الخارجية، مثل مبادئ الرئيس ويلسون، والاضطلاع بأعباء ملف الحرب العالمية الثانية عبر التدخل الحاسم للولايات المتحدة الأمريكية، ومشروع مارشال الأمريكي بعد نهاية الحرب (الذي يعود إليه الفضل في إعادة بناء أوروبا). وحيال محطات تاريخية كتلك التي ألمحنا إليها من التجارب السياسية الدولية الكبرى للولايات المتحدة، لا يبدو ثمة تماثل بين مفهومي «أمريكا أولًا» و «أمريكا القوية». فإذا كان المفهوم الأول «أمريكا أولًا» يعكس إيحاءً بالعزلة والتعب السياسي من أعباء العالم الحديث (الذي بدت فيه الولايات المتحدة بمثابة محور دولي استراتيجي رئيس في صناعة ذلك العالم، بحسب حنة آرندت) فإن مفهوم «أمريكا القوية» هو في تقديرنا مفهوم لا يمكن تصوره بعيدًا عن الانخراط الفعال للولايات المتحدة في شؤون العالم الحديث، وبهذا المعنى في تحديد الفرق بين المفهومين يمكننا أن نلمح التناقض الرئيس الذي يكمن بينهما في أي قراءة سياسية تتتبع المفهومين في التاريخ الأمريكي الحديث. وإذ ظلت الولايات المتحدة مثالًا لمفهوم بلاد «العزلة السعيدة» (ذلك الاسم الذي كان يطلق عليها قبل انخراطها في تشكيل العالم الحديث، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية) فإنه نخشى القول إن ذلك التسويق الذي تروج له الترامبية السياسية في الجمع بين مفهومي «أمريكا أولًا» و«أمريكا القوية» عبر خطة الإدارة السياسية الجديدة لترامب قد يكشف عن إعادة انتاج نموذج آخر من الشعبوية السياسية في عالم لا تتحمل تناقضاته الجيوسياسية اليوم قيادة شعوبية في هرمه الدولي! ولعل هذا ما تخوف منه الأستاذ ممدوح المهيني في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط أمس حين قال: «هناك من داخل النخبة الفكرية والسياسية وداخل الحزب الجمهوري من يخشون من طريقة التفكير هذه؛ لأنهم يرون أنه سيدفع إلى مزيد من الفوضى في النظام الدولي، ويعدّون ماسك والجوقة المحيطة به تفتقد أي خبرة بالسياسة الخارجية، ويرون الواقع على غير حقيقته الذي هو عبارة عن صراع القوى العظمى لتشكيل العالم على صورتها. ويقولون إن العالم استقر في العقود الأخيرة ولم نشهد حروبًا مدمرة بسبب أن قوة ليبرالية رأسمالية مهيمنة فرضت نموذجها على العالم». ثم يختم الأستاذ ممدوح مقاله متسائلا: «ومع تراجع أمريكا وصعود قوى جديدة سنعود للصراعات الكبرى من جديد كما حدث في النصف الأول من القرن الماضي. هل يقرر ترامب الابن وماسك كيف يفكر ترامب بشكل حاسم أم يصطدم بالواقع كما فعل من سبقوه الذين دخلوا بنظريات مثالية لكن التطبيق لم يكن كما كانوا يتخيلونه»؟ هل يمكننا القول إن ثمة اختلافًا جوهريًا سيحدث بين عهدي ترامب (2016 - 2020 و 2024 - 2028)؟ .. وفق الاختيارات التي رشحت عن وسائل الإعلام بخصوص الرموز السياسية الجديدة في إدارة ترامب؛ لا يمكن التسليم بذلك الاختلاف. ولكن هذا لا يعني أن النتائج السياسية التي ستترتب على سياسات الإدارة الترامبية الجديدة هي ذاتها تلك التي ترتبت على قراراته السياسية في الإدارة السابقة؛ لأن التعقيدات الجيوسياسية لعالم اليوم أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2016. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: للولایات المتحدة أمریکا القویة أمریکا أول ا
إقرأ أيضاً:
ترامب: أمريكا لديها تجارة غبية والعالم بأسره ينهبنا
القاهرة - مصراوي
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة لا تمتلك تجارة حرة.
وتابع الرئيس الأمريكي في منشور على "تروث سوشيال": "الولايات المتحدة لا تمتلك تجارة حرة، لكننا لدينا تجارة غبية. العالم بأسره ينهبنا".
وتحدث ترامب على "تروث سوشيال" عن الاتحاد الأوروبي، واصفًا إياه بأنه أحد أكثر الكيانات فرضًا للضرائب والتعريفات العدائية واستغلالًا في العالم.
وأشار ترامب: "الاتحاد الأوروبي أُنشئ لغرض استغلال الولايات المتحدة، وقد فرض للتو تعريفة جمركية بنسبة 50% على الويسكي. إذا لم تُلغَ هذه التعريفة فورًا، فستفرض الولايات المتحدة قريبًا تعريفة جمركية بنسبة 200% على جميع أنواع النبيذ والشمبانيا والمشروبات الكحولية القادمة من فرنسا وغيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
وأوضح ترامب: "سيكون هذا القرار مفيدًا للغاية لشركات النبيذ والشمبانيا في الولايات المتحدة".
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
ترامب الرئيس الأمريكي الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي الحرب التجاريةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
رمضانك مصراوي
المزيدهَلَّ هِلاَلُهُ
المزيدإعلان
ترامب: أمريكا لديها تجارة غبية والعالم بأسره ينهبنا
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
31 17 الرطوبة: 20% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رمضانك مصراوي رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك