لجريدة عمان:
2025-10-27@19:54:40 GMT

فوز ترامب وقانون بايدن لحماية المناخ

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

عندما دشَّن الرئيس الأمريكي جو بايدن قانون خفض التضخم الذي تبلغ مخصصاته 369 بليون دولار في عام 2022 دُهِش العالم. سبب الصدمة (والغضب) ليس شيئا آخر سوى أن هذا القانون وهو الأبرز للرئيس بايدن جاء من حيث لا حيث وبدا أنه معادٍ لحلفاء الولايات المتحدة.

اللافت أكثر في القانون أن الدعومات التي يقدمها لمشروعات الطاقة الخضراء تستبعد بعض أصدقاء أمريكا كالاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية.

لكن بعد سنتين لاحقا أصبح قانون خفض التضخم رمزا لأفضل وأسوأ ما في سياسة المناخ الأمريكية. كما صار أيضا رمزا لأوضاع عدم اليقين في المستقبل بالنظر إلى فوز ترامب في انتخابات هذا العام وتعهده بالتراجع عن أجزاء منه. ما يُحسَب لهذه الدعومات التي تضمنها القانون أنها أطلقت ازدهارا مذهلا في الاستثمار في التقنيات الخضراء. في الواقع، الارتفاع في معدل الاستثمار الصناعي هو الأكثر إثارة خلال أربعة عقود على الأقل، كما تقول هيذر بوشي عضو المجلس الاقتصادي لإدارة بايدن.

معظم هذا الاستثمار يحدث الآن في الولايات الحمراء (الجمهورية) وليس الزرقاء (الديمقراطية). أي تلك التي قد يتوقع الناس أن تكون متشككة في سياسات التغير المناخي وصوتت هذا الشهر لصالح ترامب. بعض تلك الولايات غالبا ما تكون لديها إجراءات تنظيمية متساهلة فيما يتعلق بأعمال البناء والتوظيف ما يجعل من اليسير ابتدار مشروعات استثمارية بها.

العامل الآخر كما تذكر بوشي هو أن قانون خفض التضخم أُعِدَّ عن قصد لحفز الاستثمار في المناطق التي كانت تشهد تفكيكا لصناعتها و/ أو المحرومة. وهذه المناطق تميل أكثر نحو تأييد ترامب.

بل ما هو أفضل أن القانون فتح المجال أيضا لجمع التمويل من رأس المال الخاص وشكل تحديا لمناطق العالم الأخرى. فالاتحاد الأوروبي سارع إلى تقديم حوافز استثمارية خاصة به وهو يضع في باله المخاطرة بفقدان الاستثمار الخاص لصالح أمريكا. وفعلت ذلك كوريا الجنوبية أيضا.

لكن الجانب السلبي في القانون أن استحداثه أطلق رد فعل قوي من الجناح اليميني ضد السياسات المناخية على نحو ما تجسد في خطاب حملة ترامب الانتخابية الذي يتحدث عن فقدان الوظائف في الصناعات التقليدية. وفي حين يدفع ازدهار الاستثمار في الولايات الحمراء حكامها الجمهوريين إلى الإصرار على حماية برنامج قانون خفض التضخم (بسبب المنافع الاقتصادية التي جلبها لهذه الولايات) يتنامى نفوذ القوى اليمينية (المعارضة لسياسات التغير المناخي) وتتعزز ثقتها.

في الأثناء وبصرف النظر عن أهدافه المناخية، أشرف بايدن على التوسع المستمر في صناعة الوقود الأحفوري. ففي عهده تم منح عدد أكبر من التراخيص لتطوير حقول النفط والغاز مقارنة بتلك التي حصلت عليها الشركات خلال إدارة ترامب السابقة.

أناس عديدون وأنا منهم كانوا يفترضون أن السياسة المناخية ستكون فرصة مواتية للتعاون الجيوسياسي. لكن أثناء إدارة بايدن تحولت بدلا عن ذلك إلى مجال للتنافس الجيوستراتيجي المتزايد. والأكثر وضوحا أن الحكومة الصينية هيمنت بشكل فعال على معالجة المعادن الرئيسية والضرورية للتقنية الخضراء واستحوذت على الصدارة في انتاج أشياء مثل ألواح الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية.

تهدد إدارة ترامب باتخاذ موقف متشدد في هذا الجانب بفرض رسوم جمركية على الواردات الصينية. لكن الصين حتى الآن تتقدم على الولايات المتحدة بفارق كبير بحيث يبدو من المستبعد أن تلحق بها في أي وقت قريب.

تواجه واشنطن الآن خيارا سيئا. فهي عليها إما التحول إلى الطاقة الخضراء بسرعة وبتكلفة زهيدة باستخدام التقنية الصينية أو شق مسارها الخاص بها بتكلفة أعلى وفي تلكُّؤ. وفي كلا الحالين أصبح المزاج السياسي غير مواتٍ ومن المستبعد أن يقود إلى خفض الانبعاثات الذي يحتاج إليه العالم بشدة.

قد يحاجج متفائل بأن هذه مجرد انتكاسات بسيطة في المسار الذي يقود إلى التقدم. فبعد كل شيء، أوضح قانون خفض التضخم عمليا أن السياسة المناخية هي الآن في مركز الجدل في واشنطن. ويمكن القول إن ذلك يحدث لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.

حتى في ظل رئاسة ترامب سيكون من الصعب جدا للقوى اليمينية (إعادة هذا الجِّنِّي إلى الجرّة) في أي وقت قريب بالنظر إلى النشاط الاستثماري للقطاع الخاص (في الطاقة الخضراء). على سبيل المثال، من المستبعد أن يتوقف إيلون ماسك، وهو داعم رئيسي لترامب، عن إنتاج السيارات الكهربائية.

أيضا أثناء رئاسة ترامب الأولى مضت العديد من الشركات والحكومات البلدية قُدُما في تنفيذ خططها الخاصة بها والمتعلقة بالتغير المناخي دون الالتفات إلى السياسات الفيدرالية. وفي الغالب سيستمر ذلك خصوصا مع إجبار التغييرات في الأنظمة المحاسبية مثل تلك التي حدثت في أوروبا وكاليفورنيا الشركاتِ الكبيرة على الإبلاغ عن «بصماتها» أو انبعاثاتها الكربونية بصرف النظر عما يمكن أن تفعله (أو لا تفعله) لجنة البورصات والأوراق المالية الأمريكية.

لكن صاحب النظرة المتشائمة سيقول الاقتصار على التحرك إلى الأمام ليس كافيا. فالمناخ يتغير بسرعة كما اتضح في ظواهر الطقس المتطرفة الأخيرة بحيث يلزم أن يتحرك واضعو السياسات بسرعة البرق لوقف احترار الكوكب.

أكثر شيء محبط بشأن الجدل في الولايات المتحدة في نظر غير الأمريكيين عدم تراجع مستوى الشكوك في التغير المناخي وسط ناخبي اليمين حتى بعد كوارث الطقس الأخيرة. فولاية فلوريدا مثلا ضربتها الأعاصير مؤخرا لكنها من بين المناطق المتشككة في حقيقة التغير المناخي.

وهكذا فأفضل التوقعات بالنسبة للسياسات الأمريكية حول المناخ تشير إلى أنها ستظل شديدة التناقض إن لم تكن خاطئة. وإذا استشهدنا بالقول المأثور الذي كثيرا ما يُنسب إلى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ربما هذه مجرد حالة أخرى من تلك الحالات التي دائما ما تفعل فيها الولايات المتحدة الشيء الصحيح بعد أن تجرِّب الخيارات الأخرى. لكنها إذا لم تفعل ذلك (الشيء الصحيح) سيعاني الكوكب. ولا يوجد وقت لإهداره.

جيليان تيت محررة وكاتبة رأي في الفاينانشال تايمز.

الترجمة خاصة لـ «عمان»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة قانون خفض التضخم التغیر المناخی

إقرأ أيضاً:

روسيا: هناك محاولات هائلة لتقويض أي حوار مع الولايات المتحدة

نددت روسيا بمحاولات تقويض حوارها "البناء" مع الولايات المتحدة والهادف إلى إيجاد تسوية للنزاع في أوكرانيا، بعد بضعة أيام من إرجاء مشروع لقاء بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب حتى إشعار آخر.
وقال موفد الكرملين للشؤون الاقتصادية كيريل دميترييف في رسالة مصورة: "نشهد محاولات هائلة لتقويض أي حوار بين روسيا والولايات المتحدة".

ويواصل دميترييف منذ يوم الجمعة لقاءاته مع مسؤولين في إدارة ترامب في واشنطن.

أخبار متعلقة الولايات المتحدة والصين تعملان على "التفاصيل النهائية" لاتفاق تجاريمطالبًا بـ"خطوات حاسمة".. زيلينسكي يدعو حلفاءه لعدم استرضاء روسياداعيًا إلى الحوار.. بوتين يقلل من تأثير العقوبات الأمريكية على روسيا

وقال: "نحن مستعدون لإجراء حوار بناء وتواصل واضح بشأن موقف روسيا بشأن العديد من القضايا".

وأضاف الموفد أن روسيا تأمل في تسوية سلمية، مشيرًا إلى أن احترام المصالح الروسية والقضاء على الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية ينبغي أن يشكلا الأساس لحلول عادلة.

توقف مفاوضات السلام

توقفت مفاوضات السلام بين موسكو وكييف، رغم جهود الوساطة التي بذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وعد بإنهاء النزاع في أوكرانيا بسرعة بمجرد عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي.

وأرجأ ترامب الثلاثاء إلى أجل غير مسمى اجتماعًا كان مقررًا مع بوتين في بودابست، قائلًا إنه لا يريد مناقشات بلا جدوى، كما فرضت الولايات المتحدة في اليوم التالي عقوبات جديدة على قطاع النفط الروسي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } توقفت مفاوضات السلام بين موسكو وكييف لإنهاء الحرب - رويترز

لكن ذلك لم يمنع أن يلتقي كيريل دميترييف أيام الجمعة والسبت والأحد مسؤولين في إدارة ترامب، وكذلك ممثلين للمجتمع الأمريكي يريدون حوارًا إيجابيًا مع روسيا، من بينهم عضو مجلس النواب الجمهورية عن ولاية فلوريدا آنا باولينا لونا.

صوت قوي للحوار والسلام

ووصف دميترييف عبر منصة إكس باولينا لونا بأنها صوت قوي للحوار والسلام، مشيرًا إلى أنها ستتولى تنظيم اجتماع بين نواب أمريكيين وروس لتشجيع حوار برلماني.

وفي مقابلة مع قناة "أولتراهانغ" المجرية على "يوتيوب" بثت الأحد، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن واشنطن لم تقترح أي لقاء أو محادثة جديدة بين وزيري الخارجية الأمريكية والروسية منذ مكالمتهما الهاتفية يوم الاثنين.

وأضاف متحدثًا بالإنجليزية: "لم أتطرق إلى هذه المسألة منذ ذلك الحين لأن المبادرة برمتها تعود إلى الولايات المتحدة، سنكون على استعداد للمضي قدمًا إذا شعر الأمريكيون بالارتياح مع أنفسهم".

وعندما سُئل عن القمة التي يجري الحديث عنها بين ترامب وبوتين، أجاب: "الأمر يعتمد على من بدأوا العملية".

مقالات مشابهة

  • وسط اشتباكات عنيفة.. مستشار ترامب يدعو «الدعم السريع» لحماية المدنيين بالسودان
  • بايدن يتحدث عن "أيام ترامب الحالكة".. ويدعو للتفاؤل
  • رغم الاتهامات بارتكاب جرائم.. مستشار ترامب يدعو الدعم السريع لحماية المدنيين بالفاشر
  • روسيا: هناك محاولات هائلة لتقويض أي حوار مع الولايات المتحدة
  • رئيس كوريا الجنوبية يكشف نقاط الخلاف مع الولايات المتحدة حول طريقة الاستثمار
  • رغم اتهامات بارتكاب جرائم حرب.. مستشار ترامب يدعو الدعم السريع لحماية المدنيين بالفاشر
  • السودان.. مستشار ترامب يدعو الدعم السريع لحماية المدنيين في الفاشر
  • نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة
  • ترامب يلغي قيود التلوث التي فرضتها إدارة بايدن على مصاهر النحاس
  • ترامب يمنح العفو لمؤسس بينانس ويعلن نهاية حرب بايدن على العملات المشفرة