حل الدولتين.. أم دولة ديمقراطية واحدة؟!
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد والتطبيع العربي يجري على قدم وساق، وربما بعض الأنظمة العربية سبقت في علاقتها مع الكيان الصهيوني تلك الاتفاقية، وهي التي مهدت لها والمسألة معروفة، غير أن التطبيع بمعناه القانوني والسياسي والدبلوماسي قضية أخرى، وكانت إلى وقت قريب تحكمها اعتبارات وحسابات موزونة بدقة، وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تراعي مثل تلك الاعتبارات وضرورة أخذها في الحسبان.
وبعد المتغيرات الدولية وسقوط المنظومة الاشتراكية من جانب وما جرى على الأرض العربية خلال العقدين الأخيرين من جانب آخر، لم تعد الذرائع والمبررات التي تتحجج بها بعض الأنظمة مقنعة وفق المنظور الأمريكي، وفي ضوء هذا المناخ العام واحتمالات تصاعد وتيرة التطبيع مع الإدارة الأمريكية الجديدة من ناحية وواقع الثورة والقضية والشعب بعد طوفان الأقصى من ناحية أخرى، يثار مجددا السؤال حول العنوان الرئيسي الذي يتمحور حوله العمل الوطني الفلسطيني والعربي في المرحلة المقبلة، وهل هو الدولة الديمقراطية الواحدة أم حل الدولتين؟ وإذا كانت فرضية حل الدولتين رغم كل ما قدم في سبيلها من تنازلات فلسطينيًا وعربيًا قد وصلت إلى الطريق المسدود، فان حل الدولة الديمقراطية الواحدة التي تعني فيما تعنية تفكيك المؤسسات الاستعمارية الكولونيالية وفتح الطريق أمام التعايش والحقوق المتساوية في دولة ديمقراطية مدنية والتي تعد الحل الأكثر واقعية لم تتوفر لها يومًا الإمكانات الموضوعية على الصعيدين الإقليمي والدولي المسقوفة كحد أقصى بحدود القرارات الدولية القائمة على التقسيم.
لا شك أن النضال الوطني الفلسطيني كان ولا يزال أمام الخيارات الصعبة، إما مجاراةً للظرف الدولي بكل طغيانه وظلمه وأما الرفض المطلق لنتائجه موازينه والتمسك بالهدف الاستراتيجي البعيد المدى بكل تبعاته وموجباته، دون أن يغيب عن الذهن بأن المعسكر المساند للنضال الوطني الفلسطيني سابقًا وراهنًا بأغلبيته الساحقة يقف عند حدود حل الدولتين، هذه المعطيات الموضوعية القاسية قد حددت نهج وتوجه الحركة الوطنية الفلسطينية تاريخيًا وقادتها بعد سجالات نظرية عميقة للتوافق الوطني على مرحلية الأهداف الوطنية والتقاطع مع المسار العالمي بكل انحيازاته المجحفة حتى إنجاز الهدف المرحلي في العودة والدولة المستقلة وتقرير المصير، رغم الملابسات التي اكتنفت المرحلية النضالية والخروقات التي نجمت عن فهمها في الممارسة العملية وذلك ارتباطا بالواقع العربي الذي يدفع باتجاه الانحرافات الوطنية واحتضانها.
وما يهم تأكيده يتمثل في سلامة شعار الدولة الديمقراطية من الناحية النظرية والذي سيشكل في حال ترسيخه ناظم للوحدة الوطنية الحقيقية، وفي هذا الإطار ينبغي وزن الخيارات الراهنة والقادمة بميزان الذهب.
وفي هذا السياق، هل حل الدولتين من الناحية الاستراتيجية يتعارض مع حل الدولة الديمقراطية الواحدة؟ وأيهما أفضل للشعب والقضية والحقوق التاريخية في هذه المرحلة تحديدًا، بكل ما يحيطها من ملابسات وتعقيدات؟ وهل اعتماد المرحلية النضالية وتجزئة الأهداف أم استبعاد هذا التوجه نهائيا من قاموس الفعل والتكتيك السياسي؟
لا شك أن فلسطين كلها من نهرها إلى بحرها هي لشعبها الفلسطيني الذي هو جزء من الأمة العربية وأن استعادتها كاملة مهمة وطنية وقومية وهي حتمية تاريخية، ولا يجوز تحت ضغط الظروف القاسية التفريط في حبة واحدة من ترابها، ولا ريب أن الرأي الذي حسم قضية حل الدولتين بالنفي يستمد مشروعيته من الحق والعدالة التاريخية وفشل هذا الخيار وفق صيغة أوسلو، وهي حيثية تُزكيها الحقائق والتجربة الملموسة.
غير أن الحركة الوطنية الفلسطينية بمعظم مكوناتها الرئيسية ما زالت تعتقد أن هذا الخيار لم يستنفد كل إمكانياته بعد، وهي مطالبة بعد تجربة طويلة من التجريبية السياسية بأن تجري المراجعة العلمية الجادة وإخضاع كل الخيارات ونتائجها العملية للنقد العلمي والموضوعي والثوري؛ وهي بالتأكيد تمتلك من الوسائل والخبرات والطاقات الفكرية والنضالية والإخلاص الوطني ما يمكنها من استشراف الممكن الواقعي، وتعلم أكثر من غيرها طبيعة المشروع الإمبريالي والصهيوني وفي أهمية حماية مشروعها الوطني التحرري بكل أبعاده.
وفي حال استقرت خلاصات مراجعاتها الوطنية على أية عنوان سيتوجب على الأمة العربية كلها احترام ما تفرزه الإرادة الوطنية الفلسطينية ودعمها. إلّا أن فكرة حل الدولتين وامتداداتها ما زالت واسعة في الواقع الفلسطيني والعربي وتحديدًا لدى القوى البرجوازية واليمينية، وبعض أطراف الحركة اليسارية المتماهية مع هذا الخيار، الذي يتماشى مع التوجهات الدولية، وبطبيعة الحال ما يلوح في الأفق إلى الآن لا بوحي بعكس هذا التوجه، وأن وتيرة الصعود والهبوط في الخطاب السياسي الراهن يدخل في إطار المناكفات والمناورات السياسية التي لا يعتد بها كبعد استراتيجي في طي مرحلة حل الدولتين وفتح الطريق أمام مرحلة الدولة الديمقراطية الواحدة بكل آمالها وصعوباتها واستحقاقاتها التاريخية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بالتعاون مع وزارة الدفاع..المكتب الوطني للإعلام ينظم إحاطة إعلامية للاحتفال بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية
عقد المكتب الوطني للإعلام، بالتعاون مع وزارة الدفاع، إحاطة إعلامية في أبوظبي، بمشاركة وسائل الإعلام المحلية، للإعلان عن إطلاق حملة إعلامية وطنية تعرف بفعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على صدور قانون الخدمة الوطنية في الإمارات، والذي رسخ لدى أبناء الوطن قيم الولاء والانتماء والتضحية في سبيل الحفاظ على مكتسبات ومنجزات دولة الاتحاد وتعزيز مسيرة نهضتها وأمنها واستقرارها.
وتأتي الحملة الإعلامية، في سياق حرص وزارة الدفاع والمكتب الوطني للإعلام على تقديم صورة متكاملة حول الأثر الإيجابي الذي أحدثه قانون الخدمة الوطنية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في الدولة، حيث أكدت الإحاطة أن قانون الخدمة الوطنية يعكس رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات في تعزيز مفهوم المواطنة الصالحة، وتنمية الوعي الوطني لدى الشباب، وإعداد أجيال قادرة على المساهمة في الدفاع عن مكتسبات الوطن وحمايته.
ولفتت الإحاطة، إلى أن الاحتفالات بمرور عشر سنوات على قانون الخدمة الوطنية تتضمن إقامة عرض اصطفاف لمنتسبي القوات المسلحة تحت اسم “وقفة ولاء” والذي سيعتبر العرض الأكبر حجماً وتنظيماً على مستوى الإمارات، وسيواكب العرض “عيد الاتحاد” ، إذ يقام في صباح الثاني من ديسمبر في منطقة السميح.
ونوهت الإحاطة الإعلامية إلى رمزية اختيار منطقة السميح مكاناً لإقامة “وقفة ولاء”، حيث شهدت هذه المنطقة ميلاد دولة المستقبل، والانطلاقة الكبرى التي عبدت الطريق أمام قيام دولة الاتحاد، وكان ذلك في 18 فبراير من عام 1968، عندما اجتمع الشيخان زايد بن سلطان آل نهيان، وراشد بن سعيد آل مكتوم، “طيب الله ثراهما”، وأعلنا عن قيام اتحاد يضم إمارتي أبوظبي ودبي، كبداية تمهيدية، لقيام اتحاد النهضة الذي جمع عرى الإمارات السبع، لتصبح دولة الإمارات العربية المتحدة، وطن البيت المتوحد.
وقال سعادة الدكتور جمال الكعبي المدير العام للمكتب الوطني للإعلام، إن الشراكة مع وزارة الدفاع ممثلة بهيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، تأتي لتنفيذ الحملة الإعلامية بمناسبة مرور 10 سنوات على صدور قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، بهدف تسليط الضوء على إنجازات العقد الأول من تطبيق القانون وإبراز قصص النجاح والأثر الإيجابي الذي أحدثه في تعزيز قيم الولاء والانتماء والوحدة والطموح والمسؤولية وزيادة التلاحم الوطني.
وأكد سعادته حرص المكتب على ترسيخ التعاون مع وزارة الدفاع لتعزيز العمل المشترك لتحقيق مختلف الأهداف الوطنية، مشيراً إلى أن الإعلام يلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الوعي بأهمية الخدمة الوطنية، وتسليط الضوء على القصص الملهمة للخريجين، وإبراز الدور الذي تلعبه في بناء مستقبل زاهر لدولتنا.
وشدد على ثقته في أن كافة وسائل الإعلام المحلية ستساهم في دعم الرسالة الوطنية السامية للخدمة الوطنية، من خلال تقديم تغطية إعلامية مميزة تسلط الضوء على القيم التي تغرسها في نفوس الشباب.
من جانبه، قال العميد حمد خليفة النيادي رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية : “ ونحن نحتفل بمرور عشر سنوات على إصدار قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، فإننا نستذكر بكل فخر الإنجازات التي حققها البرنامج على مدار عقد كامل، ونثمن دوره في بناء جيل واعٍ ومخلص لوطنه، ونتطلع في الوقت نفسه إلى المستقبل بثقة، ونعاهد قيادتنا على مواصلة العمل على تطوير قدرات شباب الوطن لحماية مكتسبات ومقدرات الوطن وحماية تاريخنا المجيد الذي دونه الآباء والأجداد”.
وأضاف أن تاريخ صدور قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، سيظل محفوراً في ذاكرة أبناء الإمارات لما يحمله من رؤية إستراتيجية طموحة تهدف لتنشئة جيل واعٍ قادر على مواجهة تحديات المستقبل وحماية مكتسبات الوطن، عبر التعلم والتدرب في ميادين الرجولة والعزة التابعة للقوات المسلحة، فالخدمة فيها فخر، والتخرج من ساحاتها شرف.
وقال إن وزارة الدفاع ممثلة بهيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية تنظم بهذه المناسبة حدثاً استثنائياً تحت شعار “وقفة ولاء” والتي ستكون الأكبر من نوعها وسيعبر خلالها أبناؤنا عن فخرهم بالانتساب إلى القوات المسلحة، حصن الوطن المنيع ومدرسة الصمود والتضحية، ليؤكدوا أن شباب الإمارات هم صمام أمان الوطن الذي يستحق بذل الروح من أجل الدفاع عن ترابه وحماية مقدساته.
وتطرقت الإحاطة الإعلامية إلى أبرز المحطات التي شهدتها الخدمة الوطنية بداية بإصدار القانون، وإنشاء الهيئة، وانطلاق البرنامج والتحاق الدفعة الأولى “ تسعة أشهر” في عام 2014، ومروراً بتعديل مدتها “16 شهراً” وتنظيم الملتقى الثاني للخدمة الوطنية، وبناء قاعدة بياناتها الموحدة في 2018، وانتهاء بصدور مرسوم بقانون بشأن انتهاء الخدمة الاحتياطية لمجندي الخدمة الوطنية عند بلوغ سن 45 عاماً، ووصول عدد الجهات التي تم تفعيل الخدمة البديلة لديها إلى 39 جهة مدنية، واعتماد مركز تدريب سيح اللحمة وسويحان لأداء اختبارات الإمسات للمجندين، واعتماد “ ست ” ساعات أكاديمية للمجندين في مؤسسات التعليم العالي في الدولة والمدرجة في نظام القبول والتسجيل “NAPO” في عام 2024.وام