ماذا يتوقع السودانيون من ترمب؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
ماذا يتوقع السودانيون من ترمب؟
فيصل محمد صالح
بمجرد ظهور نتائج الانتخابات الأميركية وفوز دونالد ترمب واكتساح الجمهوريين لمجلسي الشيوخ والنواب، اتجهت التحليلات السياسية لمحاولة قراءة وتوقع سياسة ترمب الخارجية، وانعكاساتها على المناطق المختلفة من العالم. رغم أن هناك قدراً من الضبابية فيما سيفعله الرجل بالعالم، فإنه من المؤكد أن شعار «أميركا أولاً» الذي يرفعه سيدفعه لمراجعة موقف الولايات المتحدة وتعاملاتها مع الجميع، بما يجعل الحلفاء والخصوم في حالة من القلق الشديد.
كذلك يعتقد كثير من المراقبين والمتابعين للسياسة الأميركية أنه سيسير في النهج الجمهوري المعروف نفسه، الذي يركز على الداخل الأميركي، ويقلل من تورط واشنطن في النزاعات الخارجية بشكل مباشر، ويحاول دفع الحلفاء في كل منطقة للعب دور أكبر في هذه النزاعات. كما أنه، وكما هو متوقع، سيركز على أولوية المصالح الاقتصادية الأميركية في العلاقات الخارجية أكثر من مواقف الدول والحكومات من شعارات التحول الديمقراطي، ووضع حقوق الإنسان، والحريات العامة.
تثير سياسة ترمب المتوقعة حيال القضايا والنزاعات المتعددة في العالم قلق حلفائه الغربيين في حلف «الناتو»، بجانب حلفائه الآخرين. فمن المتوقع أن يمارس ضغوطاً على حلفائه الأوروبيين ليلعبوا أدواراً أكبر في النزاعات العالمية، ويزيدوا من إنفاقهم العسكري ليرفعوا الضغوط عن ميزانية «الدفاع الأميركية». كما أنه سيجعل مصالح أميركا في تحقيق نوع من الاستقرار يساعد الاقتصاد الأميركي على النمو، أولوية على كل التزاماتها الأخرى. لهذا يبدو أنه سيتجه لتحقيق ما وعد به بالعمل على إنهاء الحروب والنزاعات، لكن وفقاً للرؤية الأميركية. فهو غالباً سيتجه لإنهاء حرب أوكرانيا عبر صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، لكن من دون الاتجاه نحو حل الدولتين، الذي لا يبدو أنه متحمس له. ومعروف عن الجمهوريين أيضاً أنهم لن يعولوا كثيراً على منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وسيفضلون تنفيذ ما يقررونه عبر إقامة تحالفات خارج المنظومة الدولية، مثلما فعلوا في حرب الخليج.
فيما يتعلق بالسودان، فهو بالتأكيد ليس على جدول الأولويات في السياسة الخارجية في عهد ترمب، فهناك مناطق أكثر أهمية وأكثر التهاباً وأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي. لهذا لن يكون الوضع الداخلي في السودان، والصراع العسكري- المدني حول التحول الديمقراطي، أو الأوضاع الإنسانية، هي المداخل للسياسة الأميركية تجاه السودان. ربما ينظر له ترمب من خلال ازدياد النفوذ الروسي في المنطقة الممتدة من البحر الأحمر للساحل الأفريقي، مقروناً بمحاولته الضغط على إيران، إلى جانب مقاومة النفوذ الاقتصادي الصيني في أفريقيا. كذلك فإن سياسته المتوقعة تحت شعار «محاربة الإرهاب» قد تكون واحدة من محددات سياسته تجاه السودان، بجانب تشجيع دول المنطقة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
لهذا، فإن موقف السياسة الأميركية من الأوضاع في السودان سيتأخر قليلاً لحين الانتهاء من رسم السياسة الخارجية ومحدداتها الأساسية، ولا يتوقع أن يكون هناك مبعوث أميركي للسودان في عهد ترمب يخلف المبعوث الحالي توم بيريللو، وقد يتم الاكتفاء بوجود سفير أميركي بصلاحيات المبعوث. ومن المؤكد أيضاً أن الاتجاه نحو تحجيم الدور الأميركي سيتبعه تقليص المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في السودان، والطلب من الحلفاء الدوليين والإقليميين لعب دور أكبر وزيادة مساعداتهم الإنسانية. ومن المتوقع أيضاً محاولة العودة لمنبر جدة مرة أخرى بعد ممارسة الضغوط على الطرفين، وإعطاء دور أكبر للمملكة العربية السعودية ومصر.
وبحسابات القرب والبعد، فإن الطرفين المتحاربين في السودان لا يتمتعان في الوقت الحالي بعلاقة جيدة مع واشنطن، فهناك توجس من اتجاهات تحالف الجيش والمجموعات السياسية الإسلامية من ناحية، وعدم رغبة في تبني «قوات الدعم السريع»؛ بسبب عدم وضوح تحالفاتها، وسجلها الدموي في الانتهاكات ضد المدنيين. لكن الطرف الحكومي يملك ما يقدمه لواشنطن أكثر مما يمكن أن تقدمه «قوات الدعم السريع»، لهذا فإن التغيرات في السياسة الأميركية تجاه السودان قد تميل لصالح الحكومة الحالية، عبر تخفيف الضغوط عليها، التي فرضتها الإدارة الديمقراطية عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. ولن يكون مطلوباً منها تنفيذ وعود التحول الديمقراطي وتحسين أوضاع حقوق الإنسان، بقدر الابتعاد عن النفوذ الروسي والإيراني، والقبول بالمضي في إجراءات التطبيع مع إسرائيل التي بدأها البرهان وعطلتها الحكومة المدنية، ثم الابتعاد بخطوات ما عن التحالف مع الإسلاميين طمأنةً للحلفاء الإقليميين، إن استطاع الجنرال البرهان فعل ذلك.
* المقال الاسبوعي بصحيفة الشرق الأوسط
الوسومإيران البحر الأحمر السودان السياسة الخارجية القوات المسلحة الناتو دونالد ترمب روسيا فيصل محمد صالحالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إيران البحر الأحمر السودان السياسة الخارجية القوات المسلحة الناتو دونالد ترمب روسيا فيصل محمد صالح فی السودان
إقرأ أيضاً:
ترامب يتوقع انضمام السعودية لاتفاقيات إبراهام
الثورة / متابعات
تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة “تايم” نشرت أمس الجمعة، عن خططه لإبرام اتفاقات مختلفة مع دول منها روسيا والسعودية.
وتوقع انضمام السعودية إلى اتفاقيات إبراهام، وهي اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين دول عربية والكيان الصهيوني توسطت فيها إدارة ترامب الأولى.
وقال إن إدارته تجري محادثات مع الصين لإبرام اتفاق بشأن الرسوم الجمركية، وإن الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصل به.
وتنفي بكين حتى الآن إجراء ما تصفه واشنطن بالمحادثات.
ولم يوضح الرئيس الجمهوري متى تمت مكالمة شي أو يفصح عما ناقشه الزعيمان وقال لمجلة تايم: “لقد اتصل. ولا أعتقد أن ذلك يُشير إلى ضعف منه”.
لم ترد وزارة الخارجية الصينية بعد على طلب للتعليق على مقابلة ترامب. وقبل نشر تلك التصريحات، حثّت الوزارة واشنطن على الكف عن “تضليل الرأي العام” بشأن مفاوضات الرسوم الجمركية الثنائية.
وقال ترامب إنه سينتهي من عقد اتفاقات الرسوم الجمركية خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع تقريبا.
القرم ستبقى مع روسيا
وقال ترامب، إن شبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي ضمتها موسكو عام 2014 ستبقى تابعة لروسيا.
ونُقل عن ترامب قوله “ستبقى القرم مع روسيا. والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يُدرك ذلك”. نُشرت هذه التصريحات قبل قليل من بدء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعًا مع المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف في الكرملين.