قال عدد من الباحثين والمتخصصين في سياسة الشرق الأوسط إن التداعيات المرتقبة لفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية على مسار الأحداث في المنطقة ستتخذ عدة سيناريوهات، وإن سياساته المتعلقة بدول المنطقة وقضية فلسطين ستتأثر بطبيعة شخصيته وأهدافه الاقتصادية.

جاء ذلك في ندوة نظمها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عبر زووم أمس الثلاثاء بعنوان "نتائج الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على قضية فلسطين والعالم العربي"، وعرضت فيها 4 أوراق عمل للباحثين:

أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة روتجز بنيوجرسي عبد الحميد صيام.

الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات-واشنطن أسامة ارشيد. مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية سامي العريان. الخبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية وليد عبد الحي.

وقال مدير مركز الزيتونة محسن صالح إن فوز ترامب لم يكن متوقعا فقط، ولكن حجم الفوز بفارق يصل إلى عدة ملايين من الأصوات حتى قبل الانتهاء الرسمي من الفرز، والتقدم الواضح في مجلسي الشيوخ والنواب، بالإضافة إلى المرحلة الخطيرة التي تعيشها المنطقة بعد "طوفان الأقصى"؛ يجعل لها كلها انعكاسات تفرض نفسها على سياسة ترامب تجاه المنطقة والعالم.

من اليمين: عبد الحميد صيام وأسامة ارشيد وسامي العريان ووليد عبد الحي (وكالات) تحديات أمام ترامب

وقال الباحثون المشاركون في الندوة إن هناك العديد من التحديات التي على ترامب مواجهتها عقب توليه مهامه الرئاسية في البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل، وبعضها يتعلق بالسياسة الداخلية في الولايات المتحدة، لكن الأهم منها ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهي على النحو التالي:

الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/شباط 2022. العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. الحرب الأشمل بالمنطقة التي تشمل عددا من محاور المقاومة في لبنان واليمن والعراق، بالإضافة إلى مسألة الردع الإيراني. التحدي الصيني وما تمثله قضية تايوان في السياسة الأميركية. التحديات الاقتصادية وصعود أصوات منافسة مثل تجمع "بريكس". السياسة الداخلية المتمثلة في قوانين الأسرة واللاجئين والهجرة. ترامب الفائز في الانتخابات الأميركية يستعد لفترة رئاسية ثانية (الأناضول) شخصية ترامب

انطلاق الباحثين في الحديث عن شخصية الرئيس الأميركي الجديد قائم على الإرث الذي تركه ترامب خلال عهدته الأولى (2017-2021) فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذها والآثار وما ترتب عليها، لذلك ذهب الباحثون إلى أن ترامب يتصف بأنه:

يتمتع بشخصية التاجر الذي يُدخل البعد الاقتصادي ومدى تحقيق المكاسب والخسائر المادية في كل القرارات التي يتخذها، ولذلك يكون الاقتصاد مقدما على كل ما دونه من قوانين تتعلق بحقوق الإنسان أو البيئة أو التغير المناخي. لديه سمة نرجسية تدفعه إلى الرغبة في الإنجاز والتميز عن الآخرين حتى لو بمجرد المخالفة. البعد الأيديولوجي المسيحي. شخصية غير متوقعة في قراراتها أو تصرفاتها، وهذا يعود لأسباب أصيلة في شخصيته وإلى تركيبة الفريق الرئاسي الذي يعمل معه، بين فريق متمرد على الدولة العميقة وآخر تقليدي في السياسة الأميركية. ترامب أقل ميلا للنزعة العسكرية وشن الحروب، لذلك قد يمارس أقصى العقوبات على إيران لكنه لن يدخل في حرب ضدها. البعد الوطني في شخصية ترامب واضح جدا وتكون له الصدارة في قراراته ويعلو على تحديات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ومع ذلك، يجمع المشاركون في الندوة على أن الولايات المتحدة دولة مؤسسية، وتضع حدودا لدور الرئيس خاصة في ما يتعلق بالسياسات الإستراتيجية، رغم ما يمكن أن يقوم به الرئيس من مناورات تعكس شخصيته وأيديولوجيته.

وهناك أيضا الموقف الدولي وتحولات القوى الصاعدة التي تتفاعل مع توجهات السياسة الأميركية، والأهم من ذلك موقف الدول العربية من الأهداف الأميركية بالمنطقة، ذلك الموقف الذي يمكن أن يكون المحدد الرئيسي لهذه السياسة وما يترتب عليها.

الحرب على غزة

العلاقة بين ترامب والأهداف الإسرائيلية من الحرب على قطاع غزة تشير إلى عدد من المحددات التي يحملها الرئيس القادم إلى البيت الأبيض، وتوقفت ندوة مركز الزيتونة أمام عدد من المحددات التي ترسم ملامح السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية عامة:

إسرائيل بحربها الحالية تريد استعادة قوة الردع والصورة العسكرية "للدولة التي لا تقهر"، أو التي لا تنال منها أي قوة بالمنطقة. من أهم تداعيات "طوفان الأقصى" أنه نسف مشروع هيمنة إسرائيل على المنطقة وطرق التجارة العالمية التي تمر بها. ترامب سيتماهى مع السياسة الإسرائيلية بشأن ضرورة القضاء على المقاومة، ليس في شكلها الفلسطيني فقط، بل في كل محاورها الأخرى في لبنان واليمن والعراق، والأهم من ذلك الردع الإيراني بوصفه خطرا مستقبليا في المنطقة. سيكون هناك ضغط كبير على بعض الدول العربية والإسلامية من أجل التطبيع مع إسرائيل، وسيعيد ترامب صياغة "صفقة القرن" بما يناسب التغييرات الحالية بالمنطقة وبما يحقق المصالح الإسرائيلية، وقد يتساهل في مسألتي المستوطنات واقتحامات المسجد الأقصى. ترامب سيبني في سياسته المؤيدة لإسرائيل على ما قدم في فترته الأولى، وسيكون متسقا مع تفكيره بأن إسرائيل صغيرة وستحتاج إلى المزيد من الأراضي، وسيعمل على تحقيق ذلك من خلال غزة والضفة.

ومع ذلك يجمع الباحثون على أن كل هذه الخطط قد تفشل إذا كان هناك موقف صلب من الدول العربية تحديدا، مما سيدفع ترامب -بناء على نزعته البراغماتية- إلى إعادة النظر في مسألة صفقة القرن وإقامة الدولة الفلسطينية.

الموقف من إيران

ذهبت ندوة مركز الزيتونة إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة في عهد ترامب لا تنفصل عن موقفه من الحرب في غزة، فإذا نجح ترامب في إيقاف العدوان الإسرائيلي على القطاع ولبنان فقد ينجح في إبعاد إيران عن المنطقة العربية، وقد يفتح بابا لعقد صفقة جديدة معها تعيد تشكيل شرق أوسط جديد مما يؤمن خروج القوات الأميركية من المنطقة.

وأضاف الباحثون المشاركون في الندوة أن ترامب سيضع كل الضغوط الممكنة على الحكومة الإيرانية، من حصار اقتصادي وعقوبات اقتصادية وضغط أممي من أجل تسليم التكنولوجيا النووية لديها، ولكنه لن يدخل في حرب معها.

ومن الباحثين من رأى أن ترامب قد يستغل المسألة الإيرانية في الضغط على الأنظمة العربية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وتمرير بعض السياسات تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیاسة الأمیرکیة

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية: لا تنازل عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة في قلب الشرق الأوسط

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن خطة إسرائيل هي تدمير غزة وتهجير أهلها قسرا أو طوعا، وإزاحة مجتمع كامل بمؤسساته القائمة ونسيجه الجامع.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن خطة إسرائيل التي تعمل عليها هي "قتل الأمل الفلسطيني في الدولة المستقلة"، مشددا أن "تلك الأماني الإسرائيلية لن تتحقق أبدأ".

جاء ذلك خلال كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة، التي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض، بحضور قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية، لبحث التحرك المشترك لوقف الحرب في غزة ولبنان.

وشدد على أن ما تقوم به حكومة إسرائيل و"مناصروها من قطعان المستعمرين" هو تدمير لمستقبل التعايش في هذه المنطقة، وتخريب لإمكانيات السلام الذي يمكننا من إقامة سلام دائم، مؤكدا أنه "لن يكون هناك سلام مع الظلم والقتل والتنكيل".

وأكد أبوالغيط، أن "عجز وسلبية المجتمع الدولي أثارا شهية قوة الاحتلال المتعطشة للدم" فانطلقت توسع دائرة النار من غزة إلى لبنان معرضة استقرار المنطقة كلها لخطر بالغ.

واستنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي تحدث فيها عن رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد، متسائلا: "أي شرق أوسط هذا الذي ترسم خريطته بالدم والقنابل والاغتيال والتجويع وحرق مخيمات اللاجئين بمن فيها؟".

وركز الأمين العام للجامعة العربية، على أنه لا تنازل على أن تكون دولة فلسطين في قلب الشرق الأوسط، وتكون دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

وشدد أبو الغيط على أن المطلوب هو وقف فوري لإطلاق النار في غزة وفي لبنان، والبدء في مسار يفضي إلى تنفيذ حل الدولتين في أسرع وقت ممكن وبرعاية دولية، وبالتزام حقيقي بتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، ووقف إطلاق نار في لبنان يستند إلى تنفيذ القرار 1701 بكافة مندرجاته ويحقق الأمن على جانبي الحدود.

وأوضح أن التأخير لا يعني سوى مزيد من الدماء المراقة مع تصاعد احتمالات الانفجار الشامل في المنطقة ولعل الرئيس الأمريكي المنتخب الذي وعد بوقف الحرب أن يفي بوعده في أقرب أجل.

مقالات مشابهة

  • ترامب يعلق على اللقاء التاريخي مع بايدن في البيت الأبيض
  • «القاهرة الإخبارية»: ترامب وبايدن يجتمعان في البيت الأبيض
  • ترامب.. وقضايا الشرق الأوسط
  • صحيفة تكشف عن وثيقة تتضمن استراتيجية ترامب في لبنان بعد دخوله البيت الأبيض
  • صحيفة تكشف عن وثيقة تضم استراتيجية ترامب تجاه لبنان بعد دخوله البيت الأبيض
  • سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـإعادة ضبط كاملة للعلاقات الدولية
  • عبدالعزيز بوسبيت رئيسا تنفيذيا جديداً لدي إتش إل إكسبرس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الجامعة العربية: لا تنازل عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة في قلب الشرق الأوسط
  • «CNN»: ترامب يعين ستيفن ميلر نائبا لكبير موظفي البيت الأبيض