علماء يكشفون عن الجينات التي فاقمت كارثة الكوليرا في اليمن
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
أجاب مجموعة من العلماء عن سؤال -يمثل لغزا يبحث مختصو الرعاية الصحية عن حل له منذ عام 2018- حول سبب عدم استجابة مرضى الكوليرا في اليمن للمضادات الحيوية، وخاصة مع مؤشرات تؤكد ظهور جينات قادرة على مقاومة الأدوية.
وكشفت الدراسة -التي شارك فيها علماء من معهد ويلكوم سانجر وجامعة تورنتو ومعهد باستور وجامعة صنعاء، ونشرت في دورية "نيتشر ميكروبيولوجي"- عن مصدر مقاومة المضادات الحيوية التي ظهرت في البكتيريا التي تقود تفشي الكوليرا التي تؤثر حاليا على اليمن.
وقد تبين للعلماء أن ثمة نوعا خامسا من الكوليرا يحتوي على عناصر وراثية قادرة على مقاومة الأدوية بما فيها المضاد الحيوي، وهي العامل الرئيسي للمرض خلال تفشيه في اليمن.
وفي حين ما زال مصدر تفشي المرض في اليمن غير واضح، لكن من المؤكد أنه توطن في البلاد منذ عام 2016، الذي يشهد أكبر تفشٍ للكوليرا في التاريخ الحديث، فإن مقاومة المضادات الحيوية بدأت تظهر من مرضى الكوليرا في عام 2018، وهو ما عده العلماء مشكلة فاقمت الأزمة بشكل كبير.
جين الخطورة
وبعد أن قام فريق الدراسة بتحليل 260 عينة من الحمض النووي لبكتيريا الكوليرا تم جمعها في اليمن بين عامي 2016 و2019، تبين أن السبب يعود إلى الاستخدام واسع النطاق للمضادات الحيوية للأزيثروميسين ومضادات حيوية أخرى من نوع ماكرولايد، في ذلك الوقت.
وأشارت الدراسة إلى أن النساء الحوامل والأطفال في اليمن والمصابين بالكوليرا تم علاجهم بالإريثروميسين والأزيثروميسين من عام 2016 حتى أواخر عام 2018، وعند هذه النقطة كان هناك تغيير مفاجئ في ملف الحساسية المضادة للميكروبات.
وقال الباحثون إن هذه السلالات التي تعتبر محصنة ضد الأدوية لم يتم نقلها خارج اليمن، وظهورها مرتبط بالاتصال الطويل الأمد لأسلافها بالمضادات الحيوية من فئة ماكرولايد، مما أدى إلى ظهور أنواع أقل عدوى من البكتيريا، لكنها تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية.
وفي دراستهم، قام الباحثون بتوصيف النمط الجيني لعينات الكوليرا التي أخذت من اليمن، وكانت 84% منها تحتوي على السلالة الجينية الفرعية "تي 13" السلالة، وحملت هذه النسخة بلازميدا مميزا تبين أنه السبب في مقاومة الكوليرا للأدوية.
البلازميد هو عبارة عن قطعة دائرية صغيرة من الحمض النووي، توجد بشكل أساسي في البكتيريا وبعض الكائنات الحية الأخرى مثل بعض الخمائر. ويتميز البلازميد بقدرته على تكرار نفسه بشكل مستقل عن الكروموسوم الذي يحمل الحمض النووي البكتيري الرئيسي. ويحتوي غالبا على جينات تمنح الخلايا خصائص معينة، مثل مقاومة المضادات الحيوية أو القدرة على إنتاج بروتينات معينة.
كيف تتم المقاومة؟
يرى خبير المناعة والخلايا الجذعية، الدكتور أديب الزعبي، أن نتائج هذه الدراسة بديهية، ومن المعروف علميا أن استخدام أدوية المضادات الحيوية المختلفة قد يضع ضغطا على البكتيريا لمقاومة الأدوية، فتقوم البكتيريا بتغيير جيناتها لمنع فعالية المضاد الحيوي عليها.
ويقول الزعبي، في حديثه للجزيرة نت، إن هذه العملية تؤدي إلى ولادة سلالات مختلفة جينيا لمقاومة هذه المضادات الحيوية، وذلك عن طريق إحداث طفرات وراثية تغير من جينات هذه البكتيريا بحيث تنتج بروتينات فعالة لمقاومة عمل المضاد الحيوي.
ويلعب الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية عند المرضى دورا رئيسيا في أحداث هذه الطفرات الخطيرة التي تسمح للبكتيريا بمقاومة المضاد الحيوي، وفق حديثه.
ويضيف "بهذه الطريقة يتم استخدام المضادات الحيوية المختلفة غير الفعالة من قبل العديد من المرضى، فيؤدي ذلك إلى قتل جزئي للبكتيريا، بينما تقوم البكتيريا الأخرى بتطوير نفسها لمقاومة هذا المضاد الحيوي غير الفعال".
وهذا بدوره يسبب تخليق عدة سلالات من هذه البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المختلفة. وفي معظم الأحيان قد يصاب شخص واحد بأكثر من سلالة فتقوم السلالات بالاندماج فيما بينها داخل جسم المريض، مما يؤدي إلى إيجاد بكتيريا مقاومة لعدة أنواع من المضادات الحيوي في آن واحد، وفق حديثه.
ومع مؤشرات تؤكد ظهور جينات قادرة على مقاومة الأدوية، وباعتبار أن الكوليرا تنتشر سريعا في المناطق التي تفتقر إلى المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، ويمكن أن تصبح قاتلة إذا لم يتم معالجتها على الفور، ولا بد من تعزيز خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة، وهذا أمر بالغ الأهمية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الوضع.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الكوليرا اليمن الصحة انهيار الاقتصاد الحرب في اليمن للمضادات الحیویة المضادات الحیویة المضادات الحیوی مقاومة الأدویة المضاد الحیوی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حالات الكوليرا وسط الفارين من الجزيرة إلى القضارف بالسودان
أعلنت السودان عن تزايدت حالات الاصابة بالكوليرا بين الفارين، من مدينة تمبول بولاية الجزيرة إلى محلية الفاو بولاية القضارف شرقي السودان، في ظل نقص المحاليل الوريدية.
ونزح مئات الآلاف من شرق وشمال ولاية الجزيرة بعد هجمات دموية واسعة النطاق شنتها قوات الدعم السريع، تضمنت عمليات قتل جماعي وعنف جنسي ضد الفتيات والنساء وتهجيرًا قسريًا.
وأفادت مصادر طبية لـ”سودان تربيون” يوم الأربعاء بأن “وباء الكوليرا اجتاح مخيمات النزوح التي تأوي الفارين من مدينة تمبول في الفاو، حيث أصيب 44 نازحًا في معسكر حريرة و23 نازحًا في معسكر البوادرة”.
وكشفت المصادر عن وفاة نازحين وإصابة 93 آخرين بالكوليرا، حيث تم نقلهم إلى مركز العزل في مستشفى الفاو التعليمي، الذي يعالج 153 حالة سابقة تماثلت منها 41 إصابة للشفاء.
وأشارت إلى أن 25 مواطنًا في الفاو أصيبوا بالكوليرا اليوم الأربعاء.
انتشار وباء الكوليرا مجددًا
وأرجع مدير الشؤون الصحية في محلية الفاو، دفع الله محمد أحمد، انتشار وباء الكوليرا مجددًا في المحلية إلى استقبالها نازحين مصابين بالوباء من مناطق ولاية الجزيرة.
وقال إن “التدفقات وعمليات النزوح الأخيرة أدت إلى ارتفاع أعداد النازحين في الفاو إلى 75 ألف نازح، يقيمون في ثلاثة مراكز إيواء داخل المدينة ومركزين على الطريق القومي القضارف ــ كسلا ــ بورتسودان”.
وأشار دفع الله الى وجود نقص حاد في مياه الشرب والغذاء والخدمات الأخرى، حيث يبلغ عدد سكان الفاو 30 ألف مواطن، يُضاف إليهم 75 ألف نازح، بينما تعمل إدارة الشؤون الصحية على الاستجابة للوبائيات من خلال توفير ثلاث عيادات متنقلة وحملات التطعيم ضد الكوليرا.
وأشار إلى أن 80% من إصابات الكوليرا تفشت بين النساء والأطفال وكبار السن، داعيًا المنظمات للتدخل لسد نقص المحاليل الوريدية والخدمات الطبية.
ووصلت حالات الكوليرا في 80 محلية تقع في 11 ولاية إلى 34,108 حالة، شملت 979 وفاة، وذلك منذ بدء تفشيها قبل أقل من أربعة أشهر، وفقًا لوزارة الصحة.