أعاد إيقاف السلطات الأمنية التونسية لنقابي تابع للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) مطلع هذا الأسبوع، على خلفية مشاركته في حراك احتجاجي بمحافظة القيروان (وسط)، الجدل في البلاد بشأن طبيعة الإيقافات التي تطال النقابيين وتبعاتها.

وتم إيقاف جمال الشريف كاتب عام الاتحاد المحلي للشغل بالسبيخة من محافظة القيروان وسط تونس الإثنين، رفقة عدد من العمال إثر احتجاجات نفذها عمال أحد المصانع بالمنطقة، في خطوة استنكرها الاتحاد العام التونسي للشغل واعتبرها "استهدافا للحق النقابي".

وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف ومحاكمة نقابيين منذ اتخاذ الإجراءات الاستثنائية من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، تلك الإجراءات التي أيدها في البداية اتحاد الشغل قبل أن تشهد علاقته مع الرئاسة توترا كبيرا.

وعلى امتداد العامين الأخيرين، تم اعتقال العشرات من النقابيين من بينهم قيادات بارزة في الاتحاد العام التونسي للشغل وإحالتهم إلى أروقة المحاكم بين محالين على التحقيق وموقوفين.

حملات لشيطنة النقابيين

تعليقا على الايقافات التي طالت عددا من النقابيين، يؤكد الناشط النقابي الطيب بوعائشة أنها جاءت في سياق "حملات شيطنة ممنهجة" ضد العمل النقابي بشكل خاص والاتحاد العام التونسي للشغل بكافة هياكله بشكل عام.

ويوضح بوعائشة في حديثه لـ"الحرة" أن حملة الإيقافات شملت من هم متهمون بملفات فساد وكذلك من مارسوا عملهم النقابي في إطار ما يكفله لهم القانون، وبذلك أصبح شعار مكافحة الفساد "كلمة حق أريد بها باطل"، لافتا إلى أن محاسبة الفاسدين كان مطلبا نقابيا منذ أعوام.

ويشدد المتحدث في سياق تعليقه على علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل بالحكومة، أن السلطة دفعت في اتجاه تعميق الأزمة صلب المنظمة الشغيلة من خلال إيقاف المفاوضات الاجتماعية والتراجع عن تنفيذ الاتفاقيات ومراجعة بعض القوانين الشغلية دون تشريك الاتحاد فيها.

وفي مارس 2024 نظم الاتحاد العام التونسي للشغل تجمعا عماليا احتجاجيا بساحة الحكومة بالقصبة تنديدا بما تعتبره المنظمة الشغيلة "ملاحقة النقابيين وتعطل الحوار مع السلطة وتدهور الحريات" قبل أن يقرر في سبتمبر المنقضي مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية وفوّض هيئته الإدارية لتحديد إجراءات هذا الإضراب موعده.

ضرب العمل النقابي

من جانبه، يتفق الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي (أكبر نقابة تعليم في تونس منضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) محمد الصافي مع الآراء النقابية التي تعتبر الإيقافات "استهدافا" للنشاط النقابي، مؤكدا أنها لا تخرج عن سياق ضرب الحق النقابي في مخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التظاهر وتأسيس النقابات.

ويشدد الصافي لـ"الحرة" على أن تتالي اعتقالات النقابيين من ضمنهم كتّاب عامون بالمنظمة يهدف إلى التنكيل بهم عبر إحالتهم للقضاء في قضايا "كيدية" آخرها ما تعرض له الكاتب العام للاتحاد المحلي بالسبيخة بالقيروان على خلفية مساندته لمطالب العمال بالجهة.

ويرى المتحدث أن بعض المراسيم التي أصدرتها السلطة هي التي باتت تحدد المربعات والتحرك النقابي في تونس، لافتا إلى أنه في العقيدة النقابية لا يمكن القبول بشروط وإملاءات تفرضها السلطة على النقابيين.

في المقابل، يواجه الرئيس قيس سعيد سلسلة انتقادات بخصوص التعامل مع المنظمات النقابية في تونس بالتأكيد على أن العمل النقابي مضمون.

وفي وقت سابق وخلال زيارة أداها في يناير 2023 إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة في تونس قال الرئيس سعيد: "إن الحق النقابي مضمون بالدستور، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد"، داعيا لتطهير البلاد ممن يتآمر ضدها.

الحد من نفوذ الاتحاد

"لا يمكن النظر إلى مجمل الايقافات بذات المقياس، فجانب منها لا صلة مباشرة له بالنشاط ضمن المنظمة، بل بشبهة جرائم مثل التدليس. بيد أن بعض الملاحقات ترتبط بمواقف نقابية في جهات بعينها أو في قطاع محدد، لكن الاعتقاد بأن هناك استهدافا للنشاط النقابي يبدو رأيا لا سند له في الواقع"، وفق المحلل السياسي خالد كرونة.

ويضيف كرونة لـ "الحرة" أن هذا التقييم ليس مردّه أن السلطة على وئام مع الطرف الاجتماعي، بل لأن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمثل في واقع الحال قوة ضغط فاعلة بعدما فقد صفة الشراكة التي كان يحرص على نحتها مع الحكومات المتعاقبة خلال سنوات طويلة.

ويوضح أن هذه الشراكة سمحت في مناسبات كثيرة "بتسلل علل تمس الأداء النقابي عامة وبخاصة التضامن القطاعي الأعمى مثلما سمحت بالاعتقاد أن النقابيين في حماية المنظمة من سلطة القانون".

ويتابع بالقول "في كل الحالات، لن تفوت السلطة مهما كانت فرصة ملء المربعات والتضييق حين تتوفر لها الظروف الملائمة وهي بالأساس ما يتعلق بانتظام عمل الطرف الاجتماعي ووضوح الرؤية لديه وسلامة مناخه الداخلي وهو ما لا نلمسه في أداء الاتحاد العام التونسي للشغل بعد عواصف الأزمة الداخلية التي ألمت به منذ المؤتمر غير الانتخابي وما تلاه".

وتبعا لذلك، يشدد كرونة على أن تعافي المنظمة هو ضمان عدم الخلط بين المتابعة القضائية وبين التضييق السياسي، وهي لحظة ما تزال بعيدة في الراهن التونسي.

يشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعيش على وقع أزمة داخلية تتعلق بخلافات صلب هياكله النقابية فضلا عن استحقاقات خارجية تتعلق بالمطالب الاجتماعية لمنظوريه.

المصدر: الحرة
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاتحاد العام التونسی للشغل فی تونس

إقرأ أيضاً:

198 مليون مسافر على «الاتحاد للطيران»

رشا طبيلة (أبوظبي) 

أخبار ذات صلة قرقاش: رؤية الإمارات قائمة على تعزيز الحلول السياسية والحوار والتهدئة في الشرق الأوسط أبوظبي تستضيف 1000 خبير في مؤتمر «سايبركيو»

تحتفل «الاتحاد للطيران» اليوم «الثلاثاء» بمرور 21 عاماً على انطلاق أولى رحلاتها عام 2003، لترسم قصة نجاح إماراتية بدأت بمليون مسافر بحلول عام 2005، فيما سجلت الناقلة إجمالي عدد مسافرين على متن رحلاتها نحو 198 مليون مسافر حتى نهاية سبتمبر من العام الجاري، بالتزامن مع تسجيلها أرقاماً قياسية في الإيرادات وأعداد المسافرين العام الجاري.
وبحسب أحدث البيانات الصادرة للعام الجاري، وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، نقلت «الاتحاد للطيران» 13.6 مليون مسافر، مقارنة بنحو 10.1 مليون مسافر، خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن الناقلة للعام الجاري.
ونقلت «الاتحاد للطيران» منذ تأسيسها وحتى العام 2018 نحو 139 مليون مسافر، ونقلت العام 2019 نحو 17.5 مليون مسافر، وبلغ عدد المسافرين العام 2022 نحو 10 ملايين مسافر، وبلغ عدد المسافرين عبر الناقلة العام الماضي 14 مليون مسافر في العام الماضي، بزيادة تقدر بنحو 40% مقارنة بالعام الذي سبقه.
أول رحلة
وحول أبرز إنجازات الاتحاد للطيران منذ التأسيس عام 2003 وحتى 2023، شهد العام 2003 انطلاق الاتحاد للطيران، الناقل الوطني لدولة الإمارات، من خلال رحلة احتفالية إلى العين، مروراً بأجواء الإمارات السبع، لتنطلق بعدها أول رحلة تجارية دولية إلى بيروت في 12 نوفمبر. وفي عام 2004، فازت الناقلة بجائزة أفضل شركة طيران جديدة من جوائز السفر العالمية.  أما في العام 2005، فنقلت الاتحاد للطيران مليون مسافر في العام للمرة الأولى، إضافة إلى أنها شهدت تدشين وجهات أميركا الشمالية برحلة إلى تورونتو.
وفي عام 2006، فازت بجائزة أفضل شركة طيران جديدة للعام الثالث على التوالي من جوائز السفر العالمية، وتم إطلاق برنامج ضيف الاتحاد. وفي العام 2007 انطلقت أول رحلة إلى سيدني، أستراليا، وفازت أيضاً بجائزة أفضل شركة طيران من جوائز السفر العالمية للشرق الأوسط. وفي العام 2008 شهدت الاتحاد للطيران نمواً بنسبة 34% عدد المسافرين، وتم افتتاح المدرج الثاني في مطار أبوظبي الدولي، وكشفت الاتحاد للطيران خلال 2008 عن أكبر طلبية طائرات في العالم في معرض فنبرة الجوي.
جائزة الاتحاد 
وفي عام 2009، تم الإعلان عن رعاية سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا 1 في أبوظبي، والإعلان رسمياً عن الشراكة مع نادي مانشستر سيتي لكرة القدم، إضافة إلى افتتاح مبنى المسافرين رقم 3 المخصص لمسافري الاتحاد للطيران في مطار أبوظبي.
وفي عام 2010، تجاوز عدد أعضاء برنامج ضيف الاتحاد عتبة المليون. وفي عام 2011 تم تغيير اسم ملعب فريق مانشستر سيتي ليصبح «ملعب الاتحاد»، إلى جانب ذلك، قامت الناقلة بتقديم باقات التوقف ما بين الرحلات للضيوف العابرين من أبوظبي، وتسلم الاتحاد «كريستال للشحن» أول طائرة شحن من طراز بوينغ 777. وأعلنت الاتحاد للطيران توفير خدمة الإنترنت على متن الطائرة، وتغيير اسم الاتحاد كريستال للشحن إلى الاتحاد للشحن، وشهدت الناقلة في 2012 أول رحلة تستخدم الوقود الحيوي من سياتل، في ولاية واشنطن إلى أبوظبي.
أفضل طاقم 
وفي عام 2013، أصبحت الاتحاد للطيران من بين شركات الطيران المعدودة التي تقدّم خدماتها في جميع القارات المأهولة، وفازت بجائزة أفضل طاقم ضيافة في العالم من جوائز السفر العالمية.
وفي العام 2014، شهدت الناقلة انضمام طائرة إيرباص A380 لأسطول طائراتها، إضافة إلى الكشف عن الحلة الجديدة لتصاميم الجسم الخارجي للطائرات والزي الموحد الجديد لطواقم الطائرات، وافتتاح مكتب التخليص المسبق لمعاملات السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية في مطار أبوظبي.
وفي عام 2015، شهدت الناقلة انضمام طائرة بوينغ 787 إلى أسطول طائراتها، وفوز الاتحاد للشحن بجائزة أفضل شركة طيران للشحن، وجائزة أفضل شركة للطيران الاقتصادي للعام 2015. وفي عام 2016، فازت الاتحاد للطيران بجائزة شركة الطيران للعام الثامن «الرائدة عالمياً» على التوالي من جوائز السفر العالمية، وفازت بتصنيف خمس نجوم من «سكاي تراكس».
وفي عام 2017، فازت الناقلة الفوز بجائزة أفضل درجة أولى عالمياً، وأفضل مقاعد الدرجة الأولى، وأفضل خدمات طعام الدرجة الأولى من جوائز «سكاي تراكس».
وفي عام 2018، تم إطلاق خدمة خيارات المقاعد السياحية الرحبة، وطرح حقيبة مستلزمات الراحة الشخصية من «أكوا دي بارما» على متن درجة الأعمال، والدرجة الأولى، ومقصورة الإيوان. وفي عام 2019، شهدت الناقلة عودة البابا فرانسيس إلى روما على متن طائرة الاتحاد للطيران بعد زيارة تاريخية لدولة الإمارات، وإطلاق برنامج الاستدامة «الاتحاد غرينلاينر».
مشروع مشترك
وفي عام 2020، تم الإعلان عن إطلاق العربية للطيران أبوظبي، المشروع المشترك ما بين الاتحاد للطيران والعربية للطيران، إضافة إلى أن الناقلة أرسلت أكبر طائراتها، إيرباص A380، إلى ووهان لإجلاء 215 طالباً من 11 دولة، وتسيير أكثر من 100 رحلة عمل إنساني وإجلاء على مدار العام بسبب جائحة كورونا. وفي عام 2021، تم افتتاح «الاتحاد أرينا» في جزيرة ياس، أبوظبي وتغيير اسم أضخم مرفق خارجي في الشرق الأوسط إلى «الاتحاد بارك»، والاحتفال بعيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات بتصاميم جديدة للحلة الخارجية للطائرات، وإطلاق برامج تعويض الانبعاثات الكربونية. وفي عام 2022، شهدت الناقلة انضمام طائرة إيرباص A350 إلى أسطول طائراتها، وتشغيل أكثر من 40 رحلة بيئية، واحتفلت الاتحاد للطيران بالضيف رقم 10 ملايين على متن طائراتها، وكانت أول شركة طيران دولية تشغل رحلات ركاب طويلة المدى إلى أهم ثلاث وجهات صينية منذ بداية الجائحة، وتم في عام 2022 أيضاً نقل ملكية مجموعة الاتحاد للطيران إلى «أبوظبي القابضة» (ADQ).
مبنى المسافرين 
أما خلال عام 2023، فتم افتتاح مبنى المسافرين A بمطار بمطار زايد الدولي، وتضيف الشركة أكثر من 10 وجهات جديدة.
وخلال العام الجاري 2024، وصلت وجهات الشركة إلى 80 وجهة، بينما يضم أسطولها 92 طائرة منها 43 طائرة دريم لاينر بوينج 787، و4 طائرات العملاقة إيرباص A380، و9 طائرات بوينج 777. 
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت مجموعة «سند»، عن بيع 16 محركاً إلى شركة «الاتحاد للطيران» في اتفاقية بلغت قيمتها نحو 1.5 مليار درهم. 

مقالات مشابهة

  • بسبب المرسوم 54.. عمران: رقابة السلطة تكبل الكاريكاتير في تونس
  • “الصحفيين العرب” يتضامن مع الزميل التونسي الهاشمي نويرة
  • بسبب المرسوم 54.. توفيق عمران: رقابة السلطة تكبل الكاريكاتير في تونس
  • القضاء التونسي يوجه 20 تهمة جديدة متعلقة بالإرهاب ضد المنصف المرزوقي
  • 198 مليون مسافر على «الاتحاد للطيران»
  • توقيف 3 مواطنين لتورطهم في إشكال داخل إحدى المدارس التي تؤوي نازحين
  • مذكرة توقيف رجل أعمال في تونس بقضية فساد بإحدى أكبر مزارع الزيتون بالعالم
  • رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي: أخاطبكم باسم لبنان للتعبير عن هول الكارثة التي نعيشها هذه الأيام جراء العدوان الإسرائيلي الذي نشر الموت والدمار في انتهاك صارخ للقانون الدولي