كيف ستُوازن تركيا بين الأطلسي والبريكس؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
تساءل كُتّاب ومحللون سياسيون فرنسيون عن إمكانية أن تكون تركيا عضواً في كل من حلف الناتو ومجموعة بريكس في ذات الوقت، وهل يُشكّل ذلك تناقضاً في التوجّهات السياسية والمصالح الاقتصادية لأنقرة التي كشفت عن طموحها من خلال تقديم طلب الحصول على العضوية الرسمية في التجمّع الذي يضم في عضويته روسيا والصين وإيران، وأصبح تدريجياً برأي الغرب تكتلاً مُسيّساً كبديل لنظام عالمي تُهيمن عليه الولايات المتحدة وأوروبا.
وباتت تركيا في الواقع أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي يتخذ خطوة رسمية للانضمام إلى مجموعة البريكس+، لكن هل يُمكن التوفيق بين العضويتين؟ سؤال لم يتم طرحه بشكل ملموس على الإطلاق في قمة البريكس الأخيرة التي انعقدت فيي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في روسيا، المجموعة التي تمّ إنشاؤها في عام 2010، وجمعت في البداية روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، ثمّ انضمت إليها الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية.
Jouer sur les deux tableaux : quand la Turquie, membre l’Otan, veut intégrer les Brics +/Jordi Lafon / MARIANNE https://t.co/GX4uWYLOow via @de_turquie
— OBSERVATOIRE DE LA TURQUIE CONTEMPORAINE (@de_turquie) October 29, 2024وبحسب مجلة "ماريان" الفرنسية، فإنّ مُعارضة نظام متعدد الأقطاب، والذي من شأنه أن يعكس بشكل أكثر صدقاً تطوّر مناطق العالم المختلفة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ونهاية الحرب الباردة، هو في الأساس هدف مجموعة البريكس +.
رمزية الطلب التركيويرى الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جوردي لافون، أنّ مجموعة البريكس+ تسعى إلى إثبات جاذبيتها، حيث أنّ ما يقرب من أربعين دولة مرشحة رسمياً للانضمام. ولكنّ طلب تركيا يحمل بشكل خاص رمزاً قوياً: فهي ليست فقط عضواً في منظمة حلف شمال الأطلسي، رمز العالم الغربي القديم، بل إنّها أيضاً مرشحة منذ زمن طويل للاندماج في الاتحاد الأوروبي.
ويستاءل لافون "هل ينبغي لنا أن نستنتج أنّ الاتحاد الأوروبي أصبح أقل جاذبية من مجموعة البريكس+؟" وهو ما يُلمّح له وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بإتقان "لو كان تكاملنا الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي قد تُوّج بالعضوية، ربما لم نكن لنكون في مثل هذا الوضع".
????À relire à l'occasion du sommet des #BRICS qui se tient en ce moment à #Kazan - "La #Russie et les nouveaux membres des #BRICS : opportunités et limites d'une coopération scientifique et technologique". Note @IfriRNV d'Irina Dezhina. ➡️ https://t.co/olay31afL0 pic.twitter.com/Gb4rYdaPXW
— Institut français des relations internationales (@IFRI_) October 23, 2024ورغم قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ الدول العشر الحالية في البريكس قررت بأغلبية ساحقة الاكتفاء في الوقت الراهن بأعضائها الجدد، والعمل على فئات الدول الشريكة والعديد من الخطوات قبل العضوية الكاملة لدول جديدة، إلا أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان قد حصل في موسكو على دعم واضح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رحّب شخصياص بـِ "اهتمام تركيا بعمل البريكس".
عقبات لكن من أين تأتي عقبات انضمام تركيا للبريكس. وفقاً لدوروثي شميد، مديرة برنامج تركيا والشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "سيكون هناك تردد من جانب الصين لإجراء توسعة جديدة. أما بالنسبة للروس، فمن ناحية أخرى، هناك اهتمام أكبر بكثير بالترحيب بهذا البلد الذي يُمثّل، من وجهة نظرهم، نقطة الضعف، في حلف شمال الأطلسي".أما على الجانب الغربي فلا ردّ فعل رسمي في هذه المرحلة، على الرغم من التحليلات التي تؤكد وجود مُعارضة أمريكية بشكل رئيس. ولكن ربما بسبب الرغبة في عدم إعطاء أهمية كبيرة للنهج التركي والدعم الروسي، فلا موقف واضح بعد من جانب واشنطن وبروكسل، كما أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها اعتادوا كثيراً على التعامل مع الغموض التركي. بين الشرق والغرب
وكونها ممتدة بين الشرق والغرب تُمثّل تركيا موقعاً جغرافياً مُهمّاً قبل مكانتها الدبلوماسية، وهذا ما يضع الغربيين في موقف صعب. كما أنّ أنقرة لم تُشارك في العقوبات الاقتصادية ضدّ روسيا وتحافظ في ذات الوقت على علاقات وثيقة إلى حدّ ما مع كييف.
ويحتاج الناتو إلى تركيا في الشرق الأوسط، فقد أصبح الجيش الرائد في المنطقة وله صناعة دفاعية فعّالة للغاية. كما وتتمتع تركيا بنفس القدر من الأهمية في البحر الأسود، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً لأنّه من الضروري ضمان مشاركة تركيا في الأهداف الأمنية لحلف شمال الأطلسي، في حين أنّ لديها مصالح اقتصادية تجعلها أقرب إلى روسيا، كما توضح دوروثي شميد التي تتسائل "كيف يمكننا أن نبقي تركيا إلى جانبنا؟ إنّه أمر معقد ولكنّه بعيد عن أن يكون غير ممكن لأنّ تركيا تعتبر روسيا شريكاً بقدر ما تُعتبر تهديداً."
Jouer sur les deux tableaux : quand la Turquie, membre l'Otan, veut intégrer les Brics + https://t.co/Iv3U6iHMBV
— Marianne (@MarianneleMag) October 28, 2024وحسب المحرر السياسي في مجلة "ماريان" الفرنسية، فإنّ اللعب على كلا الجانبين يصبّ في مصلحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وبينما يقوم أنصار العالم المتعدد الأقطاب ببناء مؤسساتهم وتعزيز صفوفهم لتحدّي هيمنة واشنطن على بقية العالم، تتوتر العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع العالم الغربي. والسؤال المطروح اليوم هو "إلى متى سيتحمّل حلفاء تركيا هذه اللعبة المزدوجة؟".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية البريكس التركي بريكس تركيا حلف شمال الأطلسی مجموعة البریکس
إقرأ أيضاً:
ندوة لـ«تريندز» تناقش الشراكة الاستراتيجية لتكتل «البريكس»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةعقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات ندوة موسعة بعنوان: «الشراكة الاستراتيجية بين دول مجموعة البريكس.. الأبعاد الاقتصادية والإنسانية والتكنولوجية والمعلوماتية»، وذلك على هامش مساهمة المركز، باعتباره شريكاً استراتيجياً، في مؤتمر «عصر البريكس.. أفق جديد للإدارة الدولية»، الذي نظمته الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، في مقرها بالعاصمة الروسية موسكو.
وشهدت الندوة التي أدارتها الدكتورة أوريكا شافتيكوفا، أستاذة دراسات الاستشراق، وباحثة إعلامية في جامعة الصداقة بين الشعوب، مشاركة مجموعة من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين من دول مجموعة «البريكس»، حيث أكدوا أن التكامل بين دول المجموعة في مجال أمن المعلومات وحماية البيانات، يشكل أنجع السبل لضمان أمن الفضاء السيبراني، مضيفين أن دول التكتل تحتاج إلى التكيف استراتيجياً من أجل الحفاظ على النمو الاقتصادي المستقر، وتعزيز التعاون بينها في مختلف المجالات.
وذكر المشاركون أن توسيع التعاون بين دول «البريكس» في مجالات التكنولوجيا والابتكار ضرورة مُلحة نحو تعزيز التنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي في دول المجموعة، مطالبين بزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والطاقة النظيفة بين دول المجموعة، مما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للتكتل في السوق العالمي، كما أوصوا بإطلاق العنان للقطاع الخاص لتعزيز ازدهار الاستثمارات التنموية، وبناء علاقات متوازنة مع التكتلات الاقتصادية العالمية.
فرص وتحديات
واستهل الندوة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، قائلاً إن العالم يعيش عصراً يشهد تطورات تكنولوجية متسارعة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، في إطار الثورة الصناعية الرابعة، وبقدر ما توفر هذه التطورات من فرص في مجال الإدارة الدولية لأمن المعلومات، فإنها تطرح العديد من التحديات على نظام إدارة أمن المعلومات.
وأضاف أن ذلك يؤكد أهمية الأمن السيبراني في دعم وحماية التنمية والتطور في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوفير حماية فعالة للبيانات والمعلومات الوطنية من التهديدات المتعلقة بأمن المعلومات، سواء كانت داخلية أم خارجية، وسواء كانت متعمدة أم عرَضية.
وأشار الكويتي إلى أن ثورة الذكاء الاصطناعي أحدثت تغيرات عميقة على مشهد التحول الرقمي لأنظمة الإدارة عالمياً، حيث خلقت الحاجة إلى تطوير نظام بيئي متكامل للأعمال الدولية، يعتمد على موثوقية المنصات الرقمية الوطنية، ويضمن توافر رأس المال البشري المتطور، جنباً إلى جنب مع توافر الحماية السيبرانية لأنظمة الإدارة ضد التعطل أو الاختراق.
وذكر أن توفير الحماية والأمن السيبراني للمؤسسات والأنظمة الإدارية يتطلب تطوير نظم الأمن السيبراني داخل دول البريكس، بالاستفادة من مواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال، مع ضرورة إشراك المجتمع والقطاع الخاص في هذه الجهود، إلى جانب تعزيز التعاون بين دول تكتل «بريكس» في مجال تبادل الخبرات في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني، لتعزيز تنافسيتها وحماية نظمها الإدارية وعمليات التنمية المستدامة.
تحالفات استراتيجية
بدوره، قال خالد السيد، المؤسس المشارك في مركز «سينرجيز» للدراسات الدولية والاستراتيجية بمصر، إنه في ضوء زيادة التدابير الحمائية وتطور التحالفات الدولية والاستمرار في حالة عدم اليقين الاقتصادي، فإنه من الضروري على دول «البريكس» التكيف استراتيجياً من أجل الحفاظ على النمو الاقتصادي المستقر وتعزيز التعاون بينها.
وأوضح أن دول التكتل بحاجة إلى استكشاف الطرق التي تتعامل بها مع التغيرات في مشهد النظم التجارية العالمية، وفي الوقت نفسه تعزيز العلاقات الاقتصادية الداخلية وتوسع التحالفات الاستراتيجية لمواجهة التحولات الجيوسياسية الأوسع نطاقاً، مضيفاً أن دول «البريكس» تحتاج أيضاً إلى تعزيز التعاون بينها في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية الاقتصادية، وتعزيز دورها في تشكيل عالم جديد.
حلول الطاقة المستدامة
أما الدكتورة كيلي ألكسندر، من معهد جوردون لعلوم الأعمال في جنوب أفريقيا، فأشارت إلى أن تحولات المبادئ الإدارية الدولية في دول «البريكس» يجب أن تقوم على أسس أخلاقية ومستدامة ومستقبلية للتنمية الرقمية والتكنولوجية، مضيفة أن الذكاء الاصطناعي المسؤول يمتلك إمكانات متنوعة لدفع التقدم الاقتصادي والاجتماعي في دول «البريكس»، ولكن نجاح ذلك يعتمد على الوصول إلى مصادر طاقة متجددة وموثوقة.
من جهته، اقترح الدكتور عقيد بحري (متقاعد) آندي شيشن تيان، المؤسس ورئيس مؤسسة الحوكمة العالمية بجمهورية الصين الشعبية، إنشاء مركز لمشاركة الموارد القمرية في دول «البريكس»، لجمع البنية التحتية القمرية وإطلاق مهام مشتركة لرصد المناخ، وإنشاء سوق كربون موحد يتم التحقق منه، من خلال تتبع الانبعاثات الكربونية بوساطة الذكاء الاصطناعي.
التكنولوجيا والابتكار
أكد ألوك كومار، مدير غرفة تجارة وصناعة «بريكس» في دولة الهند، أن تحالف «البريكس» يشكل منصة للتعاون بين الدول التي تتوافق مصالحها في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن، وتستند العلاقات بين هذه الدول إلى مبدأ عدم التدخل والتكافؤ والتعاون المالي والاجتماعي من أجل المنفعة المتبادلة للإنسانية.
وبين كومار أن تعاون دول «البريكس» في مجالات التكنولوجيا والابتكار يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز التنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي، كما يُعتبر هذا التعاون جزءاً محورياً في استراتيجية «البريكس» لتعزيز التكنولوجيا والابتكار في مختلف المجالات.