صحفي فرنسي للجزيرة نت: سأرسل رصاصة لإسرائيل
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
باريس- في لفتة رمزية، كشف الصحفي الفرنسي المخضرم جاك ماري بورجيه -في مقابلة مع الجزيرة نت- عن قراره إرسال الرصاصة -التي حاول جيش الاحتلال اغتياله بها في رام الله قبل 24 عاما- إلى إسرائيل، تأكيدا على تبعية الرصاصة لها وارتكابها جريمة حرب بمحاولة اغتيال صحفي.
وحول تداعيات محاولة اغتياله في رام الله، قال بورجيه "فور وصولي إلى فرنسا، رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل.
وأضاف "بعد 18 عاما قضيتها بين محكمة الاستئناف والنقض، انتصرت وكُتب بالخط العريض أنني ضحية محاولة اغتيال متعمدة من جانب إسرائيل" مؤكدا سعادته بهذه النتيجة، إلا أنه انتقد المنظمات المعنية بالدفاع عن الصحفيين والإعلام الفرنسي الذي لم يتحدث عن هذه القضية.
وقال "كنت وحدي بكل ما تحمل الكلمة من معنى" حتى أن منظمة "مراسلون بلا حدود" لم تدعمه "وهو تصرف لا يفاجئني خاصة عندما رأيت أنها لم تجرؤ على إحصاء الصحفيين الذين قتلوا في غزة في تقييمها السنوي لعام 2023. كما أنها حصلت على جائزة قدرها 500 ألف دولار من إسرائيل، لذا لم يعد هناك أي داعٍ للحديث عن استقلالية الإعلام في الوقت الحالي".
وحول قراره إرسال الرصاصة -التي اخترقت جسده واستقرت خلف لوح الكتف- إلى إسرائيل، بعد أكثر من عقدين على محاولة الاغتيال، أوضح بورجيه أنه بفضل التحليل الذي خضعت له الرصاصة، تمكن من التأكد أنها رصاصة من عيار 5.56 والبندقية من طراز "إم 16" إسرائيلية الصنع.
وقال إنه لا تزال الرصاصة محفوظة في سجل العدالة الفرنسي "ولدي عدة صور لها، لكنني قررت إرسالها إلى الإسرائيليين لأنها ملكهم، وأريد أن أعيد إليهم جزءا من معداتهم التي حاولوا تصفيتي من خلالها ووقفت عند سنتيمترات قليلة من منطقة القلب".
وتابع "أعتبر ما سأقوم به لفتة رمزية قد لا تغير الكثير لكنها تعبير عن الاستنكار والرفض الشديد لما يتم اقترافه بحق الصحفيين، ولأن كل ادعاءاتهم بأن هذا الصحفي أو ذاك عضو في حركة حماس أو حزب الله أو مجرم وناشط سياسي هي اتهامات كاذبة ولا أساس لها".
وأوضح أنه ينوي إرسال هذه الرصاصة في طرد إلى السفارة الإسرائيلية في باريس، وفي حال لم يتمكن من الحصول عليها من السجل الفرنسي فإنه سيقوم بإرسال طرد فارغ أو رأس حربي لرصاصة ما.
وأكد الصحفي الفرنسي أن صداقة قديمة كانت تجمعه بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأن الأخير كان على وفاق مع الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك الذي طمأنه وأكد له أنه سيتم الاعتناء به كما يجب.
وبعد وصوله إلى باريس وتلقيه العلاج، حصل بورجيه على وسام جوقة الشرف لأن شيراك اعتبره بطلا، وأوضح الصحفي الفرنسي "عندما كنت في الغيبوبة، أخبرني أصدقائي أن الرئيس الراحل عرفات أرسل لي زهورا وتذكارا صغيرا للمسجد الأقصى في القدس".
ولفت إلى أن "من بين الأمور التي أتذكرها مع الرئيس الفلسطيني الراحل، عندما كنت في رحلة على متن الطائرة معه وأراني قلادة معلقة على عنقه لصليب لورين، وأخبرني آنذاك أن الجنرال شارل ديغول أعطاه القلادة. لقد كان يتميز بالجانب الديني لأنه كان مسلما لكنه منفتح على كل الديانات والثقافات وقومي إلى أبعد الحدود".
وأشار إلى أنه اعتاد على إجراء المقابلات مع عرفات منذ أن التقى به للمرة الأولى في بيروت عام 1972، مضيفا "منذ ذلك الوقت، توطدت علاقتي به لدرجة أنه كان يسألني دائما عن أحوال عائلتي وأطفالي حتى خلال الحرب".
وفي جوابه على سؤال حول محاولة إسرائيل طمس الحقائق من خلال منع الصحفيين من دخول غزة لتغطية ما يحدث، أعرب عن إعجابه كثيرا بشجاعة فريق شبكة الجزيرة الذين أصروا على البقاء ومواصلة التغطية مرتدين خوذاتهم البسيطة فقط، ويحضرون جنازات أقاربهم أو زملائهم ثم يواصلون العمل.
وأضاف "أعتبرهم أبطالا حقيقيين ويستحقون جائزة نوبل عن جدارة. وقد كان مشهد حظر مكتب الجزيرة في الضفة الغربية فظيعا، وإن وصول الجنود البرابرة بالسلاح لأمر مخز بالفعل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصحفی الفرنسی
إقرأ أيضاً:
دبلوماسية أوروبية تروي للجزيرة نت تفاصيل احتجازها في مطار بن غوريون
دبلن- شهد مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب حادثة غير مسبوقة، حيث قامت السلطات الإسرائيلية بترحيل وفد برلماني أوروبي رسمي نسق مسبقا مع تل أبيب مهمة دبلوماسية تحت اسم الأسبوع الأخضر في فلسطين، وكان قد رتب كافة التصريحات اللازمة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وشمل الترحيل نائبتي البرلمان لين بويلان وريما حسن، بالإضافة إلى اثنين من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لا يمكن الكشف عن اسميهما لأسباب أمنية، فيما صادر مجموعة أفراد إسرائيليين بدون زي رسمي أجهزة الوفد الإلكترونية.
و نددت النائبة الأوروبية لين بويلان بالحادثة ووصفتها بأنها "فوضى مدبرة وإهانة غير مسبوقة للبرلمان الأوروبي". وأكدت بويلان، في اتصال هاتفي للجزيرة نت، أن ما جرى يشكل سابقة تاريخية، إذ لم يسبق أن تم ترحيل عضو في البرلمان الأوروبي من مطار بهذه الطريقة.
وأضافت أن الواقعة أثارت موجة غضب واسعة داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن ردود فعل غاضبة في كل من جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية.
و تمثل بويلان جمهورية أيرلندا في البرلمان الأوروبي عن حزب شين فين.
وكشف خبير قانوني في الاتحاد الأوروبي، في تصريح خاص للجزيرة نت، أن قرار الترحيل ربما صدر عن وزير الداخلية الإسرائيلي، إلا أن الجهة الأمنية التي نفذت العملية لا تزال غير معروفة.
وفي الوقت ذاته، علمت الجزيرة نت أن وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر كان يعقد اجتماعًا مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا يوم 24 فبراير/شباط بالوقت نفسه الذي تم فيه ترحيل وفد البرلمان من قبل بلاده.
كما أكد مصدر مطلع داخل البرلمان الأوروبي أن وزير الخارجية لم يُبلغ رئيسة البرلمان مسبقًا بأي نية لترحيل الوفد.
بحسب شهادة بويلان للجزيرة نت، بدأ الأمر فور هبوط الطائرة، حين استُقبل الوفد بمجموعة من الأفراد يرتدون ملابس سوداء، لم يقوموا بتعريف أنفسهم وقاموا على الفور بمصادرة جوازات سفر الوفد وأجهزته الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف وأجهزة آيباد وأجهزة تتبع اللياقة البدنية الخاصة بالمسؤولين المصاحبين للنائبتين.
إعلانوتصف بويلان المشهد بالقول "قاموا بتصويرنا باستمرار، ولم يجيبوا على أي من أسئلتنا، فقط طلبوا منا اتباعهم بصرامة وحزم".
و أضافت النائبة في البرلمان الأوروبي أنه تم اقتياد أفراد الوفد إلى غرفة خاصة، حيث تم تفتيش أمتعتهم بالكامل، و احتُجزت أجهزتهم الإلكترونية لمدة ساعة و40 دقيقة.
تقول بويلان "خلال هذا الوقت، تم تفتيش المسؤولين بشكل منفصل خلف ستار، مما أثار مخاوف جدية حول انتهاك خصوصيتهم".
بعد انتهاء التفتيش، تم إبلاغ الوفد بأنه سيتم ترحيلهم، دون تقديم أي تبرير واضح. وأوضحت بويلان أنه لم يتم استجوابها أو استجواب ريما حسن أو المسؤولين معهما، فقط تم إعطاؤهم ورقة ترحيل في اللحظات الأخيرة، كتب عليها أنهم يشكلون تهديدًا للأمن العام، دون -حتى- جوازات سفرهم التي تمت مصادرتها.
ووصف الوفد للجزيرة نت رحلة العودة بأنها "عدائية"، حيث تم وضع ريما حسن في الجزء الخلفي من الطائرة بمفردها، ورفض طاقم الطائرة السماح للوفد بالجلوس بجانبها، أو حتى تبديل المقاعد معها. وتعرضت ريما حسن للتنمر طوال فترة انتظار دخول الطائرة، حيث أصول ريما حسن سورية و بشرتها ملونة.
ولم يتسلم أفراد الوفد جوازات سفرهم إلا من قبل الشرطة البلجيكية عند الوصول إلى بروكسل.
انتهاك البيانات
أثارت مصادرة الأجهزة الإلكترونية مخاوف جدية حول انتهاك البيانات، خاصة وأن الوفد كان قد تلقى تعليمات من مؤسسات الاتحاد الأوروبي بعدم إحضار أجهزتهم الشخصية بسبب مخاوف تتعلق بالمراقبة الإسرائيلية.
وكشفت بويلان أنهم كتبوا رسالة إلى مفوض الاتحاد الأوروبي مايكل ماكغراث في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بشأن اتفاقية كفاية البيانات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وقالت "نحن لا نؤمن بأن إسرائيل تتعامل مع البيانات بمعايير الاتحاد الأوروبي نفسها، خاصة مع استخدامهم لتقنيات الذكاء الاصطناعي".
إعلانوأثارت الحادثة غضبًا واسعًا في أروقة الاتحاد الأوروبي، حيث وصفها العديد من النواب بـ"عمل غير مقبول"، و"إهانة للبرلمان الأوروبي".
وتطالب بويلان بإجراء تحقيق كامل في الحادثة، وإعادة جدولة زيارة الوفد إلى فلسطين. كما دعت الحكومة الأيرلندية والحكومات الأوروبية الأخرى إلى دعم هذا المطلب.