رأي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ساكاريا التركية كمال إنات، أن يمكن اعتبار مجموعة بريكس في الوقت الحالي تحديا خطيرا ونقطة تحول تاريخية للهيمنة الغربية المتواصلة منذ نحو 250 على النظام السياسي العالمي، إذ تمتلك مجتمعة قدرات يمكنها تغيير قواعد اللعبة.

وذكر أن تحدي بريكس للنظام العالمي، يأتي بعد الحرب العالمية الأولي والثانية والحرب الباردة والتي كانت نقطة تحول رئيسية في القرن العشرين لصالح الهيمنة والتفوق الغربي، لكن تحدى بريكس هو تطور يجب أن يؤخذ بجدية إذ يأتي من 3 ثلاث قارات هي آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.

واستعرض إنات في تحليل نشره موقع بوليتكس توداي وترجمه الخليج الجديد، نقاط القوة والضعف التي تمثلها مجموعة بريكس للنظام العالمي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا.

و"بريكس" تكتل سياسي واقتصادي عالمي يضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ونمت المنظمة كمنتدى للتعبير عن وجهات نظر بلدان الجنوب العالمي في تعاملاتها مع البلدان المتقدمة.

قدرات اقتصادية هائلة

ومن خلال مقارنة المراكز الاقتصادية في الاقتصاد العالمي، يتبين على الفور حجم التحدي الخطير الذي تمثله بريكس للنظام العالمي، فمن حيث الناتج المحلي الإجمالي (وفقا لمؤشر تعادل القوة الشرائية) تعد بريكس أكبر كتلة اقتصادية في العالم، وتضم المجموعة الصين الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم.

وبحلول عام 2020، وصل أعضاء البريكس الخمسة مجتمعين إلى إجمالي ناتج محلي أكبر من نظيره في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضوًا، ما يعطي دلالة واضحة على قدرة المنظمة على إحداث تأثير خطير على مستقبل النظام الاقتصادي والسياسي العالمي.

وذكر إنات إن تقارير متعددة نشرت مؤخرا، كشفت عن جهود بريكس لمواجهة استخدام الولايات المتحدة المتزايد للدولار ونظام سويفت كسلاح، مشيرا إلى أن تلك المساعي من الممكن أن تقوض بالفعل وضع الدولار.  

وأشار إلى أن اقتراح إنشاء عملة بريكس لمواجهة هيمنة الدولار، هي واحدة من القضايا الرئيسية التي ستتم مناقشتها في القمة المقبلة للمجموعة التي ستعقد في جنوب أفريقيا في وقت لاحق خلال شهر أغسطس/آب.

ومن ناحية أخرى، تمثل بريكس وفقا للأعضاء الحاليين 41٪ من سكان العالم، أي أكبر بسبع مرات من الاتحاد الأوروبي وحوالي 10 مرات أكبر من الولايات المتحدة.

كما أن تعبير العديد من الدول على تطلعها للانضمام لبريكس يعكس حقيقة أن المجموعة أصبحت مكان اجتماع بديل للدول غير الراضية عن النظام السياسي والمالي العالمي.

ووفق المحلل فإن بريكس يُنظر إليها على أنها بديل لمجموعة السبع. وتدير المجموعة أيضًا مؤسسة مالية تسمى "بنك التنمية الجديد (NDB)" كبديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين تهيمن عليهما الدول الغربية والدول الصناعية المتقدمة الأخرى بالتعاون الوثيق معها.

اقرأ أيضاً

34 أكدت موافقتها.. جنوب أفريقيا تدعو 67 دولة لحضور قمة بريكس

تُظهر نظرة على أرقام النمو الاقتصادي على مدى الثلاثين عامًا الماضية للدول الأعضاء في بريكس، كيف برزت الصين والهند على وجه الخصوص كبديل للنظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب.

وتكشف تلك الأرقام عن تحدى خطير تمثله المجموعة لاسيما من آسيا، لهيمنة الغرب الاقتصادية والسياسية الغربية على النظام العالمي.

نقاط ضعف

لكن بالرغم من تلك القدرات الهائلة التي تمتلكها بريكس في تلك المرحلة لتحدى الهيمنة الغربية لكن المجموعة تعاني في المقابل من نقاط ضعف كبيرة قد تقلب مصير هذا مسار هذا التحدي لصالح القوى الغربية.

 وفي مقدمة نقاط الضعف تأتي العلاقة الإشكالية للغاية بين الهند والصين (اللاعبان الرئيسيان في تحدى الهيمنة الغربية) إذ من الصعب جدًا على هاتين القوتين النوويتين (اللتين لديهما مشاكل حدودية خطيرة) التعاون بطريقة مماثلة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبينما تفضل الهند سياسة التوازن بين الغرب والصين، وتنضم إلى الصين في بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، فإن نيو دلهي تعمل جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة وحلفائها المقربين في آسيا وأستراليا واليابان، في الحوار الأمني الرباعي.

 تعد عضوية الهند في الحوار الرباعي الأمني تطورًا يجب إضافته إلى سجل إخفاقات الصين في صراع القوى العالمي.

وهنا تجدر الإشارة أن السبب الرئيسي وراء خروج الولايات المتحدة من الحرب الباردة مع اليد العليا على الاتحاد السوفيتي كان نجاحها في ضم الدول القوية إلى شبكة تحالفها.

وبالتالي، فإن مواقف الجهات الفاعلة مثل الهند واليابان والبرازيل وروسيا ستكون حاسمة للغاية بالنسبة لنتائج الصراع على السلطة بين الولايات المتحدة والصين.

من هذا المنظور، فإن إحدى نقاط ضعف بكين هي سياستها في دفع الهند نحو الولايات المتحدة بشأن القضايا الأمنية، بدلاً من السعي إلى تحالف وثيق مع القوة الصاعدة.

في غضون ذلك، خسرت الصين بالفعل اقتصادات رئيسية مثل اليابان وكوريا الجنوبية للولايات المتحدة. من الواضح أن الصين، التي أصبحت الآن عملاقًا اقتصاديًا، لا تفهم تمامًا أنها بحاجة إلى أن تأخذ معها حلفاء أقوياء.

ومن أبرز نقاط الضعف التي تعاني منها المجموعة أيضا ضمها لدول غير مستقرة ولذا يمكن استبعادها عند الحديث عن تحدى الهيمنة الغربية.

واستشهد المحلل بروسيا التي، وهي عضو آخر في بريكس، والتي ترتكب أخطاء أكبر بكثير من الصين في صراع القوى العالمي، مشيرا إلى أنه يمكن مقارنة أخطاء حكومة الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين بأخطاء روسيا السوفيتية.

وأشار إلى أنها روسيا بوتين حاليا، وعلى غرار الاتحاد السوفيتي سابقا، متخلفة اقتصاديًا عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد لجأت إلى الاستخدام المفرط للقوة العسكرية على مدار السنوات الماضية.

نتيجة لسياسات بوتين المغامرة، بدءًا موسكو بغزو أجزاء من جورجيا في عام 2008 وامتدادًا من سوريا وليبيا إلى أوكرانيا، تواجه روسيا اليوم مأزقًا مشابهًا في أوكرانيا كما واجه السوفييت في أفغانستان.

وذكر المحلل التركي إن الدعم الاقتصادي والعسكري الذي يقدمه الغرب لأوكرانيا التي تحتلها روسيا، والذي يمكن مقارنته بدعمه لأفغانستان ولكنه أكثر كثافة هذه المرة، أظهر لموسكو حدود قوتها العسكرية.

وفي مواجهة دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تقل احتمالية وصول روسيا بالحرب في أوكرانيا إلى نهايتها المرجوة، حيث تعاني من خسائر عسكرية واقتصادية ضخمة من ناحية، وعدم استقرار داخلي من ناحية أخرى، مستشهد بتمرد قوات فاجنر شبه العسكرية قادة الجيش والرئيس الروسي.

بينما تمتلك روسيا أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم إلى حد بعيد وتعد واحدة من أكبر مصدري النفط في العالم، فإنها تنزف على خط المواجهة في أوكرانيا - وهي جبهة فتحتها على نفسها بمحض إرادتها؛ نتيجة لذلك، يجب عدم أخذ روسيا في الاعتبار عند التفكير في التهديدات التي تشكلها مجموعة بريكس.

 وإضافة إلى ذلك، تدخل البرازيل في حزمة الدول التي تعاني من عدم الاستقرار في بريكس، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي للدولة التي تقع في أمريكا اللاتينية، إلى 1.48 تريليون دولار في عام 2020، مقارنة بـ 2.47 تريليون دولار في عام 2013.

بالنظر إلى أن عدم الاستقرار الداخلي الناجم عن الاستقطاب الاجتماعي والسياسي ومشاكل توزيع الدخل في البلاد قد خلق بيئة مفتوحة للتدخل والتلاعب من قبل الجهات الخارجية غير الراضية عن خط السياسة الخارجية للبرازيل، فمن الواضح أن الرئيس لولا دا سيلفا، سيتعين علينا السير بحذر أكبر في صراع القوى العالمي.

بالإضافة إلى نقاط الضعف هذه، هناك عائق آخر أمام دول بريكس في تحدي النظام السياسي والاقتصادي العالمي الذي يهيمن عليه الغرب وهو أن قدراتها العسكرية لا تزال متخلفة كثيرًا عن قدرات الولايات المتحدة وحلفائها.

على الرغم من أن ثلاثة من أعضاء بريكس الخمسة يمتلكون أسلحة نووية، إلا أن دول بريكس لا يمكن مقارنتها بالولايات المتحدة من حيث الإنفاق العسكري.

وخلص المحلل أن تاريخ العالم مليء بالأمثلة التي تظهر أن القوة العسكرية لا تقل أهمية عن القوة الاقتصادية في تحديد مصير التحديات العالمية، مشيرا إلى أن التحدي الذي يواجه القدرات العسكرية الروسية في أوكرانيا أحدث مثال على ذلك.

اقرأ أيضاً

أتلانتيك كاونسل يوضح تداعيات النهج الهندي والصيني على توسيع بريكس  

المصدر | كمال إنات/بوليتكس توداي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بريكس منظمة بريكس النظام العالمي الهيمنة الغربية المتحدة والاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة فی أوکرانیا فی العالم فی بریکس إلى أن

إقرأ أيضاً:

30 ألف شخص يجتمعون في القاهرة.. مصر تنهي استعدادات استضافة المنتدى الحضري العالمي

ينطلق اليوم الاثنين وحتى 8 نوفمبر، المنتدى الحضري العالمي في دورته الثانية عشرة "WUF12" بالقاهرة، كأول دولة في إفريقيا تستضيف هذا الحدث بعد 20 عامًا، تحت شعار: "كل شيء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة". 

ويهدف المنتدى، الذي يعد المؤتمر الرئيسي للأمم المتحدة حول التنمية الحضرية المستدامة، إلى تسليط الضوء على التجربة التنموية الحديثة لمصر ومناقشة التحديات الحضرية العالمية مثل أزمة الإسكان.

ويشارك في المنتدى عشرات الوفود من ممثلي الحكومات، والأكاديميين، وقادة الأعمال، ومخططي المدن، والمجتمع المدني من مختلف دول العالم، لمناقشة الأزمات الحضرية التي تواجه المدن مثل أزمة الإسكان وتغير المناخ، إلى جانب التحديات الناتجة عن انتقال المزيد من السكان للعيش في المدن بوتيرة متسارعة.

ويضم المنتدى نحو 600 حدث، منها حوارات رفيعة المستوى وطاولات مستديرة وزارية حول الحوكمة، ويركز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة في مجالات الإسكان وتكاليف المعيشة والمناخ. كما يشمل إطلاق تقرير المدن العالمية 2024 الذي يركز على تأثير التغيرات المناخية على المدن.

وتعكس استضافة المنتدى في مصر دورها الريادي والإقليمي في مجالات التحضر والسلام، ويعتبر شهادة على التطور الكبير الذي شهدته في السنوات العشر الماضية، بقيادة الرئيس السيسي، من خلال مشروعات تنموية ضخمة مثل مدن الجيل الرابع وتطوير البنية التحتية، ما عزز من جودة الحياة للمواطنين وأبرز مصر كوجهة حضرية وسياحية.

محافظ القاهرة يؤكد الجاهزية والاستعداد المناسب

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، أن الحكومة المصرية استعدت لاستضافة المنتدى الحضري العالمي بشكل مناسب لطبيعة وأهمية وضخامة هذا الحدث على الصعيد العالمي.

وقال "صابر"، في تصريحات خاصة، إن المنتدى فرصة مهمة لعرض تجارب النجاح المصرية في شتى المجالات.

وذكر المحافظ، أنه تم إعداد خطة كاملة لتوفير أتوبيسات صديقية للبيئة لنقل للمشاركين في المنتدى من وإلى مركز المنارة لحضور الفعاليات طوال مدة عقد المنتدى. 

وشدد على أنه تم رفع كفاءة عدد من المناطق والشوارع الرئيسية، موضحا أنه تم وضع جدول زيارات وجولات للوفود المشاركة في المنتدى للاستمتاع بمعالم القاهرة التاريخية والأثرية إلى جانب مشروعات التطوير والتنمية التي تمت بالعاصمة.

إنشاء ساحتي انتظار بطاقة 1200 سيارة 

انتهت محافظة القاهرة ممثلة في هيئة نظافة وتحميل القاهرة، من تجهيز وإنشاء ساحتي انتظار بجوار مركز المنارة للمؤتمرات.

وقال اللواء إيهاب الشرشابي، رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة السابق، المشرف على تنفيذ المشروع قبل ترك الهيئة، إن الساحات الجديدة تقع على مساحة كبيرة يمكنها استيعاب سيارات بإعداد كبيرة في وقت واحد

وأضاف الشرشابي، في تصريحات خاصة، أن الساحتين الجديدتين تسعان نحو 1200 سيارة، وهو ما يحل إشكالية ركن السيارات خاصة مع هذا العدد الكبير وغير المسبوق من المشاركين.

خطة نقل المشاركين في المنتدى 

استعدت وزارة النقل وهيئة النقل العام لنقل الوفود المشاركة في المنتدى الحضري العالمي من وإلى مقر انعقاد المنتدى.

ووفرت الوزارة والهيئة 100 أتوبيس صديق للبيئة يعمل بالكهرباء أو الغاز الطبيعي ينطلقون بشكل مستمر من عدة مناطق بالعاصمة بينها التجمع والعباسية والمهندسين والمعادي وعبدالمنعم رياض وغيرها.

وأطلقت الوزارة ممثلة في جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي، تطبيق إلكتروني من خلال رابط تحميل (QR) لخدمة رواد المنتدى الحضري العالمي خلال الفترة من 4 – 8 نوفمبر 2024 لمعرفة مواعيد وأماكن الاتوبيسات الخاصة بنقل رواد المنتدى.

ويوفر التطبيق (مواعيد الأتوبيسات  – خريطة المسارات - إمكانية تخطيط رحلات من موقع جوجل لاستخدام وسائل النقل العام الأخرى بالقاهرة مثل المترو والقطار الكهربي وحافلات النقل العام).

ويمكن تحميل التطبيق من خلال الروابط التالية:

-  رابط تحميل التطبيق:

 https://drive.google.com/.../1iTNKkx_a4-CPm...

 - التطبيق على Google play:

 https://play.google.com/store/apps/details?id=com.wufapp

- التطبيق على app store:

 https://apps.apple.com/eg/app/wuf12-transport/id6737447998

ويشهد المنتدى، الذي ينظمه برنامج موئل الأمم المتحدة (هابيتات) بالتعاون مع وزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية، مشاركة واسعة من قادة ومسؤولين عالميين ومحليين؛ إذ يجمع المنتدى أكثر من 30 ألف مشارك من 180 دولة، بينهم رؤساء دول و103 وزراء و36 نائب وزير و300 محافظ، إضافة إلى نحو 900 متطوع. 

كما يشارك في المعرض الحضري المصاحب 52 دولة و115 عارضًا، ويضم الجناح المصري هيئات حكومية ووزارات، كما يُعقد ضمن الفعاليات اجتماع وزاري موسع لوزراء الإسكان الأفارقة لاستعراض التجربة العمرانية المصرية والاستفادة من خبراتها.

مقالات مشابهة

  • ترامب: يفصلنا يوم واحد عن أهم حدث في تاريخ الولايات المتحدة
  • السجن 15 عاما لمتهمين باستعراض القوة بمصر القديمة
  • مدبولي: المنتدى الحضري العالمي يعتبر أكبر حدث تنظمه الأمم المتحدة بعد مؤتمر قمة المناخ
  • مدبولي: المنتدى الحضري العالمي ثاني أكبر فعاليات الأمم المتحدة بعد قمة المناخ
  • المرعاش: ليبيا ستظل دولة فاشلة ما لم ندعم الجيش الليبي لرفض الهيمنة الغربية
  • 30 ألف شخص يجتمعون في القاهرة.. مصر تنهي استعدادات استضافة المنتدى الحضري العالمي
  • ما هي أسلحة القوة التي يستعين بها مرشحو الانتخابات الأمريكية؟.. تعرّف على التفاصيل
  • "‏بريكس".. حديث الإعلام العالمي
  • الولايات المتحدة تدين الحكم على موظف سابق لدى قنصليتها في روسيا
  • روسيا تدعم إجراءت كوريا الشمالية لكبح جماح الولايات المتحدة