سودانايل:
2025-03-10@05:00:11 GMT

مُستنفَرون من منازلهم

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

مُستنفَرون من منازلهم
يغيب العقل النقدي عن الوعي، فتنشط غدد الوعي الإثني !.

عزالدين صغيرون
إذا التمسنا العذر للعامة من الناس انخداعهم بما تنشره منصات الكيزان من أكاذيب وادعاءات، فإن السؤال يتجه إلى من نحسبهم نخب البلد المثقفة الفاهمة لما يحدث: كيف صاروا أبواقاً تردد صدى الأكاذيب وتدعمها بما أتيح لها من علم وثقافة ؟!.


إذا كان عن هذا جهل منهم، فما قيمة هذه اللافتة العريضة الواسعة البرَّاقة التي يستظلون بظلها، ويتمتعون بسلطة ومكانة، وبنفوذ سياسي واجتماعي غير مستحق؟.
وإذا كان هذا الدور اللاأخلاقي يتم رغم علمهم، وبمعرفتهم، فما هي قيمة هذا الثمن الذي يستحق التضحية بضميرهم الانساني وبشرف الكلمة ؟!!.
وأياً ما كان هذا الثمن فليعلموا غداً بأنهم كانوا مجرد بيادق تحركهم أصابع تحيك بلؤم وذكاء ومهارة مؤامرة، ليس لتقسيم السودان وحسب، بل لمحوه من خارطة العالم.
ليس ذلك وحسب، بل انهم وباستنفارهم من منازلهم، كانوا لا يقلون جهلاً واستغفالاً عن الصبية الأغرار الذين قادتهم ميديا الكيزان و "انصرافيها" إلى حتفهم في محرقة هذه الحرب. وأنهم مثلهم يستجيبون لدعوة "الطبيب العسكري" طارق الهادي كجاب للقتال نيابة عن الجيش دفاعاً عن أنفسهم واخذ ثأرهم و"تبريد بطنهم"، من عدوهم، كما قال حرفياً (لأن الاسلام ما فيهو جيش) !!.

(2)
يحدث هذا لنخبنا المستنيرة، على سبيل المثال:
حين يسدد الحزب الشيوعي سهامه إلى صدر كل من يسعى لوقف الحرب مصطفاً مع الكيزان ومتناغماً مع هذر الانصرافي وهرطقاته التحشسيدية. ويرفض حتى مبدأ الجلوس مع وفد تقدم في جولته الخارجية لوقف الحرب وإغاثة المنكوبين.
كما ويحدث حين "يتبرع" أمجد فريد الذي كان يتخذ موقعه في كابينة قيادة حكومة الثورة الانتقالية، ومقرباً من ربانها حمدوك، بشيطنة الدعم السريع، ويبعث من موقعه الإسفيري الحقوقي برسالة، مشتركة إلى "اللورد كولينز أوف هايبري"، وزير الدولة البرلماني البريطاني لشؤون أفريقيا، رئيس الإحاطة الوزارية للأمم المتحدة حول السودان، وبنسخة منها إلى: السيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، ويطالب فيها: " بتحرك عالمي جماعي عاجل لمواجهة فظائع قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة"، وفق ما جاء نصاً فيها بتاريخ 11 نوفمبر 2024.

(3)
مضمون ومطالب الرسالة التي زيلَّها أمجد إلى جانب موقعه " فكرة للدراسات والتنمية (Fikra for Studies and Development) بتوقيع (12) جهة ومنظمة حقوقية وتنموية، لا يعلم إلا الله وحده كيف استطاع انتزاع تواقيعها، فهي تضم خليطاً من السودان، و أوغندا، وبريطانيا على النحو االتالي: المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي ((SIHA، و (منتدى السودان وجنوب السودان) و(مؤتمر الجزيرة!) و (مجموعة الدعم لدارفور) و(منظمة عوافي السودانية) و(منظمة التنمية الاجتماعية السودانية - المملكة المتحدة) و(منظمة التنمية الاجتماعية السودانية – السودان) و (حقوق من أجل السلام) و(التيار الوطني) و (منظمة التعليم الريفي للتنمية – اوغندا) و(المبادرة السودانية لوقف الحرب وبناء السلام) و (منظمة محفزات السلام – أوغندا).

(4)
لك أن تسأل: كيف استطاع التواصل مع كل هذه الجهات واقناعها بوجهة نظر موقعه، وهل بذلوا أي جهد للإلمام بتفاصيل تعقيدات الأزمة وأسبابها ومجريات الأحداث على الأرض ليوقعوا على مسؤولية الدعم السريع عن الجرائم والانتهاكات وحده منفرداً، ثم ليوقعوا على الرسالة التي تخاطب اللورد، وتدعوه في احاطته الوزارية لمجلس الأمن الدولي حول السودان، باعتبار أنهم: " ائتلاف من منظمات المجتمع المدني السودانية والدولية، ببالغ الرجاء والإلحاح (لقيادة) استجابة دولية حاسمة إزاء الكارثة الانسانية المستعرة في ولاية الجزيرة". وذلك لأن قوات الدعم السريع قادت حملتها الإرهابية في ولاية الجزيرة بسبب انشقاق كيكل "وهذه الهجمات الانتقامية تُرتكب ضد مدنيين عزل، باستخدام أسلحة متقدمة وتقنيات عسكرية عالية الدقة".

(5)
حسناً ربما تسأل: "ليه إنت "مُدَّحِّشْ/ حارِنْ"، بكل هذا التركيز في رسالة موقع "فكرة" رغم علمك بمحدودية تأثيره ؟!.
هناك عدة نقاط تستوقفك في هذه الرسالة:
- أولها: هذا التركيز القوي على أحداث "شرق الجزيرة"، وكأنها المأساة الوحيدة لهذه الحرب البشعة في السودان. و كأنها الأكثر بشاعة ومأساوية فيها، بما يصرف النظر عن المذابح الدموية التي ارتكبها الجيش الرسمي ومليشيات فلول النظام البائد ومستفريه في الدندر على سبيل المثال، والتي تم فيها ذبح المئات من المدنيين العُزَّل واحراق جثثهم، أو تلك التي ارتكبت بحق المدنيين في الحلفايا ببحري ووفق قوائم بالأسماء، أو تلك الجثث التي تناثرت في سوق أمبده بقصف الطيران لأطفال ونساء ورجال، أو ضحايا قصف الأسواق في قرى ومدن دارفور وكردفان وجنوب الحزام الأخضر في العاصمة بالطيران ... الخ.

(6)
- ثانيها: العناية التي رُسمت بها لوحة المشهد المأساوي في قرى السريحة وأزرق، لتستجيش المشاعر وتستثير حمية الثأر لفظاعتها، رغم أن أغلب تفاصيلها كاذبة وزائفة من نسج الخيال:
" وقد لجأت العائلات اليائسة إلى المساجد بحثاً عن ملاذ آمن، لكنها وجدت نفسها محاصرة في بيوت العبادة التي تحولت إلى ساحات قتل. نفذت قوات الدعم السريع عمليات إعدام جماعي في مساجد التقوى والمشرف وأبو صباح في الهلالية، مدنسة هذه الأماكن المقدسة بسلب حياة العديد من الأبرياء".
ومما له دلالاته الكاشفة عن مقاصد الرسالة وأهدافها، أن كاتبها ضمَّنْ شهادة جهة يُفترض مصداقيتها، مضيفاً: "ووصفت نقابة أطباء السودان مشهداً أكثر فظاعة للأزمة الجارية، حيث تشير تقاريرها إلى وفاة شخص واحد كل نصف ساعة في شرق الجزيرة بسبب الجوع وتدهور الأوضاع الصحية. وتلوح مخاطر المجاعة في الأفق، مهددة بوفاة عدد لا يحصى من الأرواح".

(7)
- ثالثها: بسهولة يمكنك أن ترى أن هذه السردية، وبكل تفاصيل جزئياتها، وبالانطباع العام لتأثيراتها شكَّلت على نحو غريزي وعفوي ردود الأفعال عند مختلف الاتجاهات، الفاعلة والمنفعلة بالأحداث المروعة لهذه الحرب الاجرامية البشعة، لتتجه الأنظار جميعها بالتالي إلى الدعم السريع فتشيطنه ليصبح مكب نفاياتها، ويتحمل وحده وزر مسؤوليتها.
وسترى أن ظلال هذه السردية الزائفة الكثيفة، والتي تم ترويجها بكثافة في كل الاتجاهات، قد انتشر دخانها الكثيف السام وانتشر من أسنة كل الأقلام التي قاربت وقائع الحرب وفظائعها، لتقطع بإدانة الدعم السريع وتجريمه. وكل ذلك بناء على سردية أطلقها في الهواء "لايفاتية" إسفيريون، لم يكلف أحداً من مستقبلي هراءهم نفسه جهد النظر إلى اللوحة في كليتها، وكأنهم منومون مغنطيسياً.

(8)
يستطيع الواحد أن يراجع كل المقالات التي دبجها الكاتبون من مختلف مواقعهم الفكرية والأيديولوجية والاجتماعية ليستبين له كثافة الضباب الأعمى الذي يتخبطون فيه، لتجد بأنهم وقد ولغوا في هذا الجدال بوعي أحادي، تعاملوا مع القوتين المتقاتلتين بعقلية: هلال/ مريخ.
فمن يناصر الجيش المتكوزن يستميت في كشف انتهاكات الدعم السريع. ويفعل الشيء نفسه من يناصر الدعم السريع في رفع الغطاء عن انتهاكات الجيش وميليشياته. وكل منهما يبرئ صاحبه، وينافق نفسه !!.
وحين يغيب العقل النقدي عن الوعي، ويروح في غيبوبة الأدلجة الظلماء، تنشط غدد الوعي الإثني، وكل غدد الوعي ما قبل الحداثي (القبيلة، الطائفة الدينية، الجهة ... الخ). ويتحول الصراع السياسي السلمي الديمقراطي إلى اقتتال دموي.
وهذا ما يحدث الآن.
لقد اصطفت نخبنا السياسية والاجتماعية والثقافية في فسطاطين إثنيين !.
وما من أحد يستطيع أن يصف الاقتتال الذي يدور في السودان اليوم بأنه صراع سياسي، فهو اقتتال عصبيات إثنية، ولن تجدي معه آليات معالجة الصراعات السياسية.

(9)
وليت الأمر توقف هنا وعند هذا الحد. فقد انخرطت القوى الدولية في هذه الرقصة الدموية، وأخذت تدوزن آلاتها الموسيقية لتشارك في العزف على ذات النوتة.
فهل تكوزن المجتمع الدولي هو أيضاً ... أم أنه مؤلف السيمفونية ؟!.
سنرى ذلك.

izzeddin9@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم

يواصل الجيش السوداني معاركه مع قوات الدعم السريع في عدة جبهات متفرقة حيث يسعى للسيطرة على مركز العاصمة الخرطوم، كما كثف هجماته الجوية على معاقل الدعم في الفاشر ويسعى للسيطرة على طرق رئيسية بولاية شمال كردفان، بعد أن حقق تقدما بولاية النيل الأبيض حيث توفي 100 شخص هناك بسبب وباء الكوليرا.

وتستمر المعارك بوتيرة متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش عبر محور وسط الخرطوم إلى السيطرة على مركز العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي، ومرافق حكومية سيادية.

وفي ولاية شمال كردفان تدور مواجهات بين الجانبين ويسعى الجيش من خلالها للسيطرة على طرق رئيسية.

وجنوبا، تتواصل المعارك أيضا بولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق حيث أعلن الجيش سيطرته على مدن وبلدات تقع على الشريط الحدودي بين السودان وجنوب السودان.

وفي ولاية شمال دارفور، استهدفت قوات الدعم السريع بالمسيّرات مواقع بمدينة المالحة شمالي الولاية اليوم الأحد.

الأزمات تلاحق اللاجئين من السودان إلى جنوب السودان (الأوروبية) معارك الفاشر

وفيما يتعلق بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قال الإعلام العسكري في بيان له "إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفذ غارات جوية دقيقة، مستهدفا تجمعات العدو ـفي إشارة لقوات الدعم السريعـ بالمحور الشمالي الغربي مساء أمس مما كبّدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح".

إعلان

وأضاف البيان أن مدينة الفاشر تشهد حالة من الاستقرار الأمني وأن القوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات في جميع المحاور، وسط انهيار واضح في صفوف العدو وأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الكامل واستعادة أمن واستقرار البلاد وفقا للبيان".

وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء السودانية "سونا" إن مدرعات الفرقة السادسة مشاة بالفاشر "نفذت عملية عسكرية محكمة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، أسفرت عن تدمير عربة جرار محملة بالأسلحة والذخائر تابعة لمليشيا آل دقلو المتمردة، إضافة إلى تدمير 3 عربات لاندكروزر كانت تتولى حراستها، دون نجاة أي من العناصر التي كانت على متنها".

كما نقلت عن الفرقة السادسة مشاة قولها إن "الضربات المدفعية الثقيلة مستمرة بمعدل 4 حصص يوميا، بالتزامن مع حملات التمشيط والرمايات الدقيقة، مما أجبر عناصر المليشيا على الانسحاب الواسع من المدينة، بينما فر بعضهم سيرا على الأقدام نحو المناطق النائية".

بعيدا عن أجواء الحرب اجتمع نفر من أبناء دنقلا عاصمة الولاية الشمالية على إفطار رمضاني جماعي (الفرنسية) ضحايا الكوليرا

وخلال هجمات قوات الدعم السريع في الولاية في 16 فبراير/شباط الماضي، أصابت قوات الدعم السريع محطة توليد الطاقة في ربك، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وتعطيل محطات المياه.

وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود وفاة نحو من 100 شخص بسبب وباء الكوليرا في غضون أسبوعين منذ بدء تفشي الوباء المنقول بالمياه في ولاية النيل الأبيض.

وقالت المنظمة، الخميس الماضي، إن 2700 شخص أصيبوا بالمرض منذ 20 فبراير/شباط، كما لقي 92 آخرون حتفهم.

وقالت المنظمة إن أهالي المنطقة اضطروا إلى الاعتماد بشكل أساسي على المياه التي يتم الحصول عليها من عربات تجرها الحمير، لأن مضخات المياه لم تعد تعمل.

وقالت مارتا كازورلا، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في السودان "إن الهجمات على البنية التحتية الحيوية لها آثار ضارة طويلة الأمد على صحة المجتمعات الضعيفة".

إعلان

وبلغ تفشي الكوليرا في الولاية ذروته بين 20 و24 فبراير/شباط الماضي، عندما هرع المرضى وأسرهم إلى مستشفى كوستي التعليمي، مما أدى إلى إرهاق المنشأة بما يتجاوز قدرتها.

ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، كان معظم المرضى يعانون من الجفاف الشديد، وقدمت المنظمة 25 طنا من المواد اللوجستية مثل الأَسِرة والخيام إلى كوستي للمساعدة في استيعاب المزيد من مرضى الكوليرا.

كما استجابت وزارة الصحة بولاية النيل الأبيض لتفشي المرض من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة للمجتمع وحظر استخدام عربات الحمير لنقل المياه. كما أدار مسؤولو الصحة حملة تطعيم عندما بدأ تفشي المرض.

وقالت وزارة الصحة السودانية يوم الثلاثاء الماضي إن هناك 57 ألفا و135 حالة إصابة بالكوليرا، بما في ذلك 1506 حالات وفاة، في 12 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان.

وأعلنت وزارة الصحة رسميا تفشي الكوليرا في 12 أغسطس/آب من العام الماضي بعد الإبلاغ عن موجة جديدة من الحالات بدءًا من 22 يوليو/تموز من العام نفسه.

وانزلق السودان إلى الحرب منذ ما يقرب من عامين عندما تصاعدت التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وقتلت الحرب في السودان ما لا يقل عن 20 ألف شخص، كما دفعت الحرب أكثر من 14 مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، ودفعت أجزاء من البلاد إلى المجاعة، وتسببت في تفشي الأمراض.

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقتل وإصابة 30 مدنياً بقصف لقوات الدعم السريع استهدف مدينة إستراتيجية
  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
  • مناوي: قائد الدعم السريع هدد بإحراق الخرطوم قبل اندلاع الحرب
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • معتقلون يكشفون عن إعدامات وتعذيب على أيدي الدعم السريع السودانية
  • قوات الدعم السريع تقتل وتصيب 9 مدنيين في قصف على «الأبيض»
  • شاهد بالفيديو.. اللاعب علاء الدين طيارة ينبه جنود الدعم السريع لمواعيد تحرك الجيش والأوقات التي يكثف فيها هجماته في رمضان وساخرون: (انت بعد الحرب تنتهي مفروض يربطوك في سوخوي وتموت خلعة بس)
  • قوات الدعم السريع تقتل 23 سودانيًا أثناء محاولتهم الفرار شرق ولاية الجزيرة
  • الكشف عن مقبرة جماعية ومركز تعذيب في السودان.. واتهامات للدعم السريع
  • عودة 9 مصريين احتجزتهم قوات الدعم السريع بالسودان 19 شهرا