دبي (الاتحاد)
في إطار احتفائها بالفكر الأدبي العالمي، نظّمت مكتبة محمد بن راشد جلسة حوارية مميزة بعنوان «دوستويفسكي: المفكر والإنسان»، بمشاركة وحضور مجموعة من المتخصصين في الأدب والفكر الروسي والمهتمين بالثقافة الروسية والأدب العالمي، وذلك لتسليط الضوء على أفكار الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي وتأثيرها على الفكر الإنساني عبر العصور.



ركزت الجلسة، على استكشاف العلاقة بين حياة دوستويفسكي وأعماله الأدبية، وكيف شكلت تجاربه الشخصية، أفكاره وكتاباته وقيمه، والأحداث السياسية والاجتماعية في عصره، والأثر الكبير لتلك التجارب والأحداث في تشكيل شخصياته الروائية. كما ناقش الضيوف تأثير أفكار دوستويفسكي على الأدب العالمي والأعمال الأدبية والفلسفية التي تأثرت بشكل مباشر بتوجهاته الفكرية، وكيف استمر تأثيره عبر الزمن.

وتناولت الجلسة، الدور الذي لعبته أفكار دوستويفسكي في صياغة العديد من المفاهيم الفلسفية الكبرى التي لا تزال حاضرة في الأدب المعاصر. وشدد المتحدثون على أن موضوعات مثل الحرية، المعاناة، والوجود الإنساني التي طرحها الكاتب في روايات مثل «الأخوة كارامازوف» و«الجريمة والعقاب»، وصلتها بعصرنا الحالي، حيث لا تزال تثير الأسئلة حول العدالة، والذات، والقدرة على الاختيار.

وتطرق المتحدثون إلى تأثير أفكار دوستويفسكي على الأدب والفكر العالمي، ودوره كجزء من الظاهرة الثقافية العالمية التي ألهمت العديد من المبدعين والفلاسفة حول العالم. وأوضح المشاركون أن تأثيره ينعكس بوضوح في أعمال عدد كبير من الأدباء والفنانين الذين استلهموا منه تناول الأسئلة الإنسانية المعقدة التي عالجها في رواياته.

وفي ختام الجلسة، أكد المتحدثون أن أفكار دوستويفسكي تظل ركيزة أساسية لفهم الصراعات النفسية والفلسفية التي تواجه الإنسان عبر الأزمنة، وأن رواياته تُعد مرجعاً مهماً لفهم القضايا الوجودية المعقدة التي يمر بها الإنسان في العصر الحديث، متجاوزة حدود الحكاية لتقدم دراسة معمقة للطبيعة البشرية وصراعاتها الداخلية.

 

أخبار ذات صلة مكتبة محمد بن راشد تستعرض إصداراتها المعرفية في «الشارقة للكتاب» جمعية الإمارات للأورام تبث الأمل في نفوس مرضى سرطان الثدي

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مكتبة محمد بن راشد الفكر العربي

إقرأ أيضاً:

عميد الفكر النزواني

ولد عميد الفكر النزواني أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي، في بلدة العارض من كُدَم في بدايات القرن الرابع الهجري في حوالي سنة 305هـ . وحين أصبح في ريعان شبابه قرر السفر إلى نزوى لتقلي العلم من علمائها، حيث اشتهرت نزوى دائما بكثرة العلماء وطلبة العلم فيها وما زال هذا حالها إلى يومنا هذا، فجلس الكدمي في مجلس الشيخ محمد بن روح بن عربي الكندي، والشيخ رِمشقي بن راشد ومحمد بن الحسن، والشيخ عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر الخروصي لينال نصيبا من علمهم ويستمع لهم، ويحفر في ذاكرته حروف كلماتهم.

كان الكُدَمي مجدًا في طلب العلم وحريصا عليه. هذا الحرص جعل منه شخصية علمية غزيرة العلم والمعرفة . عاصر الكدمي ثلاثة من الأئمة: الإمام سعيد بن عبدالله الرُحيلي، والإمام راشد بن الوليد، والإمام حفص بن راشد، وفي فترة إمامة الإمام سعيد بن عبدالله نال محمد بن سعيد الكُدمي حظوة لدى الإمام لأمانته وإخلاصه في عمله، فعينه الإمام أمينًا على المحبوسين، وكتب الكدمي يصف الإمام سعيد على لسان معلمه أبي إبراهيم محمد بن أبي بكر الأزكوي قال: «الإمام سعيد بن عبدالله أفضل من الإمام الجلندى بن مسعود نظرا لكونه إماما عادلا صحيح الإمامة من أهل الاستقامة يفوق أهل زمانه أو كثيرا منهم في العلم ومع ذلك قتل شهيدا».

وكانت له منزلة كبيرة أيضا لدى الإمام راشد بن الوليد وكان مقربا منه، والكدمي يذكر الإمام راشد بقوله: «كان رحمه الله لرعيته هينا رفيقا بآرائهم، شفيقا غضيضا عن عورتاهم، مقيلا لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم، قريب الرضا عن محسنهم». وفي عهد الإمام حفص بن راشد كان الشيخ محمد بن سعيد هو المرجع الديني لعمان قاطبة، وتولى الجانب الديني والفقهي في حكومة الإمام.

كتب الشيخ محمد بن سعيد عددًا من المؤلفات التي لا تزال تعد مصدرا مهما في دراسة الفكر الديني في عمان ومن هذه المؤلفات كتاب الاستقامة، ولخص هذا الكتاب علي بن محمد المنذري في كتاب نهج الحقائق، وللكدمي كتاب «المعتبر» والذي يقع في تسعة أجزاء، وهو شرح لجامع ابن جعفر ولم يتبق من هذا الكتاب القيم سوى جزأين، وكتاب «زيادات الأشراف»، وعلق الشيخ الكدمي في هذا الكتاب على كتاب «الإشراف على مذاهب أهل العلم» لمؤلفه محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري. وذكر البرادي أن للكدمي كتابًا بعنوان «المقطعات»، وله عدد من الرسائل والمكاتبات وردت في بيان الشرع، وعدد من القصائد والمنظومات حول قضية عزل الإمام الصلت بن مالك، وله جوابات جمعها سرحان بن سعيد أمبوعلي الأزكوي في كتاب أسماه «الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد».

ويعد كتاب «الاستقامة» من أهم أعمال الشيخ أبي سعيد الكدمي، ويقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، يتناول موضوع الولاية والبراءة كمحور رئيسي له، وتميز في طرحه بأنه تناول الجانب المعتدل والمتسامح وابتعد عن التطرف في إطلاق الأحكام، ومن أبرز الأسباب التي دفعت الكدمي إلى كتابة كتاب «الاستقامة» هو رغبته في شرح وجهة نظره حول موضوع الخلاف الشاغل بين العلماء في تلك الفترة وهي قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فحدث خلاف بينه وبين الشيخ ابن بركة، حيث كان ابن بركة وهو من أبرز علماء عصره وعميد للفكر الرستاقي الذي كان يرى ضرورة البراءة من راشد بن النظر وموسى بن موسى، وطلب ابن بركة من جميع طلابه أن ينهجوا نهجه، فضيق على الناس بطلبه هذا. فقرر الكدمي -والذي عرف بتوجهاته التي تميل دائما إلى الوسطية- أن يكتب كتابا يوضح فيه موقفه من قضية راشد بن النظر وموسى بن موسى، فكتب «الاستقامة» ووضح في كتابه هذا أن هذه الحادثة قديمة وأنهم في هذا الجيل لم يشهدوا الأحداث حتى يطلقوا الأحكام، لذا وجب الوقوف في مثل هذه الأمور، وعدم البراءة من أي شخص ممن عاصر قضية عزل الإمام الصلت. لاقى كتاب «الاستقامة» الذي تميز بعمق الطرح وينم عن غزارة العلم، استحسان الكثير من علماء عصره؛ وبذلك تأسس فكر مختلف عن الفكر الرستاقي عرف بالفكر النزواني الذي تولى ريادته الشيخ محمد الكدمي.

جاء الجزء الأول من الكتاب في أسس وقواعد الولاية والبراءة، والجزء الثاني في أحكام الولاية والبراءة، أما الجزء الثالث، فحول تطبيقات الولاية والبراءة.

استفاد من جاء بعده من العلماء من كتاب «الاستقامة»، فصاحب بيان الشرع نقل من الاستقامة كل ما يخص موضوع الولاية والبراءة، وكتب الشيخ ناصر بن خميس الحمراشدي يصف كتاب «الاستقامة»:

كتاب الاستقامة ليس يلقى له في الكتب شبه أو نظير

حوى علم الشريعة فاستقامت على قطب استقامته تدور

عليك به حياتك فاتخذه شعارك فهو برهان ونور

واشتهر عن أبي سعيد عدد من العبارات التي لا تزال تتداول إلى اليوم، ومن أشهر هذه العبارات (من تشجع بعلمه كمن تورع به)، وله أيضا عبارة (الأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق).

قرر الشيخ سعيد في آخر أيامه العودة إلى موطنه العارض، وهناك بنى فيها مسجدا ليعلم طلبة العلم فيه ويكون ذكرى باقيا عنه، وظل في العارض إلى أن انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعلم في طلبه وفي نقله للأجيال اللاحقة. وظل الشيخ الكدمي معلما لمن جاء بعده من خلال مؤلفاته التي كانت تحمل بعدا فكريا عميقا، ويقول عنه الشيخ أبو نبهان الخروصي : «وكفى بأبي سعيد -رحمه الله- حجة ودليلا لمن أراد أن يتخذ الحق لنفسه سبيلا؛ لأنه أعلم من نعلم من الأحبار وآثاره أصح الآثار».

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد: مستقبلنا مرهون باهتمامنا بالإمكانيات العظيمة التي يحملها كل طفل في بلادنا
  • القمر الاصطناعي اتحاد سات ينطلق إلى الفضاء
  • حوار يناقش دور الأسرة في بناء المجتمعات
  • رحاب الجمل تشوق جمهورها ببوستر مسلسل عايشة الدور
  • الاثنين.. أمسية غنائية وإنشاد ديني في مكتبة القاهرة الكبرى
  • عميد الفكر النزواني
  • مركز محمد بن راشد للفضاء يستعد لإطلاق اتحاد سات غدًا
  • الرؤية الروسية للفكر الاجتماعي والاشتراكية في أدب دوستويفسكي.. قراءة في كتاب
  • حامد بن زايد يشهد الجلسة الرمضانية الثانية لمجلس محمد بن زايد
  • «هنكد على مين».. رحاب الجمل تمازح أبطال مسلسل أشغال شقة جدا