فتح فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الباب أمام تكهنات بأن يتمكن الرئيس القادم من فرض تسوية وشيكة تُنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في ظل العلاقة الخاصة التي تجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ومع ذلك، يشكك الخبير في العلاقات الدولية ورئيس المركز الدولي لمكافحة الجريمة والإرهاب، إينيس كاراخانوف، في حوار له مع موقع "نيوز ري" الروسي، في أن ينحاز ساكن البيت الأبيض الجديد إلى موسكو.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحفي فرنسي: حان الوقت لخروج أوروبا من الغيبوبة ومواجهة ما يحدث بغزةlist 2 of 2هآرتس: 5 أفعال تعد جريمة إبادة جماعية فهل تنطبق على إسرائيل؟end of list

واعتبر كاراخانوف أن ترامب -على عكس الدولة العميقة التي تعتبر روسيا تهديدًا وخصمًا إستراتيجيا- يرى في موسكو شريكًا يمكن استخدامه في المواجهة الجيوستراتيجية مع الصين.

إنذارات لأوكرانيا وروسيا

وتنبأ كاراخانوف بأن تنطلق مفاوضات جديدة مع روسيا، معتبرا أن اتصالات واشنطن مع كييف وموسكو ستتخذ شكل "إنذارات متوازية".

ويقول كاراخانوف "يتلخص هدف ترامب في تفكيك تحالف روسيا مع الصين، باعتبارها أكبر تهديد للولايات المتحدة. ولتحقيق ذلك، يحتاج ترامب إلى إبقاء أوكرانيا ضمن نفوذه وتحسين العلاقات مع موسكو في الوقت ذاته. ومن المرجح أن يفرض ترامب شرطا على كييف يُلزمها بالموافقة على التفاوض والوصول إلى تسوية سلمية، أو وقف الولايات المتحدة الدعم العسكري والمالي بالكامل".

ويضيف كاراخانوف أن كييف ستكون حينئذ أمام خيارين، إما البحث عن حل وسط مع موسكو، أو المخاطرة ومواصلة الأعمال العدائية دون دعم الولايات المتحدة.

ورجح الخبير الروسي إمكانية أن يقدم ترامب تنازلات إستراتيجية لروسيا تتمثل في رفع بعض العقوبات الاقتصادية واستعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية جزئيا، والوصول المحدود إلى التكنولوجيا الأميركية، مقابل الحد من علاقاتها مع بكين، ومن ذلك دعم مبادرات الصين الدولية والتعاون العسكري.

وتابع "إن لم تتنازل موسكو، سوف يقدم ترامب عرضا آخر، يتمثل في تسليم الولايات المتحدة كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الدقيقة، وربما الطائرات، وهو ما من شأنه مساعدة القوات المسلحة الأوكرانية على التصدي للجيش الروسي بشكل فعال".

وحسب رأيه، فإن مثل هذا السيناريو يهدد بتصعيد حاد للصراع وإضعاف موقف روسيا. وأضاف "في الحالتين، ستكون الولايات المتحدة قادرة على تحقيق مصالحها.. إما أن توافق موسكو على القيود (في علاقتها مع الصين) من أجل تعزيز العلاقات (مع الولايات المتحدة)، أو أن تتصدى لزيادة الدعم الأميركي بشكل كبير لأوكرانيا".

ورجح كاراخانوف أن تكون المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا في ظل حكم ترامب طويلة المدى للتوصل إلى حلول وسط، وأن يحاول ترامب زيادة الضغط على روسيا عبر وسائل الإعلام والقنوات الدبلوماسية.

وشدد الخبير على أنه "من المهم لإدارة الرئيس الأميركي الجديد أن تتمسك بمبادرة لحفظ السلام من أجل طمأنة المعارضة الداخلية والحلفاء في الناتو الذين قد يشعرون بالقلق بشأن التغييرات المفاجئة المحتملة في السياسة الأميركية".

ماذا لو قدمت روسيا تنازلات للولايات المتحدة؟

ورجح كاراخانوف أن تطلب واشنطن مزيدا من التنازلات من روسيا في حال وافقت موسكو على مبادرة ترامب بتقليص التعاون مع الصين، إذ سيزيد ترامب تدريجيا من الضغوط الاقتصادية على موسكو ويطالبها بإجراءات جديدة للحد من مبادلاتها التجارية مع بكين مقابل الحصول على مزايا إضافية.

وأضاف موضحا "موافقة روسيا على الرضوخ لجزء من المطالب، وخاصة الحد من العلاقات مع الصين، قد يترتب عليها زيادة النفوذ الأميركي ومن ثم المطالبة بتقديم تنازلات إضافية في المستقبل. ومن المتوقع أن يزيد ترامب الضغوط الاقتصادية بحذر، ويقدم مزايا جديدة لإضعاف العلاقات بين موسكو وبكين. كذلك سيحاول ترامب استغلال هذه الفجوة الإستراتيجية لتحويل روسيا إلى حليف خاضع للسيطرة في مواجهته مع الصين".

وأشار كاراخانوف إلى أن تدهور العلاقات مع بكين قد يجعل موسكو تخسر السوق الصينية وتعاني من نقص في الإمدادات التكنولوجية، وذلك سيفضي إلى إضعاف اقتصادها. كما أن غياب حليف إستراتيجي في الشرق يضع روسيا بمفردها في مواجهة النفوذ المتنامي للولايات المتحدة وحلفائها، حسب تعبيره.

ماذا سيحدث لأوكرانيا إذ توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق؟

يستبعد كاراخانوف إمكانية أن تقدم روسيا تنازلات للولايات المتحدة بشأن الملف الأوكراني رغم كل الحوافز التي قد يقدمها ترامب، لكنه يرى أن مصير القيادة الأوكرانية بعد المفاوضات المنتظرة بين واشنطن وموسكو يشوبه الغموض، مهما كانت نتائج تلك المفاوضات.

ويرى كاراخانوف في هذا السياق أن "ترامب قد يزيد الضغط على كييف ويطالبها بالوصول إلى اتفاق سلام مع روسيا. وفي هذه الحالة، فإن تقسيم أوكرانيا أمر مستبعد، ومن غير المرجح أن تسيطر المجر وبولندا ورومانيا على مناطق في أوكرانيا بسبب المعارضة الشديدة من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وقد تحتفظ أوكرانيا بمعظم الأراضي غير الخاضعة لسيطرة موسكو، وتشكل منطقة عازلة بين روسيا والغرب"، حسب قوله.

كاراخانوف: واشنطن قد تمد يدها لموسكو مقابل تقليص روسيا علاقاتها مع الصين (رويترز) ما تأثير علاقة بوتين وترامب على المفاوضات؟

يرجح كاراخانوف أن تلعب العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين دورًا مهمًّا في المفاوضات بين البلدين، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي الجديد سيستخدم أسلوب التعاطف لإخضاع موسكو لواشنطن.

ويضيف الخبير الروسي "يعتقد ترامب أن وجود عامل الثقة بين القادة كفيل بإزالة الحواجز الشكلية والمساعدة في التوصل إلى تسويات. ويُعرف ترامب باعتباره رجل صفقات، ويعتقد أنه من خلال التحدث مباشرة مع بوتين يمكن الوصول إلى حلول وسط مقبولة للطرفين. ولهذا السبب قد يستخدم المفاوضات الشخصية وسيلة لتجاوز الخلافات، متجاوزًا القنوات الدبلوماسية الرسمية التي تتخذ تقليديا موقفًا أشد صرامة".

وحسب رأيه، لا يمكن وصف ترامب بأنه موال لروسيا وأنه لا يخدم المصالح الأميركية، لأن روسيا تمثل له طرفا محوريا في المواجهة مع الصين. ولذلك فإن اهتمامه بتحسين العلاقات مع روسيا ينطلق من اعتبارات إستراتيجية، ولا يُعزى إلى تعاطفه مع روسيا.

وتابع قائلا إن "هدف ترامب لا يتمثل في إضعاف روسيا بل في تقليص نفوذها بما يجعلها تعتمد على الولايات المتحدة في القضايا التي تخدم مصالح إدارته. ترامب ليس كارهًا للروس، مثلما هو الحال لجزء من المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، لكنه أيضًا لا يرى روسيا حليفًا حقيقيا، وهي بنظره مجرد أداة يمكن استخدامها في لعبة جيوسياسية كبيرة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات للولایات المتحدة الولایات المتحدة العلاقات مع مع الصین مع روسیا

إقرأ أيضاً:

حادث تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية ومستقبل العلاقات بين موسكو وباكو

موسكو- توتر غير مسبوق باتت تشهده العلاقات بين موسكو وباكو بعد حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية في أكتاو بكازاخستان، اتهمت أذربيجان الجانب الروسي بالمسؤولية عنه.

وبدأت القصة عندما كانت طائرة مدنية أذربيجانية في طريقها من باكو إلى غروزني، عاصمة الشيشان، قبل أن تسبب انفجارات في الهواء في إتلاف المقصورة وفقدان الطيارين جميع قدرات التوجيه والملاحة الإلكترونية.

ووفقا لما نقلته وسائل إعلامية أذربيجانية عن مصادر وصفتها بالقريبة من التحقيقات، تظهر النتائج الأولية أن الطائرة أصيبت بنظام دفاع جوي روسي من طراز "بانتسير-إس" ثم شُلت اتصالاتها بواسطة أنظمة الحرب الإلكترونية عند الاقتراب من غروزني.

وتتابع المصادر نفسها أنه بعد تعرض الطائرة للإصابة، رفضت السلطات منحها الإذن بالهبوط اضطراريا في غروزني (على بعد 2.5 كيلومتر من مكان وقوع الحادث) ومطارين روسيين آخرين على الأقل في شمال القوقاز (محج قلعة- على بعد 155 كيلومترا، ومينيرالني فودي- على بعد 225 كيلومترا)، قبل أن يوجهها مركز المراقبة الجوية المحلي إلى التحليق نحو بحر قزوين.

خلال ذلك، حاول الطيارون الهبوط في أكتاو (على بعد 435 كيلومترا من نقطة الانفجار). وعلى الرغم من كل الصعوبات، نجحوا في تجنب الحاجة إلى إنزال الطائرة في البحر، وهو ما كان ليؤدي إلى تحطمها بشكل كامل ومقتل كل من كانوا على متنها، الأمر الذي قد يجعل أي تحقيق فيما حدث مستحيلا، وفق خبراء في حوادث الطيران.

إعلان

ووفقا للسلطات الكازاخستانية، تم إنقاذ 32 ناجيا من أصل 62 راكبا و5 من أفراد الطاقم.

وتسبب الحادث بأزمة مفاجئة بين البلدين بعد أن أطلق الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، تصريحات عالية النبرة ضد الجهات الروسية مطالبا إياها بالاعتراف بالمسؤولية وتقديم الاعتذار.

وبعد 3 أيام من الحادث، كسر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن جدار الصمت، وفي محادثة هاتفية مع نظيره الأذربيجاني اعتذر عن حصول الحادث في المجال الجوي الروسي، دون الاعتراف مباشرة بمسؤولية روسيا، موضحا أن الطائرة أصيبت أثناء تصدي الدفاعات الجوية الروسية لمسيّرات أوكرانية.

سحابة صيف

ويرى محلل شؤون القوقاز، أينور كرمانوف، أنه من غير الواضح ما إذا كانت تصريحات علييف القوية تجاه الكرملين تشير إلى تدهور العلاقات بين البلدين، أو أنها تهدف إلى إرضاء الجمهور المحلي.

وفي حديث للجزيرة نت، يشير إلى أن علييف اتخذ موقفا قويا من روسيا لأنه يعتبر أنه نفسه تقبل المسؤولية وعرض التعويض عندما أسقط الجيش الأذربيجاني عن طريق الخطأ مروحية عسكرية روسية في عام 2020، مما أسفر عن مقتل اثنين من ركابها، وأن أذربيجان تتوقع الآن إجراءات مماثلة من موسكو.

وأوضح أن علييف حرص على التأكيد أن الطائرة أصيبت بالخطأ للإبقاء على "خط الرجعة" مع موسكو، لكن انتقاداته الحادة جاءت بسبب ما اعتبرها استجابة متأخرة من الجانب الروسي.

ويتابع المحلل نفسه أن روسيا على الأرجح ستذهب إلى نزع فتيل التوتر المتصاعد مع أذربيجان من خلال إبرام صفقة توفر عليها التكلفة السياسية المترتبة على تحمل المسؤولية عن الحادث، لكنه يتوقع بأن يؤدي ذلك إلى حالة استياء طويلة الأمد ضد روسيا بين عامة الناس في أذربيجان.

مسار تصادمي

في المقابل، يعتبر محلل الشؤون الدولية، دميتري كيم، أن علييف دفع الأمور إلى نقطة قد يكون من الصعب عليه أن يستسلم فيها دون أن يتسبب بقدر من الإحراج لنفسه أو لروسيا، وأن ردود فعله تهدد ليس فقط بإفساد العلاقة الشخصية القوية مع الرئيس بوتين، بل العلاقات الأذربيجانية الروسية برمتها.

إعلان

ويوضح للجزيرة نت أنه وإن كانت باكو اتخذت موقفا محايدا بشأن الحرب في أوكرانيا، فإن ذلك جاء من أجل الاستفادة من التجارة المتنامية مع روسيا، وفي الوقت ذاته عملت على تشتيت انتباه موسكو الجيوسياسي لتحقيق المصالح الأذربيجانية في القوقاز.

وبرأيه، فإن الرئيس الأذربيجاني بات لديه حافز كبير لاستغلال حادثة الطائرة لتعزيز حضور بلاده الجيوسياسي في جنوب القوقاز، التي تعد عقدة رئيسية فيما يسمى بالممر الشمالي الجنوبي، الذي تقول مصادر غربية أنه يساعد روسيا في التهرب من العقوبات والحفاظ على جهودها الحربية في أوكرانيا.

ووفقا له، فإن باكو تريد كذلك أن تظهر أنها لا تخشى مواجهة موسكو.

ويذكر المتحدث ذاته بما حصل الخريف الماضي عندما تجاهلت أذربيجان مخاوف الكرملين من الاتفاق مع أرمينيا على استبعاد روسيا من لعب دور حفظ السلام كجزء من أي اتفاق سلام بين البلدين.

ويشدد على أن رهان باكو على تسريع تدهور نفوذ موسكو في منطقة جنوب القوقاز يأتي من حقيقة أن ذلك لا يهم فقط بعض بلدان المنطقة، بل جهات دولية لها مصالح إستراتيجية في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، فضلا عن الأطراف المهتمة بدورها ومكانتها المستقبلية في الاصطفاف الدولي الذي سيأخذ شكلا جديدا مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم.

ويضيف أن أذربيجان باتت على أعتاب اكتساب تعاطف دولي ونفوذ أكبر من خلال تقديم نفسها كضحية "للإهمال الروسي" في محاولة لإمالة ميزان القوى لصالح تركيا والغرب، في مقابل تآكل قدرة روسيا على العمل كطرف مهيمن في المنطقة.

ويحذر المتحدث من أنه بمرور الوقت، قد يؤدي هذا إلى إعادة تعريف جنوب القوقاز، ليس كمجال نفوذ روسي، بل مساحة تنازع ومنافسة بين قوى متعددة.

ويختم أن الحادث يوفر لأذربيجان فرصة تأكيد سيادتها وإعادة تشكيل مسار سياستها الخارجية بطريقة تعزز من قبضتها على جنوب القوقاز، مستفيدة من موقعها الجغرافي الإستراتيجي عند مفترق طرق ممرات النقل بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، والتنمية المطردة لاقتصادها غير النفطي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • إعلام روسي: بوتين قد يلتقي ترامب في شهر مارس المقبل
  • بعد اعتذار بوتين عن تحطم الطائرة الآذرية: هل تكشف الصور تورط روسيا؟
  • فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • رئيسة الهندوراس تقترح إنهاء التعاون العسكري مع الولايات المتحدة بسبب تهديد ترامب بالترحيل الجماعي
  • ترامب: بايدن أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة
  • زيلينسكي: الرئيس الأمريكي المنتخب قادر على وقف بوتين
  • زيلينسكي: ترامب يستطيع وقف بوتين وحسم الحرب
  • ترامب: فترة بايدن الرئاسية كانت كارثة بالمطلق على الولايات المتحدة
  • موسكو: روسيا ليست مسئولة عن وقف ضخ إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا
  • حادث تحطم طائرة الركاب الأذربيجانية ومستقبل العلاقات بين موسكو وباكو