هل يستغل ترامب علاقته مع بوتين لإبعاد روسيا عن الصين؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
فتح فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الباب أمام تكهنات بأن يتمكن الرئيس القادم من فرض تسوية وشيكة تُنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في ظل العلاقة الخاصة التي تجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك، يشكك الخبير في العلاقات الدولية ورئيس المركز الدولي لمكافحة الجريمة والإرهاب، إينيس كاراخانوف، في حوار له مع موقع "نيوز ري" الروسي، في أن ينحاز ساكن البيت الأبيض الجديد إلى موسكو.
واعتبر كاراخانوف أن ترامب -على عكس الدولة العميقة التي تعتبر روسيا تهديدًا وخصمًا إستراتيجيا- يرى في موسكو شريكًا يمكن استخدامه في المواجهة الجيوستراتيجية مع الصين.
إنذارات لأوكرانيا وروسياوتنبأ كاراخانوف بأن تنطلق مفاوضات جديدة مع روسيا، معتبرا أن اتصالات واشنطن مع كييف وموسكو ستتخذ شكل "إنذارات متوازية".
ويقول كاراخانوف "يتلخص هدف ترامب في تفكيك تحالف روسيا مع الصين، باعتبارها أكبر تهديد للولايات المتحدة. ولتحقيق ذلك، يحتاج ترامب إلى إبقاء أوكرانيا ضمن نفوذه وتحسين العلاقات مع موسكو في الوقت ذاته. ومن المرجح أن يفرض ترامب شرطا على كييف يُلزمها بالموافقة على التفاوض والوصول إلى تسوية سلمية، أو وقف الولايات المتحدة الدعم العسكري والمالي بالكامل".
ويضيف كاراخانوف أن كييف ستكون حينئذ أمام خيارين، إما البحث عن حل وسط مع موسكو، أو المخاطرة ومواصلة الأعمال العدائية دون دعم الولايات المتحدة.
ورجح الخبير الروسي إمكانية أن يقدم ترامب تنازلات إستراتيجية لروسيا تتمثل في رفع بعض العقوبات الاقتصادية واستعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية جزئيا، والوصول المحدود إلى التكنولوجيا الأميركية، مقابل الحد من علاقاتها مع بكين، ومن ذلك دعم مبادرات الصين الدولية والتعاون العسكري.
وتابع "إن لم تتنازل موسكو، سوف يقدم ترامب عرضا آخر، يتمثل في تسليم الولايات المتحدة كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الدقيقة، وربما الطائرات، وهو ما من شأنه مساعدة القوات المسلحة الأوكرانية على التصدي للجيش الروسي بشكل فعال".
وحسب رأيه، فإن مثل هذا السيناريو يهدد بتصعيد حاد للصراع وإضعاف موقف روسيا. وأضاف "في الحالتين، ستكون الولايات المتحدة قادرة على تحقيق مصالحها.. إما أن توافق موسكو على القيود (في علاقتها مع الصين) من أجل تعزيز العلاقات (مع الولايات المتحدة)، أو أن تتصدى لزيادة الدعم الأميركي بشكل كبير لأوكرانيا".
ورجح كاراخانوف أن تكون المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا في ظل حكم ترامب طويلة المدى للتوصل إلى حلول وسط، وأن يحاول ترامب زيادة الضغط على روسيا عبر وسائل الإعلام والقنوات الدبلوماسية.
وشدد الخبير على أنه "من المهم لإدارة الرئيس الأميركي الجديد أن تتمسك بمبادرة لحفظ السلام من أجل طمأنة المعارضة الداخلية والحلفاء في الناتو الذين قد يشعرون بالقلق بشأن التغييرات المفاجئة المحتملة في السياسة الأميركية".
ماذا لو قدمت روسيا تنازلات للولايات المتحدة؟
ورجح كاراخانوف أن تطلب واشنطن مزيدا من التنازلات من روسيا في حال وافقت موسكو على مبادرة ترامب بتقليص التعاون مع الصين، إذ سيزيد ترامب تدريجيا من الضغوط الاقتصادية على موسكو ويطالبها بإجراءات جديدة للحد من مبادلاتها التجارية مع بكين مقابل الحصول على مزايا إضافية.
وأضاف موضحا "موافقة روسيا على الرضوخ لجزء من المطالب، وخاصة الحد من العلاقات مع الصين، قد يترتب عليها زيادة النفوذ الأميركي ومن ثم المطالبة بتقديم تنازلات إضافية في المستقبل. ومن المتوقع أن يزيد ترامب الضغوط الاقتصادية بحذر، ويقدم مزايا جديدة لإضعاف العلاقات بين موسكو وبكين. كذلك سيحاول ترامب استغلال هذه الفجوة الإستراتيجية لتحويل روسيا إلى حليف خاضع للسيطرة في مواجهته مع الصين".
وأشار كاراخانوف إلى أن تدهور العلاقات مع بكين قد يجعل موسكو تخسر السوق الصينية وتعاني من نقص في الإمدادات التكنولوجية، وذلك سيفضي إلى إضعاف اقتصادها. كما أن غياب حليف إستراتيجي في الشرق يضع روسيا بمفردها في مواجهة النفوذ المتنامي للولايات المتحدة وحلفائها، حسب تعبيره.
ماذا سيحدث لأوكرانيا إذ توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق؟
يستبعد كاراخانوف إمكانية أن تقدم روسيا تنازلات للولايات المتحدة بشأن الملف الأوكراني رغم كل الحوافز التي قد يقدمها ترامب، لكنه يرى أن مصير القيادة الأوكرانية بعد المفاوضات المنتظرة بين واشنطن وموسكو يشوبه الغموض، مهما كانت نتائج تلك المفاوضات.
ويرى كاراخانوف في هذا السياق أن "ترامب قد يزيد الضغط على كييف ويطالبها بالوصول إلى اتفاق سلام مع روسيا. وفي هذه الحالة، فإن تقسيم أوكرانيا أمر مستبعد، ومن غير المرجح أن تسيطر المجر وبولندا ورومانيا على مناطق في أوكرانيا بسبب المعارضة الشديدة من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وقد تحتفظ أوكرانيا بمعظم الأراضي غير الخاضعة لسيطرة موسكو، وتشكل منطقة عازلة بين روسيا والغرب"، حسب قوله.
يرجح كاراخانوف أن تلعب العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين دورًا مهمًّا في المفاوضات بين البلدين، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي الجديد سيستخدم أسلوب التعاطف لإخضاع موسكو لواشنطن.
ويضيف الخبير الروسي "يعتقد ترامب أن وجود عامل الثقة بين القادة كفيل بإزالة الحواجز الشكلية والمساعدة في التوصل إلى تسويات. ويُعرف ترامب باعتباره رجل صفقات، ويعتقد أنه من خلال التحدث مباشرة مع بوتين يمكن الوصول إلى حلول وسط مقبولة للطرفين. ولهذا السبب قد يستخدم المفاوضات الشخصية وسيلة لتجاوز الخلافات، متجاوزًا القنوات الدبلوماسية الرسمية التي تتخذ تقليديا موقفًا أشد صرامة".
وحسب رأيه، لا يمكن وصف ترامب بأنه موال لروسيا وأنه لا يخدم المصالح الأميركية، لأن روسيا تمثل له طرفا محوريا في المواجهة مع الصين. ولذلك فإن اهتمامه بتحسين العلاقات مع روسيا ينطلق من اعتبارات إستراتيجية، ولا يُعزى إلى تعاطفه مع روسيا.
وتابع قائلا إن "هدف ترامب لا يتمثل في إضعاف روسيا بل في تقليص نفوذها بما يجعلها تعتمد على الولايات المتحدة في القضايا التي تخدم مصالح إدارته. ترامب ليس كارهًا للروس، مثلما هو الحال لجزء من المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، لكنه أيضًا لا يرى روسيا حليفًا حقيقيا، وهي بنظره مجرد أداة يمكن استخدامها في لعبة جيوسياسية كبيرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات للولایات المتحدة الولایات المتحدة العلاقات مع مع الصین مع روسیا
إقرأ أيضاً:
السعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامب
قال مصدران روسيان مطلعان لشبكة "رويترز"، إن روسيا تعتبر السعودية والإمارات العربية المتحدة من الخيارات المحتملة لاستضافة قمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وفي تصريح له، أبدى ترامب استعداده للقاء بوتين، مؤكدًا عزمه على إنهاء الحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.
وهنأ بوتين ترامب، مؤكدا استعداده للقائه لمناقشة الحرب في أوكرانيا وقضايا الطاقة.
وفي الوقت نفسه، نفى المسؤولون الروس بشكل متكرر أي اتصالات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن التحضير لمكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين، والتي من المتوقع أن تسبق اجتماعا مباشرا بينهما في وقت لاحق من هذا العام.
ومع ذلك، زار مسؤولون روس كبار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الأسابيع الأخيرة، وفقا للمصادر الروسية، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية الموقف.
وقال أحد هذه المصادر، إن هناك بعض المعارضة للفكرة في روسيا حيث أشار بعض الدبلوماسيين ومسؤولي المخابرات إلى الروابط العسكرية والأمنية الوثيقة التي تربط المملكة والإمارات العربية المتحدة بالولايات المتحدة.
ولم ترد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على طلبات التعليق. هذا ورفض الكرملين التعليق أيضا. إلا أن كلا من ترامب وبوتين طورا علاقات ودية مع حكام الرياض وأبو ظبي.
وقال ترامب يوم الأحد، إن إدارته لديها "اجتماعات ومحادثات مجدولة مع أطراف مختلفة، بما في ذلك أوكرانيا وروسيا".
وعندما سئل عن هذه التصريحات، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الاتصالات "مخطط لها على ما يبدو".
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أول رئيس دولة أجنبي يتصل به ترامب بعد توليه منصبه. ووصف ولي العهد بأنه "رجل رائع" خلال كلمة ألقاها عبر خاصية الفيديو لجمهور في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وقال بوتين، الذي زار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في عام 2023، في سبتمبر الماضي إنه ممتن لمحمد بن سلمان لمساعدته في تنظيم أكبر عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الحرب الباردة.
لقد عزز بوتين ومحمد بن سلمان، المعروف أيضا باسم MbS، علاقة شخصية وثيقة منذ عام 2015 عندما زار الأمير روسيا لأول مرة.
Relatedأوكرانيا تستعد للقاء بين ترامب وزيلينسكي وسط ترتيبات أمريكية لقمة مع بوتينترامب: "بوتين لا يُبلي بلاءً حسنًا".. الرئيس يهدد زعيم الكرملين بالعقوبات ويمازحه "علينا أن ننجز!"اتصال بين بوتين وشي بعد ساعات من تنصيب ترامب.. تفاصيل المحادثة وأبرز ما جاء فيهابوتين ومحمد بن سلمانساعدت العلاقة زعماء أكبر دولتين مصدرتين للنفط في العالم على إبرام والحفاظ على صفقة الطاقة أوبك +.
ودعا ترامب السعودية وأوبك إلى خفض أسعار النفط، وهي ورقة مساومة محتملة لروسيا في المحادثات.
ولقد حافظ كل من محمد بن سلمان ورئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان على الحياد طوال حرب أوكرانيا، وامتنعا عن الانضمام إلى الغرب في انتقاد روسيا وفرض عقوبات عليها.
كما حافظ الزعيمان على اتصالات منتظمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
هذا وزار محمد بن زايد آل نهيان روسيا عدة مرات خلال الحرب، وقال خلال زيارته الأخيرة في أكتوبر 2024 إنه مستعد لدعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل وتحقيق السلام في أوكرانيا. كما نجحت الإمارات في التوسط في تبادل الأسرى.
ولا تعتبر أي من الدولتين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين، مما منعه من زيارة عدد من الدول، بما في ذلك البرازيل وجنوب إفريقيا.
وفي المرحلة الحالية، استبعدت المصادر الروسية تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي الذي استضافت محادثات سلام فاشلة بين روسيا وأوكرانيا في مارس 2022، كمكان محتمل.
وقال فيودور لوكيانوف، المحلل المقرب من الكرملين، إن ترامب وبوتين ليس لديهما الكثير من الخيارات.
ونقلت وكالة "تاس" الرسمية للأنباء عنه قوله "إن الغرب بأكمله تقريبا متورط إلى جانب أوكرانيا. وبالتالي فإن جميع الأماكن التقليدية التي كانت تجري فيها مثل هذه الأمور، مثل هلسنكي وجنيف وفيينا، ليست مناسبة".
وأشار لوكيانوف إلى أنه في حين تلعب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دورا مهما للغاية، فإن كلتيهما حليفتان وثيقتان للولايات المتحدة، وهو ما يثير بعض التساؤلات من الجانب الروسي.
وأضاف "ومع ذلك، كمكان للمفاوضات، فمن المحتمل أن يكون ذلك ممكنا تماما". ورفض لوكيانوف التعليق لرويترز على هذه القصة.
المصادر الإضافية • رويترز
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية زيلينسكي: نريد أن يقف ترامب إلى جانب العدالة.. إلى جانب أوكرانيا.. وبوتين لا يخاف من أوروبا تكنولوجيا روسية متقدمة.. بوتين يزور مركز إنتاج الطائرات المسيرة في سمارا ترامب: لا أسعى لإيذاء روسيا وأحب الشعب الروسي وعلى بوتين إيقاف "الحرب السخيفة" فلاديمير بوتيندونالد ترامبروسياالسعوديةالإمارات العربية المتحدةالحرب في أوكرانيا