الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :

بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والناسُ يَعيشون في جاهليةٍ عمياء، يعبدون الأصنام من دون الله، ويُئدِون البنات_

كان الواحد منهم يدفن إبنته في التراب وهي حية خشية العار كما أخبر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ويسفكون الدماء، ويُقيمون العداوات لفترات طوال من أجل نيل ثأثر، ويأكلُ القويُ منهم الضَعيف، والتمييز عندهم بالقَبِيلة والعَشيرة لأجلها تكون مكانتك، و لأجلها تأخذُ حقك، و لأجلها تُرفع أو تُخفض، فبعث الله فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وجعلهم إخوة متحابين يجمعهم الدين وحب الوطن، وجعل التفاضل بين الناس بالإيمان والتقوى فأنزل الله عليه قوله( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات13.


وقوله:(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) هي التي جمعت بين صُهيب الرومي وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي ، وأبي بكر العربي، تحت راية واحدة وهي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وفي مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم وهو يودع أمته(يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ»؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
فحذر النبيُ الكريم صلى الله عليه وسلم من القَبيلة والعُنصرية الجهوية وتَبرئ ممن دَعا إليها وقاتل من أجلها، وجعلها من أبغض الأمور عند الله تعالى بعد الشرك بالله، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، لأنها تُفرق الشمل، وتُورث البغضاء والشحناء والأحقاد بين الأحبة.
في سنن أبي داود قال صلى الله عليه وسلم( ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية).
والدعوة إلى العصبية: هي حَثُ الناس على التعصب للقبيلة وإن كانت على باطلٍ.
وقَاتَل عليها: أي قاتل مع قومه،ليس لأنَّهم على صوابٍ وحقٍ، وإنَّما لأنهم أهله وقومه وعشيرته.
ويَرسمُ النبي صلى الله عليه وسلم صورة معبرة لِمَا سيجري للقاتل بين يدي الله، أي أن كل قاتل وكل مقتول سيقفان هذا الموقف، وسيُسْأَل كلُّ قاتل هذا السؤال، ففي سنن النسائي وغيره قال صلى الله عليه وسلم(يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ. فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ)وفي رواية ( فَيَهْوِي في النار سبعين خريفاً)، إنها صورة من صور الحساب والحكم في الدماء الذي يتم في محكمةِ القضاءِ الإلهي يوم القيامة، حيث يأتي الظالِمُ الذي قتلَ نفسًا بغيرِ حقٍّ، لتكون العِزةُ أو المُلكُ لفلانٍ أو فلانٍ أو في سبيل الشيطان، إنه مشهدٌ مهيب مُؤثِّرٌ من مشاهد يوم القيامة يقصُّه علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في تعبير واضح، وأسلوب سهلٍ يفهمه الكبير والصغير، العامي والعالم.
كيف نعالج التعصب القبلي؟
1. التذكير بأصل الإنسان، وأنّ الجميع متساوون عند الله تعالى، وميزان التفاضل بينهم هو التقوى (كلكم لآدم وآدم من تراب) .
2. إذا عرف الإنسان أن ميزان التفاضل هو التقوى كان حريّاً به أن يترك التعصب بكل أشكاله وألوانه ، وأن يعلم أن من بطَّأ به عمله لم يُسرع به نسبه.
3-الاستمرار بشكلٍ دائمٍ في ذم العصبية والتحذير منها وبيان عَواقبها ونتائجها الكارثية على الأمم والشعوب.
4-التحاكم إلى شرع الله في حياتنا وشؤوننا، ورفض كل أشكال الأعراف والتقاليد التي تخالف الشريعة الغرّاء حتى نسدّ الباب على كل دعاوى العصبية والتعصب.
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً وأن يؤلف بين قلوبنا

منبر دينيون من أجل السلام والتماسك الإجتماعي

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: أجل السلام دينيون من والتماسك صلى الله علیه وسلم ف ی ق ول

إقرأ أيضاً:

تنفيذ حكم القتل تعزيراً بمواطن لتهريبه أقراص مخدرة إلى المملكة

الجوف

أصدرت وزارة الداخلية، اليوم، بيانًا بشأن تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الجوف، فيما يلي نصه:
قال الله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها).
وقال تعالى: (ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين).
وقال تعالى: (والله لا يحب الفساد).
وقال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
أقدم / دخيل الله بن جلباخ بن سالم الرويلي – سعودي الجنسية – على تهريب أقراص الإمفيتامين المخدرة إلى المملكة، وبفضل من الله تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجاني المذكور وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب الجريمة، وبإحالته إلى المحكمة المختصة؛ صدر بحقه حكم يقضي بثبوت ما نسب إليه وقتله تعزيراً، وأصبح الحكم نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.
وقد تم تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بالجاني / دخيل الله بن جلباخ بن سالم الرويلي – سعودي الجنسية – يوم الخميس 16 / 7 / 1446هـ، الموافق 16 / 1 / 2025م بمنطقة الجوف.
ووزارة الداخلية إذ تعلن عن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على حماية أمن المواطن والمقيم من آفة المخدرات، وإيقاع أشد العقوبات المقررة نظاماً بحق مهربيها ومروجيها، لما تسببه من إزهاق للأرواح البريئة، وفساد جسيم في النشء والفرد والمجتمع، وانتهاك لحقوقهم، وهي تحذر في الوقت نفسه كل من يقدم على ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.
والله الهادي إلى سواء السبيل.

مقالات مشابهة

  • موضوع خطبة الجمعة الموحدة اليوم على مساجد الأوقاف.. تعرف عليه
  • تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التخلف عن صلاة الجمعة كسلًا وتهاونًا
  • حكم زيارة المقابر يوم الجمعة.. الإفتاء تجيب
  • حفظ العهد من الإيمان
  • لرفضها الإنفاق عليه.. تأييد حكم الإعدام على قاتل طليقته بالأزبكية
  • تأييد حكم الإعدام علي قاتل طليقته لرفضها الإنفاق عليه بالأزبكية
  • تنفيذ حكم القتل تعزيراً بمواطن لتهريبه أقراص مخدرة إلى المملكة
  • حمد الله يقود الشباب لفوز قاتل على الرياض في الدوري السعودي
  • دار الإفتاء: لم يرد ما يدل على منع الصوم فى رجب
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم