دينيون من أجل السلام والتماسك الاجتماعي – دَعُوها فإنَّها مُنْتنةُ – دكتور سالم حامد أبَّكر
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :
بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والناسُ يَعيشون في جاهليةٍ عمياء، يعبدون الأصنام من دون الله، ويُئدِون البنات_
كان الواحد منهم يدفن إبنته في التراب وهي حية خشية العار كما أخبر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ويسفكون الدماء، ويُقيمون العداوات لفترات طوال من أجل نيل ثأثر، ويأكلُ القويُ منهم الضَعيف، والتمييز عندهم بالقَبِيلة والعَشيرة لأجلها تكون مكانتك، و لأجلها تأخذُ حقك، و لأجلها تُرفع أو تُخفض، فبعث الله فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وجعلهم إخوة متحابين يجمعهم الدين وحب الوطن، وجعل التفاضل بين الناس بالإيمان والتقوى فأنزل الله عليه قوله( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات13.
وقوله:(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) هي التي جمعت بين صُهيب الرومي وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي ، وأبي بكر العربي، تحت راية واحدة وهي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وفي مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم وهو يودع أمته(يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ»؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
فحذر النبيُ الكريم صلى الله عليه وسلم من القَبيلة والعُنصرية الجهوية وتَبرئ ممن دَعا إليها وقاتل من أجلها، وجعلها من أبغض الأمور عند الله تعالى بعد الشرك بالله، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، لأنها تُفرق الشمل، وتُورث البغضاء والشحناء والأحقاد بين الأحبة.
في سنن أبي داود قال صلى الله عليه وسلم( ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية).
والدعوة إلى العصبية: هي حَثُ الناس على التعصب للقبيلة وإن كانت على باطلٍ.
وقَاتَل عليها: أي قاتل مع قومه،ليس لأنَّهم على صوابٍ وحقٍ، وإنَّما لأنهم أهله وقومه وعشيرته.
ويَرسمُ النبي صلى الله عليه وسلم صورة معبرة لِمَا سيجري للقاتل بين يدي الله، أي أن كل قاتل وكل مقتول سيقفان هذا الموقف، وسيُسْأَل كلُّ قاتل هذا السؤال، ففي سنن النسائي وغيره قال صلى الله عليه وسلم(يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ. فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ)وفي رواية ( فَيَهْوِي في النار سبعين خريفاً)، إنها صورة من صور الحساب والحكم في الدماء الذي يتم في محكمةِ القضاءِ الإلهي يوم القيامة، حيث يأتي الظالِمُ الذي قتلَ نفسًا بغيرِ حقٍّ، لتكون العِزةُ أو المُلكُ لفلانٍ أو فلانٍ أو في سبيل الشيطان، إنه مشهدٌ مهيب مُؤثِّرٌ من مشاهد يوم القيامة يقصُّه علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في تعبير واضح، وأسلوب سهلٍ يفهمه الكبير والصغير، العامي والعالم.
كيف نعالج التعصب القبلي؟
1. التذكير بأصل الإنسان، وأنّ الجميع متساوون عند الله تعالى، وميزان التفاضل بينهم هو التقوى (كلكم لآدم وآدم من تراب) .
2. إذا عرف الإنسان أن ميزان التفاضل هو التقوى كان حريّاً به أن يترك التعصب بكل أشكاله وألوانه ، وأن يعلم أن من بطَّأ به عمله لم يُسرع به نسبه.
3-الاستمرار بشكلٍ دائمٍ في ذم العصبية والتحذير منها وبيان عَواقبها ونتائجها الكارثية على الأمم والشعوب.
4-التحاكم إلى شرع الله في حياتنا وشؤوننا، ورفض كل أشكال الأعراف والتقاليد التي تخالف الشريعة الغرّاء حتى نسدّ الباب على كل دعاوى العصبية والتعصب.
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً وأن يؤلف بين قلوبنا
منبر دينيون من أجل السلام والتماسك الإجتماعي
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أجل السلام دينيون من والتماسك صلى الله علیه وسلم ف ی ق ول
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: الأحاديث النبوية كتبت في عهد سيدنا النبي
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن كلام سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم هو كلام قيم وعظيم، وهو مصدر إلهام لنا جميعًا، مشيرا إلى أن التعبير في التشهد بقول "السلام عليك أيها النبي" هو استحضار لوجود النبي صلى الله عليه وسلم في حياتنا واعتراف بمعيته الدائمة لنا.
وأكد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس، على أهمية السنة النبوية والأحاديث الصحيحة، مشددًا على أن إنكار السنة يعني إنكار معنى قوله تعالى "وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ"، وأن السنة والأحاديث هي دليل على وجود النبي صلى الله عليه وسلم بيننا.
وأوضح أن الأحاديث النبوي الشريفة قد كتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان الصحابة يكتبون ما سمعوه من النبي بتوجيه منه، وهناك فرق بين التدوين والكتابة، مشيرًا إلى أن الكتابة هي نقل الكلام شفهيًا إلى النص المكتوب، أما التدوين فهو تصنيف وتنظيم الأحاديث في فصول متخصصة.
واستعرض مراحل تدوين الأحاديث، حيث ذكر أن الصحابة كانوا يكتبون الأحاديث في مناسبات متعددة وبأماكن مختلفة، ثم جاء عهد عمر بن عبد العزيز الذي شهد أول عملية تدوين منظم للأحاديث النبوية، مضيفا أن الصحابة كانوا يحرصون على جمع الأحاديث في مجالات متنوعة مثل البيوع، والتركات، والمعاهدات، وكان لكل صحابي اهتمام خاص بتدوين الأحاديث المتعلقة بمختلف المواضيع.