كيف تسعد إيران والسعودية لرئاسة ترامب الثانية؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
أثبتت قمة الدول العربية والإسلامية التي عقدت مؤخرا السعودية بأن القمم العربية والإسلامية الدولية ليست حبل نجاة لنزاعات إقليمية دامية، وذلك رغم عدد المشاركين المبهر فيها.
وقال الكاتب والمحلل الإسرائيلي تسفي برئيل إن "هذا المؤتمر الذي انعقد في دورته الأولى قبل سنة بمبادرة من السعودية، بات يشبه قمم الهذر للجامعة العربية التي لم تنجح في أن توفر حلولا واقعية للنزاعات في السودان واليمن ولبنان، أو بين إسرائيل والفلسطينيين".
وأضاف برئيل في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أنه "حتى الخطاب المتشدد وإلقاء كامل المسؤولية عن الحرب في غزة وفي لبنان على "إسرائيل" لا يحقق النتيجة، مستدركا "صحيح أنه كانت في الماضي قمم هامة في محافل مشابهة مثل القمة التي انعقدت في بيروت في 2002 وأقرت المبادرة العربية، التي نالت اعترافا دوليا واندرجت في كل خطة سياسية لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني".
وأوضح أنه منذ ذلك الحين "لم تنجح هذه المحافل التي تضم دولا تحوز احتياطات النفط والغاز الأكبر في العالم وتشكل الزبائن الأكبر للسلاح في العالم في أن تنتج خطوات سياسية مشابهة تترجم قوتها الاقتصادية والسياسية إلى نتائج سياسية مستدامة".
وذكر أن أهمية القمة العربية الإسلامية، لا سيما تلك التي انعقدت مؤخرا، تكمن في مكان آخر.. فقبل ست سنوات، بعد قتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي، وكانت مكانة السعودية في العالم في أسفل الدرك، وحاكمها الفعلي، ولي العهد محمد بن سلمان، وضع في زاوية الشخصية غير المرغوب فيها في واشنطن والعواصم الأوروبية".
وبين الكاتب أن فشل ابن سلمان في "إلحاق الهزيمة بالثوار الحوثيين في حرب اليمن التي تتواصل منذ تسع سنوات، رغم الفجوة العسكرية الهائلة والسلاح الأمريكي المتطور؛ والهزة التي رافقت جهوده لإحداث تغيير في النظام في لبنان والصراع الداخلي الوحشي الذي أداره ضد خصومه الداخليين، كل هذا جعله زعيما منفلت العقال وعديم الكفاءات السياسية والعسكرية مما وضع مملكته على مسار الصدام مع الولايات المتحدة".
وأكد أن "الظروف العالمية بالذات، وليس الإقليمية، هي التي رفعت مكانة ابن سلمان وجعلت السعودية الدولة الزعيمة في الشرق الأوسط، وهكذا مثلا الحرب في أوكرانيا أحدثت أزمة طاقة أجبرت الرئيس بايدن على تجميل وجه ابن سلمان ومصافحته، والحرب في غزة أعادت الشرق الأوسط إلى قلب الوعي العالمي".
وأشار إلى أن "هذه الحرب هي التي ولدت الفكرة الأصيلة في عقد مؤتمر القمة العربية الإسلامية، وأعطت ابن سلمان وزنا سياسيا عظيم القوة كمن يقود ليس فقط دائرة الدول العربية، بل والعالم الإسلامي برمته، غير أن هذه المكانة تستوجب من السعودية أن تكون زعيمة الجميع، وبهذه الصفة عليها أن تسير على الخط وأن تُدور الزوايا حتى مع دول لا تنسجم مع سياستها الإقليمية المؤيدة لأمريكا".
وقال إن "هذه الإستراتيجية ولدت استئناف العلاقات بينها وبين تركيا، التي كانت تعتبر دولة معادية، والتي قبل بضع سنوات فقط اعتبرت تهديدا أخطر من إيران؛ دفعتها لأن ترمم منظومة العلاقات مع العراق، الذي حتى بعد سقوط صدام حسين كان يعتبر ليس أقل من دولة مشبوهة".
وأضاف أن هذه الإستراتيجية دفعتها أيضا لأن "تتبنى من جديد سوريا، التي طردت من الجامعة العربية في أعقاب المذبحة التي ارتكبها الأسد بحق مواطنيه في الحرب الأهلية، إلى حضن العالم العربي؛ وأخيرا دفعتها أيضا إلى أن تستأنف في السنة الماضية العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وعشية دخول ترامب الى البيت الأبيض باتت السعودية جاهزة مع رزمة شركاء استراتيجيين ثقيلة الوزن أكثر بكثير من تلك التي كانت لها في بداية الولاية الأولى للرئيس الأمريكي".
وبين أن "الحديث لا يدور فقط عن تصريحات احتفالية وتبادل زيارات للزعماء، فقد استثمرت السعودية وتستثمر المليارات في تركيا، التي بدورها تبيعها مسيرات قتالية من إنتاجها، وتقيم مصنعا لتصنيعها في المملكة".
ومع العراق، وقعت السعودية في الأسبوع الماضي على مذكرة تفاهم للتعاون الأمن، وهذا الأسبوع، لأول مرة، زار إيران رئيس أركان الجيش السعودي، فياض بن حامد الرويلي، والتقى هناك بقائد الجيش الإيراني محمد باقري، للبحث في سبل التعاون العسكري، وتنضم الزيارة إلى سلسلة مناورات عسكرية مشتركة سبق أن أجرتها الدولتان (إلى جانب دول أخرى في المنطقة).
ومنذ القمة العربية الإسلامية السابقة، التي شارك فيها الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، أصبح وزيرا الخارجية الإيرانيان، حسين أمير عبد اللهيان ومن حل محله، عباس عراقجي، ومسؤولون إيرانيون آخرون – "أبناء بيت" في السعودية، بحسب ما ذكر الكاتب.
وأكد أنه من "الصحيح أنه من الصعب تقدير مدى التأثير الذي للسعودية على سياسة إيران، لكن عندما تكون الاستراتيجية السياسية لإيران تقوم على أساس ترميم العلاقات مع دول المنطقة العربية، فإنه لا يمكنها تجاهل المصالح الأمنية لجارتها".
وأضاف "صحيح أنه لا يوجد حلف أخوة، ومذكرة التفاهم العسكري التي وقعتها السعودية مع العراق لا تنزل بسلاسة في حلق طهران؛ إيران سارعت إلى أن تدعو مستشار الأمن القومي العراقي للبحث في تعاون عسكري بين الدولتين ردا على هذا التوقيع.. لكن لهذه العلاقات توجد منذ الآن نتائج عملية، وهي تجد تعبيرها ضمن أمور أخرى في شطب السعودية من قائمة أهداف المليشيات الشيعية المؤيدة لإيران العاملة في العراق، وحتى قبل هذا توقف الحوثيون، بتعليمات من ايران، عن مهاجمة السعودية".
وذكر أن "التحفز للهجوم الإيراني المضاد للرد على إسرائيل هو الآخر خلق ساحة تنسيق بين السعودية وإيران، وذلك على خلفية الخوف من أن مثل هذا الرد من شأنه أن يدهور المنطقة الى حرب إقليمية قد تتضرر فيها دول الخليج أيضا.. والعراق هو الآخر انتزع من إيران تعهدا، على الورق على الأقل، ألا تستخدم مجاله الجوي لهجوم على إسرائيل".
وتابع الكاتب الإسرائيلي أنه "في المحادثات التي جرت في هذا الأسبوع في طهران طرح رئيس وزراء العراق، محمد السوداني، مطلب أن تكف المليشيات الشيعية أيضا عن مهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية كي لا يصبح العراق جبهة ساخنة".
وقال إنه "فوق كل هذا، الاعتبارات الإيرانية تجاه السعودية تستند إلى أساس استراتيجي واسع، على خلفية التقارير بشأن تقدم المحادثات عن إمكانية إقامة حلف دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية مع حلول نهاية السنة، حتى قبل انتهاء ولاية الرئيس بايدن. حين تكون السعودية وإيران (إلى جانب كل المنطقة والعالم) تعيشان في انعدام يقين تام حول سياسة ترامب المرتقبة، سترغب السعودية في تسريع قيام حلف الدفاع".
وأضاف أن إيران من جهتها فتتطلع إلى أن "تضمن ألا يجعل مثل هذا الحلف الذي كل غايته إقامة سور دفاع ضد ايران، السعودية مربضا لانطلاق الهجمات ضدها".
واعتبر أنه "لهذه الاعتبارات الإيرانية، التي تصبح أكثر إلحاحا كلما اقترب دخول ترامب إلى البيت الأبيض، كفيل أن يكون لها تأثير أيضا على ساحة لبنان، وفي لبنان تعمل، دون نجاح كبير، مجموعة الدول الخمسة، التي تضم إلى جانب السعودية مصر، قطر، الولايات المتحدة وفرنسا، بهدف حل الأزمة السياسية والدفع قدما بانتخاب رئيس في بيروت.. والآن بالذات، السعودية، قطر ومصر، كفيلة بأن تلعب دورا هاما يمكن أن يقنع إيران في أن توجه حزب الله لتخفيف حدة مواقفه فتمنحها بذلك نقطة استحقاق – سواء في المنطقة أم حيال ترامب الذي وعد مؤيديه العرب باحلال السلام في لبنان".
وختم الكاتب أن "تطلعات السعودية لتطوير برنامج نووي وتخصيب اليورانيوم في أراضيها لا تغيب عن عيون إيران، صحيح أن البرنامج محدد لـ أهداف سلمية، لكن من يعرف أكثر من إيران بأن بهذا التعبير توجد تفسيرات متنوعة، بالحذر الواجب، للتطلع النووي السعودي كفيل بأن يكون تأثير على نتائج زيارة أمين عام اللجنة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، إلى طهران، الذي يصل إلى هناك كي يبحث في ترميم منظومة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية، وإعادة المراقبين الذين طردتهم إيران وفحص إمكانية تخفيض مستوى تخصيب اليورانيوم.. ولا توجد ضرورة لأن نحبس الأنفاس قبيل الزيارة، لكن نتائجها كفيلة بأن تؤشر إلى المسار الذي ستتبناه إيران مع حلول الولاية الثانية لترامب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية السعودية الإسرائيلي الولايات المتحدة إيران ترامب إيران إسرائيل السعودية الولايات المتحدة ترامب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ابن سلمان فی لبنان إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما القضايا التي ستلاحق ترامب في المحاكم رغم عودته إلى البيت الأبيض؟
(CNN)-- بينما يعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بحصانة شاملة من الملاحقة الجنائية، فإن هذا لن يمنعه بالضرورة من دخول قاعة المحكمة أو الإدلاء بشهادته تحت القسم.
وهناك ما يقرب من 12 دعوى مدنية يعتبر ترامب فيها مدعى عليه، ومن المرجح أن تظل الدعاوى القضائية، وبما في ذلك قضية تشهير في سنترال بارك، و8 دعاوى بشأن دور ترامب في اقتحام أنصاره الكابيتول (مبنى الكونغرس) في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 وقضيتان تتعلقان بإخلاء الحديقة خارج البيت الأبيض من المتظاهرين المطالبين بالعدالة في يونيو/ حزايرن 2020.
وهذا الأسبوع، كانت هناك دعوى قضائية رفوعها ترامب حديثًا ضد صحيفة دي موين ريجيستر وأحد خبراء استطلاعات الرأي الذي توقع خسارته لولاية أيوا، وهو ما لم يحدث، وهذه تضاف إلى الدعاوى القضائية الأخرى التي رفعها ضد وسائل الإعلام، وقد هدد بالمزيد.
وإذا تم المضي قدمًا في أي من الدعاوى القضائية نحو المحاكمة، فقد يضطر ترامب إلى تسليم الاتصالات الخاصة في مرحلة جمع الأدلة أو الجلوس لإيداعات مسجلة بالفيديو.
ولأن الإيداعات تتم تحت القسم، فإنها تحمل دائمًا بعض التعرض القانوني وقد تضيف إلى الصداع السياسي لترامب في السنوات القادمة، كما حدث بين ولايتيه في الرئاسة.
وقالت بريجيدا بينيتيز، المحامية التي أدلت بشهادتها لترامب في السابق قبل أسبوعين من تنصيبه في 2017، في مقابلة: "أعتقد أنه عندما يُجبر على الجلوس واللعب وفقًا للقواعد، والاستماع إلى الأسئلة، والإجابة عليها، فإنه يواجه صعوبة في القيام بذلك عندما تكون الشاهد، فأنت لست مسيطرًا على الوضع".
وكانت بينيتيز تمثل خوسيه أندريس، الذي رفع ترامب دعوى قضائية ضده بعد انسحابه من صفقة مطعم في فندق ترامب السابق في واشنطن.
وما قاله ترامب في تلك الإيداعات لا يزال أمرا خاصا، والقضية محسومة.
القضايا التي رفعها ترامب
ومن غير الواضح متى سيعود ترامب إلى المحاكمات، وقد يكون التعرض القانوني لترامب في الدعاوى القضائية الحالية ضئيلاً لعدة أشهر، إن لم يكن لسنوات.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تجنب ترامب بصعوبة الإدلاء بشهادته في دعوى قضائية حيث رفع دعوى قضائية ضد شبكة ABC، وتم تسوية القضية قبل أيام من جلوسه هو والمذيع جورج ستيفانوبولوس للإدلاء بشهاداتهما، حيث وافقت ABC على التبرع بمبلغ 15 مليون دولار لمؤسسة ترامب الرئاسية المستقبلية ومتحفه ومليون دولار لرسومه القانونية لإنهاء القضية.
وكان هذا فوزًا نادرًا لترامب في القضايا التي رفعها.
وانتقد خبراء التعديل الأول وغيرهم من المحامين على نطاق واسع الدعاوى القضائية التي رفعها ترامب ضد المنظمات الإعلامية، قائلين إن العديد منها من غير المرجح أن تنجح قانونيًا.
لكن رفع ترامب للقضايا لا يحمل مخاطر قانونية فورية بالنسبة له، كما قال تاي كوب، الذي دافع عن ترامب في الرئاسة خلال فترة ولايته الأولى وينتقده الآن، لشبكة CNN.