مراكز الإيواء بلبنان تئن تحت وطأة الاكتظاظ والبرد ونقص الخدمات
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
بيروت- في خضم العدوان الإسرائيلي المستمر، يجد أهالي جنوب لبنان أنفسهم محاصرين في دائرة من المأساة، تجبرهم على النزوح القسري من قراهم وبلداتهم، فبعضهم تمكن من حمل أمتعة قليلة في حقائب صغيرة، بينما لم يجد الآخرون وقتا حتى لتبديل ملابسهم عند فرارهم.
وتحت وطأة القصف المكثف، اضطرت العائلات للنزوح من بيوتها بحثا عن ملاذ آمن، لكنها واجهت اكتظاظا وبردا شديدا في مراكز الإيواء، التي تجاوزت قدرتها الاستيعابية المصممة لها ضمن خطة الطوارئ الحكومية؛ حيث بلغ عدد النازحين المسجلين 190 ألفا و680 شخصا، وهو يعادل 44 ألفا و908 عائلات، موزعين على 1163 مركز إيواء، وصل منها 991 مركزا إلى القدرة الاستيعابية القصوى.
وحسب المجلس الأعلى للدفاع التابع لمجلس الوزراء اللبناني، يتوزع عدد النازحين في مراكز الإيواء حسب المحافظات على النحو التالي:
جبل لبنان: 70 ألفا و219 نازحا. بيروت: 55 ألفا و634 نازحا. الجنوب: 14 ألفا و898 نازحا. البقاع: 14 ألفا و839 نازحا. الشمال: 13 ألفا و748 نازحا. بعلبك-الهرمل: 12 ألفا و993 نازحا. عكار: 7 آلاف و376 نازحا. النبطية: 973 نازحا.ومع تكثيف الغارات على جنوب لبنان والبقاع الشمالي، وتحديدا في بعلبك – الهرمل، تم تسجيل 155 غارة خلال 48 ساعة فقط، ليصل العدد التراكمي للغارات إلى 12 ألفا و630 غارة، وفي ظل هذه الأوضاع، تتزايد أعداد النازحين يوما بعد يوم، وهذا يزيد من الضغوط على مراكز الإيواء التي تعاني من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، وهذا يفاقم معاناة العائلات النازحة.
يوحي المشهد في مراكز الإيواء بمعاناة مشتركة تظهر في وجوه النازحين المرهقة، وعيون مليئة بالقلق والحسرة، وأحاديث متواصلة عن المنازل التي تركوها، والأحباء الذين فقدوهم، وعن البلدات التي دمرها قصف الاحتلال الإسرائيلي وترك وراءه الخراب، وتتكرر القصص عن مراحل نزوحهم والصعوبات التي واجهوها.
ففي باحة مدرسة نزيه البزري في صيدا، يقيم أبو علي، النازح من بلدة عيترون، ويتحدث بمرارة عن معاناته للجزيرة نت، مشيرا إلى أن مرور عام وشهرين على نزوحهم زاد من حدة الضغوط المعيشية والمصاريف المتزايدة، مؤكدا أن معظم النازحين يعانون من نقص حاد في المساعدات الأساسية، وأضاف "الاحتياجات الضرورية، مثل الأغطية والبطانيات، والفرش للنوم، غير متوفرة".
وفي حديثه عن المساعدات الغذائية التي تصلهم، لفت أبو علي إلى أنها "لا تتناسب مع احتياجاتهم الفعلية في مركز الإيواء"، موضحا أن ما يُقدّم لهم غالبا غير مفيد، ما يضطرهم أحيانا إلى رمي الطعام لعدم ملاءمته، وأعرب عن استيائه من هذا الوضع، قائلا "نحن بحاجة ماسة إلى مواد تسد جوعنا بشكل حقيقي لا مساعدات شكلية".
وإلى جانبه أبو علاء، وهو أب لـ4 أولاد، لجأ إلى مركز الإيواء مع زوجته وأولاده وأخوته بعد اشتداد القصف على مدينة صور في جنوب لبنان. ويقول للجزيرة نت "يؤمّنون لنا وجبة الفطور والغداء، والعشاء يتكون من الخبز والماء، وقد تم تأمين بعض المواد التموينية، لكن لا يزال هناك نقص في الأدوية، ويوجد أخي هنا في المركز الصحي وحالته تتطلب العلاج، لكن لا أحد يقدم له الدواء اللازم".
وأشار تقرير الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الوضع الإنساني في لبنان وصل إلى "مستويات تجاوزت شدة حرب 2006″، وهذا يعكس صورة قاتمة للظروف التي يمر بها السكان نتيجة التصعيد العسكري الإسرائيلي في البلاد.
وتشكو إحدى النازحات من مرجعيون من عدم توفر الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، خصوصا مع حلول فصل الشتاء، مؤكدة حاجتهم الملحة إلى الأغطية والوسائد، بالإضافة إلى مياه ساخنة. وتوضح للجزيرة نت "الوضع أصبح بالغ الصعوبة، إذ يضطر الشباب للاستحمام من دون مياه ساخنة، وقد حاولوا استخدام أنابيب الغاز كبديل للتدفئة، لكن هذا الحل لم يكن كافيا والمشكلة ما تزال قائمة".
وفي مركز إيواء مدرسة مرجان، تروي أم عباس النازحة من الشريط الحدودي في بلدة يارين للجزيرة نت، معاناتها المستمرة بعد أن نجت من الموت، حيث بدأت تجربة نزوحها عندما لجأت إلى مدينة صور، وأمضت فيها عاما كاملا في ظروف قاسية، ومع تصاعد القصف والتحذيرات من إخلاء المدينة، قررت النزوح مجددا إلى مدينة صيدا قبل شهرين.
وتضيف أم عباس بصوت يملؤه الحزن "الوضع صعب جدا، نفتقد الكثير من الأساسيات، ولا توجد غسالات للثياب، ونحن مضطرون لغسلها يدويا في هذا البرد، كما لا يوجد سجاد أو أي وسيلة للتدفئة، كل يوم يمر يزيد من معاناتنا".
وتضيف إحدى النازحات من عيترون للجزيرة نت "مر عام وشهر على نزوحنا، وأنا أعيش مع 3 أولاد في مركز الإيواء، ابنتي الصغيرة تعاني من أزمات نفسية شديدة، إذ تصاب بنوبات من الارتجاف، ولا أستطيع إلا أن أقدم لها الأدوية لتساعدها على النوم، لكن حالتها لا تتحسن".
وتضيف بصوت مليء بالمرارة "يشعرني هذا بالقهر عندما أرى أولادي يعيشون في هذه الظروف، فما ذنبهم في كل هذا؟".
أما أم ياسين، التي تعيش في مركز الإيواء بمدرسة "المتوسطة الرسمية – القناية"، فتشارك معاناتها للجزيرة نت وتقول "قرر وزير التربية أن يكون التعليم عبر الإنترنت من خلال الهواتف، لكن معظمنا لا يملك سوى هاتف واحد فقط، بالإضافة إلى أن الإنترنت غير متوفر، مما يجعل من الصعب على الأطفال متابعة دروسهم".
وتتابع بتساؤل "كيف يمكن للأطفال أن يستوعبوا الدروس في هذا الوضع؟ كيف لهم أن يركزوا في ظل أصوات الطيران الحربي الإسرائيلي التي تحلق فوقنا بشكل مستمر؟ الأطفال يعيشون في حالة من الخوف والفزع، وهذا يجعل من المستحيل عليهم أن يركزوا في دروسهم".
ومن داخل مركز الإيواء في مدرسة مرجان الرسمية، يقول أبو أحمد للجزيرة نت "من المفترض أن يتعلم أطفالنا عن بُعد عبر الإنترنت، لكن هذه الوسيلة غير متوفرة في مراكز الإيواء، كيف يمكن للأطفال أن يتعلموا في ظل هذه الظروف القاسية؟ وكيف لهم أن يفهموا وسط هذه المعاناة اليومية؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مراکز الإیواء مرکز الإیواء للجزیرة نت فی مرکز إلى أن
إقرأ أيضاً:
مدير عام مجمع ناصر الطبي للجزيرة نت: الاحتلال يستهدف المستشفيات لإيجاد بيئة طاردة
غزة- يخشى مدير عام مجمع ناصر الطبي الدكتور عاطف الحوت من معاودة جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف المجمع مجددا وقصفه جوا في أي لحظة، ولا يستبعد كذلك تعرض المجمع للحصار والاقتحام مثلما فعل الاحتلال إبان اجتياحه البري الواسع لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مطلع العام الماضي.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع عقب هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض مجمع ناصر الطبي 3 مرات للقصف المباشر من قبل مقاتلات حربية إسرائيلية، آخرها ليلة الأحد 23 مارس/آذار الجاري، واستهدفت عضو المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل برهوم، الذي كان يتلقى العلاج من جروح سابقة أصيب بها قبل بضعة أيام من اغتياله.
ويقول الدكتور الحوت في حواره مع الجزيرة نت إنه "لا يوجد أي مبرر لقصف مستشفى واغتيال جريح، مهما كانت هوية هذا الجريح، ولكن الاحتلال عودنا على مدار الشهور السابقة أن هذه حرب بلا محرمات وبلا خطوط حمراء".
ويؤكد مدير عام مجمع ناصر أن الطواقم الطبية في القطاع تعمل في ظروف استثنائية غير مسبوقة، ويفتقدون للحماية والأمان، وعلاوة على حالة الإنهاك الشديدة التي يعانون منها جراء ضغط العمل المتواصل منذ اندلاع الحرب، فإنهم يعيشون حالة من القلق الدائم على أنفسهم وأسرهم.
إعلانوفيما يلي نص الحوار:
لا أتمنى لأي زميل حول العالم أن يعيش التجربة القاسية التي نعيشها كأطباء وطواقم طبية هنا في غزة، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يتحمل ما تحملناه منذ اندلاع هذه الحرب، من قتل وجرح واعتقال وملاحقة، واستهداف لنا حتى داخل المستشفيات.
وفي ظل هذه الظروف نحن نعمل ولا نتوقف عن العمل بالليل والنهار، وحقيقة عندما يسألني أي طبيب أو وفد طبي أجنبي: كيف تعملون في ظل هذه الظروف؟ لا أجد إجابة، ولكنها إرادة الله وليس أي شيء آخر، التي تمنحنا القوة على الاستمرار في خدمة أبناء شعبنا، ومواصلة أداء رسالتنا الدينية والوطنية والإنسانية.
وسط هذه الضغوط كان الاستهداف المباشر واغتيال جريح داخل المجمع. ما أثر ذلك على عملكم؟لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المجمع للقصف الجوي من قبل مقاتلات حربية إسرائيلية، فقد سبق ذلك قصف مبنى الأطفال والولادة، واستشهدت طفلة جريحة، وقبيل اجتياح المجمع العام الماضي قصف الاحتلال مبنى العظام واستشهد جريح، وهذه هي المرة الثالثة التي تقصف فيها طائرات الاحتلال المجمع عندما استهدفت بصواريخها مبنى جراحة العظام واغتالت أحد الجرحى الذين يتلقون العلاج، وقد تسبب ذلك في خروج المبنى عن الخدمة كليا.
ومهما كانت ادعاءات الاحتلال حول أهداف هذا القصف، فإن المستهدف هو جريح، ولا يوجد ما يبرر قصف مستشفى وقتل جريح وإصابة جرحى آخرين وعاملين في المستشفى.. ونحن كمستشفى نتعامل مع أي إنسان على أساس حاجته للخدمة الطبية، مهما كانت هويته أو ديانته أو نشاطه السياسي.
هل تتخوف من تكرار استهداف جيش الاحتلال للمجمع؟
من يفعلها مرة يفعلها ثانية، والاحتلال قصف المجمع 3 مرات، وبكل تأكيد نحن نعمل في أجواء مرعبة وفي قلق دائم من احتمال تعرض المجمع للقصف والاستهداف، وربما للاقتحام والاجتياح مثلما حدث العام الماضي، عندما اجتاح جيش الاحتلال المجمع بدباباته وآلياته وجنوده وعاث فيه فسادا وتدميرا، واعتقل 54 موظفا من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين.
إعلانوأنا شخصيا دائم القلق من تكرار مشاهد جنود الاحتلال يقتادون زملائي أمامي مقيدي الأيدي ومعصوبي العيون، وما زلت غير قادر على تجاوز تلك المشاهد المؤلمة والقاسية، وكل هذا يحدث في ظل صمت مطبق من العالم، وهو ما يشجع جيش الاحتلال على المضي في حربه ضد الإنسانية.
دأبت هيئات دولية على المطالبة بتوفير الحماية للعاملين بالقطاع الصحي في غزة. فما طبيعة هذه الحماية؟نحن لا نطالب بدبابات تحمينا، وما نحتاجه أن يتوقف جيش الاحتلال عن استهدافنا، ويتركنا نقدم الخدمة الطبية لأبناء شعبنا من دون خوف وقلق. وشخصيا أقيم في خيمة مع أسرتي في مدينة خان يونس منذ نزوحنا القسري عن مدينة رفح عشية اجتياحها في مايو/أيار من العام الماضي، ويلازمني القلق طوال الوقت، ليس خشية على نفسي فأنا تقدمت في العمر وأتمنى أن يكتب الله لي حسن الخاتمة، ولكن قلقي وخشيتي على أفراد أسرتي، وقد تكرر استهداف الاحتلال للأطباء والعاملين بالقطاع الصحي داخل المستشفيات، وفي منازلهم وخيامهم، وأثناء أداء مهامهم الإنسانية، وآخر ذلك طواقم الإسعاف والدفاع المدني التي اختفت في مدينة رفح، وتشير الترجيحات إلى أن أفرادها تعرضوا للإعدام الميداني.
كيف تصف واقع مجمع ناصر بعد استهدافه الأخير وفي ظل الحصار؟
لدينا في المجمع 3 مستشفيات تخصصة، هي الجراحة والباطنة و"النساء والأطفال" وقد تعرضت لتدمير كبير إبان حصار واجتياح المجمع لنحو أسبوعين من قبل قوات الاحتلال إبان عملياتها العسكرية البرية التي بدأتها في ديسمبر/كانون الأول 2023 واستمرت 4 شهور في مدينة خان يونس، وكان لذلك أثره السلبي الكبير على المجمع، من حيث تدمير كل الأجهزة الطبية التي تحتوي على شاشات، وشبكات الإنترنت، والمختبر، والأبواب والأثاث، وتعطلت شبكة الصرف الصحي، وشبكة الكهرباء، وشبكة المياه، ومحطة الأكسجين المركزية، وقد حولت المجمع في ذلك الوقت إلى خرابة.
إعلانورغم ذلك، وبمجرد انسحاب قوات الاحتلال من المجمع وعودتنا إليه، كانت الرؤية بضرورة إعادة تهيئة وتشغيل المجمع من جديد، وزادت الأهمية إلى ذلك في ظل التهديدات الإسرائيلية في ذلك الحين بشن عملية عسكرية برية ضد مدينة رفح، وهو ما حدث فعلاً وتسبب فيما كنا نخشاه من توقف كل المنظومة الصحية في مدينة رفح عن العمل، وخروج كل المرافق فيها عن الخدمة، وبالتالي ازدياد الحاجة لمجمع ناصر مع حركة النزوح الكبيرة من مدينة رفح باتجاه مدينة خان يونس والمنطقة الوسطى من القطاع.
وقد تجاوزنا التحديات والمعوقات، ورغم النجاح في إعادة تشغيل المستشفى إلا أنه لدينا مخاوف كبيرة من انهيار الخدمة في أي لحظة.
لماذا هذه المخاوف؟بسبب الاستهداف المباشر وغير المباشر، سواء بالقصف، أو بتشديد الخناق عبر الحصار الحاد، حيث لم ترد إلينا أي حبة دواء أو قطرة وقود منذ إغلاق جيش الاحتلال للمعابر في 2 مارس/آذار الجاري، وإن ما يتوفر لدينا من وقود يكفينا لأسبوعين فقط، وفي حال نفاده سيؤدي ذلك إلى انخفاض نسبة تشغيل المجمع إلى 30% فقط.
ماذا يعني انهيار مجمع ناصر الطبي؟مجمع ناصر ثاني أكبر مجمع طبي في قطاع غزة بعد مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، والأكبر جنوب القطاع، ويخدم ما بين 700 و800 ألف نسمة، ولا أريد تخيل انهياره لأنه يمثل سيناريو مرعبا، فمجمع ناصر عمود المنظومة الصحية جنوب القطاع، وهو الآن الأكبر على مستوى القطاع بعد خروج مجمع الشفاء عن الخدمة واستهدافه واجتياحه مرارا خلال الحرب، وربما لا أبالغ لو قلت إن انهيار مجمع ناصر يعني انهيار الحياة هنا جنوب القطاع، وجيش الاحتلال يسعى إلى ذلك لإيجاد بيئة طاردة للسكان ضمن مخططات التهجير.
مع تزايد أعداد المصابين ونقص المعدات الطبية في #غزة.. مجمع ناصر الطبي في خان يونس يواجه على غرار مستشفيات القطاع تحديات كبيرة، إذ يعمل المهندسون على مواجهتها بإعادة تدوير وتشغيل الأجهزة الطبية بوسائل بديلة رغم محدودية الإمكانيات#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/4S2rPh0HQG
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 29, 2025
إعلان ما أبرز احتياجاتكم للاستمرار في العمل؟(يبتسم) يبدو لي السؤال غريبا في ظل هذه الحرب الشرسة والحصار الخانق، هل لك أن تتخيل مستشفى بدون كهرباء؟ نعم نحن نعمل بدون كهرباء منذ أن قطعها الاحتلال عن القطاع مع اللحظات الأولى لاندلاع الحرب، ومنذ ذلك الحين اعتمادنا الأساسي على مولدات تعمل على مدار الساعة، ولا تتوفر لها قطع الغيار والزيوت التي يمنع الاحتلال دخولها للقطاع، والمولد الذي يتعطل يخرج عن الخدمة كليا، علاوة على أن كميات الوقود التي تصلنا عبر هيئات دولية تخضع لما يمكن تسميتها بسياسة التقطير، ولذلك فإننا نضطر إلى التقنين وترشيد الاستهلاك إلى أقصى مدى، وأحيانا نضطر إلى فصل الكهرباء عن بعض الأقسام والمباني.
ونحن بحاجة إلى كل شيء، من حبة الدواء حتى مختلف أنواع الأجهزة والمعدات الطبية، ونعمل في المجمع بأجهزة قديمة ومتهالكة، وأي جهاز يتعطل لا تتوفر إمكانية لإصلاحه بسبب تهالكه أو لعدم توفر قطع الغيار. فمثلا لا يوجد في كل مستشفيات القطاع جهاز رنين مغناطيسي واحد، وقد تعرضت كلها للتدمير خلال الحرب.
ويدرك جيش الاحتلال جيدا واقع مستشفيات القطاع، ويتعمد التلاعب بأولويات احتياجاتنا، وخلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار (امتدت من 19 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 2 مارس/آذار الجاري) كان لافتا سماح الاحتلال بإدخال كميات كبيرة من صنف دوائي أو مهمة طبية معينة ومتوفرة لدينا، في حين يمنع أصناف أخرى لها الأولوية وغير متوفرة في القطاع، فضلا عن منعه إدخال الأجهزة والمعدات الطبية والمولدات الكهربائية وقطع الغيار والزيوت، وكذلك يفرض قيودا مشددة على دخول الوفود الطبية المتخصصة، التي تزداد الحاجة إليها في ظل حالة الإنهاك التي تعاني منها الطواقم المحلية، والنقص الشديد في تخصصات نادرة بسبب طبيعة الجروح، وكذلك بسبب اعتقال الاحتلال أعدادا كبيرة من الأطباء المتخصصين.
إعلان