اكتشف «السندريلا» ولُقِّب بـ«القديس» بسبب حنطور.. مشاهد من حياة عبدالرحمن الخميسي
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
يملك تراثا أدبيا تتدفق فيه الكلمات بصدق مبهر، قلمه حمل واحدة من أصعب المهام، وهي الكتابة للأجيال الجديدة، وتقلب بين مختلف ألوان الفنون والإبداعات، وكتب الشعر والقصة والمسرح والسيناريو السينمائي وعمل مذيعا وعُرف بأنه صاحب الصوت الذهبي، إنه متعدد المواهب الشاعر الراحل عبدالرحمن الخميسي.
وبرع الخميسي، الذي تحل الذكرى الـ104 على ميلاده اليوم، في الفن من كل جوانبه، موسيقى وإخراج وتمثيل وكتابة، وبدأ منذ الصبا شاعرا، وأصبح كاتبا صحفيا وناقدا ومخرجا مسرحيا وإذاعيا وسينمائيا وتليفزيونيا، وكوَّن فرقة مسرحية تحمل اسمه في 21 مارس 1958.
وُلد الخميسي في 13 نوفمبر 1920 بمحافظة بورسعيد، وانفصل والداه، لينتقل بعدها مع والدته للعيش بعيدا عن والده.
وبشأن انفصاله عن أمه، يقول الخميسي في حواره مع الإعلامي نجم عبدالكريم: «كان أبي رجلا قرويا بسيطا وكانت أمي سيدة من الحضر، ولم تستمر الحياة الزوجية بينهما، وفي السابعة من عمري جاء أبي إلى بورسعيد وأعادني إلى قريتي».
اتجه إلى الفن غير مختار«اتجهت إلى الفن غير مختار، لكن ظروفي الموضوعية والذاتية جعلت هذا الأمر أقرب إلى الضرورة العضوية منها إلى ضرورة الترف الفكري».. هكذا لعبت تنشئة الشاعر الراحل في دخوله عالم الفن، فعندما عاد مع أبيه إلى القرية، لم يكن بها مدرسة، فأرسله أبوه إلى قرية مجاورة، وهو ما جعله يعيش بعيدا عن أمه وأبيه.
«كان التناقض بين المدينة والقرية في ذلك الوقت صارخا، أما بالنسبة إلى الوضع الشخصي، فقد كان طفلا منتزعا من كنف أمه، ومع ذلك عاش بعيدا عن والده، وبالتالي كان طفلا موزع المشاعر بين وحدته وأمه البعيدة وأبيه البعيدة».. كل ذلك، جعله يحس بأنه يريد أن يصرخ ويتنهد، فبدأ يكتب مواويل شعبية منذ أن كان في الابتدائية، وبدأ ينظم بعض الأزجال الشعبية على نسق المواويل الريفية، وكانت ساذجة بلا ضرورة ريفية، على حد وصفه.
علمته الوحدة منذ الطفولة أشياء كثيرة منها القراءة كثيرا، فساقته محاولات نظم الأزجال إلى محاولات نظم الشعر، ونظم الشعر، ثم نشأت ألفة بينه ومحاولات الإبداع في صغره، أحبّ هذه المحاولات، ووجد أن العمل يكسبه المزيد من الصحة والثقة.
وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره، نشر قصائد في مجلة الرسالة ومجلة الثقافة، وكانت أكثر مجلات الأدب ذيوعا آنذاك، وعندها عرفه الناس دون أن يريد ذلك.
وعن تعدد أعماله الفنية، وبخاصة الموسيقى، قال إنه تعلمها بعدما أراد من موسيقي تأليف افتتاحية للإذاعة مدتها 20 ثانية، فرفض الموسيقي ذلك، وقال هذا ليس ممكنا وأغضبه ذلك، وقرر أن يتعلم الموسيقى حتى يضع ألحان الأعمال الإذاعية والمسرحية التي يكتبها.
اكتشف عددا من رموز الفن المصريوكان له دور كبير في اكتشاف عدد من كبار رموز الفن المصري، مثل سعاد حسني وشمس البارودي ومحرم فؤاد، وحصل رشوان توفيق لأول مرة على بطولة في السينما معه، كما منح دور البطولة لمحمد لطفي أمام زبيدة ثروت في فيلم زهرة البنفسج.
«فنانة عظيمة».. وكان ذلك رأيه في اكتشافه الأبرز، سعاد حسني، وقال إنها لم تكن تعرف القراءة والكتابة، ولكنها الآن تتحدث العربية والإنجليزية والفرنسية وتجيد الحديث باللغات الأجنبية وهذا شرف لها.
وبحسب تقرير عرضته قناة الحياة، فإنه تعرف إليها في السادسة عشرة من عمرها، عندما دعاه زوج أمها لتناول الغداء مع الأسرة.
وحول سر اهتمامه بـ«السندريلا»، قال في حواره مع الإعلامي نجم عبدالكريم: «التقيت بموهبة وأحسست بها واهتممت بها وأعطيتها الرعاية اللازمة وصممت إلى إسناد البطولة إليها في فيلم حسن ونعيمة، وشقت طريقها بنجاح، وأرى أنها أعظم ممثلة الآن- كان الحوار في سبعينيات القرن الماضي».
فقدان زوجتهوفقد الخميسي زوجته فاتن الشوباشي في حادث، وكان يرى الزواج أقدس علاقة بشرية، ووصف ما حدث، بأنه «فقدان لنصف حياته»، إذ شعر بصدمة كبيرة، وبعدما توفيت زوجته أطلق أكثر من عمل مثل فيلم زهرة البنفسج وديوان الحب عن فاتن و3 دواوين شعر بعدها وكتب كتبا جديدة ومسرحية شعرية.
برنامجه اليومي كان يبدأ بالاستيقاظ في السابعة صباحا، ثم يتناول الإفطار ويتمشى، بعدها يرجع إلى المنزل في التاسعة صباحا ويجلس حتى الساعة الواحدة والنصف يعمل ثم يتناول الغداء ويستريح ليبدأ العمل من الرابعة حتى الـ8 مساءً، ويعمل 5 أيام في الأسبوع.
سر لقب القديس«القديس» .. لقب أطلقه عليه صديق له، بعدما منح سائق عربة حنطور 10 جنيهات كاملة، كان كل ما يملك في جيبه، بعدما ركبا الحنطور سويا، وكان ذلك في عام 1938، رغم أن الأجرة من ميدان التحرير إلى ميدان الأوبرا حيث ركبا 5 قروش فقط، فتعجب صديقه وأنكر فعلته، لكن عبدالرحمن الخميسي أصرّ على أن يمنح الرجل المبلغ، فسأله صديقه «هل أنت قديس؟».
أنجب 13 ابنا و23 حفيداوأنجب الشاعر الراحل 13 ابنا أكبرهم عبد الملك والد لقاء الخميسي ولديه 23 حفيدا منهم آنا كاتبة قصة، كما أنه خال الفنانة القديرة سميرة محسن، التي قالت في حوار تليفزيوني مع قناة مدرستنا، إنه سبب حبها للمسرح، فقد رشح لها قراءات قيمة وحضرت معه بروفات مسرحياته، واكتسبت منه حرفة تعليم الممثلين، وأقامت معه فترة طويلة حتى تزوجت.
إسهامات متعددةكما عمل بالصحة والإذاعة مذيعا عرف بأنه «صاحب الصوت الذهبي»، وترك 7 دواوين شعرية من بينها دموع ونيران وإني أرفض، وفي القصة، فقد كتب «من الأعماق»، و«البهلوان المدهش»، و«دماء لا تجف».
كما شكل فرقة مسرحية جملت اسمه في عام 1958، وقدمت 3 مسرحيات، منها «الحبة قبة»، و«عقدة نفسية»، ولم ينسَ المسرح الغنائي، وقدم أوبريت مهر العروسة عن تأميم قناة السويس.
وفي السينما، قدم 5 أفلام، هي الجزاء – عائلات محترمة – الحب والثمن – زهرة البنفسج – وحسن ونعيمة، وكان له عدد من المؤلفات النقدية، مثل كتاب «الفن الذي نريده» وكتاب «مناخوليا – محاورات ونظرات في الفن»، كما ترجم مختارات من أشعار ووردزورث، وكيتس، ثم مختارات من القصص العالمية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سعاد حسني الفن محرم فؤاد
إقرأ أيضاً:
تعرف على لوحة «مايكل أنجلو» الخاصة بتعذيب القديس أنطونيوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أطلق الفنان "مايكل أنجلو" على لوحته العالمية عن الأنبا أنطونيوس الذى يظهر فيها كشيخ ممتلئ حكمة لم تتركه الشياطين وأصبحت تعذبه بحروب شديدة وصلت للإيذاء الجسدي كما ورد فى سيرته "كانوا يهجمون عليه ويضربونه ضربا مؤلما".
وأقام هكذا ثلاثين عاما حتى نظر الله إلى كثرة صبره واحتماله".
وفى الصورة أيضا تظهر الشياطين فى أشكال مختلفة دلالة على تنوع الحروب واختلافها فهذه حرب تشكيك فى الطريق الذى اختاره والذي لم يسبقه فيه أحد.
وهذه حرب قلق على أخته التي أودعها بيت للعذارى وهذه حروب شهوة وصلت ذروتها لظهور الشيطان له فى صور نساء عاريات وهذه حروب مجد باطل لتجعله يتكل على بره ويظن أنه خلص...
وهذه حرب ملل من طول الطريق والوحدة الموحشه والبرية الخالية وتلك حروب كسل وأخرى خوف وثالثه فتور.وأخرى تجعله يندم على ثراؤه الذي باعه وشبابه الذى أهدره وسط الجبال....
كل هذا جعل الأنبا أنطونيوس يصرخ قائلا:
"يارب، أننى أحب أن أخلص والأفكار لا تتركنى فماذا، أفعل؟".
ولم يطق الشيطان أن يرى مثل هذا الثبات فى شاب وأخيرا تكلم بصوت بشري وقال:
-"لقد خدعت كثيرين، وطرحت كثيرين، ولكننى برهنت على ضعفي إذ هاجمتك وهاجمت كل جهودك وأتعابك
فكان يلقي بذاته على الأرض ويصرخ ويقول: ياربي أعني وقوّ ضعفى، أرحمنى يارب فأنى ألتجأت إليك، يا رب لا تتخل عني، ولا يقوّ علىّ هؤلاء الذين يحسبون أنى شئ، يارب أنت تعلم أنني ضعيف عن مقاومة أحد أصاغر هؤلاء فكان الشياطين يهربون إذ يسمعون هذه الصلاة المملوءة حياه.
ويقول صموئيل روبنسون الأستاذ بجامعة لوند بالسويد عن هذا الناسك القديس الاصيل:
"لا يوجد مصري واحد معروف ومشهور فى تاريخ المسيحية كلها أكثر من القديس أنطونيوس. ورغم وجود كثير من البطاركة ومعلمو الأسكندرية المشهورين، فإن اسم هذا الراهب البسيط الذى اختلى فى الصحراء، هو الذى جذب أكبر انتباه خلال ال1600 عامًا الماضية فإن صورة القديس أنطونيوس كما وصلتنا فى كتاب " حياة الأنبا أنطونيوس " بقلم القديس أثناسيوس، بطريرك الأسكندرية الشهير فى القرن الرابع، قد صارت على مدى التاريخ النموذج القياسى للدعوة الرهبانية، وهى بالنسبة لكثيرين، افضل شرح ل: ماذا يعنى أن يكون الإنسان مسيحيًا؟......حينما يخرج أنطونيوس من صومعته التى قيل عنها إنه عاش فيها 20 سنة فى عزلة كاملة. ويُقال هنا إنه لم يتغير بالمرة، فهو لم يصر نحيلًا من الصوم ولا صار بدينًا من قلة التمرن.
فإن روحانية أنطونيوس هى روحانية تجد أصولها فى الاقتناع الأكيد بأن الإنسان مخلوق على صورة الله، وأن الفضيلة لا تُكتسب، بل تحتاج فقط أن نحافظ عليها"
ويقول البابا أثناسيوس كاتب سيرته العطره:
"إن قلمى لم يسطر من فضائل القديس أنطونيوس الكثيرة وتقشفاته الشاقة.. وحروبه وانتصاراته الباهرة إلا واحدا من مائة!.. ولكن هذا المقدار كاف لأن تعلموا كيف تدرج رجل الله منذ نعومة أظفاره حتى نهاية أيام شيخوخته، وكيف داس تحت أقدامه كل غواية شيطانية!! " (أثناسيوس الرسولى).