راشد عبد الرحيم: اليد الواحدة
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
هنالك قول مشهور وهو حقيقي وينطبق علي حالنا مع وزارة خارجيتنا وهو ان ( اليد الواحدة لا تصفق ) .
في عالم اليوم لم يعد العمل الخارجي مقصورا علي وزارة الخارجية .
هذا في كل العالم وخاصة الغرب الذي نحتاج للإنفتاح عليه والتعامل معه بإستمرار وتزداد الحاجة لهذا التعامل في هذه الحرب التي إستطالت و هي في عامها الثاني .
اكبر المؤثرات السلبية في معركتنا الحالية هي الخارج الذي يات منه الدعم للتمرد وتقدم بالمال والسلاح والعتاد والمواقف خاصة في المؤسسات الدولية والإقليمية .
وهنالك منظمات اهلية فنلندية ونرويجية وفرنسية و غيرها تدعم ورش وانشطة تقدم .
بل قدم الاتحاد الأفريقي عبر الإيقاد دعما و مساعدات ونظم تحركات وأنشطة لتقدم .
معارضتنا هي اكبر محفز ومحرك للعمل ضد الوطن والقوات المسلحة .
تقود هذه التحركات تقدم وقياداتها وهم ليسوا بدولة .
مآسي الجزيرة وإعتداءات التمرد الوحشية ضد اهلنا فيها احدثت حراكا خارجيا إيجابيا كبيرا و تلقائيا دون ان ينطلق او يدعم من جهات سودانية .
المنظمات والمؤسسات الأهلية المؤثرة عالميا مثل الصليب الأحمر الذي لم يتحرك إلا لإطلاق سراح أسري من إخوتنا الأقباط وأطباء بلا حدود وصحفيون بلا حدود جميعها او اغلبها تقف من السودان موقفا عدائيا ولا تتحرك منظماتنا الموازية والشبيهة تجاهها .
مؤسسات مثل مجلس الصداقة الشعبية و جمعيات الصداقة مع عدد من الشعوب سكتت وماتت عند الحاجة لها .
ومثلها عدد من مراكز الأبحاث والمنصات المعنية بالثقافة والأدب هنالك مجالات يمكن ان تتحرك فيها تجاه ما حدث للمواقع الأثرية والمتاحف والمكتبات العامة والخاصة التي نهبت وأحرقت ودمرت.
هنالك البرلمانات وخاصة في الغرب ساحة للتأثير علي الحكومات وقرارها .
لو تحرك عدد من السودانيين الذين خرجوا في تظاهرات ضد تقدم في بريطانيا و غيرها نحو برلمانات البلاد التي يقيمون فيها لأحدثوا إختراقا لحكومات الغرب .
شخصيات داعمة ومساهمة بقدر كبير لم تجد السند والدعم لا رسمي و لا شعبي و كمثال المعلق و المحلل السياسي الامريكي كاميرون هدسون الذي يتحرك من تقديراته يخطئ و يصيب دون تواصل رسمي او شعبي معه .
كما ينعدم التواصل مع الشخصات الكبيرة و المؤثرة مثل الذين لهم متابعات كبيرة في مواقع التواصل الإجتماعي و المؤثرين من نجوم الرياضة والفنون و المطربين و المبدعين في شتي المجالات .
لا تتركوا الخارجية لوحدها لأنها لا تملك كفين لتصفق .
راشد عبد الرحيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السقوط الحتمي
#السقوط_الحتمي
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
مقال الإثنين: 17 / 3/ 2025
التاريخ كتاب مفتوح لمن شاء أن يتعلم، والمتأمل في أحداثه يجد أنه لا شيء حدث كان عشوائيا، بل كل أحوال الأمم والحضارات، صعودا أو سقوطا، كانت مبنية على مقدمات وعوامل أدت الى تلك النتيجة.
لذلك يعمد المفكرون الى الدراسة المقارنة لأحداث التاريخ، لاستقراء العوامل التي أدت الى ارتقاء أمم وانتكاس أخرى.
أحد هؤلاء هو المفكر الفرنسي “ايمانويل تود”، الذي ذاع صيته بسبب كونه أول من تنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتي، وذلك في في كتابه “السقوط الأخير” الذي نشره عام 1976، في ذروة الحرب الباردة، وفي الوقت الذي كان فيه العالم متقاسما بين القطبين، ولم يكن يخطر ببال أحد ذلك السقوط، الذي لم يكن بسبب التفوق العسكري للغرب ولا لانتصار الرأسمالية على الاشتراكية، بل تنبأ بها “تود” بسبب توفر عوامل النخر الداخلي الديموغرافي في الكتلة الشرقية.
في دراسته هذه لم يلجأ “تود” الى أدوات التحليل السياسي التقليدية، بل استطاع من خلال الدراسات الديمغرافية، أن يُشرّح المجتمع السوفياتي، وأن يصل إلى استنتاجات ثبتت صحتها بعد ثلاثة عشر عامًا، فجعلت منه أحد أبرز فلاسفة وعلماء عصره.
المنهج الذي اتبعه مبني على الديمغرافيا، والتي هي فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يقوم على دراسة علمية لخصائص السكان المتمثلة في الحجم والتوزيع والكثافة والتركيب والأعراق ومكونات النمو مثل معدلات المواليد والوفيات والهجرة، ونسب الأمراض، والظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومتوسط الأعمار والجنس، ومستوى الدخل..الخ.
يعود “تود” اليوم الى الأضواء بعد أن نشر كتابه الجديد “هزيمة الغرب” في بداية هذا العام، ورغم أن هذا الكتاب نشر بالفرنسية ولم يترجم بعد الى أية لغة أخرى، إلا أنه أثار الجدل، كونه نشر في هذا الوقت بالذات، الذي انغمس فيه الغرب مباشرة في نزاعات مسلحة في اكرانيا وفي الشرق الأوسط، ويبحث قادته عما يرفع من المعنويات وليس نشر الإحباط.
لكن الكاتب يؤكد أنه لا ينتمي لأية أيديولوجيا، بل يقرأ المشهد بشكل علمي بعيد عن المؤثرات، ويبين أن علامات السقوط المجتمعي تبدأ عادة بتفكك مجموعة من القيم تعتبر روافع حضارية، فالحضارات لا تقيمها القوة العسكرية التي قد تنجح بتحقيق ازدهار اقتصادي نتيجة رفع سرعة عجلتي التصنيع والتجارة، وبالتالي تحريك الأسواق بسبب رفع الوتيرة الاستهلاكية، لكن المجتمعات كائن حي ينمو ويترعرع، وعلته أنه يظل عرضة للتفكك والاضمحلال أو الترابط والتماسك، بحسب سيادة القيم العليا فيه أو تراجعها.
يقول أن المجتمع الغربي تزايدت فيه عوامل الاضمحلال، فمن ناحية النمو السكاني فهو في الاتجاه السالب، لسيادة مفاهيم المثلية، واضمحلال مؤسسة الأسرة، وغلبة الفردية التي فرضتها ثقافة النيو ليبرالية، مما قطع أوصال العلاقات العائلية.
وهو يرصد سقوط القيم العليا، فيقول إنها ظهرت جليا في حالة التجييش المجتمعي في التعاطف مع قضية صحيفة “ايبدوا”، فرغم تفاهة القضية وسخف ما كان يقدمه رساموها من قيم التعالي على ثقافات الآخرين ومعتقداتهم، إلا أنها جُعلت قضية الحرية الأولى، مما كشف مدى تعمق النزعات اليمينية المتطرفة في الضمير الجمعي الغربي.
مثلما كشفت الازدواجية في المزاج الشعبي عند التعامل مع حربين حدثتا في زمن واحد، في أوكرانيا وفي القطاع، حجم الغياب المدقع لقيم العدالة وحقوق الآخرين.
عالم الرياضيات الأمريكي “بيتر تورشين” ينبه الى المصير ذاته في كتابه (End Times)، وهو يستخدم المعادلات الرياضية للوصول الى النتائج، ويقول انه وفريقه جمعوا خلال الثلاثين عاما الماضية بيانات عما يقرب من 200 أزمة حدثت خلال الـ 5000عام الماضية، ويحذر مما حذر منه “تود” اذا لم تقم حكومات الغرب بإجراءات فورية لمنع ذلك التدهور.
ما لا يذكره الفلاسفة الغربيون ويرفضون الاعتراف به، وأهم بكثير مما أوردوه، أنه لا يحفظ القيم العليا غير إقامة منهج الله، فهذه القيم لم يبتدعها الإنسان، بل وجد نفسه مفطورة عليها، أي هي جزء من طبيعته البشرية، لذا فالخالق هو الأعلم بما يعززها وينميها، وبما يضعفها ويلغي تأثيرها، وبما ان منهجه حوى كل ذلك، لذا فانتهاجه هو الوسيلة الأمثل لصلاح المجتمعات وازدهار الحضارات، ومغنيا عن كل نصائح الفلاسفة وتحذيراتهم.
ولما كان الغرب معاديا لمنهج الله ومحاربا لمتبعيه، فالحتمية التي منها يحذرون واقعة.