باحث مصري: جرح رابعة لم يندمل بعد.. وهذه تداعياته على نسيج المجتمع
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
قال الكاتب والباحث المصري، خليل العناني، إن المذبحة التي وقعت في رابعة، قبل عقد من الزمان، كان من المفترض أن تكون مشهدا مبكيا ومؤلما للشعب، لكن منفذيها عرضوها بطريقة سريالية مبهجة ومفرحة، تسببت في تمزيق نسيج المصريين.
وأشار العناني بمقال نشره في موقع ميدل إيست آي، وترجمته "عربي21" إلى أن روابط المصريين التي كان يعتقد أنها قابلة للكسر، استبدلت بمشاعر عدم ثقة وانقسام، ولا يزال قسم كبير من المجتمع، أعمى عن الفظائع التي ارتكبت قبل عقد من الزمن، وعالقا في شباك الإنكار.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
في الساعات الأولى من صباح يوم 14 آب/أغسطس 2013، قبل عقد من الزمان، اخترقت سيمفونية مؤلمة من الطلقات النارية الهواء لتكتب حكاية كئيبة حُفرت في وعي المصريين إلى الأبد. فما قد يبدو طلقًا ناريًا يتعالى من أحد حفلات الزفاف في مصر سرعان ما تحوّل إلى مسرحية درامية، حيث ألقت أصداء العنف بظلالها الشريرة على هدوء الصباح.
في الواقع، ما بشرت به هذه الطلقات النارية لم يكن حفلًا لتزاوج روحين بل مذبحة لا توصف. أصبحت مواقع الاحتجاج في ميدان رابعة العدوية والنهضة، الواقعين على بعد مسافة قصيرة من منزلي، بؤرة هجوم وحشي أدى إلى إبادة مئات الأرواح. لقد أُطلق وابلًا من الرصاص لا يرحم.
عندما خططت السلطات المصرية لرقصة الموت، كان المشهد العام يشوبه تباين مخيف. وبينما كان ينبغي أن يبكي الناس وانهمرت من أعينهم دموع وعذاب الحرقة والفقد، تكشّفت مظاهر احتفال الفاسد. عُرضت سيمفونية سريالية من البهجة والفرح أمام مشهد مأساوي - مشهد شاذ يطارد فترات استراحة ذاكرتي.
بعد عشر سنوات، لا تزال جراح رابعة لم تندمل. لقد دُمّر نسيج المجتمع المصري الذي كان يُنظر إليه في يوم من الأيام على أنه مرن ومترابط. وتمزّقت الروابط التي كان يُعتقد أنها غير قابلة للكسر واستُبدلت بشعور منتشر من عدم الثقة والانقسام.
في ظل هذا الواقع المرير لا يزال قسم كبير من المجتمع أعمى عن الفظائع التي ارتكبت قبل عقد من الزمن وعالقًا في شباك الإنكار. بحماس مثير للقلق، يُمجّدون السلطات المسؤولة عن هذه الأعمال الشنيعة ويشيدون بهم كأبطال ويُصفقون لمُرتكبي مجزرة رابعة، مما يجعل ذكريات الشهداء مؤثرة أكثر.
ألقى جهلهم المتعمّد وتأييدهم للممارسات الوحشية بظلاله على كامل الأمة - وهي ذكرى صارخة بأن ندوب ذلك اليوم المأساوي أعمق من أي ندوب جسدية أخرى. وبينما يتقدّم العالم إلى الأمام، يعتبر هؤلاء المنكرون بمثابة شهادة مؤلمة على صعود قوة من وحي الأوهام وإنكار خبيث للحقيقة.
العمى المتعمّد
تعتبر الجهات الوحيدة المستفيدة من ذلك هي السلطات المصرية التي دبّرت هذه النكبة. لقد لعبوا بمكر تلك الاستراتيجية الكلاسيكية "فرق تسدّ"- وهي استراتيجية خبيثة تضرم العداء بين فئات المجتمع مما يؤجج نيران الصراع في صفوفه.
لقد استسلم جوهر الوحدة، الذي كان يومًا ما حجر الزاوية في المجتمع المصري، لقوى التلاعب المدمرة. انقلبت الجماهير ضد بعضها البعض، في حين تستمتع السلطات بانتصارها المشؤوم. وتعتبر هذه المأساة بمثابة درس صارخ وشهادة مؤلمة للقوة الصامدة لإتقانها الخداع وفن زرع الفتنة.
سبب استمرار الأمة في حالة الإنكار هذه فيما يتعلق بمذبحة رابعة ظلّ لغزا دائما. من الواضح أن الانقسامات السياسية والأيديولوجية الراسخة، مثل خطوط الصدع العميقة، تعمق هذا العمى المتعمد.لكن جذور الإنكار أعمق بكثير وتتجاوز عالم السياسة وتتسرب إلى جوهر مجتمعنا.
أصبحت وحدة أمتنا التي كان يتم الاحتفال بها في السابق والتآزر الآن ملوثة وهشة. استبدلت فسيفساء من القيم المشتركة والهوية الجماعية بالشك وانعدام الثقة. لقد تآكلت الخيوط التي نسجت مجتمعاتنا وجعلته نسيجًا نابضًا بالحياة، مما جعلنا عرضة للتلاعب والانقسام.
لقد مر عقد من الزمان على تلك المجزرة المشؤومة، ولا تزال جوقة منسقة من المسؤولين تلقي باللوم على الضحايا. تظل الحقيقة مدفونة تحت طبقات من الخداع والتضليل. لم يمثل مرتكبو هذه الفظائع أمام العدالة بعد أو تعرضوا لأي نوع من المساءلة.
يفتح هذا الظلم الجراح الدامية ويظل بمثابة تذكير قاتم بديناميات القوة المشوهة في السلطة. لا تزال أصداء الطلقات النارية لذلك الصباح تتردد في الذاكرة الجماعية للأمة وفي أسس حكمها. ويرتبط شفاءنا ارتباطًا وثيقًا باعترافنا بهذا اليوم المؤلم.
وحتى تواجه الأمة الحقيقة وتسعى لتحقيق العدالة للذين سقطوا، سيستمر شبح المذبحة - حاضرا بشكل مخيف وغير قابل لإسكاته. يمكن للاعتراف بالحقيقة، التي ينبغي تمجيدها، تحويل حتى أكثر الموروثات قتامة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة المصري المذبحة مصر السيسي مذبحة صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نسیج ا
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: لا صفقة وشيكة مع حماس وهذه أبرز معوقاتها
خلصت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه لم يحدث اختراق جدي في المباحثات الجارية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يفضي إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن إسرائيل لم تتلقَ قائمة بأسماء الأسرى المحتجزين الأحياء في غزة، مشيرة إلى أن هذا شرط لاستئناف المفاوضات، وفق زعمها.
بدورها، نقلت قناة "كان 11" عن مصادر إسرائيلية وأجنبية قولها إن هناك تقدما في المفاوضات، لكن لا توجد تفاهمات على القضايا الجوهرية.
وكانت تقارير إخبارية إسرائيلية تحدثت عن تحقيق "تقدم غير مسبوق" باتجاه التوصل إلى صفقة تبادل، لكنها أشارت أيضا إلى فجوات تتعلق بعدد الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم، ومراحل تنفيذ الاتفاق المحتمل.
من جانبه، قال مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 إن الظروف تغيرت منذ مايو/أيار الماضي وحتى ديسمبر/كانون الأول الجاري، معتقدا أنه لا يمكن التوصل حاليا إلى صفقة بسبب شروط حماس الحالية.
لكن حماس رأت -في أحدث تعليق لها على المفاوضات- أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى ممكن "إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة".
وأكدت حماس مرارا أن أي اتفاق لتبادل الأسرى يجب أن يؤدي إلى وقف العدوان على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل منه، وعودة النازحين إلى مناطقهم، والبدء في الإعمار.
إعلان
وعلى المستوى الرسمي الإسرائيلي، يرى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن إسرائيل تسارع إلى "صفقة عديمة المسؤولية"، في حين قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن الصفقة المقترحة لا تخدم مصالح إسرائيل، مستبعدا وقف الحرب قبل إسقاط حكم حماس في قطاع غزة.
وكانت القناة الـ12 الإسرائيلية قد نقلت عن مصادر قولها إن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحتكر المعلومات ولا يطلع أحدا على تفاصيل المفاوضات سوى دائرة ضيقة جدا".
من جانبه، أعرب محلل الشؤون العسكرية بالقناة الـ13 الإسرائيلية ألون بن ديفيد عن قناعته بأنه يمكن الحديث عن مفاوضات فقط "عندما يصل رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ورئيس المخابرات المصرية إلى قطر ويلتقون رئيس وزرائها".
ووفق بن ديفيد، فإنه في هذه الحالة يمكن إشراك حماس "لذلك لا يوجد صفقة وشيكة".
وفي هذا السياق، شدد نمرود شيفر، وهو رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي سابقا، على أن الصفقة الصحيحة تكمن في إنهاء الحرب وإعادة الأسرى بأسرع وقت أو كل من يمكن إعادته، محملا المسؤولية لحكومة نتنياهو في حال عدم حدوث ذلك.
موقف جيش الاحتلال
بدورها، كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية -استنادا إلى مراسلها العسكري- أن الجيش أبلغ المستوى السياسي أنه استكمل مهمته الأساسية في قطاع غزة، ويمكن أن ينسحب في إطار صفقة، مع استعداده للعودة إلى القتال مجددا.
ووفق القناة، فإن القرار حاليا مرهون بالحكومة، محذرة في الوقت نفسه من مخاطر بقاء الجيش في غزة، حيث ستصبح القوات الإسرائيلية أهدافا للمقاتلين الفلسطينيين.
وفي سياق ذي صلة، قال محلل الشؤون العسكرية بالقناة الـ13 الإسرائيلية -في جولة داخل مخيم جباليا شمالي القطاع- إن ركام الدمار في كل مكان، مشيرا إلى أن عودة السكان إلى جباليا لن تكون سريعة، ولفت إلى أن إعادة الإعمار ستستغرق سنوات.
إعلانوقال إن شمال غزة ليس موجودا "فقد تم محوه تماما والعودة إلى هناك غير ممكنة"، متسائلا عن الهدف التالي للجيش مع استكمال تدمير جباليا مع نهاية الشهر الجاري.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدء عملية عسكرية جديدة في شمالي قطاع غزة بذريعة "منع حماس وفصائل المقاومة من استعادة قوتها في المنطقة".