أ.د بني سلامة يكتب .. “البرلمان الأردني: صورة الوطن وتحديات الديمقراطية”
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
#سواليف
” #البرلمان_الأردني: #صورة_الوطن و #تحديات_الديمقراطية”
بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة
يُعَد البرلمان رمزًا لهوية الوطن ومرآة لإرادة الشعب، وتشكيلته المتنوعة هي انعكاس لتماسك المجتمع الأردني الذي يتصف بالتعددية. ومع ذلك، هناك تحديات عديدة تواجه المؤسسة التشريعية، حيث بدأت تظهر سياسات تستهدف إقصاء بعض الأطياف السياسية أو تهميشها، وهو ما يهدد جوهر الديمقراطية ومبادئ التعايش والتنوع.
الإسلاميون، الذين يمثلون جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي الأردني، لطالما أثبتوا ولاءهم للأردن وولاءهم للعرش الهاشمي، ولم يكن هناك مجال للشك في إخلاصهم تجاه الوطن. وعلى الرغم من ذلك، تتوالى محاولات تشويه صورتهم أو شيطنتهم ضمن المشهد السياسي. هذه المحاولات لا تليق بوطن معروف بالوسطية والاعتدال، وحرصه على الحفاظ على وحدة أبنائه. الأردنيون يعتزون بتاريخهم المشرف الذي يعبر عن روح التسامح والتعايش، وهذا التاريخ يجعل من غير المقبول محاولات تشويه صورة فئة تمثل جزءًا لا يتجزأ من الأمة.
مقالات ذات صلة المنخفض الجوي الأول يلوح بالأفق | مؤشرات لكتلة هوائية باردة بداية الاسبوع شرق البحر المتوسط 2024/11/12شهدنا خلال السنوات الماضية تزايد الانتقادات للبرلمان، وظهرت أصوات تصفه بأنه “ديكور” لا يمتلك تأثيرًا حقيقيًا، وهو وصف لا يعكس فقط النظرة السلبية تجاه البرلمان، بل يضرب في صميم التجربة الديمقراطية التي هي أساس استقرار الوطن. البرلمان في حقيقته يجب أن يمثل إرادة الشعب، وأن يكون منصة للتعبير عن هموم الناس، وأداة رقابية وتشريعية فعالة. لكن عندما يُشكك في مصداقيته أو يُختزل دوره إلى واجهة شكلية، فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي على العملية الديمقراطية ويضعف ثقة الشعب بمؤسساته.
في خضم التحولات السياسية التي يشهدها الأردن، هناك تطلعات كبيرة نحو تحقيق برلمان نزيه وفعّال. وقد كانت الانتخابات النيابية الأخيرة خطوة مهمة نحو تعزيز نزاهة العملية الديمقراطية، حيث رأى الأردنيون تجليًا لإرادتهم الحرة. ومع ذلك، فإن ضمان استمرارية هذه النزاهة يتطلب من الجميع العمل بروح من التعاون والشراكة، دون تدخلات تشوه صورة البرلمان أو تؤثر على اختيار قيادته. من المهم أن يُترك للنواب حرية اختيار رئيسهم وتشكيل اللجان، بحيث يكون القرار نابعا من إرادتهم الحرة دون ضغوط أو تدخلات.
ولا شك أن محاولات التشكيك الموجهة نحو الإسلاميين في البرلمان تثير قلقًا كبيرًا، إذ تبرز بوادر ما يُعرف بـ”الإسلاموفوبيا” في المجتمع السياسي الأردني. هذه السياسات، الضيقة الأفق، تضر بمصلحة الوطن وتؤدي إلى إحداث فجوة قد تُضعف التماسك المجتمعي، خصوصًا في ظل الحاجة إلى العمل المشترك لتحقيق الأهداف الوطنية. إن مرحلة الإصلاح السياسي التي يقودها الملك عبد الله الثاني تحتاج إلى التعاون والتكاتف، وليس إلى خلق انقسامات أو تعزيز الشكوك.
الملك عبد الله الثاني، برؤيته السياسية الحكيمة، يعمل بجد على دفع عجلة الإصلاح والتحديث السياسي، وقد أكد مرارًا على ضرورة أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، كدليل على عدم تراجع الدولة عن مشروعها الإصلاحي. وعلى هذا الأساس، يأمل الشعب الأردني أن يعكس البرلمان الجديد هذه التطلعات، ويكون مثالًا للنزاهة والشفافية في اختيار رئيسه وتشكيل لجانه.
في هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن البرلمان الأردني يجب أن يكون حاضنًا لجميع الأطياف السياسية، يعبر عن تنوع المجتمع وثرائه، ويجسد مبادئ الوحدة الوطنية. فالتنوع ليس ضعفًا، بل هو مصدر قوة وإثراء للوطن، ووجود الإسلاميين داخل البرلمان يعكس هذا التنوع، ويمثل جزءًا من الهوية الأردنية المتجذرة في التسامح والتعايش.
إن التجربة البرلمانية الأردنية ليست مجرد مؤسسات أو مناصب؛ إنها تعكس قدرة الأردنيين على التعايش والعمل معًا لتحقيق أهداف مشتركة. ومن هنا، فإن إقصاء أي فئة أو تهميشها يعكس تراجعًا عن القيم التي قام عليها الوطن. الأردنيون يتطلعون إلى برلمان يمثل تطلعاتهم ويعبر عن إرادتهم الحرة، ويستطيع أن يؤدي دوره الرقابي والتشريعي بكل كفاءة واستقلالية.
وفي هذا الإطار، لا بد من توجيه نداء إلى كل من يسعى إلى تشويه صورة البرلمان أو نشر الفتن بين مكوناته. إن الأردن، بتاريخه الطويل وقيادته الحكيمة، يحتاج إلى مؤسسات قوية وفاعلة، تعبر عن إرادة الشعب وتحترم جميع الأطياف السياسية. فلا مصلحة في إقصاء الإسلاميين أو شيطنتهم، فهم جزء أصيل من الوطن، وقد أثبتوا دائمًا التزامهم بثوابت الأمة وحرصهم على خدمة الوطن بكل إخلاص.
ختامًا، إن الأردن اليوم بحاجة إلى جهود جميع أبنائه، دون استثناء. علينا أن ندرك أن في وحدتنا قوة، وفي تنوعنا ثراء. البرلمان، باعتباره ممثلًا لإرادة الأمة، يجب أن يكون نموذجًا للتعاون والوحدة الوطنية، وأن يتمتع بالهيبة والاحترام، بعيدًا عن أي سياسات تهميش أو إقصاء. لقد حان الوقت لأن نتجاوز الحسابات الضيقة، وأن نعمل من أجل مستقبل أفضل لأردن قوي ومزدهر، يعتز بتنوعه ويحتضن كل من يسعى إلى بنائه ورفعته.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف البرلمان الأردني صورة الوطن تحديات الديمقراطية محمد تركي بني سلامة
إقرأ أيضاً:
لقاء نادر يجمع “البركاني” والزُبيدي.. هل تُعقد جلسات البرلمان اليمني في عدن؟
يمن مونيتور/ الرياض/ خاص:
التقت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، يوم الثلاثاء، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، حسب ما أفاد رئيس البرلمان “سلطان البركاني”.
ونشر البركاني على صفحته الرسمية في منصة أكس (تويتر سابقاً) صورة لهيئة رئاسة مجلس النواب تجمعهم برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي وهو عضو مجلس القيادة الرئاسي.
وقال البركاني: هيئة رئاسة مجلس النواب تلتقي اللواء عيدروس قاسم الزبيدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليوم الثلاثاء.
ولم يتطرق لمزيد من التفاصيل.
يأتي ذلك بعد يومين من لقاء رئاسة المجلس ب”رشاد العليمي” رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومناقشة “خطة المجلس لاستئناف عقد جلساته ومشروع جدول أعمال دورته المقبلة”.
ويرفض المجلس الانتقالي الجنوبي انعقاد جلسات مجلس النواب في مدينة عدن التي تعتبر عاصمة البلاد المؤقتة.
وكان فريق خبراء لجنة العقوبات المعنية باليمن التابعة للأمم المتحدة قالت في تقرير نشر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن المجلس الانتقالي يرفض انعقاد جلسات البرلمان بدعاوى أنه “يمثل إرث النظام القديم”. ويروج بدلاً من ذلك ل”لهيئة التشاور والمصالحة لتحل محل البرلمان”.
وهيئة التشاور التي يروج المجلس الانتقالي جاءت ضمن اتفاق نقل السلطة من الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مجلس رئاسي مكون من ثمانية أشخاص. وتتألف من خمسين عضوا، وتضم قيادات حزبية وبرلمانية ودبلوماسية وقبلية وحقوقية، بينهم 5 نساء. تتركز مهامها في تجميع المكونات لمساندة مجلس القيادة الرئاسي وتوحيد وجمع القوى ومنع الصراعات بين القوى المناهضة لجماعة الحوثي والتشاور مع الجماعة المسلحة. ويرأسها “محمد الغيثي” القيادي في المجلس الانتقالي.